احتفى مهرجان بورنوفا الدولي للشعر (إزمير - تركيا) هذه السنة بشاعرين: عربي هو أدونيس، وتركي هو أحمد أوكتاي. وخصص المهرجان لكلٍّ منهما يوماً كاملاً، أُلقيت فيه أبحاثٌ حول شعر كلٍّ منهما، قدّمها شعراء ونقّاد من تركيا. ولم يُدعَ من العالم العربي إلاّ شاعرٌ ناقد واحد هو محمد بنيس الذي تحدّث في كلمته عن «أدونيس بين نقد اللغة ولغة النقد». وتميّز الاحتفاء، إضافة إلى الدراسات بتقديم فيديو حول حياة الشاعر أدونيس، ورقصة باليه مستوحاة من شعره، علاوة على إصدار كتاب (160 صفحة) يتضمّن الأبحاث التي قدمت عنه في المهرجان، ومختارات من قصائده، ومن آرائه في الشعر والثقافة. ويتضمّن كذلك بعض الصور الفوتوغرافية التي تعكس جوانب من حياته اليومية ومن علاقاته مع الشعراء في العالم. وجاء في كلمة محمد بنيس: «شكّل شعر أدونيس ثورة كاملة في الشعرية العربية الحديثة. لقد جاء شعره، منذ البدايات، محملاً ببذرة نيتشوية، تعلن عن أنّ الشعر نقد للغة. كان مشروعه، ولا يزال، مهموماً بالربط بين الشعر والفكر، لا انفصام بينهما لديه. وهذه الخصيصة لا تكف عن تجديد نفسها، من مرحلة إلى أخرى. إنّ شعره إعادة صياغة للشعرية العربية من ناحية، واستكشاف طرق شخصية للكتابة، من ناحية ثانية. لذلك تتكامل لديه الممارسة الشعرية مع الممارسة الفكرية. يكتب القصيدة جنباً إلى جنب مع المقالة الفكرية. وكما أنّ قصيدته موسومة برؤية فكرية، فإنّ كتابته الفكرية موصولة بنهر الشعر. من أهم مظاهر الثورة التي أعلنها أدونيس في كتاباته هي التي تتعلّق باللغة. لقد رأى، منذ أعماله الأولى، أنّ اللغة لا تحيا إلاّ عبر تفجير طاقاتها اللانهائية. أقصد هنا اللغة العربية التي يكتب بها، ولكن أقصد في الوقت نفسه اللغة بصفة مطلقة، مهما كانت اللغة. ومعنى التفجير هو وضع الدلالة في معنى اللااستقرار، الذي أعطاه أدونيس اسم المتحوّل. بالمتحوّل، سمّى أدونيس مشروعه الشعري، المضاد لثقافة الثابت. وليس اللااستقرار سوى الصيغة التي توجد بها القصيدة وهي تعيش تجربة التحوّل الذي لا يتوقف. لهذا، فإنّ تفجير اللغة عنى دائماً لديه العودة باللغة إلى مناطقها المجهولة، وإلى قواها التي تظلّ في حالة تكوّن وقدوم. إنّه التفجير الذي أخرج لغة جديدة، حديثة، من رحم لغة عانت من الموت. هكذا نجد أدونيس ينشد باستمرار، في قصائده ودواوينه المخالفة، هذه اللغة المستحيلة، التي هي وحدها لغة الشعر. وقد عثر في الثقافة العربية القديمة على لغة متحولة، خاصة لدى شعراء عباسيين، أو شعراء متصوفة. ولم يتردّد في تبنّي كتاباتهم والدفاع عنها مثلما أعاد إنتاجها في قصيدته».