عبدالعزيز بن سعود يتفقد قوات الأمن الخاصة المشاركة ضمن قوات أمن الحج    نائب أمير مكة يُعلن نجاح نفرة الحجيج إلى مزدلفة    أمير المدينة المنورة يهنئ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد بمناسبة عيد الأضحى المبارك    أمير منطقة الجوف يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    أمير منطقة جازان يهنئ القيادة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    تصعيد أكثر من 42 مليون سلعة تموينية لضيوف الرحمن في مشعري عرفة ومزدلفة    "البيئة" تفسح أكثر من (2,1) مليون رأس من الماشية منذ بداية "ذو القعدة"    إيطاليا تفوز بشق الأنفس على ألبانيا في يورو 2024    «ميترو» الهلال جاهز    الملك وولي العهد يتلقيان تهنئة قادة الدول الإسلامية بعيد الأضحى    سعود عبدالحميد مطلوب في الدوري الإنجليزي    المنتخب السعودي للتنس يُعيد كتابة التاريخ في "كأس ديفيز"    المتحدث الأمني ل"الوطن": المملكة مدرسة في إدارة الحشود    ضبط (12950) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    40 نيابة قضائية لمباشرة القضايا الخاصة بموسم الحج    خالد الفيصل يطمئن على سير الخطط والأعمال المقدمة لضيوف الرحمن    الشيخ السديس يهنئ القيادة بنجاح نفرة الحجاج من عرفات إلى مزدلفة    مفتي عام المملكة يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    ضيوف الرحمن ينفرون من عرفات إلى مزدلفة    الوقوف بعرفة.. يوم المباهاة    نيمار يُعلق على طموحات الهلال في كأس العالم للأندية    أمير القصيم يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    وزير الخارجية يستعرض العلاقات التاريخية مع رئيس المجلس الأوروبي    خبراء صندوق النقد: استمرار ربط الريال بالدولار مناسب للاقتصاد    بدء مفاوضات انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي    العيد في غزة حزين وبلا أضاحي    حرس الحدود بعسير يقبض إثيوبي لتهريبه 45 كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    رئيس مصر يزور المتحف الدولي للسيرة النبوية    وزير الداخلية يؤكد اعتزاز المملكة واهتمام القيادة بخدمة ضيوف الرحمن    «الرياض» ترصد حركة بيع الأضاحي.. والأسعار مستقرة    النفط يسجل مكاسب أسبوعية بفضل توقعات الطلب القوية رغم انخفاضه    الشيخ المعيقلي في خطبة عرفة: الحج إظهار للشعيرة وإخلاص في العبادة وليس مكانًا للشعارات السياسية ولا التحزبات    «دله الصحية» تقدم عبر مستشفى مركز مكة الطبي رعاية طبية عالية الجودة لخدمة ضيوف الرحمن    وزير الخارجية يترأس وفد المملكة بقمة السلام في أوكرانيا    وزير الحج يعلن نجاح خطط التصعيد من مكة ومشعر منى إلى صعيد عرفات    تصعيد في جنوب لبنان.. واشنطن تخشى الانزلاق لحرب    سياسي مصري: قصف مخيمات النازحين «جريمة حرب»    مع دخول الصيف.. سكان مخيمات غزة يواجهون «الجحيم»    "الصحة" تُحذر الحجاج من أخطار التعرض لأشعة الشمس    وزير الإعلام يتفقد مقار منظومة الإعلام بالمشاعر المقدسة    رجل أمن يحتضن الكعبة.. خدمة وشوق    الأجواء المناخية بطرق المشاعر المقدسة    أبحاث تؤكد: أدمغة الرجال تتغير بعد الأبوّة    انضمام مسؤول استخباراتي سابق إلى مجلس إدارة شركة Open AI    نائب أمير مكة يتابع أعمال الحج والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    السعودية تتسلم علم استضافة أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025    2000 إعلامي من 150 دولة يتنافسون في الأداء    مصادر «عكاظ»: الشهري يدرس عروض أندية «روشن»    «السيادي السعودي» يعتزم الاستثمار في الهيدروجين الأخضر و«المتجددة»    «الزامل للتنمية القابضة» شريكٌ في «عنان إسكان»    4 أطعمة مناسبة أثناء تناول حقن التنحيف    40 عاماً لتخطي سوء معاملة طفل !    مركز البحوث السرطانية: لا تتجاهل البقع الزرقاء !    120 مليون نازح في العالم    فيلم "نورة" من مهرجان "كان" إلى صالات السينما السعودية في رابع العيد    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    هدايا بروح التراث السعودي لضيوف الرحمن    العيسى: تنوع الاجتهاد في القضايا الشرعية محل استيعاب الوعي الإسلامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيار التقدم بين ثورة الإصلاح وإصلاح الثورة
نشر في الحياة يوم 21 - 11 - 2013

في سياق مسار التقدم تطرح جدلية الإصلاح والثورة اللذين صاحبا مسار التقدم الإنساني على مدار التاريخ والتي مثلت محلاً للاختلاف بين الفلاسفة وعلماء الاجتماع. فمثلاً نظريات الإصلاح كان رموزها علماء اجتماع مشهورين أبرزهم إميل دوركايم الفرنسي وماكس فيبر الألماني وباريتو الإيطالي، أما نظريات الثورة فكان رموزها كارل ماركس وفريدريك انجلز. وكلا المسارين وإن اتقفا على ضرورة التقدم كخيار للتحضر والخروج من أسر الواقع الخشن إلى آفاق الحضارة والتي يشعر فيها الأفراد بإنسانيتهم وقيمتهم الذاتية من دون النظر إلى انتماءاتهم الطبقية وأصولهم العرقية ومذاهبهم العقائدية. إلا أنهما اختلفا في منهجية هذا التقدم: هل يأتي عبر إصلاح النظام ذاته أم بالثورة عليه.
فمنهجية الثورة تسعى إلى التغيير الجذري للنظام ومكوناته واستبداله بشكل سريع. أما منهجية الإصلاح فترى أن طبيعة المجتمع الإنساني تختلف من حيث التكوين عن الظواهر الطبيعة الأخرى التي تحكمها قوانين السببية والحتمية العارية من الأبعاد الإنسانية ومن ثم فهي طبيعة معقدة من حيث أن المجتمع الإنساني لا يتغير كما تتغير الأشياء المادية من حوله وبالتالي لا تتم عملية التغيير بقوانين الطبيعة نفسها.
بيد أن العنصر الفعال في المجتمعات البشرية هو الإنسان الذي لا يمكن اختزاله في وجوده المادي الغرائزي من دون النظر إلى أبعاد وجوده الأخرى. فالمعادلة المجتمعية لإنتاج التجدد تختلف عن المعادلة الكيماوية لإنتاج المواد الطبيعية لأنها لا تعتمد على عناصر مادية فقط بل تعتمد بالأساس على العنصر الثقافي بمعناه العام.
لذلك تصبح التغييرات الثورية حلماً من الأحلام وفق ما يرى مالك بن نبي، إذا توقفت عند حد تحويل السلطة السياسية وإعادة تنظيم الإدارة في أجهزة الدولة وتعديل النظام الاقتصادي، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة في الأجور تمر كسحر للأبصار ولا يستقر أمرها إذا لم يتغير الإنسان نفسه.
وبالنظر إلى ثورة 25 يناير التي صنعت نموذجاً حالماً لتقدم المجتمع المصري يسعى إلى تحقيق ما حرم منه المصريون طيلة الحكم الجبري على مدار ستين عاماً تمثل في عدالة اجتماعية لا تنحاز إلى فئة أو طبقة اجتماعية على حساب الطبقات الأخرى وحرية حقيقية لا مبتذلة تشعر المواطن بأن إرادته السياسية هي التي تصنع القرار السياسي.
إلا أن حالة الارتباك في إدارة الدولة المصرية والريبة التي سادت القوى السياسية على اختلاف مشاربها والصراع في ما بينهما والأزمات اليومية التي يواجها المواطن العادي والتي استمرت أكثر من عامين ولا تزال مستمرة حتى الآن يدعو للتساؤل عن أسباب هذا التعثر، ولعل من أبرزها غياب رؤية للإصلاح مصاحبة للثورة ما أدى إلى استمرار زخم الثورة الاحتجاجي في ملء الفراغ بعد سقوط النظام. فالثورة حالة وجدانية تحتاج إلى منهجية إصلاحية لأن الوجدان يحمل النفس على الصمود والدفاع عن الحق ما يجعلها تدفع بالفرد إلى التفاني والتضحية بأثمن ما يملك في سبيل تحقيق الأهداف. إلا أنه لا يكفي في مرحلة البناء الذي يحتاج إلى إستراتيجية تحول الطاقة الشعورية إلى منتج عملي لديه القدرة على إنتاج بديل للنظام لأن الثورة تفكيك والبناء تركيب، والأمر الثاني أعقد عن الأول. والثورة تحتاج إلى إصلاح حتى لا تستنزف مخزونها النفسي وتتحول بعد ذلك إلى مضادات للقيم التي نادت بها. بيد أن سقوط الأنظمة السلطوية يعود في بعض الأحيان إلى تفكك النظام ذاته وليس في قدرة المعارضة على إنتاج البديل وهو ما يعني أن سقوط النظام هو انتصار سلبي. هذا بجانب هيمنة الحشد على الموقف السياسي بعد الثورة. فالحشد وإن كان السبب الرئيسي لإسقاط النظام إلا أن الاكتفاء بهذه الآلية في حسم الاختلافات السياسية بدلاً من الحوار والإقناع وفي أن يكون الشارع وليس الصندوق هو صاحب الكلمة الأخيرة يجعل الحشد عائقاً للتقدم السياسي. الثورة إذن تحتاج إلي إصلاح لأنها يعتريها نقصان كأي حدث اجتماعي. يعوق هذا تقديس فكرة الثورة باعتبارها نموذج الخلاص، تحقق أغراضها بمجرد قيامها. والإصلاح يتوجه أولاً إلى الوعي الفكري والنفسي قبل المؤسسات. فكما أن الاستبداد يضرب مؤسسات الدولة فإنه ينعكس أيضاً على الأفراد وهو ما ينتج منه ما يمكن أن يطلق عليه القابلية للاستبداد. كما أن الإصلاح يهدف إلى تغيير الملكات العقلية، والثورة تسعى إلى تغيير الأشكال الخارجية. فالتوقف عند حد تغيير الرموز والأشكال يجعل التغيير يتوقف عن الشكل دون المضمون، الأمر الذي يؤدي إلى إعادة إنتاج ما ثارت عليه الجماهير، إما من دون وعي منها أو برضاها نتيجة عدم قدرتها على التكيف مع ما نادت به وثارت من أجله.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.