منظومة رقمية لإدارة دوري روشن بالذكاء الاصطناعي    بطولة السعودية تويوتا للراليات تواصل مسيرتها بثلاث جولات    تعليم جازان ينظم لقاءً تربويًا بعنوان رحلة التحول في منظومة حوكمة إدارات ومكاتب التعليم لمديري ومديرات المدارس    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية لمجمع الملك سلمان العالمي    جامعة نايف للعلوم الأمنية تنال اعتمادا دوليا لكافة برامجها    انخفاض أسعار الذهب مع تخفيف حدة التوترات التجارية    6 عمليات فصل ناجحة لتوائم ملتصقة "مصريين" بالمملكة    قمة بغداد: نحو نهج عربي جديد    وزارة الثقافة الفلسطينية تطلق جائزة القدس للمرأة العربية للإبداع الأدبي في الرواية العربية المنشورة    ريم العبلي وزيرة في المانيا حظيت باهتمام الناشطين العرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟    . اختتام المعرض الدولي الأول العائم للامتياز التجاري    إنجازان جديدان لجامعة إماراتية التنبؤ بالجلطات الدموية والعزل بمخلفات النخيل    إستمرار تأثير الرياح النشطة على مختلف مناطق المملكة    أوكرانيا: قصف روسي لعدة مناطق رغم إعلان بوتين عن وقف إطلاق النار    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الملكي الأميرة/ جواهر بنت بندر بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود    أمير منطقة المدينة المنورة يلتقي وزير التعليم    في ختام الجولة 30 من روشن.. الاتحاد يقترب من حسم اللقب.. والأهلي يتقدم للثالث    في إياب نصف نهائي يوروبا ليغ.. بيلباو ينتظر معجزة أمام يونايتد.. وتوتنهام يخشى مفاجآت جليمت    الأهلي بطلًا لدوري المحترفين الإلكتروني (eSPL)    90 مليار دولار إسهام "الطيران" في الاقتصاد السعودي    الخريف التقى قادة "إيرباص" في تولوز .. تعاون «سعودي-فرنسي» في صناعات الفضاء    الزهراني يحتفل بزواج ابنه أنس    "النقل" تمهل ملاك القوارب المهملة شهرًا لمراجعتها    إطلاق أول دليل سعودي ل"الذكاء الاصطناعي" لذوي الإعاقة    15 مليون دولار مكافأة لتفكيك شبكات المليشيا.. ضربات إسرائيل الجوية تعمق أزمة الحوثيين    نُذر حرب شاملة.. ودعوات دولية للتهدئة.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان يهدد ب«كارثة نووية»    تصاعد وتيرة التصعيد العسكري.. الجيش السوداني يحبط هجوماً على أكبر قاعدة بحرية    11 فيلمًا وثائقيًا تثري برنامج "أيام البحر الأحمر"    ضبط (4) مقيمين لارتكابهم مخالفة تجريف التربة    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. فصل التوأم الطفيلي المصري محمد عبدالرحمن    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم الملتصق الصومالي "رحمة ورملا" إلى الرياض    لاعبو الأهلي: لم نتأثر بأفراح آسيا    ألم الفقد    الريادة الخضراء    بين السلاح والضمير السعودي    وأخرى توثّق تاريخ الطب الشعبي في القصيم    مذكرة تفاهم لتفعيل قطاع التأمين الثقافي    "التراث" تشارك في "أسبوع الحرف بلندن 2025"    الرُّؤى والمتشهُّون    انخفاض معدل المواليد في اليابان    ليس حُلْمَاً.. بل واقعٌ يتحقَّق    استخدام الأطفال المصاعد بمفردهم.. خطر    الرياض تتنفس صحة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الأحد المقبل    الجوازات تسخّر إمكاناتها لضيوف الرحمن في بنغلاديش    الأميرة دعاء نموذج لتفعيل اليوم العالمي للأسرة    همسة إلى لجنة الاستقطاب    أحمد الديين الشيوعي الأخير    الخط السعودي في مدرجات الذهب.. حين يتجلّى الحرف هويةً ويهتف دعمًا    تطوير قطاع الرعاية الجلدية وتوفير أنظمة دعم للمرضى    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    الموافقة على استحداث عدد من البرامج الاكاديمية الجديدة بالجامعة    الشيخ بندر المطيري يشكر القيادة بمناسبة ترقيته للمرتبة الخامسة عشرة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية    "صحي مكة" يقيم معرضاً توعويًا لخدمة الحجاج والمعتمرين    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الحرب الأميركية على الإرهاب
نشر في الحياة يوم 10 - 01 - 2010

لا شك أن تداعيات الاختراقين الأمنيين اللذين شهدتهما الولايات المتحدة أخيراً، في الداخل على متن إحدى طائراتها، وفي الخارج في إحدى قواعدها المتقدمة في أفغانستان، ما زالت تتفاعل على أكثر من صعيد، سياسي وإعلامي واجتماعي وثقافي. ولا شك أن الفورة الإعلامية في التركيز على هذه التداعيات سوف تنحسر، إلا أن الأثر الفعلي لهاتين العمليتين قد يكون بفرض تعديل على منحى الرئيس أوباما والعودة إلى منطق الحرب على الإرهاب بعد تخلٍ عنه دام قرابة العام.
والواقع أن القراءة الموضوعية للمجريات تسقط عن هاتين العمليتين طابع التحول الجوهري في طبيعة المواجهة بين تنظيم القاعدة والولايات المتحدة. فالمسألة ليست في استحداث هذا التنظيم أساليب جديدة، ذلك أن الحرب غير المتوازية التي يشنها هذا التنظيم تحتم عليه المثابرة على إيجاد الفجوات في النظم والتدبيرات لدى خصومه لاستغلالها وتنفيذ الضربات، ولا في استرخاء مفترض للأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأميركية، وهي التي تمكنت بالفعل من احتواء الإصرار المعادي على إنزال الأذى، أي أذى، بمصالح الولايات المتحدة وبالمواطنين الأميركيين أينما كانوا. وتنظيم القاعدة، دون شك. قد شهد تحولات عديدة في بواطنه وظواهره، ولكنه حافظ بثبات على أساسه العقائدي (القائم على فرضية مواجهة حرب صليبية تسقط الاعتبارات الفقهية التي تقيّد الجهاد)، وعلى منهجيته في المواجهة (والساعية دوماً إلى مفاجأة الخصم وترويعه وتكبيده ما أمكن من الخسائر المباشرة بالأرواح والأموال وغير المباشرة عبر دفعه إلى اتخاذ إجراءات وقائية استنزافية)، وعلى طبيعته التنظيمية اللامركزية (المبنية على شبكة من الخلايا والتنظيمات المتجانسة في العقيدة والمنهجية ولكن المنفصلة في الإدارة والتنفيذ). فالتحولات التي شهدها تنظيم القاعدة ارتبطت وحسب بحالات النجاح والفشل (وفق معايير هذا التنظيم) والتي حققتها فروعه.
فالمقياس الأعلى للنجاح يبقى الإنجاز الاستعراضي الذي حققته اعتداءات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، وإن كان ثمنه سقوط أفغانستان، وخسارة الملاذ شبه الآمن. ورغم توالي العمليات المستوحاة من تلك العملية المقياس في عدد من الدول في الغرب والشرق، فإن تنظيم القاعدة لم ينجح في استهداف الولايات المتحدة مجدداً في دارها.
ومع غياب الإمكانية الفعلية لتحقيق بديل عن أفغانستان في العراق، غدا مقدار الدماء التي سالت في بلاد الرافدين، ذبحاً وتفجيراً، معياراً جديداً للنجاح في منظور هذا التنظيم. ولكن حتى وفق هذا المعيار، فإن التراجع قد تحقق مع تطويق نشاط المجموعة المرتبطة بتنظيم القاعدة في العراق، ما شكل انتكاسة أوجبت الانتقال في التركيز إلى ساحات أخرى. وهو ما تحقق في پاكستان والجزائر واليمن والصومال، ولكن بحصيلة فعلية لا تشكل تعويضاً لا عن أفغانستان، ولا حتى عن العراق.
فما جرى في واقع الحال خلال قرابة العقد من دخول تنظيم القاعدة في حربه المعلنة على الولايات المتحدة، هو انحسار تدريجي في القدرة على الإنجاز في مقابل توسع واضح في القدرة على الانتشار والتشبيك. وهذا الانحسار، من وجهة نظر أميركية، ليس من باب الصدفة، بل هو النتيجة المباشرة لنجاح الحرب المضادة التي تشنها الولايات المتحدة على تنظيم القاعدة.
فالخلاف الضمني، أميركياً، كان حول تفسير الشق الثاني من حصيلة الأعوام الماضية: لماذا تستمر قدرة تنظيم القاعدة في الانتشار على النمو؟ فالجواب على هذا السؤال يذهب باتجاهين، الأول يغلّب التطورات السياسية والثقافية في المجتمعات الإسلامية كعامل أول في هذا الانتشار، وهو التوجه الذي اعتنقته حكومة الرئيس السابق جورج دبليو بوش، دون أن تستخرج من هذه القراءة مقومات خطة واقعية لمعالجة هذا العامل، والثاني يعتبر أن السلوك الأميركي في رد الفعل على الاعتداء هو بحد ذاته العامل الأساسي في تقوية تنظيم القاعدة وتغذيته، وهذا التوجه هو الذي اعتمدته صراحة حكومة الرئيس الحالي باراك أوباما.
والنتيجة العملية لهذا التوجه لدى فريق عمل أوباما كانت واضحة طوال العام الماضي: رغبة في إغلاق معتقل غوانتانامو، تبرؤ من أساليب الاستنطاق التي تتضمن أوجه تعذيب، إصرار على محاكمة المتهمين بالعمليات الإرهابية في المحاكم الجنائية لا العسكرية، ودعوة صريحة إلى العالم الإسلامي لطي صفحة الأمس القريب.
يمكن بالطبع الإشارة إلى أوجه النقص في هذا الموقف في تغليبه القول على العمل. فالتعذيب من قبل الأجهزة الأميركية قد توقف، أما تسليم المعتقلين لدول صديقة لا حرج لديها في استعمال أساليب التعذيب فمستمر، واليد الممدودة إلى العالم الإسلامي رافقها ارتفاع غير مسبوق في الضربات الجوية في أفغانستان وباكستان وتزايد خطير في أعداد القتلى والجرحى المدنيين.
ولكن الوجه الجديد الذي أبرزه الرئيس أوباما لحكومته وبلاده تعرض لاهتزاز جدي الخريف المنصرم حين أقدم طبيب مجنّد مسلم على قتل عدد من زملائه في قاعدة عسكرية. ففي حين أصرّ أوباما على اعتبار الجريمة وليدة حالة نفسية لا مبرر لإقحام الدين فيها (وهو الموقف الذي رحبت به الجمعيات الأميركية الإسلامية)، فإن التيار المترسخ في صلب الثقافة الأميركية، والذي يقرن الإسلام بالإرهاب ازداد زخماً.
وإذ جاءت محاولة تفجير طائرة الركاب الأميركية القادمة من أمستردام يوم عيد الميلاد، واتضاح هوية مرتكب المحاولة، لتذكّر الجمهور الأميركي بأن خطر الإرهاب لا يزال قائماً، وإنه ليس تهويلاً من الحكومة السابقة وحسب، فإن ما جرى في قاعدة خوست العسكرية المتقدمة في أفغانستان، حيث فجّر ناشط كان يفترض أن يكون عميلاً للاستخبارات الأميركية نفسه مودياً بحياة مسؤولين ذوي مستوى عالٍ في الاستخبارات، كشف بدوره أن ثمة ثغرات في مختلف المستويات يمكن للإرهاب أن يتسلل منها.
ومع أن مصادر حكومة أوباما سارعت إلى الإشارة إلى أن الإجراءات التي تبين أنها لم تكن كافية كانت من إعداد الحكومة السابقة، فإن هذه الحجة، بعد مضي قرابة عام على تسلم أوباما الحكم، لم تعد وافية. فالرئيس أوباما كان قد تمكن من استمهال الجمهور الأميركي في اختياره لتوجهه بشأن المواجهة مع القاعدة. ولكن، مع غياب النتائج الإيجابية لهذا التوجه، يبدو أن المهلة الممنوحة للرئيس قد نفدت، والولايات المتحدة، خطابياً وعملياً، تشهد بالفعل عودة إلى منطق الحرب على الإرهاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.