تَضاعُف الاستثمار الجريء بالشركات الناشئة 21 مرة    رئيس الأهلي: قرار تأجيل مباراة الهلال ليس في صالحنا    سيناريوهات تأهل الهلال إلى نهائي دوري أبطال آسيا    السجن 5 سنوات وغرامة 150 ألفاً لمتحرش    الجمعية السعودية لطب الأورام الإشعاعي تطلق مؤتمرها لمناقشة التطورات العلاجية    أمير الشرقية يرعى حفل افتتاح معرض برنامج آمن للتوعية بالأمن السيبراني الأحد القادم    ألمانيا تعتقل شخصين يخططان لاستهداف قواعد أمريكية    سمو محافظ الطائف يستقبل مدير الدفاع المدني بالمحافظة المعين حديثا    سعود بن نهار يستقبل مدير التطوير والشراكات بالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون    وزير الخارجية يتلقى اتصالاً هاتفياً من وزيرة خارجية بلجيكا    «جدة التاريخية»: اكتشاف خندق دفاعي وسور تحصين يعود تاريخهما إلى عدة قرون    مركز الملك سلمان للإغاثة يوقع اتفاقية لدعم برنامج علاج سوء التغذية في اليمن    أمير الرياض يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    سعودي ضمن المحكمين لجوائز الويبو العالمية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية    المملكة تستعرض ممكنات الاستثمار السياحي في المؤتمر العالمي للضيافة في برلين    إحباط تهريب أكثر من مليون حبة كبتاجون مُخبأة في إرسالية "فلفل وجوافة"    إنطلاق مؤتمر التطورات والابتكارات في المختبرات.. الثلاثاء    رونالدو ينتصر في قضيته ضد "يوفنتوس"    النصر: نستغرب تغير موقف الرابطة بعد تأجيل مباراة الهلال    ارتفاع أسعار النفط إلى 87.39 دولارًا للبرميل    كيف تحمي نفسك من الاحتيال المالي عند تسديد المخالفات؟    إندونيسيا تصدر تحذيرًا من تسونامي    وصفات قرنفل سحرية تساعد بإنقاص الوزن    الضويان تُجسّد مسيرة المرأة السعودية ب"بينالي البندقية"    الأرصاد: ارتفاع الموج متر ونصف بالبحر الأحمر    ملتقى الأعمال السعودي الإسباني يعزز التطوير العقاري    "فنّ العمارة" شاهد على التطوُّر الحضاري بالباحة    وزارة الداخلية تعلن بداية من اليوم الخميس تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%    الأمطار تزيد من خطر دخول المستشفى بسبب الربو بنسبة 11%    «العدل»: «تراضي» تنهي 7,700 قضية تجارية.. صلحاً    تحت رعاية خادم الحرمين.. المملكة تستضيف اجتماعات مجموعة البنك الإسلامي    «نيوم» تستعرض فرص الاستثمار أمام 500 من قادة الأعمال    آل الشيخ: العلاقات السعودية - الأردنية متقدمة في شتى المجالات    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    المملكة في قائمة أوائل دول العالم في تطوير إستراتيجية الذكاء الاصطناعي    5 فوائد مذهلة لبذور البطيخ    قطبا القصيم والشرقية وجهاً لوجه.. والشباب يصطدم بأبها    10 آلاف امرأة ضحية قصف الاحتلال لغزة    السديس يكرم مدير عام "الإخبارية"    أسرة الهجري تحتفل بعقد قران مبارك    أسرتا الطويل والجربوع تتلقيان التعازي في وفاة والدتهما    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    خادم الحرمين يرعى مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم    برامج ثقافية وترفيهية    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    امرأة تصطحب جثة على كرسي متحرك إلى بنك بالبرازيل    ريال مدريد يقصي مانشستر سيتي ويتأهل لنصف نهائي أبطال أوروبا    تراثنا.. مرآة حضارتنا    مدرب النصر "كاسترو" يتعرّض لوعكة صحية تغيّبه عن الإشراف على الفريق    ماكرون: على الاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات على إيران    شقة الزوجية !    أمريكا أكثر حيرة من ذي قبل !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة حفر الباطن    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    جهود القيادة سهّلت للمعتمرين أداء مناسكهم    أمير الجوف يؤكد على تعزيز دور المجتمع في مسيرة التنمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات - ليلة الرئيس مرسي
نشر في الحياة يوم 29 - 06 - 2013


الإثنين 24/6/2013: شرفة عبرا
اسمها عبرا. قرية صغيرة فوق الجبل المطلّ على صيدا. والطريق اليها تنتهي فيها، على رغم دلالة الاسم، فهي للاستقرار لا للعبور.
وحين كبرت صيدا تجاوزت حدودها كمدينة لصيقة بالبحر وبالقلعتين البرية والبحرية. صعدت بعمرانها الى الجبل القريب فتكونت عبرا الجديدة حيث طريق واسعة توصل الى الجبال الأعلى فالأعلى وصولاً الى مدينة جزين.
أهل عبرا الجديدة ضاقت بهم بيوت الأهل في صيدا وجوارها. أقاموا مدينتهم المتعددة على الجبل ولا يبتعدون عن البحر.
حين اشتعلت عبرا قبل أيام كان الشبان والشابات وقد صاروا كهولاً، يهربون من الرصاص والقذائف ومعهم أبناؤهم، خافضي الرؤوس، نزولاً إلى البحر أو صعوداً إلى جبل أعلى.
من الذاكرة جلستنا على الشرفة ونحن نهنئ صديقة وصديقة بزواجهما على شرفة شقتهما المطلة على البحر. التهنئة كانت فرحاً وأملاً وشعراً وتبادل حكايات عن أصدقاء في مصر وفلسطين وسورية. كانت شرفة عبرا تطل على عائلات شبابية في عالمنا العربي تهجس بالمستقبل.
تلك الشرفة احترقت، والماضي هناك يصطدم بالماضي، فوق الجبل القريب من البحر.
الثلثاء 25/6/2013: مقبرة الغرباء
أوصى الشاعر المغربي عبداللطيف اللعبي بأرشيفه الى معهد «ذاكرة النشر المعاصر» في شمال غرب فرنسا، لأنه يثق بحفظ مخطوطات كتبه ومذكراته ومراسلاته والكتب التي يقتنيها، ووضعها في خدمة الدارسين.
الوصية إشارة الى أن الكاتب شخصية عامة وأن مقتنياته ليست بالضرورة أملاكاً لورثته الذين لن يستطيعوا، غالباً، العناية بها ووضعها في متناول الطالبين. وصية اللعبي نفذها منذ سنوات المفكر اللبناني خليل رامز سركيس الذي وهب أرشيفه وأرشيف عائلته النهضوية إلى المعهد الألماني في بيروت.
وعدا اللعبي وسركيس وقلة غيرهما، فإن أوراق الكتاب والمفكرين والشعراء العرب ضائعة في المكتبات العامة أو مرمية في زوايا بيوت ورثها أبناء فأحفاد وقد يتخلصون منها بطريقة أو بأخرى. تذكر سلمى الحفار الكزبري وسهيل بديع بشروئي أنهما وجدا رسائل جبران خليل جبران الى مي زيادة في جانب من مطبخ أحد أقرباء مي في القاهرة، وشكل نشرها إضافة الى تاريخ الأدب العربي الحديث.
وفي هذا المجال يذكر كثيرون ركام كتب في شوارع بيروت خلال حرب السنتين (1975-1976)، كتب سرقت أو بيعت بأبخس الأثمان، وربما اشتراها باعة سندويشات لا يهتمون بالثقافة.
نتوقع ما يشبه ذلك في مدن سورية، خصوصاً حمص وحلب، فالحروب التي يتصدرها ماضويون أو فاشيون مرشحة لإحراق المعالم الثقافية، الآثار بتماثيلها ورقمها والأعمال الأدبية والفكرية المطبوع منها والمخطوط.
ولكن...
ما يلفت لدى عبداللطيف اللعبي أنه أوصى بأن يدفن بلا طقوس دينية وان تدفن زوجته جوسلين الى جانبه فلا يكون تفريق بينهما في الموت على أساس الاختلاف في الانتماء الديني. وقد وصف أجواء جنازته بأنها «قصائد وموسيقى عوضاً عن الصلاة، وأغاني حب وثورة في خلفية الدفن والعزاء».
هل تجد وصية اللعبي من ينفذها، خصوصاً في المغرب؟
مسلمو العالم يعيشون هذه الأيام حال انكفاء وعصبية حتى يصل الأمر الى منع دفن مسلم في مقابر المسلمين إذا لم تكن حياته متوافقة مع الإسلام السياسي. انه العدو حياً وميتاً. وفي هذا المسار لن يجد اللعبي مكاناً لجسده سوى مقبرة الغرباء حيث لا أسماء للموتى بل اسم جماعي يحيّر الزائرين أو يضللهم.
الأربعاء 26/6/2013: لغة مرسي الغريبة
الرئيس محمد مرسي وهو يخطب ليلاً، يبدو آتياً من كوكب آخر غير الأرض التي يسكنها الشعب المصري ويسعى في مناكبها. يجمع في كلامه الكليات الغائمة والجزئيات المتناثرة بما لا يؤدي الى أي فهم أو إفهام، ويصفع المستمع في مقاطع تحذير مذكراً إياه بأنه معتقل وأن عليه تسليم أمره للحاكم من دون سؤال.
وإذا كان هدف الخطاب، أيّ خطاب، هو إيصال الأفكار الى الآخر والتواصل معه وجذبه الى موقع الخطيب، فإن الرئيس المصري يعطي لخطابه الرئاسي تعريفاً غريباً، فهو خطاب يهدف الى تشتيت انتباه المستمع ودفعه الى عدم الفهم. قال أحد المعلقين المصريين إن مرسي يخطب كمن يتكلم في حضرة قاضي التحقيق فيقول كلاماً كثيراً من دون أن يوصل حتى معنى قليلاً.
ولكن، نحن هنا أمام رئيس إخواني يُفترض أنه قرأ القرآن الكريم ويقرأه، إن لم يكن يومياً فعلى الأقل أسبوعياً أو شهرياً، أو مرة في السنة إذا أسأنا الظن. لكن خطاب الرجل لا يؤكد انه خطاب قارئ للقرآن، فهو كثير الأخطاء النحوية الى حد مخجل، وإذا أعطى نطقه للألفاظ لكنة فلاحية لا فصيحة، فالأمر ناتج عن ضعف لغوي لا عن تقرب من لكنة الفلاحين المحببة.
في أخطائه اللغوية المخجلة ينضم محمد مرسي الى آلاف بل مئات آلاف الدعاة الذين يخطبون في المساجد ويؤمون الصلاة فيها، ويرتكبون جرائم لا تغتفر بحق العربية، لغة القرآن التي بها يتعبدون.
مع ذلك يصر مرسي على ربع العربية في خطابه، فيما يمكنه الاستعانة بكل اللغة العامية كما فعل جمال عبدالناصر الذي كان يتجاوز أخطاءه النحوية باللجوء الى العامية التي تقرّبه من المستمعين وتعطيه حرية في التعبير لا تعطيها العربية إلاّ لمن يجيدها.
والخطاب بالعامية أسلوب شعبوي أسسه عبدالناصر في بلادنا، واستخدمه رئيس جمهورية لبنان المنتخب بشير الجميل الذي اغتيل قبل تسلمه الرئاسة. بشير الجميل فاجأ اللبنانيين باعتماده العامية في خطبه كاسراً تقليد الفصحى الذي اعتمده الرؤساء السابقون (واللاحقون)، وكان بين معاونيهم من يكتب الخطاب ويلقن الرئيس طريقة قراءته أمام الجمهور.
عامية بشير الجميل وجدت بين اليساريين اللبنانيين من يمتدحها، وصولاً الى القول إننا أمام رئيس يتكلم بلغة الشعب الخاصة مبتعداً عن عمومية العربية الفصحى التي تتجاوز الحدود ذهاباً واياباً ولا تعترف بوطن مستقل اسمه لبنان... كلام اليساري اللبناني يفتح آفاقاً لا تعني الرئيس محمد مرسي الذي، ببساطة، يرغب في الخطابة كشيخ في قرية يخاطب الناس بالفصحى ويأمن شر معرفتهم بها.
الخميس 27/6/2013: السيّاف العربي
اختار فؤاد عجمي كلاماً لنزار قباني يفتتح كتابه الجديد «التمرد السوري» (صدر عن معهد هوفر -جامعة ستانفورد الأميركية، وأصدرت الترجمة العربية دار جداول- بيروت)، والكلام مقطع من قصيدة قباني «السيرة الذاتية لسياف عربي»:
«أيها الناس:
لقد أصبحت سلطاناً عليكم
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال، واعبدوني...
كلما فكرت أن أعتزل السلطة، ينهاني ضميري
من ترى يحكم بعدي هؤلاء الطيبين؟
من سيشفي بعدي الأعرج، والأبرص، والأعمى...
من يحيي بعدي عظام الميتين؟
من ترى يرسل المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
ويموتوا كالبقر؟
كلما فكرت أن أتركهم
فاضت دموعي كغمامة...
وتوكلت على الله
وقررت أن أركب الشعب
من الآن إلى يوم القيامة».
لا نعرض هنا كتاب عجمي الذي يثق بانتصار الثورة السورية طارحاً أسئلة المستقبل التي طرحت مراراً في منطقة شديدة التنوع، بالتالي شديدة التأزم، وتحتاج الى وعي غالب لم يتحقق بعد.
ومن الكتاب: كتبت فريا ستارك في رسالة من سورية عام 1928 «لم أجد أي ذرة من الشعور الوطني، كل شيء طوائف وكراهيات وأديان». أما إدوارد عطية، الكاتب العربي المسيحي المرموق فقد كتب على المنوال نفسه في كتابه «عربي يحكي قصته: دراسة في الولاءات»، عام 1946: «لو كان هناك بلد فيه كل تأثير ممكن الوجود، الإلهي والدنيوي، والتحفّز ضد الوحدة القومية، وضد تكوّن مشاعر المواطنة. فذلك البلد هو سورية قبل عام 1914».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.