تسبب انعقاد بطولة كأس العالم لكرة القدم في إسبانيا عام 1982 في حرمان المعلق الرياضي السعودي زاهد قدسي من الصيام في مسقط رأسه في مكةالمكرمة، ليصبح العام الوحيد الذي أجبر فيه على الصيام بعيداً عن أهله طيلة فترة عمله كمعلق رياضي. وببضع حبات من التمر والماء، بين شوطي مباريات البطولة يستثمر قدسي ورفيقه محمد رمضان الوقت آنذاك للإفطار إبان انعقاد الدورة في «شبه الجزيرة الأيبيرية» لتزامنها مع دخول الإفطار في ذلك الوقت. بلكنته الحجازية الشهيرة التي كانت شاهدة على مجمل الأحداث الرياضية السعودية منذ ثمانينات القرن الماضي، التي جعلته يتربع على عرش المعلقين الرياضيين السعوديين منذ مطلع القرن الهجري ال 15 وحتى وفاته في عام 1423ه، إضافة إلى ترؤسه لجنة المعلقين العرب في عام 1416ه جعل قدسي منزله بمكةالمكرمة أشبه ب «مضافة» للمعلقين الرياضيين وغيرهم من أصدقائه من خارج مكةالمكرمة في رمضان وأشهر الحج، ليجد من خلالها سبيلاً لتعريفهم بمكةالمكرمة ومرافقتهم إلى المشاعر. ولعل تعلق قلب زاهد قدسي بأم القرى حرمه من القبول في وكالة الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي عرضت عليه أثناء تولي الأمير فيصل بن فهد الرئاسة العامة لرعاية الشباب، بحسب ما ذكره ل «الحياة» ابنه المهندس إبراهيم. ويعتبر يوم الجمعة في رمضان بالنسبة لعائلة زاهد قدسي يوماً استثنائياً، كونه يوم الاجتماع المفضل لدى العائلة، إذ إن قدسي كان يشدد على لمّ شمل العائلة في ذلك اليوم، وتفقد أصغر أفراد العائلة من الأبناء والأحفاد ال20، والتأكد من وجودهم على مائدة الإفطار وعدم تغيب أحد منهم، إضافة إلى حرصه على حضور ليلة ختم القرآن في المسجد الحرام برفقة عائلته حتى آخر رمضان عاشه، واصطحاب أفراد عائلته وأقاربه إلى المسجد الحرام للصلاة فيه. ولا تختلف الحياة الشخصية للمعلق زاهد قدسي كثيراً عن التربوي زاهد قدسي، الذي كان له الفضل في تولي إدارة أول مدرسة نموذجية في مكةالمكرمة في عام 1392ه، بعد أن كلف قبلها بستة أعوام بتولي إدارة متوسطة الزاهر أكبر مدارس مكةالمكرمة المتوسطة آنذاك، إضافة إلى أعماله التربوية والرياضية، إذ عمل مستشاراً لنادي الوحدة في مكةالمكرمة، وعضواً باللجان الفنية لكرة القدم في وزارات الداخلية، والمعارف، والعمل، بعد إنشائه أول نادٍ رياضي للألعاب المختلفة في مكةالمكرمة عام 1379ه. ولم تقف أعمال أول معلق رياضي سعودي يصف لمستمعي الإذاعة السعودية مجريات كرة القدم في عام 1382ه على العمل الحكومي فحسب، بل كانت آخر أيامه زاخرة بالعمل الاجتماعي والإنساني إبان ترؤسه لمجلس حي الخالدية في مكةالمكرمة، من خلال أخذ الصدقات من رجال الأعمال وأثرياء البلد الحرام، وتوزيعها على محتاجي الحي من دون معرفة الطرفين وجعل الأمر سراً بينهم، ليكتشف أبناؤه ذلك بعد رحيله في عام 1424ه عند استفسار بعض العوائل عن المساعدات التي كان والدهم يجلبها لهم. ومنذ رحيل زاهد قدسي قبل نحو 10 أعوام، اختارت عائلته رمضان موعداً لجائزة أشهر المعلقين العرب للإعلام الرياضي فيه، تكريماً ووفاءً لوالدهم، ورغبة منهم ليتذكر الملأ صوتاً رافق المشجعين طيلة أعوام عدة بأفراحهم وأحزانهم الرياضية المحلية والعالمية.