رسميًا.. تراجع نمو أسعار العقارات في المملكة    القيادة تهنئ رئيس جمهورية النيجر رئيس الدولة بذكرى استقلال بلاده    القبض على (7) مخالفين لنظام الحدود لتهريبهم (200) كيلوجرامٍ من "القات"    المملكة تُدين الممارسات الاستفزازية لمسؤولي الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى    جمعية قلبي تطلق مشروع قسطرة القلب للكبار بدعم من مؤسسة الراجحي الخيرية    تراجع أسعار العقارات في الرياض بنسبة 3.1%    الاتحاد يخسر مباراته الودية أمام "بورتيمونينسي"البرتغالي    معرض المدينة للكتاب 2025.. حراك ثقافي يوسّع أُفق المعرفة    اختتام فعاليات "عام الإبليات" في مقر منظمة الفاو بروما بحضور سمو رئيس الاتحاد الدولي للهجن    تعكس المرونة ونتائج الخطط.. 301 مليار ريال إيرادات ميزانية الربع الثاني نصفها غير نفطية    وسط تفاقم الأزمة الإنسانية.. الاحتلال يتوعد بمواصلة الحرب في غزة    مشاورات سعودية – كندية لتعزيز التعاون    أعلن تفكيك شركات مرتبطة بالجماعة.. الأردن يشدد الإجراءات ضد الإخوان    1547 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية في أسبوع    البلعوس يعلن بداية مرحلة الاستقرار الشامل.. السويداء تخرج من عنق الزجاجة    فسح وتصنيف 90 محتوى سينمائياً خلال أسبوع    مدير متحف يسرق آثاراً على مدار 17 عاماً    شيري عادل تتعاقد على «ديجافو»    دشنها أمير المنطقة مشيداً بدعم القيادة.. مصانع جاهزة ومبتكرة للمستثمرين ورواد الأعمال في الشرقية    التشديد على وضع العبارات التحذيرية بشكل واضح.. مشروبات الطاقة.. لائحة جديدة لضبط المواصفات والمعايير    «العزيمة السعودية» من ريال فلسطين.. إلى اعتراف الدول    الفخر بقيادتنا    الدفاع المدني: افتحوا النوافذ عند تسرب الغاز    المحاكم التجارية.. نقلة نوعية في القضاء    أمانة جازان تُشغّل محطة تصريف مياه الأمطار الثالثة في جيزان    "العقيل": جازان الأعلى هطولًا في أغسطس وتحذيرات من السيول المنقولة    الذكاء الاصطناعي تهديد أم إضافة؟    البكيرية.. مشروعات نوعية وتنمية شاملة    إدارة الأزمات في العصر الرقمي    مصطفى محمد يرد على عرض نيوم    إنجازات بين التأطير المضلل والإغراق    حين يصير الصمت موقفاً والعزلة وعياً    في الشباك    «الأوارك».. سلالة أصيلة تنتظر الاعتراف    دواء ل"ألزهايمر" يستهدف مراحل المرض المبكرة    ابتكارات أيتام سعوديين تتخطى الحدود    توقعات بارتدادات محدودة بتداول    1174 صوتا لاختيار 24 مترشحا بغرفة الأحساء    سقوط لعبة الطائف يفتح ملف الإهمال في الملاهي    أرى من أنبوب.. رواية توثق تجربة بصرية نادرة    جورب متسخ لمايكل جاكسون يباع بالآلاف    أوقفوا نزيف الشاحنات    Photoshop بذكاء اصطناعي متطور    أطول صاعقة برق في التاريخ    المولودون صيفًا أكثر اكتئابًا    أطعمة تحسن نومك وأخرى تفسده    إمام المسجد النبوي: الدنيا سريعة فاستغلوها بالأعمال الصالحة    خطيب المسجد الحرام: التقنية نِعمة عظيمة إذا وُجهت للخير    تطورات مفاوضات الهلال لضم نونيز    رمزية «القائد» تلهم السعوديين    محافظ الدرعية يجتمع مع مدير إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بالمحافظة    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    لتولى مهام مراقبة ساحل البحر الأحمر.. تدشين فريق مفتشات بيئيات بمحمية الأمير محمد بن سلمان    توثيق أصوات مؤذني مساجد وجوامع الأحساء    نائب أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    نائب أمير مكة يطلع على أعمال الجهات المعنية بخدمة المعتمرين    وزير الداخلية يطلع على "العمليات الأمنية" لشرطة باريس    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحية من الإسكوا لهاني فحص
نشر في الحياة يوم 28 - 10 - 2014

لم يكن من المألوف في تقاليد الوكالات والمؤسسات الدولية المعنية بالتنمية الاستعانة برجال الدين في إعداد الاستراتيجيات والتقارير المتخصصة. وأرادت منظمة الإسكوا أن تكون استثناء في تشكيل الفريق المشرف على تقرير «التكامل العربي: سبيلاً لنهضة إنسانية». وقد ضمّ هذا الفريق خبراء وباحثين من تخصصات وخلفيات متنوعة فجمع بين الاقتصاد والقانون والاجتماع والفلسفة. وكان بين أعضائه رجل دين معمم سرعان ما اكتشف الجميع من أولى كلماته أن وجود الفقيه العلاّمة، إضافة نوعية إلى هذه المجموعة، بعلمه الواسع وعقله النقدي اليقظ وروحه المرحة وحسه الاستشرافي النادر.
أضفى السيد هاني فحص على اجتماعات الفريق مسحة إنسانية فريدة أخرجتها من رتابة المؤتمرات وحدّة سجالاتها وقيودها الإدارية والبروتوكولية. بفضل سماحة السيد وحلاوة حديثه وألق بيانه تحوّل عمل الفريق إلى جلسات ممتعة رائقة، وإن امتدت ساعات طوالاً.
كان معظم عناصر الفريق قد تعرّف على السيد هاني فحص في مناسبات عديدة، منها اجتماعات الإسكوا التي تعوّد حضورها منذ تولّت الدكتورة ريما خلف مسؤولية المنظمة وكأنها تكرر في شأنه ما قاله الجنرال ديغول في وزير ثقافته الأديب الشهير أندريه مالرو: «من كان مالرو على يمينه غدا في أمان من التفاهة».
الذين تعرّفوا على السيد هاني فحص أدركوا منذ الوهلة الأولى أنه طراز فريد من رجال الدين والمثقفين والساسة، وقد جمع بين تكوين العالم الموسوعي المتعمّق في شتّى فروع الدراسات الإسلامية واطلاع المثقف على شتى أنواع المباحث الفلسفية والاجتماعية والأعمال الإبداعية. هو أحد أكبر رواة الشعر العربي ومتذوّقي الفن السردي في مختلف صنوفه. آمن السيد هاني فحص بأن الدين رسالة حبّ وسلامٍ وانفتاحٍ وحوار، وإن هو انقلب إلى هوية متعصّبة ضاع زخمه الروحي وانحسرت مضامينه القيمية. وآمن على عكس الكثيرين بأن السياسة هي ممارسة أخلاقية وبأن الثقافة التزام تنويري ومجتمعي.
لم يتردد السيد هاني فحص في الانحياز إلى كل القضايا الوطنية والقومية والإنسانية العادلة، بدءاً بقضية فلسطين، القضية العربية الأولى التي منحها وقته وجهده وقلمه ولسانه، فكان من مناضلي الصف الأول. انحاز بحماس وحيوية إلى حركة التغيير العربي، ووقف بصلابة وشجاعة في وجه موجة التعصّب الطائفي والديني والحروب الأهلية المقيتة التي اخترقت المنطقة في السنوات الأخيرة. وفي الساحة اللبنانية كان السيد هاني صوت الاعتدال والتوفيق والتسامح الذي يركن إليه الجميع ويرجع إليه في إطفاء الفتن ولمّ الصف.
كان أكثر ما يحزن السيد هاني فحص ؤفي الآونة الأخيرة هو ما تعرّض له إخوته المسيحيون من محنٍ في العراق وما تفجّر من أحقاد بين أبناء الوطن الواحد والملّة الواحدة في هذا البلد الأصيل الذي عاش فيه سنوات شبابه طالباً في الحوزات العريقة.
بغياب السيّد هاني فحص المرجع الفقهيّ والمفكّر المتنوّر المستقلّ، يخسر لبنان والعرب وفلسطين أحد رموز التمرّد على الانغلاق الطائفيّ وإفرازاته المقيتة التي تنفث شرورها القاتلة على المنطقة في هذا الزمن وتُمعِن في تمزيق النسيج الوطني والاجتماعي والقومي. أهميّة تمرّد السيّد تكمن في استقلاله العنيد عن المقولات والطروحات الجاهزة التي تحتكر اليقين وتستأثر بالقرار. ففرادة السيّد ليست فقط الالتزام بمسؤوليّة الكلمة وحرمتها بل أيضاً بحضاريّة الفكر المنفتح على الرأي الآخر والتفاعل معه من موقع الحوار والنقاش.
من عمق هذا المخزون، ساهم السيّد هاني فحص في إثراء تقرير الإسكوا حول التكامل العربي الذي صدر في أيار(مايو) الماضي والذي يعتبر بمثابة إعادة تصويب للوجهة لاستعادة شروط النهضة واستقامة مسيرتها.
تلقّى الفريق خبر رحيل السيد هاني فحص بحزن عميق، وهو إذ يعزّي أسرة الفقيد ومحبّيه وتلامذته بهذه الخسارة الأليمة، يرى أن رسالته للأمّة التي كان حريصاً على تكاتفها واندماجها وواعياً بتكاملها الحضاريّ والثقافيّ ستبقى نابضةً بالحياة.
* مجلس الإسكوا الاستشاري لتقرير التكامل العربي: أبو يعرب المرزوقي، إصلاح جاد، إنعام بيوض، باقر سلمان النجار، جودة عبد الخالق، رشيدة بنمسعود، رضوى عاشور، رفيعه غباش، سامي إبراهيم، صادق جواد سليمان، طارق متري، طاهر كنعان، عبدالله الدردري، عبدالله السيّد ولد أباه، عبد الوهاب الأفندي، عز الدين الأصبحي، عصام شرف، علي القاسمي، فريدة علاقي، فهمي هويدي، كلوفيس مقصود، محمد أبو رمان، مصطفى كامل السيد، هيفاء زنكنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.