سلمان بن سلطان يفتتح منتدى المدينة للتعليم    الذهب عند القمة.. مكاسب تدعمها توقعات خفض الفائدة 25 نقطة    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًا بمؤتمر "Money 20/20 الشرق الأوسط"    القيادة تهنئ رئيسة الولايات المتحدة المكسيكية بذكرى استقلال بلادها    الشورى يطالب "جامعة الإمام" بتجويد برامجها الأكاديمية و تطوير تبادل الطلبة الدوليين    الوقوف في الأماكن غير المخصصة مخالفة مرورية تعطل انسيابية السير    "طوّر مسيرتك المهنية" لمساعدي الأطباء وأخصائيي صحة الأسنان    مستشفى قوى الأمن بالدمام يحصل على المركز الأول في جائزة أداء الصحة بمسار الأمومة والطفولة    مرايا غامضة تظهر في مختلف المدن السعودية... ما الذي تعكسه؟    زين السعودية تستثمر في قطاع التأمين الرقمي مع شركةPrevensure العالمية    من 18 منشأة إلى 190 ألف مشاركة.. جائزة العمل تواصل تحفيز القطاع الخاص    10% من وفيات المستشفيات مرتبطة بأخطاء تشخيصية    بيئة الرياض تتلف 3 أطنان من اللحوم غير الصالحة وتضبط 93 مخالفة في سوق البطحاء    تحرك معنا": تعزيز الرياضة ونمط الحياة الصحي في الحدود الشمالية    "موسم الرياض" يشهد أضخم حدث لكرة القدم الأميركية بنظام العلم    اعترضنا سفنا فلبينية بمنطقة متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي    النقل تفرض غرامات وحجز المركبات غير النظامية    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    الراجحي الخيرية تدعم مصابي التصلب المتعدد ب50 جهازاً طبياً    ولي العهد في برقية لأمير قطر: الجميع يقف مع الدوحة لمواجهة الاعتداء الغاشم    في مستهل مشواره بدوري أبطال آسيا للنخبة.. الهلال يستضيف الدحيل القطري    محافظ "ساما": نركز على الابتكار والفرص للمستثمرين    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    أعلنوا رفضهم للاعتداء على قطر.. قادة الدول العربية والإسلامية: ردع إسرائيل لحماية أمن واستقرار المنطقة    «قمة الدوحة» ترفض محاولات تبرير العدوان الإسرائيلي تحت أي ذريعة.. تضامن عربي – إسلامي مطلق مع قطر    سوريا.. ضبط شحنة أسلحة معدة للتهريب للخارج    السلوك العام.. صورة المجتمع    الأرصاد: حالة مطرية بمحافظات مكة حتى الجمعة    الحوثي يستهدف مطار رامون والنقب ب 4 مسيرات    أمير القصيم يزور محافظة البدائع ويلتقي المواطنين ويطلع على مشاريع تنموية تفوق 100 مليون ريال    يستعيد محفظته المفقودة بعد 51 سنة    «قدم مكسورة» تدخل تامر حسني المستشفى    ظل الماضي    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    متقن    2.3 % معدل التضخم    حلول مبتكرة تسهم في دعم الشفافية.. وزير العدل: التعاون مع الحكومة الرقمية يعزز تجربة المستفيدين    الوحدة يصعق الاتحاد في الوقت القاتل    الخرف الرقمي وأطفالنا    الخرطوم تنتقد العقوبات الأميركية على مواطنين وكيانات سودانية    رابطةُ العالم الإسلامي ترحب بمخرجات القمة العربية الإسلامية الطارئة في قطر    الفيصل رئيساً للاتحاد العربي    لبنان يوقف عملاء لإسرائيل ويفكك شبكة تهريب مخدرات    إنزاغي: سنواجه خصماً قوياً ومنظماً    التحالف الإسلامي يطلق في العاصمة القُمريّة دورة تدريبية في محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب    جامعة الملك سعود تُنظّم الندوة العالمية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية    دراسة أسترالية: النظام الغذائي يحد من اضطرابات النوم والأمراض المزمنة    تضامن عربي إسلامي مع قطر.. دول الخليج تعزز آليات الدفاع والردع    "سلطان الخيرية" تدعم "العربية" في قيرغيزستان    تكريس الجذور واستشراف للمستقبل    عزنا بطبعنا    أمير القصيم يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف    «الشؤون الإسلامية» توقّع عقودًا لصيانة وتشغيل 1,392 مسجدًا وجامعًا خلال الربع الثالث لعام 2025م    رئيس الوزراء السوداني يغادر المدينة المنورة    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    جدة تستضيف مؤتمر ومعرض المكتبات المتخصصة 2025 غدًا    سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة تزور الملحقية العسكرية السعودية في واشنطن    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاضي الحق.. لا يتبع هواه

خير ما نبدأ به بعض الآيات التي تبين خطورة القضاء بين الناس، وخطورة الإجحاف في القضاء:
قال تعالى: {فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} (26) سورة.
وقال تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (42) سورة المائدة.
وقال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (45) سورة المائدة.
وقال تعالى: {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ} (48) سورة المائدة.
وقال تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ} (49) سورة المائدة.
وقال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (44) سورة المائدة.
يتضح وبجلاء حكم شريعة الله في خلقه، وحكم من يعتدي على ما شرعه الله بين الناس ليسود العدل والإنصاف ومنع الفتن؛ لأن الظلم يجلب الفتنة، والقضاء يكون لمنع الاعتداء، ولرد الظالم. فالقضاء من أشد الوظائف خطورة. فالقاضي يحكم بينهم بالعدل والسوية، دون محاباة لأحد على آخر؛ فالكل لديه سواسية، لا فرق بين كبير ولا صغير، ولا ذكر ولا أنثى، ولا وضيع ولا رفيع.. فالكل مسلمون، وفي شريعة الرحمن إخوان تجمعهم روابط أخوّة الدين الواحد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «المقصود من القضاء وصول الحقوق إلى أهلها، وقطع المخاصمة. فوصول الحقوق هو المصلحة، وقطع المخاصمة إزالة المفسدة. فالمقصود هو جلب تلك المصلحة، وإزالة هذه المفسدة. ووصول الحقوق هو من العدل الذي تقوم به السماء والأرض، وقطع الخصومة هو من باب دفع الظلم والضرر، وكلاهما ينقسم إلى إبقاء موجود، ودفع مفقود. ففي وصول الحقوق إلى مستحقها يحفظ موجودها، ويحصل مقصودها، وفي الخصومة يقطع موجودها ويدفع مفقودها، فإذا حصل الصلح زالت الخصومة التي هي إحدى المقصودين» (مجموع الفتاوى 35 - 355).
إذاً، لا يمكن أن تقام الحدود، وتدرأ الشبهات، ولا يتم الحق والعدل، إلا في ضوء وجود القضاة، الذين علموا كتاب الله تعالى، وحفظوا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتعلموا العلم الشرعي المبني على الكتاب والسنة. وهناك صفات يجب أن يتحلى بها القاضي، أولها وأبدؤها أن يتريث ويتأنى ويتثبت ثم يصدر حكمه. ومن تأني وتثبت تهيأ له من الصواب ما لا يتهيأ للمتسرع. ومما يراد من القاضي أن يستقبل الناس، ويعظهم، ويعلمهم العلم الشرعي، سواء في مسجد حيه، أو في بيته، يلاطف الناس، يبتسم في وجوههم، يعاملهم معاملة حسنة؛ لأنه قدوة طيبة، وأسوة حسنة.. ويفتح بابه لأهل الحاجات؛ لأن القاضي يشفع للمساكين، ويتوسط للمحتاجين من الأرامل واليتامى؛ فهو محل ثقة الجميع في بلده وغير بلده؛ لأنه يحكم بشرع الله تعالى. قال عمرو بن مرة لمعاوية: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من إمام يغلق بابه دون حاجة ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون حاجته وخلته ومسكنته». فجعل معاوية رجلاً على حوائج الناس (أخرجه الترمذي وأبو داوود، وصححه الألباني 2-67).
ومما يجب على القاضي ألا يحكم بين خصمين حتى يسمع كلامهما جميعاً. فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي». قال علي: فما زلت قاضياً بعد (أخرجه الترمذي وحسنه في الإرواء برقم 2600).
وينبغي للقاضي ألا يحكم بين الناس وهو غضبان، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان» (متفق عليه).
قال مزاحم بن زفر: قال لنا عمر بن عبد العزيز: «خمس إذا أخطأ القاضي منهن خصلة كانت فيه وصمة (عيب): أن يكون فهماً، حليماً، عفيفاً، صليباً، عالماً، سؤولاً عن العلم» (أخرجه البخاري). ومعنى الحديث (فهماً أي: فقيهاً، ملماً بالفقه وأحكامه - حليماً أي: يغض الطرف عمن يؤذيه، وينتقد أحكامه، ولا ينتقم لنفسه - عفيفاً أي: بعيداً عن الحرام - صليباً أي: شديداً قوياً على قول الحق، وقافاً عليه، لا يميل إلى الهوى - عالماً أي: بالحكم الشرعي - سؤولاً أي: كثير السؤال عن العلم؛ لأنه قد يظهر له أقوى مما عنده).
قال صلى الله عليه وسلم: «القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة: رجل قضى بغير الحق، فعلم ذاك فذاك في النار. وقاض لا يعلم، فأهلك حقوق الناس، فهو في النار. وقاض قضى بالحق، فذلك في الجنة» (أخرجه الترمذي وصححه الألباني 2-65).
مما سبق يتضح لنا دور القاضي وأهميته ومواصفاته اللازمة، فكيف بوقتنا الحالي يعتدي بعض القضاة على ثوابت القضاء الشرعي فتجد من هذا النوع من يتمعر وجهه في وجه المتخاصمين، ولا يرد السلام، ولا يحترم مراجعيه، وسريع الغضب، ويحكم بهواه دون تثبت أو لثقته بمن حوله من موظفين، ويتصرف كأنه منزه عن الزلل. ولهذا النوع نقول: اتق الله في نفسك، فمن لا يخاف الله ليس على خير، واعلم أنك تزرع الفتنة بين الناس، وأيضاً لتعلم أن استغلال السلطة ذنب كبير، ولن تجد احترام الناس من خوفهم من سلطة وقتية لديك بل الاحترام يتأتى من خصال الخير واللين والتسامح وتحمل مشاق العمل القضائي.
وليعلم من حوله أنهم يساعدونه على الظلم، وهم شركاء بذلك؛ فأنت أيها الموظف لديه، وأنت أيها العسكري المكلف، عليك واجب برده عن ظلمه من خلال نصحه وعدم التنفيذ لما يخالف ديننا الشرعي. فلتفقد مركزك الوظيفي ولا تفقد طاعتك لخالقك. وعليك بمخافة الله قبل مخافة عبيد الله، فمن عصى الخالق لا طاعة له كما أكد القرآن والسنة النبوية.
كذلك وزارة العدل يجب عليها وضع ضوابط لمثل هؤلاء المتجاوزين من بعض القضاء، فكم من مواطن تم إيقافه بأمر القاضي بلا مبرر، بل بادعاء باطل محضر يكتبه موظف خائف وشاهد مجاملة متناسين يوم الحساب!! ويتحقق للقاضي أمره بالإيقاف، فأي عدالة تلك؟ ولماذا أصبحت المحاكم الشرعية مقر إضاعة حقوق وتعدٍّ على الناس لأن القاضي غضب!!؟ فليغضب في بيته وليس بمقر العدل وإعطاء الحقوق.
يا أيها القاضي المعتدي لم يعلُ لك شأن إلا لأنك تطبق شرع الله سبحانه، ففي استغلالك لصلاحيات هذا المرفق القضائي تضيع مهابتك واحترامك، فكيف تأمر بإيقاف لمدة ساعتين، أقل أو أكثر، لأن طرفاً بمكتبك ادعى على مواطن ولم تسمع للآخر؟ فأنت هنا خرجت عن سلوك القاضي الشرعي، وأصبحت قاضياً يتبع هواه، وأنت تعلم جزاء ذلك عند خالقك، وكذلك بدنياك ستشهد ما يؤلمك، فلن يتركك المظلوم نظاماً، وهذا هو الصواب، وقد يكون بخارج النظام عندما لا يجد عدلاً ينصفه، وهذه هي الفتنة التي أنت وأمثالك زرعتها. كما يجب أن يكون تنفيذ مثل هذه المخالفات بإجراءات تردع تعدي القاضي، مثل إحالتها لقاضٍ آخر، ينظر بتلك المخالفة، وله حق إلغائها؛ فالقاضي بشر؛ يصيب ويخطئ، وحبس الحرية جريمة كبيرة عندما يستهان بها وتكون إجراء أولياً مباشراً للقاضي؛ فيجب أن تمر بإجراءات تمنع تطبيقها إلا بعد استنفاد كل الضمانات التي تكفل عدم الظلم للمواطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.