أمير جازان يرأس اجتماع اللجنة الإشرافية العليا للاحتفاء باليوم الوطني ال95 بالمنطقة    أمير الرياض يستقبل السفير فوق العادة لجمهورية فيتنام    محمد بن عبدالعزيز يرعى حفل افتتاح ملتقى جامعة جازان ل"أبحاث السرطان 2025"    سلمان بن سلطان يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    مستشفى صبيا العام ينقذ حياة ثلاثيني من كيس مائي كبير الحجم في البطن    رخصة السكن الجماعي شرط إلزامي عبر «بلدي»    المرور: استخدام الهاتف أثناء القيادة من أبرز مسببات الحوادث المرورية    السعودية تدين بأشد العبارات لعمليات توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة    "إثراء" يتصدّر المشهد الثقافي بحصوله على جائزة الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري    رئيس الوزراء في جمهورية باكستان الإسلامية يصل للرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    بيئة جازان تعالج 25 بئرًا مهجوراً ومكشوفًا    مكتب الوزارة بصبيا ينفذ مبادرة تشجير بمساجد محافظة ضمد    لا تخاطر..بادر بالتحول الاستباقي إلى أجهزة Windows 11 Pro الجديدة مع اقتراب نهاية دعم Windows 10    الموافقة على آلية التعامل مع حالات العنف والإيذاء والإهمال في المنشآت الصحية    استقرار أسعار النفط مع ترقب قرار المركزي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة    بنك الجزيرة يوقع اتفاقيات تعاون لتطوير خدماته المصرفية وتعزيز خدماته الرقمية    مدير تقني مكة وعميد تقنية الطائف يكرمان عسيري وسليم نظير جهودهما    وزير الشؤون الإسلامية يبدأ زيارة تفقدية لقطاعات الوزارة وتدشين مشروعات جديدة بالمدينة المنورة    الأمين العام لمجلس التعاون يرحب بإعلان سوريا الوصول إلى خارطة الطريق لحل الأزمة في محافظة السويداء    قطر تدين بأشد العبارات العملية البرية الواسعة التي بدأها الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على غزة    إطلاق اسم الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على طريق المطار في المدينة المنورة    ضبط مواطنًا مخالفًا للائحة الأمن والسلامة في ضباء    وزير الاقتصاد والتخطيط يلتقي الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية لمنتجي النفط والغاز    أمانة تبوك تضبط منزلًا لتخزين لحوم مجهولة المصدر    بريطانيا تدين الهجوم الإسرائيلي على غزة    المياه الوطنية وصندوق الشهداء يوقعان اتفاقية تعاون    الإنجازات الأمنية على طاولة نائب أمير الرياض    موجز    في ختام الجولة الأولى بنخبة آسيا.. الهلال يقلب الطاولة على الدحيل القطري    أدان بأشد العبارات اعتداءات سلطة الاحتلال بالمنطقة.. مجلس الوزراء: نتضامن مع قطر وندعمها لحماية أمنها وسيادتها    نزاع على تصميم ينتهي ب«التعويض والسحب»    مجلس الوزراء يوافق على وثيقة مشروع تخصيص مصنع الملابس والتجهيزات العسكرية    وفاة 5 أشخاص وإصابة 2 آخرين إثر حادث انقلاب مركبة في جازان    في بداية مشواره بدوري أبطال آسيا الثاني.. النصر يستضيف الاستقلال الطاجيكي    أولويات آسيوية تمنح الأهلي سجلاً تاريخياً من ذهب    «فبراير الأسود» يعيد القصبي للدراما    سفاسف (الظهور)..!    «العرضة» على شاشة الثقافية اليوم الأربعاء    «أليانتس أرينا» يعيد التاريخ بين بايرن والبلوز    بناء صورة جديدة للمملكة    وجهة نظر في فلاتر التواصل    خطبة الجمعة المقبلة.. وحدة الصف ونعمة الأمن والرخاء ورغد العيش    قطر: نتنياهو لن يفلت من تبعات خرق القانون    بعد خمس سنوات من الكارثة.. توقيف مالك سفينة مرتبطة بانفجار مرفأ بيروت    قطرات عين ثورية بديلة عن النظارات    ماكل هرج نسمعه نستمع له ولا كل من وصِي على الطيب طابي    Guinness توثق أكبر طبق جولوف    يوم النخيل العربي    انتظر في حسرتي لين الغياب    اللصقات الهرمونية أنسب لمرضى السكري    وجبة دهون واحدة تضعف الذاكرة    الهلال يتغلب على الدحيل بثنائية في النخبة الآسيوية    الهلال يبدأ مشواره في دوري أبطال أسيا للنخبة بالفوز على الدحيل    خطى ثابتة لمستقبل واعد    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    الإسراف وإنفاق ما لا نملك    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    المواطن أولا رؤية وطن تتجدد حتى 2030    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات - ليلة الرئيس مرسي
نشر في الحياة يوم 29 - 06 - 2013


الإثنين 24/6/2013: شرفة عبرا
اسمها عبرا. قرية صغيرة فوق الجبل المطلّ على صيدا. والطريق اليها تنتهي فيها، على رغم دلالة الاسم، فهي للاستقرار لا للعبور.
وحين كبرت صيدا تجاوزت حدودها كمدينة لصيقة بالبحر وبالقلعتين البرية والبحرية. صعدت بعمرانها الى الجبل القريب فتكونت عبرا الجديدة حيث طريق واسعة توصل الى الجبال الأعلى فالأعلى وصولاً الى مدينة جزين.
أهل عبرا الجديدة ضاقت بهم بيوت الأهل في صيدا وجوارها. أقاموا مدينتهم المتعددة على الجبل ولا يبتعدون عن البحر.
حين اشتعلت عبرا قبل أيام كان الشبان والشابات وقد صاروا كهولاً، يهربون من الرصاص والقذائف ومعهم أبناؤهم، خافضي الرؤوس، نزولاً إلى البحر أو صعوداً إلى جبل أعلى.
من الذاكرة جلستنا على الشرفة ونحن نهنئ صديقة وصديقة بزواجهما على شرفة شقتهما المطلة على البحر. التهنئة كانت فرحاً وأملاً وشعراً وتبادل حكايات عن أصدقاء في مصر وفلسطين وسورية. كانت شرفة عبرا تطل على عائلات شبابية في عالمنا العربي تهجس بالمستقبل.
تلك الشرفة احترقت، والماضي هناك يصطدم بالماضي، فوق الجبل القريب من البحر.
الثلثاء 25/6/2013: مقبرة الغرباء
أوصى الشاعر المغربي عبداللطيف اللعبي بأرشيفه الى معهد «ذاكرة النشر المعاصر» في شمال غرب فرنسا، لأنه يثق بحفظ مخطوطات كتبه ومذكراته ومراسلاته والكتب التي يقتنيها، ووضعها في خدمة الدارسين.
الوصية إشارة الى أن الكاتب شخصية عامة وأن مقتنياته ليست بالضرورة أملاكاً لورثته الذين لن يستطيعوا، غالباً، العناية بها ووضعها في متناول الطالبين. وصية اللعبي نفذها منذ سنوات المفكر اللبناني خليل رامز سركيس الذي وهب أرشيفه وأرشيف عائلته النهضوية إلى المعهد الألماني في بيروت.
وعدا اللعبي وسركيس وقلة غيرهما، فإن أوراق الكتاب والمفكرين والشعراء العرب ضائعة في المكتبات العامة أو مرمية في زوايا بيوت ورثها أبناء فأحفاد وقد يتخلصون منها بطريقة أو بأخرى. تذكر سلمى الحفار الكزبري وسهيل بديع بشروئي أنهما وجدا رسائل جبران خليل جبران الى مي زيادة في جانب من مطبخ أحد أقرباء مي في القاهرة، وشكل نشرها إضافة الى تاريخ الأدب العربي الحديث.
وفي هذا المجال يذكر كثيرون ركام كتب في شوارع بيروت خلال حرب السنتين (1975-1976)، كتب سرقت أو بيعت بأبخس الأثمان، وربما اشتراها باعة سندويشات لا يهتمون بالثقافة.
نتوقع ما يشبه ذلك في مدن سورية، خصوصاً حمص وحلب، فالحروب التي يتصدرها ماضويون أو فاشيون مرشحة لإحراق المعالم الثقافية، الآثار بتماثيلها ورقمها والأعمال الأدبية والفكرية المطبوع منها والمخطوط.
ولكن...
ما يلفت لدى عبداللطيف اللعبي أنه أوصى بأن يدفن بلا طقوس دينية وان تدفن زوجته جوسلين الى جانبه فلا يكون تفريق بينهما في الموت على أساس الاختلاف في الانتماء الديني. وقد وصف أجواء جنازته بأنها «قصائد وموسيقى عوضاً عن الصلاة، وأغاني حب وثورة في خلفية الدفن والعزاء».
هل تجد وصية اللعبي من ينفذها، خصوصاً في المغرب؟
مسلمو العالم يعيشون هذه الأيام حال انكفاء وعصبية حتى يصل الأمر الى منع دفن مسلم في مقابر المسلمين إذا لم تكن حياته متوافقة مع الإسلام السياسي. انه العدو حياً وميتاً. وفي هذا المسار لن يجد اللعبي مكاناً لجسده سوى مقبرة الغرباء حيث لا أسماء للموتى بل اسم جماعي يحيّر الزائرين أو يضللهم.
الأربعاء 26/6/2013: لغة مرسي الغريبة
الرئيس محمد مرسي وهو يخطب ليلاً، يبدو آتياً من كوكب آخر غير الأرض التي يسكنها الشعب المصري ويسعى في مناكبها. يجمع في كلامه الكليات الغائمة والجزئيات المتناثرة بما لا يؤدي الى أي فهم أو إفهام، ويصفع المستمع في مقاطع تحذير مذكراً إياه بأنه معتقل وأن عليه تسليم أمره للحاكم من دون سؤال.
وإذا كان هدف الخطاب، أيّ خطاب، هو إيصال الأفكار الى الآخر والتواصل معه وجذبه الى موقع الخطيب، فإن الرئيس المصري يعطي لخطابه الرئاسي تعريفاً غريباً، فهو خطاب يهدف الى تشتيت انتباه المستمع ودفعه الى عدم الفهم. قال أحد المعلقين المصريين إن مرسي يخطب كمن يتكلم في حضرة قاضي التحقيق فيقول كلاماً كثيراً من دون أن يوصل حتى معنى قليلاً.
ولكن، نحن هنا أمام رئيس إخواني يُفترض أنه قرأ القرآن الكريم ويقرأه، إن لم يكن يومياً فعلى الأقل أسبوعياً أو شهرياً، أو مرة في السنة إذا أسأنا الظن. لكن خطاب الرجل لا يؤكد انه خطاب قارئ للقرآن، فهو كثير الأخطاء النحوية الى حد مخجل، وإذا أعطى نطقه للألفاظ لكنة فلاحية لا فصيحة، فالأمر ناتج عن ضعف لغوي لا عن تقرب من لكنة الفلاحين المحببة.
في أخطائه اللغوية المخجلة ينضم محمد مرسي الى آلاف بل مئات آلاف الدعاة الذين يخطبون في المساجد ويؤمون الصلاة فيها، ويرتكبون جرائم لا تغتفر بحق العربية، لغة القرآن التي بها يتعبدون.
مع ذلك يصر مرسي على ربع العربية في خطابه، فيما يمكنه الاستعانة بكل اللغة العامية كما فعل جمال عبدالناصر الذي كان يتجاوز أخطاءه النحوية باللجوء الى العامية التي تقرّبه من المستمعين وتعطيه حرية في التعبير لا تعطيها العربية إلاّ لمن يجيدها.
والخطاب بالعامية أسلوب شعبوي أسسه عبدالناصر في بلادنا، واستخدمه رئيس جمهورية لبنان المنتخب بشير الجميل الذي اغتيل قبل تسلمه الرئاسة. بشير الجميل فاجأ اللبنانيين باعتماده العامية في خطبه كاسراً تقليد الفصحى الذي اعتمده الرؤساء السابقون (واللاحقون)، وكان بين معاونيهم من يكتب الخطاب ويلقن الرئيس طريقة قراءته أمام الجمهور.
عامية بشير الجميل وجدت بين اليساريين اللبنانيين من يمتدحها، وصولاً الى القول إننا أمام رئيس يتكلم بلغة الشعب الخاصة مبتعداً عن عمومية العربية الفصحى التي تتجاوز الحدود ذهاباً واياباً ولا تعترف بوطن مستقل اسمه لبنان... كلام اليساري اللبناني يفتح آفاقاً لا تعني الرئيس محمد مرسي الذي، ببساطة، يرغب في الخطابة كشيخ في قرية يخاطب الناس بالفصحى ويأمن شر معرفتهم بها.
الخميس 27/6/2013: السيّاف العربي
اختار فؤاد عجمي كلاماً لنزار قباني يفتتح كتابه الجديد «التمرد السوري» (صدر عن معهد هوفر -جامعة ستانفورد الأميركية، وأصدرت الترجمة العربية دار جداول- بيروت)، والكلام مقطع من قصيدة قباني «السيرة الذاتية لسياف عربي»:
«أيها الناس:
لقد أصبحت سلطاناً عليكم
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال، واعبدوني...
كلما فكرت أن أعتزل السلطة، ينهاني ضميري
من ترى يحكم بعدي هؤلاء الطيبين؟
من سيشفي بعدي الأعرج، والأبرص، والأعمى...
من يحيي بعدي عظام الميتين؟
من ترى يرسل المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
ويموتوا كالبقر؟
كلما فكرت أن أتركهم
فاضت دموعي كغمامة...
وتوكلت على الله
وقررت أن أركب الشعب
من الآن إلى يوم القيامة».
لا نعرض هنا كتاب عجمي الذي يثق بانتصار الثورة السورية طارحاً أسئلة المستقبل التي طرحت مراراً في منطقة شديدة التنوع، بالتالي شديدة التأزم، وتحتاج الى وعي غالب لم يتحقق بعد.
ومن الكتاب: كتبت فريا ستارك في رسالة من سورية عام 1928 «لم أجد أي ذرة من الشعور الوطني، كل شيء طوائف وكراهيات وأديان». أما إدوارد عطية، الكاتب العربي المسيحي المرموق فقد كتب على المنوال نفسه في كتابه «عربي يحكي قصته: دراسة في الولاءات»، عام 1946: «لو كان هناك بلد فيه كل تأثير ممكن الوجود، الإلهي والدنيوي، والتحفّز ضد الوحدة القومية، وضد تكوّن مشاعر المواطنة. فذلك البلد هو سورية قبل عام 1914».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.