تحولت سوزان بويل التي بالكاد يعرفها ابناء قريتها الاسكتلندية الصغيرة بمئة مليون مشاهدة على «يوتوب» الى إحدى نجمات عام 2009. كان يمكن لموهبة بويل المميزة التي ظهرت في البرنامج التلفزيوني البريطاني «بريطانيا لديها مواهب» ان تثير انتباه العدد المحدود من مشاهدي البرنامج على قناة «اي تي في» البريطاني، او ربما تصل الى الإعلام البريطاني، لكنها وبفضل الإنترنت، وصلت الى كثر، في اماكن اخرى من العالم وبسرعة غير مسبوقة، كان سيكلف الوصول لهم، بالطرق التقليدية، اعواماً من العمل والنجاحات المتواصلة. هذه العلاقة والمنافسة بين الإنترنت والتلفزيون، لا تزال في بدايتها، ومن الصعب التكهن الى اين ستصل. فالعام الماضي، شهد وربما اكثر من اي عام آخر تجاذبات بين الإنترنت والتلفزيون، كل يحاول ان يجذب المشاهدين اليه. فمعدلات مشاهدة برامج التلفزيون من طريق الإنترنت في زيادة متواصلة، وبخاصة في بريطانيا وبين الشبان. والمحطات التلفزيونية الأوروبية الكبرى مثل «بي بي سي» والمحطات الحكومية الأوروبية، ادركت ان التنافس مع المواقع الإلكترونية التي تعرض البرامج التلفزيونية ليس مجدياً على الإطلاق... لذلك اطلقت هي، خدمات خاصة لمشاهدة برامجها التلفزيونية، لمن فاته متابعة هذه البرامج على شاشة التلفزيون. نجاح هذه الخدمات، وبخاصة في بريطانيا (حيث اعلنت «بي بي سي» أخيراً، ان خدمتها لمشاهدة البرامج على الإنترنت والمعروفة باسم iPlayer المتوافرة لساكني بريطانيا وحدهم ، تم استخدامها ل 88 مليون مرة ومنذ اطلاق هذه الخدمة قبل عامين) لم يوقف «بي بي سي» التي اعلنت الأسبوع الماضي ايضاً، انها اشتركت مع مجموعة من القنوات البريطانية الخاصة وبعض المحطات الأوروبية بمشروع تحت اسم «كنفاس» الذي يهدف الى انتاج اجهزة خاصة، تمكّن المشاهدين من الاستمتاع بخدمات مشاهدة البرامج التلفزيونية على الإنترنت... لكن هذه المرة على شاشة التلفزيون العادية. وإذا كان عام 2009 قد بدأ مع خضة كبيرة تمثلت بالأزمة المالية العالمية، الا ان تأثيرات هذه الأزمة، ربما كانت اقل كثيراً مما كان متوقعاً على صناعة البرامج التلفزيونية. فالمحطات الكبيرة اصبحت اكثر حذراً مع المشاريع التلفزيونية الجديدة، وبات التفكير بإنتاج برامج جديدة يأخذ وقتاً اطول من المعتاد، وهو امر ليس سيئاً على الإطلاق. اوروبياً، مازالت برامج المحطات الحكومية الإنسانية القليلة التكلفة تحصد اعلى نسب مشاهدة للعام الثالث على التوالي. وساهم الخوف من المستقبل وما يمكن ان تصل اليه الأزمة الاقتصادية التي لاتزال تلف العالم، بعدم التورط في انتاج برامج بكلفات عالية، او برامج مبالغ في بهرجتها وترفيهها. وإذا كانت برامج تلفزيون الواقع الناجحة اوروبياً، تنحصر الآن في برامج البحث عن المواهب التي مازالت تحصد نجاحات كبيرة في بريطانيا ( 20 مليون مشاهد في الحلقة الختامية من الموسم الأخير من برنامج «اكس فاكتور» الذي تعرضه قناة «اي تي في» البريطانية) ونجاحات متوسطة في دول اوروبية اخرى مثل هولندا وبلجيكا، الا ان هذه البرامج بدأت تفقد الكثير من شعبيتها بسبب عدم نجاح فائزي المواسم السابقة في التميز بعيداً من التلفزيون... وهو الأمر الذي يطرح السؤال عن تركيبة البحث عن المواهب التي تتضمنها هذه البرامج التي ربما تكون موجهة للاستهلاك التلفزيوني وحده، في حين ان النجاح في عالم الموسيقى له قصة اخرى. وشهد العام المنصرم أيضاً نهاية برنامج «الأخ الأكبر» (النسخة البريطانية). ويشير إيقاف هذا البرنامج الذي يعتبر «الأب الأكبر» لكثير من برامج تلفزيون الواقع الى الأزمة الكبيرة التي تشهدها هذه النوعية من البرامج في اوروبا. وإذا كانت الأزمة الاقتصادية العالمية ضربت الولاياتالمتحدة اكثر من اي من الدول الغنية الأخرى، فانعكاساتها وآثارها ظهرت في التلفزيون الأميركي اكثر من اي مكان آخر. فالأزمة تسللت الى نسيج برامج الحوار والمسلسلات التي أنتجت لهذا العام... حتى المسلسلات الكوميدية التي تركت غالبيتها نيويورك، المدينة المفضلة للكثير من المسلسلات في الماضي، وذهبت الى ضواحي المدن الكبرى. مسلسلات مثل «هيغ»، «الحياة الحديثة»، «كورج تاون» قدمت قصصاً عن عائلات، وأخرى عن افراد عاديين، راقبوا بذهول نهاية حلمهم الأميركي، ليطرحوا درامياً عدداً من الأسئلة عن الماضي والحاضر والمستقبل. عام 2009 هو العام الذي سيتذكره كثر على أنه العام الذي قررت فيه المقدمة الشهيرة اوبرا وينفري بأن الوقت حان لترك البرنامج الذي جعلها اشهر مقدمة في العالم. برنامج اوبرا الحواري الذي سيبقى لعام 2011، ربما سيشهد اطول وداع في تاريخ التلفزيون، لمذيعة ساهم موقفها السياسي الأخير في الانتخابات الأميركية في تدني شعبيتها، ففضلت التنحي عن لقب «ملكة التلفزيون الأميركي».