ارتفاع أسعار الذهب    مطار ميونيخ يوقف الرحلات الجوية    الجدعان يرأس وفد المملكة في اجتماع لجنة التعاون المالي ل"دول الخليج"    المملكة والمكسيك توقعان مذكرة تفاهم    الأخضر السعودي في مجموعة قوية بكأس آسيا تحت 23 عامًا 2026    الرخص الرياضية استثمار منظم يفتح أبواب الاقتصاد الجديد    "الهجن السعودية" تتصدر قوائم كأس الاتحاد السعودي ب 4 كؤوس و45 شوطاً    ديشان يدعم قاعدة (البطاقة الخضراء) ويدعو لاستغلالها بشكل إيجابي    هيئة المساحة الجيولوجية: رصد زلزال بقوة 5.1 درجات في وسط إيران    "جيل Z".. ناشئة يبحرون في عوالم كتب الكبار    الهويدي: "الشريك الأدبي" أدخل الأدب في حياتنا وكسر احتكار الثقافة    ترامب: أميركا تخوض «نزاعاً مسلحاً» مع كارتلات المخدرات    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    قراءة في مجد الطبيعة وصغارة الإنسان    التطور التكنولوجي في بيئة الحروب    معهد العاصمة النموذجي.. شواهد على التعليم    العلا.. مرحلة جديدة    الإعلاميان الكبيران : محمد عابس وعبدالعزيز خزام في مهرجان القصيدة الوطنية    نحترق لتنضج الطبخة    الشيخ والغوغاء 2/2    نادي الاتحاد يتوصل لاتفاق مع المدرب البرتغالي كونسيساو    انطلاق معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025    ضبط مواطن في جازان لتهريبه ونقله مواد مخدرة وإيواء مخالفين    الأهلي يعلنها: روي بيدرو المدير الرياضي الجديد    في اليوم الأول ل"كتاب الرياض".. مهرجان ثقافي حي للمعرفة    خالد الغامدي رئيساً تنفيذياً للشركة السعودية للكهرباء    تركيب لوحات شارع الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في العاصمة الرياض    التعليم معركة الوعي وبناء المستقبل    رفقًا بالمعلمين والمعلمات أيها المتنمرون    أمير منطقة جازان يطلق جائزة "الأمير محمد بن عبدالعزيز لمزرعة البن النموذجية" بنسختها المطورة    "هيئة العناية بالحرمين": 115 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر ربيع الأول    التكيُّف مع الواقع ليس ضعفًا بل وعي وذكاء وقوة    "التخصصي" في المدينة ينجح في إجراء زراعة رائدة للخلايا الجذعية    تابع سير العمل ب«الجزائية».. الصمعاني: الالتزام بمعايير جودة الأحكام يرسخ العدالة    حققت مع 387 موظفاً في 8 وزارات.. «نزاهة» توقف 134 متهماً بقضايا فساد    الصورة الذهنية الوطنية    إرث متوارث.. من قائد (موحد) إلى قائد (ملهم)    شذرات.. لعيون الوطن في يوم عرسه    تصاعد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.. اقتحام الأقصى وتصاعد حصيلة الشهداء في غزة    هجوم حوثي صاروخي يستهدف سفينة هولندية في خليج عدن    زلزال الفلبين: بحث يائس ومخاطر متصاعدة    في كأس آسيا 2.. النصر يعبر الزوراء ويتصدر.. وتعادل الشباب والنهضة العماني    اغتيال مرشح برلماني يهز طرطوس.. أردوغان يحذر من المساس بسلامة الأراضي السورية    قمة أوروبية لمواجهة تهديدات موسكو.. مفاوضات روسية – أمريكية مرتقبة    «ريف» تعزز إنتاج السعودية من البن    ائتلاف القلوب    شذرات لعيون الوطن في يوم عرسه    أمراء ومسؤولون يقدمون التعازي والمواساة في وفاة الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    «التأمينات» اكتمال صرف معاشات أكتوبر للمتقاعدين    باحثون يطورون علاجاً يدعم فعالية «المضادات»    شيءٌ من الوعي خيرٌ من قنطار علاج    تقليص ساعات العزاء والضيافة عن نساء صامطة    ملتقى لإمام وقاضي المدينة المنورة بن صالح    معتمرة تعود من بلدها لاستلام طفلها الخديج    توقعات بتجاوز الذهب حاجز 4 آلاف دولار    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام الأحوال المدنية بالمنطقة    أمير جازان يستقبل وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية    بطل من وطن الأبطال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف(*)
سلطان الإحسان غاب عنا


كباقي ضياء الشمس حين تغيب
الحياة لا تخلو من منغصات ولا من مفاجآت تحزن، وتبكي، ويختلف وقوعها وتأثيرها على النفوس حسب مصدرها، وأهمية مُصابها، فكل من له مكانة في أسرته وبين أفراد عائلته، بل وفي مجتمعه يكون فقده أعمق حزنًا، وأبلغ تأثيرًا، وخصوصًا إذا كان من علْية القوم أو من الوجهاء الأخيار الذين لهم دور مشرف في الأعمال الخيرية والإنسانية والمكانة العالية في قلوب أبناء الشعب السعودي وغيرهم، ففي صباح يوم السبت 24-11-1432ه أبلغني أحد أفراد أسرتي والحزن بادٍ عليه قائلاً: أحسن الله عزاءنا وعزاءك في وفاة سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والمفتش العام صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب سلطان بن عبد العزيز الذي انتقل إلى جوار ربه قُبيل أذان الفجر، فلم أملك في تلك اللحظة المؤلمة إلا أن تلوت الآية الكريمة: إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعونَ .
والحقيقة أن غياب ذاك الرجل الكريم فقيد الوطن محزن جدًا، الذي لا تبرح الابتسامة محياه منذ فجر حياته، حتى وهو يكابد بعض الأمراض في آخر حياته إلى أن أغمض عينيه مُودعًا الحياة الدنيا إلى دار النعيم المقيم -بحول الله ورحمته- بعد عمر مديد مشرّف تسنم خلاله مناصب عالية بدءًا: من إمارة الرياض ثم وزارتي الزراعة والمواصلات، بعد ذلك تربع على وزارة الدفاع والطيران السعودي والقوات المسلحة، عقودًا طويلة حافلة بالتطور المستمر، وبالإنجازات المتتابعة، والتوسع الهائل في امتلاك أسراب الطيران الحربي والمدني، وفي بناء المطارات العملاقة التي تضاهي وتضارع أرقى المطارات العالمية على مر الزمن، وعلى تعاقب ملوكنا الراحلين -رحمهم الله جميعًا- وحتى في عصرنا الحاضر الزاهر عصر (أبو متعب) الملك عبد الله بن عبد العزيز -متعه الله بالصحة والعافية- وأخيرًا وليًا للعهد عضدًا قويًا لخادم الحرمين الشريفين مع عمله وزيرًا للدفاع، بعد حياة طويلة حافلة بالعطاء والأعمال الخيرية الجليلة، والبذل السخي الذي لا يضاهيه بذل -البتة- في أوجه كثيرة يتعذر عدها وحصرها، فأعماله -رحمه الله- كالشمس المشرقة في هذا الكون، ولله در الشاعر ابن دريد، حيث يقول:
والناس ألف منهم كواحد
وواحد كالألف إن أمر عنى
وقول الآخر:
كالبدر من حيث التفت رأيته
وضوؤه للعصبة السارين جد قريبُ
وفي طليعة مشاريعه الخيرية الداخلية تشييد أعداد كبيرة من بيوت الله في مواقع كثيرة على أفضل تصميم، مع بيوت للأئمة والمؤذنين، ودعم لجميع المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تعنى برعاية الأيتام والأرامل، وتأمين مئات المساكن في كثير من مدن المملكة للعجزة والمساكين، فأعماله كلّها تتسم بالجزالة والسخاء، ومن صفاته الحميدة تواضعه الجم المعهود عنه مع الأطفال الصغار والأيتام والضعفة منهم، بل والموهوبين من تلك الفئة مع احتضانهم وحملهم بين يديه النّديتين واضعًا القبلات على جبين كل منهم ولم يقتصر على ذلك، بل إنه يداعبهم ويطلب منهم قائلاً وهو جدير بتحقق ما يطلب منه مهما علا ثمنه: أطلب أي شيء تريد؟!
فالنابه الحاذق يجيبه: أطلب رضى المولى عنك وطول العمر على أحسن حال يا والدنا..
وأحسن أخلاق الفتى وأجلها
تواضعه للناس وهو رفيع
وعودًا على الجانب الصحي مرة أخرى فقد أسس مركز الأمير سلطان الطبي للقلب المميز بجودة الخدمات، وبجلب أمهر الأطباء في العالم، ومن المواطنين معًا، فهو يعدُّ من المعالم الطبية جودة ونفعًا لمن يرقد فيه.. فضلاً من الله، ومن أفضاله وأفضاله كثيرة إحالة الكثير من المواطنين، وبعض الوافدين إلى مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية التي تعنى بالتمارين والتدليك لذوي الإعاقة ومشكلاتهم على حسابه الخاص الواقع شمال الرياض (ببنبان) المتربعة على الطريق الرئيس العام، فإحسانه لا ينسى أبد الليالي والأيام، كذلك اهتمامه بالإخلاء الطبي لنقل مصابي الحوادث من أي مكان في أنحاء المملكة على جناح السرعة، حيث أوجد أسطولاً من الطائرات السريعة مجهزةً تجهيزًا مميزًا راقيًا ليكون على أتم استعداد تاهبًا لأي طارئ من الحوادث، ومن أخطار السيول، مع وجود فريق طبي من الأطباء والممرضين على متن كل طائرة إخلاء تقلع داخل المملكة وخارجها -أحيانًا- وقد عمد المسؤولين عن حركة ذاك الأسطول العملاق بتلبية أي طلب يرد إليهم تعميدًا مستمرًا لا يحتاج إلى تجديد طلب من سموه كسبًا للوقت لإحضار المصابين في أقرب وقت ممكن، فأبو خالد -رحمه الله- يفرح بإسعاد كل مواطن ومواطنة، وكل مقيم بالبلاد وخارجها، ولا غرابة إذا سادت محبة الناس إليه كلّهم:
كأنك من كل النفوس مركب
فأنت إلى كل الأنام حبيب
مع الدعاء الصادق للقائد العام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -متعه الله بالصحة والعافية التامة- كما لا ينسى التاريخ ما قام به صاحب السمو الملكي الوفي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض من ملازمة ومصاحبة له شهورًا طويلة أثناء رحلته العلاجية بالولايات المتحدة، ومثل هذا العمل الإنساني الأخوي لا يستكثر على (أبو فهد) كما سبق أن صحب الملك فهد ولازمه في القارة الأمريكية قبل رحيله -رحمهم الله جميعًا- وأجزل الأجر والمثوبة لسلمان بن عبد العزيز، فالأمير سلطان شخص بارز محنك ومهيب في مواقف الحزم والمهمات العسكرية، لين العريكة والجانب وأديب لطيف وخطيب مجيد عالي القامة في المحافل الدولية وفي الداخل ولاسيما في بعض المناسبات وفي مواسم الأعياد أثناء معايدته رجال الجيش البواسل، ونقل تحيات خادم الحرمين الشريفين محييًا لهم بكلماته الضافية وبتوجيهاته الأبوية بأن يتحلوا بالأخلاق الفاضلة والإخلاص واليقظة والتعاون فيما بينهم، وقد وصفهم بالدرع الضافي للوطن، نافحًا لهم ماديًا تقديرًا منه لهم، والواقع أن الأمير المحبوب قد عاش حياة سعيدة متع نفسه فيها بأطاييب الحياة وأعطاها حظها ونصيبها من ملذات الحياة، بدون أن تؤثر على عمله الجبار كقائد محنك وكأن الشاعر المتنبي قد أوحى إليه بهذا البيت:
ذر النفس تأخذ وسعها قبل بينها
فمفترق جاران دراهما العمر
فمحياه دومًا باسمًا تلمح عليه آثار النعيم والبشاشة، ولكن الأيام قبيل رحيله عن الدنيا غيرت تلك الملامح الوضاءة:
فيا أسفي لجسمك كيف يبلى
ويذهب بعد بهجته سناكا!!
وفي هذه العجالة لا يفوتني أن أقدم أحر التعازي والمواساة لخادم الحرمين الشريفين، وسمو النائب الثاني، وجميع أخوته، وأبنائه وبناته وزوجاته، وجميع أفراد الأسرة المالكة والشعب السعودي عامة.. تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
لئن بليت فلا يبلى نداك ولا
تنسى وكم هالك ينسى إذا قدما
(*) حريملاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.