نائب أمير الرياض يرعى احتفال معهد الإدارة العامة بالخريج والوظيفة ال 28    أمير حائل يشكر المعزين في وفاه أخيه: البدر جسد احساس ومشاعر أسرته وشعب المملكة في شعره    أمير الباحة يناقش المشاريع التنموية والخدمات المقدمة في محافظة العقيق    أمير المنطقة الشرقية في ديوانية الكتاب    المملكة تتصدر اكتتابات الشرق الأوسط المنفذة والمتوقعة في 2024    تزايد الهجمات السيبرانية في ألمانيا والخسائر 1ر16 مليار يورو    الصحة النباتية    تعطل مكائن الصرّاف الآلي واحتجازها للأموال    تراث يمتد عبر العصور.. دروب الحج القديمة.. مسارات للثقافة والمعرفة    رئيس منتدى الحوكمة السعودي معلقاً على إلغاء أصوات «انتخابات الرياض»: تعارض المصالح ليس شعارات    قلق أممي إزاء عمليات التهجير القسري والإخلاء من غزة    أبل تطور النسخ الصوتي بالذكاء الاصطناعي    يدخل"غينيس" للمرة الثانية بالقفز من طائرة    الكويت في الصدارة مجدداً    سرابُ النصرِ وشبحُ الهزيمة    وزير الخارجية يصل إلى المنامة للمشاركة في الاجتماع التحضيري ل «قمّة البحرين»    في لقاء مؤجل من الجولة 34 من الدوري الإنجليزي.. مانشستر سيتي يواجه توتنهام لاستعادة الصدارة    ضمن الجولة 32 من دوري" يلو".. العروبة في اختبار البكيرية.. والعربي يواجه الترجي    فابريزيو رومانو يؤكد: 3صفقات عالمية على أعتاب دوري روشن السعودي    بطلتنا «هتان السيف».. نحتاج أكثر من kick off    في الإعادة إفادة..    سيتي لسحب البساط من تحت قدمي أرسنال    نائب أمير مكة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    وزير التعليم يزور مدرسة معلمة متوفاة    تجديد جواز السفر إلكترونيًا لمدد الصلاحية من (6) أشهر وأقل    يستيقظ ويخرج من التابوت" قبل دفنه"    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى السبت المقبل    الداوود يتفقد نطاق بلدية العتيبية الفرعية ويطّلع على أعمال التحسين ومعالجة التشوه البصري    الرزنامة الدراسية !    ماهية الظن    فخامة الزي السعودي    استعراض الفرص الواعدة لصُناع الأفلام    الكويت.. العملاق النائم ونمور الخليج    آنية لا تُكسر    تركي السديري .. ذكرى إنسانية    «Mbc Talent» تحصد جوائز أفلام السعودية وتقدّم المنح    الصحة.. نعمة نغفل عن شكرها    دور الوقف في التنمية المستدامة    الماء البارد    إزالة انسدادات شريانية بتقنية "القلب النابض"    «سعود الطبية» تنهي معاناة ثلاثينية من ورم نادر    حكاية التطّعيم ضد الحصبة    18 مرفقاً صحياً لخدمة الحجاج في المدينة    ما رسالة أمير حائل لوزير الصحة؟    أمير المدينة يرعى تخريج طلاب جامعة طيبة.. ويتفقد مركز استقبال الحجاج بالهجرة    فهد بن سلطان: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة سطام    الدكتوراه الفخرية العيسى    النزوح الفلسطيني يرتفع مع توغل إسرائيل في رفح    الفريق اليحيى: تدشين صالة مبادرة "طريق مكة" بمطار جناح الدولي في باكستان لإنهاء إجراءات المستفيدين بيسر وسهولة    القنصل العام في لوس أنجلوس والملحق الثقافي في أمريكا يزوران الطلبة المشاركين في آيسف    أمير جازان يرعى مراسم اتفاقية تعاون بين مديرية السجون وجمعية التوعية بأضرار المخدرات بالمنطقة    ناشئو الطائرة للآسيوية بالعلامة الكاملة    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    النفط والذهب يتراجعان    السعودية.. وخدمة ضيوف الرحمن    سيدات الأهلي يحصدن كأس الاتحاد لرفع الأثقال    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحب ومرح الطفولة... رسماً ونحتاً
نشر في الحياة يوم 17 - 10 - 2009

بعد دمشق ودبي افتتحت غاليري «أيام» صالة جديدة لمعارضها في بيروت، وتمّ تدشينها بمعرض ثنائي للرسام السوري صفوان دحّول والنحات اللبناني نديم كرم، في مناخ احتفالي استقطب الذواقة والمهتمين بما يؤكد أهمية الدور الثقافي لبيروت كعاصمة عربية ذات تقاليد عريقة بمعارضها وصالاتها ونتاجات فنانيها.
غاليري «أيام» هي مشروع ثقافي واستثماري وفني، وربما هي حلم راود صاحبها خالد سماوي ووجد طريقه إلى النور، مفسحاً في المجال للأجيال الصاعدة من الفنانين التشكيليين السوريين الشبان لتأكيد حضورهم الفني في الساحة العربية والعالمية. في الطابق الأرضي من مبنى بيروت تاور، حيث تقع الغاليري، قرابة عشرين لوحة بأحجام متوسطة وكبيرة لدحّول، تتخللها تنصيبات نديم كرم المصنوعة من الستنلس - ستيل والمرايا فضلاً عن المواد الجاهزة، تدفع عين المتفرج إلى الانتقال أفقياً وعمودياً ما بين التقشف اللوني في التصوير ومبتكرات الخامات الجديدة في النحت، أي ما بين حالي الرصانة والمرح الطفولي.
من ميراث الفن السوري الحديث يأتي صفوان دحّول (مواليد حماة عام 1961) ليجدد اللغة الجمالية التي سبق أن ظهرت مع كبار فناني الحداثة، من أمثال فاتح المدرس ولؤي كيالي وممدوح قشلان ويضعها في توجهات إنسانية معاصرة ذات خصوصية تشكيلية ومميزات تقنية ومشاعر ذاتية، تختلط فيها مفاهيم التشخيص كي تقترب أكثر ما يكون من منظور المدرسة التكعيبية، سواء في التقشف اللوني الذي يقتصر على بضعة ألوان أو في تجزئة السطوح إلى مكعبات.
وفي ظلال هذه التجزئة، ينحسر العالم إلى الداخل الحميم والموهوم، وتنبري لغة الأيدي على نحو من اللطافة والنعومة والتّرفع التي لا يمكن العثور على ما يماثلها إلا في أعمال فناني النهضة، لكأن الأنامل الممدودة تعزف في الفراغ ألحان الوحدة والسكون والتأمل. ويبدو أن ثمة مؤثرات ناتجة من دراسة الفنان في بلجيكا حيث نال درجة الدكتوراه من معهد الفنون الجميلة في مون، وما حملته هذه الدراسة من شغف بالفن البلجيكي والتراث الدنماركي، غير أن الجذور الإنسانية العميقة المستمدة من الحضارة العربية والتراث الحداثي السوري، تضعه في سياق الامتداد الطبيعي والنامي للتشكيل السوري المعاصر ذي السمة التعبيرية.
تطل المرأة في أعمال دحّول كموضوع أثير، لا يفتأ يشغل مساحة أحلامه وتخيلاته وأفكاره التي تتمحور حول وجودها وكينونتها، في مناخ تأملي آت من عالم الشعر وموارباته وأجنحته واستعاراته، فتسود الألوان الترابية في تناغم لحني مع الأسود والأبيض، الألوان المخففة المكتومة، فهي سر من أسرار جمالية الطبعة الفنية التي ينجزها الفنان على ورق من القطن بأحجام كبيرة وعملاقة احياناً، فتتراءى وجوه صنمية جامدة، تضعنا وجهاً لوجه أمام فنون الحضارات القديمة لا سيما العين الفرعونية. ومن الثبات ينقلنا دحّول إلى الحركة الناشئة من تعارض السطوح الشطرنجية ومفارقاتها في المنظور التكعيبي. فالمرأة المستلقية في حجرتها تتناسخ صورتها وقوامها للدلالة على أجزاء الحركة، ضمن تأليف هندسيّ مبسط أقل تعقيداً من «عارية تنزل الدرج» لمارسيل دوشان. فالمرأة هي دوماً حلم، ووجهها مثل منحوتة ما بين نور وانكسارات ظلال، تحمل مرآة أو قناعاً في علاقة ملتبسة مما يعطي البورتريه مظاهر من الغرائبية الحلمية والفانتازيا في آن واحد.
أما نديم كرم فكل إطلالة جديدة له تحمل مفاجآت سارّة للعين ومدهشة وغير متوقعة. وهي مفاجآت الخامات والمواد الجديدة التي يُلبسها لكائناته الإنسانية والحيوانية على السواء. فخيال الفنان بلا حدود، وهو يملك مفاتيح اللعب والقدرة على الجري والطيران والاستقرار والتسلق والاستلهام. مطّلع على جماليات الفنون المعاصرة، يقيم جسوره على ذاكرة الطفولة الغنية بالأشكال والقصص الخيالية وعالم الرسوم المدرسية، مما يجعله مجدِداً في النحت وفن التجهيز المنفتحين على حضور مديني متصل بالأمكنة العامة وإيقاعات المدن الحديثة.
الشغف بالفن رسماً ونحتاً والولع بالأشكال هما اللذان خطفا نديم كرم (لبناني من مواليد السنغال عام 1957) من حقل الهندسة المعمارية التي تخصص بها في الجامعة الأميركية في بيروت ثم في جامعة طوكيو في اليابان، إلى الدخول في غمار مزاولة مشاريع نحتية تزين الساحات والأمكنة الرسمية والعامة، بنماذج طفولية ظريفة ذات طابع متميز لا يخلو من الفكاهة والمرح. ولعل قوة الإبداع لدى الفنان قائمة على كيفية التلاعب بالحركة، والعلاقة بين الفارغ والملآن، فضلاً عن اختزال الأشكال وتبسيطها وقولبتها بمختلف المواد والخامات الخفيفة منها أو الثقيلة، شرط أن تطل منحوتاته غير مسبوقة. وفي معرض غاليري «ايام»، يدمج كرم الستنلس مع المرايا في سبيل إضفاء المزيد من الإضاءة والإشعاع، في حين انه في تصميم الأفيال الثلاثة (المتنوعة الأحجام) اعتمد على تغطيتها بطبقة من القطع الزجاجية الجاهزة والأزرار الملونة، بما يدفع الزائر للظن بأنه أمام قطعة بونبون أو لعبة مكونة من ملبّس ملون تغري بتذوقها.
دحّول وكرم كانا أول الغيث، وفي أجندة غاليري «أيام» في بيروت معارض أخرى لمواهب عربية واعدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.