أمير تبوك يطلع على التقرير السنوي لاعمال فرع وزارة الشؤون الاسلامية بالمنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصلَ العام لجمهورية العراق    وزارة الصناعة والثروة المعدنية تستعرض فرص الاستكشاف التعديني    إحباط تهريب (44) كجم من القات المخدر في جازان    أمانة منطقة القصيم تحصد المركز الثالث في مؤشر الارتباط الوظيفي على مستوى أمانات المملكة    جمعية "وقاية" تنظّم معرضاً توعوياً وندوة علمية بمستشفى وادي الدواسر    قطاع ومستشفى النماص يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للأنيميا المنجلية"    "السعودية للشحن" توقّع اتفاقية استراتيجية مع "الخطوط الصينية للشحن" لتعزيز الربط الجوي بين آسيا وأوروبا    "الاستجابة الطبية العاجلة" RPM تكرّم أبطال الطوارئ وشركاء النجاح    بمشاركة 400 طالب.. انطلاق برنامج "موهبة" الإثرائي الصيفي"2025 بمدارس منارات الرياض    وزير الخارجية يستقبل وزير خارجية جيبوتي ويرأسان اجتماع لجنة المشاورات السياسية بين البلدين    أمير جازان يكرّم الفائزين بجائزتي المواطنة المسؤولة و"صيتاثون" في دورتها الرابعة    الجامعة الإسلامية تدعم الأبحاث المتميزة    أمير الشرقية يكرم الداعمين والمشاركين في مهرجان ربيع النعيرية    رئيس مجلس الشورى يبدأ زيارة رسمية إلى مملكة كمبوديا    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ جولات ميدانية لصيانة جوامع ومساجد المنطقة    البرلمان العربي من معبر رفح: لا تنسوا فلسطين.. زيارة ميدانية لتحريك الضمير العالمي ووقف العدوان    استعدادات مكثفة لمواجهة موسم الغبار في جازان    من أعلام جازان.. الشاعر والأديب محمد بن علي النعمي    المنتخب الإنجليزي يتوّج بلقب بطولة كأس أمم أوروبا للشباب    كأس العالم للأندية .. تشيلسي يقسو على بنفيكا برباعية ويتأهل لربع النهائي    صنع في مصر بالكامل.. جامعة القاهرة تعلن حصول أول جهاز تنفس صناعي على الترخيص التجاري    المملكة تستعرض تجربتها في بناء منظومة الذكاء الاصطناعي    بعثة الهلال تصل أورلاندو تحضيرًا لمواجهة مانشستر ستي في دور ال16 من كأس العالم للأندية    المملكة تحقق 6 ميداليات عالمية في أولمبياد البلقان للرياضيات للناشئين    ترحيب خليجي باتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية    "رونالدو": الدوري السعودي من الأقوى بالعالم وستنظم أجمل مونديال    بوتين: مستعدون لجولة مفاوضات جديدة مع كييف    أكدت أهمية التحقق من صلاحية السيارة.. المرور: ضبط"2027″ مركبة لوقوفها في أماكن ذوي الإعاقة    1587 حالة ضبط في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    الثلاثاء.. بدء التطبيق الإلزامي لخدمة "تصريح التوصيل المنزلي"    إطلاق مسابقة «تحدي الطيران» لدعم الابتكار وتمكين المبدعين    موجز    انطلاقة عام 1447    بتخريج 63 متدربًا من برامج الدبلوم العالي بأكاديمية الأمير نايف بن عبدالعزيز    مشيداً بجهود الحكومة وتسارع النمو..صندوق النقد: الاقتصاد السعودي واجه الصدمات العالمية بمرونة عالية وتنوع الاستثمارات    فنربخشه وجهته المقبلة.. " دوران" يقترب من مغادرة النصر    «درجة الغليان» بين منة شلبي وعمرو سعد    في دور ال 16 من كأس العالم للأندية.. سان جيرمان يصطدم بميسي.. وبايرن ميونيخ يواجه فلامنغو    ضغوط أمريكية ومطالب مصرية بخطة واضحة.. تحركات دبلوماسية مكثفة لوقف حرب في غزة    استمرار المسار الإثرائي الذكي لتعزيز التجربة .. السديس: الخطة التشغيلية لموسم العمرة تستغرق 8 أشهر    متمسكة بمشروعها التوسعي.. إسرائيل تشترط الاحتفاظ بالجولان للتطبيع مع سوريا    وزير الدفاع يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية    تدريب منتسبي الجهات الحكومية والخاصة على الإنعاش والإسعافات الأولية    المملكة تحارب السموم.. وطن بلا مخدرات    تخريج 63 متدربًا من أكاديمية نايف بن عبدالعزيز لمكافحة المخدرات    وكالة الطاقة تدعو لمزيد من الاستثمار لضمان الوصول الشامل للطاقة    الترويج للطلاق.. جريمة أمنية    «السجون» تحتفل بالاعتماد الأكاديمي العسكري    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينهي معاناة «ثلاثينية» مع نوبات صرع يومية بجراحة نادرة ودقيقة    تجديد اعتماد «سباهي» لمركزي المربع وشبرا    إطلاق مبادرة «توازن وعطاء» في بيئة العمل    وكالة الشؤون النسائية بالمسجد النبوي تُطلق فرصًا تطوعية لتعزيز تجربة الزائرات    ولي العهد صانع المجد وافي الوعد    تكليف الدكتور مشعل الجريبي مديرًا لمستشفى الملك فهد المركزي بجازان    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    أقوى كاميرا تكتشف الكون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زعامة بوتين وليدة 11 أيلول الروسي
نشر في الحياة يوم 30 - 10 - 2013

في عام 2000، كتب سيرغي كوفاليف، رئيس منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان «ميموريال» الروسية، في هذه المجلة، أن انفجارات موسكو في أيلول (سبتمبر) 1999 هي منعطف في التاريخ الروسي المعاصر. «فبعد صدمة الحوادث هذه، استيقظنا على عالم مختلف...». ونُسبت هذه الهجمات إلى متمردين شيشان، وتوسل بها الكرملين، وعلى رأسه بوريس يلتسن، لتسويغ شن حرب دموية على الشيشان. وكانت هذه التفجيرات سُلَّم فلاديمير بوتين إلى بلوغ سدة السلطة، فهي سوغت تعيينه خلف الرئيس في عام 2000، وعبدت الطريق أمام هيمنته على الحياة السياسية الروسية. ويرى جون بي. دانلوب، صاحب كتاب «تفجيرات سبتمبر 1999 في موسكو: الهجمات الإرهابية في أصل بزوغ حكم بوتين»، أن هذه الهجمات هي 11 أيلول روسيا. فهي أججت الذعر إزاء الإرهاب ونفخت في رغبة الانتقام من الشيشان، البلد الذي تذرع بخطره ستالين لشن حملات تطهير كبيرة في ثلاثينات القرن العشرين. وعلى خلاف الحكومة الأميركية، أثبطت السلطات الروسية مساعي التقصي عن أسباب التفجيرات. والروس إلى اليوم يجهلون هوية الإرهابيين. ويعتبر دانلوب أن كتابه هو «عمل تقصٍّ أولي» قد يستند إليه تحقيق روسي رسمي إذا أبصر النور ذات يوم، وهذا مستبعد. وهو استند في تقصيه إلى مقالات نشرت في الصحافة الروسية وتصريحات قوى الأمن الروسية وشهود وتحليلات باحثين وصحافيين غربيين، وخلص إلى أن السلطات الروسية هي وراء الهجمات. والسياق السياسي الذي وقعت فيه الهجمات ودارت فيه هو الجسر إلى فهم حوادث 1999. ففي ربيع ذلك العام، واجه الرئيس يلتسن و «عائلته» (أي ابنته تاتيانا دياتشنلو وفالانتان يوماشيف، وهو مستشار يلتسن وزوج ابنته لاحقاً والاوليغارشي بوريس بيريزوفسكي، وألكسندر فولوشين، رئيس التشريفات الرئاسية) أزمة كبرى. فصحة يلتسن تدهورت على وقع إدمانه الكحول، وتراجعت نسب شعبيته تراجعاً كبيراً. ورجح احتمال هزيمة حركته السياسية المسماة «الوحدة»، في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة في كانون الأول (ديسمبر) 1999 وآذار (مارس) 2000. واتهمت مقالات صحافية يلتسن وابنتيه بمراكمة أموال في حسابات سرية في الخارج بواسطة تحويلات غير مشروعة بالتعاون مع شركة البناء السويسرية، مابيتكس. وكان بيريزوفسكي ملاحقاً في قضية اختلاس أموال يوم رأس شركة «إروفلوت». ووقعت «العائلة» على حل لمأزقها يحمل إليها الخلاص، وهو مشروع بث الاضطرابات في روسيا لتأجيل الانتخابات أو إلغائها وإعلان حال الطوارئ. وفي حزيران (يونيو) 1999، حذر صحافيان غربيان، يان بلومغرِن في صحيفة سويدية وغيلييتو شيزا، في صحيفة إيطالية، من أن «جريمة دولة» في روسيا باتت وشيكة. وفي تموز (يوليو) من العام نفسه، حذر الصحافي الروسي الكسندر جيلين من هجمات في موسكو، اثر اطلاعه على وثيقة مسربة من الكرملين. والهجمات ترمي إلى تهميش خصوم يلتسن. ولجأ بيريزوفسكي، العقل المدبر للاضطرابات إلى لندن بعد عام، اثر خلاف مع بوتين. وسدد الاوليغارشي مبالغ كبيرة لمتطرفين شيشان مقابل الإفراج عن رهائن روس. فرجح كفة المتطرفين على معتدلي الشيشان، وساهم في تشجيع غزو هؤلاء داغستان في آب (أغسطس) 1999. ويرى دانلوب أن الكرملين أشرف على الغزو ليؤجج النزاع بين الدولتين ويعلن حال الطوارئ وتأجيل الانتخابات. وأدى بوتين، الذي شغل منصب رئيس الوزراء الانتقالي في 1999، دوراً بارزاً في العملية الداغستانية. فهو أثبت ولاءه لل «عائلة» مذ كان رئيس الاستخبارات الروسية، «أف أس بي». يومها أقصى المدعي العام يوري سكوراتوف المتقصي ملف قضية «مابيتكس». وشنت «وكالة «أف أس بي» حملة على زوجة يوري لوجكوف، محافظ موسكو، واتهمت إحدى شركاتها بتبييض الأموال. ويومها كان بوتين مجهولاً لا تعرفه عامة الناس. ولم يكن فوزه مضموناً في الانتخابات إذا أجريت في موعدها. واقتضت «عملية تكريس خليفة» العائلة وقوع حادثة تسلط الضوء على دور بوتين والترويج لقدراته القيادية وزعامته القوية. لكن غزو داغستان لم يلقَ الصدى المرتجى ولم يبعث المشاعر المعادية للشيشان. فلجأت «العائلة» إلى عملية عنف كبيرة تسوغ شن الحرب على الشيشان وتشد لحمة الروس حول رئيس الوزراء. وكتاب دانلوب يظهر من غير شك أن الاستخبارات الروسية كانت على علم بالهجمات. ففي التاسع من أيلول 1999، يوم التفجير الأول في موسكو، تناهى إلى نائب في الدوما أن هجوماً إرهابياً سيقع. ومصدر معلوماته ضابط في الاستخبارات العسكرية. ونقل النائب المعلومات إلى جهاز يلتسن الأمني، لكنه تجاهلها. وفور وقوع الهجمات في 13 أيلول، أعلن بوتين أن المسؤولين عن الهجمات في داغستان وموسكو هم إرهابيون مرتبطون بأسامة بن لادن تدربوا في الشيشان. لكن تصريحات المسؤولين الروس لم تقنع الصحافة المعارضة التي واصلت تحقيقاتها. وتعاظمت الشكوك اثر حادثة وقعت في 22 أيلول في مدينة ريازان، على بعد 200 كلم جنوب شرقي موسكو. فسكان مبنى أبلغوا الشرطة ملاحظتهم حركة مريبة في قبو المبنى ومشاهدتهم 3 أشخاص يركبون سيارة بعض أرقام لوحة أرقام لوحتها مُمحى. وكان هؤلاء يحملون أكياساً ثقيلة. وفرقة مكافحة التفجيرات عاينت مكان الحادثة، ورصدت آثار قنابل ومادة مشتعلة تستخدم في صواعق القنابل. وأرسل الفرع المحلي للاستخبارات عينات المواد إلى موسكو. ووجدت السلطات المحلية السيارة المستخدمة في نقل المواد، وتبين أنها تعود إلى الاستخبارات. وحين قبضت على اثنين من المشتبه بهم، سرعان ما تبين أنهما من عملاء «أف أس بي»، فأفرجت عنهما. وبعد يوم ونصف على الحادثة، أعلن رئيس الاستخبارات نيكولاي باتروشيف، أن المادة في الأكياس هي سكر وأن ما رآه السكان هو تمرين على تفكيك القنابل. واستهجنت الشرطة وفرع الاستخبارات المحلية النفي هذا، وأعلنا أنهما وجدا مواد تفجيرية وأن الخطر حقيقي وداهم. وبدا أن وزير الداخلية لم يعلم بهذه التدريبات المزعومة. فهو هنأ الأهالي على يقظتهم. وعلى رغم أن السلطات التزمت سياسة تضليل، لم تنف تورط جهاز «أف أس بي» في العمليات. وانتهى التحقيق في التفجيرات إلى توجيه أصابع الاتهام إلى 6 أشخاص يتحدرون من داغستان. ودين شخصان آخران بالتفجيرات، ولكن لم يثبت أن أياً منهم كان في موسكو وقت التفجير ولم يكن أحدهم شيشانياً، ولم تكشف تفاصيل المحاكمات أو التحقيق.
وأعلنت الاستخبارات الروسية والمدعي العام أن مخطط تفجيرات موسكو هو أخميذ (أحمد) غوشيياف متحدر من كاراتشايفو – شركسي. لكن تحقيقات العقيد السابق في «أف أس بي»، ميخائيل تريباشكين، ألقت بلائمة الهجمات على فلاديمير رومانوفيتش، وهو عميل استخبارات روسي قُتل في حادثة سير في قبرص عام 2003. وإثر نشره تفاصيل تحقيقه في الصحف، اعتقل بتهمة ترويج معلومات كاذبة وحيازة ذخائر. وأفرج عنه في 2007.
وغداة الانفجار الأول في موسكو، أعلن الناطق باسم الاستخبارات الروسية أن المواد المستخدمة في التفجير هي «تي أن تي» و «هيغسوجين». ولكن بعد أشهر من الانفجار، في آذار (مارس) 2000، نفت الاستخبارات استخدام مادة «هيغسوجين». ودحض صحافيون استقصائيون هذا النفي، وأكدوا أن هذه المادة – وهي غير متداولة ولا يملكها غير جهاز «أف أس بي»- كانت الغالبة على مواد المتفجرة. وإثر التفجيرات، انتفت الحاجة إلى إلغاء الانتخابات. فالروس التفوا وراء بوتين الذي التزم الانتقام من الشيشان. وفي 1 تشرين الأول (أكتوبر) 1999، اجتاح الجيش الروسي الجمهورية القوقازية الصغيرة. وارتفعت شعبيته في أشهر قليلة من 31 في المئة إلى 78 في المئة. ويرجح أن الدائرة المقربة من يلتسن، أي ابنته والكسندر فولوشين وفالانتان يوماشيف، هي وراء قرار زعزعة استقرار روسيا.
* عن «نيويورك ريفيو أوف بوكس» الأميركية، 9/2013، إعداد منال نحاس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.