أبدى وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين أسفه ل «قصر نظر» العمل الاجتماعي الخيري في مجال واحد هو الأعطيات المباشرة، مؤكداً حاجة المجتمع إلى العاملات في الميدان الاجتماعي الخيري أكثر من أي وقت مضى. وقال في لقاء مع المشاركات في ملتقى الجمعيات النسائية الخيرية الذي تنظمه جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية النسائية (عون) بشعار «من الخيرية إلى التمكين» في مدينة بريدة أمس: «لم يعد كافياً منا، نحن الرجال، ولا منكن أن نركن إلى أسلوب المساعدات المباشرة كأسلوب وحيد في ممارسة العمل الاجتماعي الخيري، علينا ان نستشعر الأثر السلبي لهذه الممارسة في إشاعة ثقافة الهبات، ونشر أحاسيس التواكل، وتدعيم نزعات الكسل، وتعزيز مشاعر الاستجداء، واستحضار ذهنية الاعتماد المستمر على مساعدات الجمعية النقدية». وأضاف أن حالات تستحق المساعدات المباشرة لغير القابلات للتأهيل، والضمان الاجتماعي يدفع بليون ريال شهرياً لها، لكن الشريحة غير القابلة للتأهل محدودة في مجتمعنا مقارنة بالشرائح القابلة للتأهيل، والتي تتطلب أسلوباً آخر غير المساعدة النقدية في ممارسة العمل الخيري. وتابع: «للأسف اننا ضيقنا واسعاً في نظرتنا للعمل الاجتماعي الخيري، وقصرناه وحصرناه في مجال واحد هو الأعطيات المباشرة مع ان ديننا يعلي من قيمة العمل والتعليم والتدريب، ومساعدة الناس كي يساعدوا انفسهم، فاليد العليا خير من اليد السفلى، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف». ودعا العثيمين العاملات في المجال الخيري النسوي ان يعدن النظر في برامجهن، ويقيمنها نحو الأفضل: «ساعدوا النساء كي يساعدن انفسهن، وخذوا بأيديهن، وبدلاً من ان يكنّ متلقيات للزكاة والصدقة اجعلهن دافعات لها عبر برامج «التاءات الخمس» المتمثلة في التأهيل والتدريب والتعليم والتشغيل والتوجيه. وشدد على أهمية العاملات إلى إطلاق البرامج الاسرية، وترشيد موازنة الأسرة وتطوير الذات، وتنمية القدرات، والمشاريع الفردية، والقروض الصغيرة، والعمل عن بعد، والعمل من المنزل، وتأهيل الفتيات المحتاجات من المطلقات والمهجورات والأرامل والفقيرات وفاقدات العائل وتدريبهن، وإرشادهن بالتوعية المباشرة وغير المباشرة، وإلحاقهن بالدورات التدريبية الضرورية. ولم يخف الوزير العثيمين «ان الهشاشة التي تعاني منها بعض الأسر السعودية نتيجة غياب العائل، أو فقدان الزوج، أو هجره، أو سجنه، او إعاقته، أوهرمه مرده الأساسي هو ان المرأة في هذه الحالات ليس لديها المهارات او الاعداد او الاستعداد لمواجهة مثل هذه الظروف الصعبة، فتصبح، للأسف، ضحية دائمة لها، وأسيرة لها، وبالتالي تتحول إلى زبون دائم على أبواب الجمعيات الخيرية. وتطرق إلى وجود مؤسسات اقتراضية تقدم القروض الاجتماعية بالبلايين مثل بنك التسليف والادخار، وصندوق الموارد البشرية، والصندوق الخيري الاجتماعي، وصندوق المئوية، وغيرها من الصناديق، وكذلك برامج أمراء المناطق للتدريب، إضافة إلى جامعات ومراكز تدريب، ودور خبرة، تستطيع الجمعيات الخيرية النسوية الاستفادة منها لإطلاق برامجها التأهيلية للمرأة السعودية المحتاجة». وشدد العثيمين على أن المرأة السعودية تسهم بشكل فاعل ومؤثر في الحقل الاجتماعي الخيري، ولم تدخل هذا المجال الإنساني تقليداً لأحد، ولا بحثاً عن وجاهة، ولا لقضاء وقت الفراغ، وانما نبع من احساس عميق لديها، مشيراً إلى أن أول جمعية خيرية نسائية تأسست عام 1382ه، ثم تتالت بذرات الخير على أيدي النساء حتى وصلت الآن إلى 38 جمعية. واعتبر ان هذا الميدان هو ميدان طبيعي للمرأة، وان ما يخص الأسرة والمرأة والطفل من شؤون وشجون هي الميادين الطبيعية لممارسة أدوارها الفاعلة في المجتمع، وأن السيدات هن الأولى بها تخطيطاً وإشرافاً وممارسة. وذكر أن الدولة ترى في المرأة السعودية الجدارة والحشمة والثقة ولن تتوانى عن دعم هذه الجمعيات بالترخيص لها، وتقديم الدعم المادي والمعنوي، وتذليل جميع ما يعترض مسارها لتقديم الأنموذج الحضاري، والمثال المشرف للمرأة السعودية في هذا المجال شريكة مع أخيها الرجل، لا مزاحمة له. ولفت إلى أن الجمعيات النسائية الخيرية تتلقى دعماً سنوياً من الدولة عبر وزارة الشؤون الاجتماعية، وبلغت المساعدات في موازنة 1429 ه 42 مليون ريال. وخاطب العثيمين العاملات في الميدان الاجتماعي الخيري بالقول: «المجتمع في حاجة لكن أكثر من أي وقت مضى، فليس خافياً ما جدّ على مجتمعنا من مشكلات ومسائل وقضايا، خصوصاً في ما يتعلق بشؤون الأسرة وحاجات المرأة، ومتطلبات الطفل... وأخصّ الشرائح المحتاجة للرعاية والمساندة والمساعدة، كالأرملة واليتيمة والفقيرة والمعاقة والمسنة والمطلقة والمهجورة والمعنفة والمسجونة، وقليلة الحظ من التعليم والتدريب والتأهيل». وتمنى عليهن أن يكون هذا الملتقى فرصة للمراجعة والدرس، داعياً للتأمل والتحليل لواقع العمل الاجتماعي النسوي الخيري في بلادنا، ومحتضناً لتوليد الأفكار الخلاقة، ومنبراً لإطلاق المبادرات العملية التي تفضي نقلة نوعية في ممارسة العمل الاجتماعي، وبرامجه ونشاطاته، وآليات عمله. وطالب بأن يكون مقياس النجاح في الجمعيات النسائية عدد الحالات التي استغنت سنوياً عن الجمعيات النسائية عبر البرامج التأهيلية والتدريبية والتشغيلية، وكذلك عدد اللاتي تحولن من متلقيات للزكاة إلى دافعات لها.