تسود الشارع التونسي حالة من الاستنكار الشديد إثر تعمد طلبة منتمين للاتجاه السلفي اقتلاع العلم الوطني من سطح بناية كلية الآداب في منوبة بالعاصمة تونس واستبداله بعلم أسود يرمز إلى السلفية. ودارت مواجهات عنيفة الأربعاء، بين سلفيين وطلاب نقابيين في حرم الجامعة. وخلال هذه المواجهات، تعرض شاب فرنسي يدرس الصحافة للضرب وكسرت الكاميرا التي كان يحملها، كما قال أحد مدرسيه. وقالت أستاذة اللغة الفرنسية سعيدة علايا «منذ نوفمبر تجري حوادث كل يوم, لكن الوضع يتدهور. قد تكون هناك سبع أو ثماني منقبات يدعمهن بعض الملتحين في الكلية، لكن من الواضح أنهم يتلقون دعماً خارجياً». وقالت «لديهم مشروع مجتمع سلفي يريدون إقامته وهم يستهدفون منوبة لأنها كلية تقدمية». واعتبرت أحزاب سياسية هذا الفعل من قبيل التعدي على مقدسات المجتمع التونسي الحداثي فيما رأت فيه الجهات الرسمية على غرار رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس الوطني التأسيسي «انتهاكاً صارخاً لرمز السيادة الوطنية التي استشهد من أجله التونسيون». وكان المجتمع التونسي بكل أطيافه السياسية قد وجه دعوة ملحة الى السلطة الأمنية والقضائية من أجل فتح تحقيق حول حيثيات هذه العملية المشينة حتى لا تتكرر مستقبلاً وحتى تظل الجامعة التونسية في منأى عن التجاذبات الإيديوليجية والفكرية المختلفة. وعمت الفوضى الحرم الجامعي الذي ظل على مدى الأشهر القليلة الماضية مسرحاً لأعمال شغب وعنف متبادل بين الطلبة من ذوي المرجعيات المتباينة بما ينبئ بدخول الأزمة التي تعصف بالكلية منعرجاً خطيراً سيجر بعض الأطراف المدنية الى التدخل في المسألة. وأمام صمت الحكومة إزاء ما تتعرض إليه الجامعة تقرر تنظيم مسيرات سلمية تنديداً بعملية انزال العلم واستبداله برمز الخلافة السلفية التي أضحت اليوم تصول وتجول في البلاد متمسكة بإملاءاتها السلوكية دون الأخذ بعين الاعتبار للحقوق المدنية للمواطن التونسي ولا لخصوصية المجتمع التونسي المتفتح على مختلف الحضارات والديانات. والأكيد أن هذه الحادثة الأليمة التي تلت أحداث عنف سقط على إثرها خمسة جرحى، مرشحة للتطور خلال الساعات القادمة.
