غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية    منسوبو وطلاب مدارس تعليم جازان يؤدّون صلاة الاستسقاء    برعاية ولي العهد.. سدايا تنظم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها ال4 سبتمبر 2026م بالرياض    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    ارتفاع الإنفاق على البحث والتطوير بنسبة 30.4% خلال عام 2024م    نجاح فصل التوأم الملتصق الجامايكي «أزاريا وأزورا» بالرياض    محافظ صبيا يؤدي صلاة الاستسقاء تأسياً بسنة النبي واستجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين    أمير القصيم يؤدي مع جموع المصلين صلاة الاستسقاء في جامع الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز ببريدة    التضخم في السعودية يبلغ 2.2% في شهر أكتوبر 2025    شراكة مجتمعية بين ابتدائية قبيبان وجمعية «زهرة» للتوعية بسرطان الثدي    هيئة التقييس الخليجية تشارك في أعمال الدورة ال48 لهيئة الدستور الغذائي (CODEX)    أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة    تعليم الطائف يناقش أداء المدارس    تقني الشرقية تختتم "راتك 2025"    مصرية حامل ب9 أجنة    أمير حائل يدشّن عددًا من الحدائق الجديدة بالمنطقة .    الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة.. محميتان بحريّتان تجسّدان وعي المملكة البيئي وريادتها العالمية    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    البرازيل تمدد محادثاتها بشأن قضايا خلافية في قمة المناخ    المنتخبات السعودية ترفع رصيدها إلى 22 ميدالية في دورة ألعاب التضامن الإسلامي    تحذير فلسطيني من تهجير قسري في قلنديا ينتهك القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف    المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء في جميع مناطق المملكة    عقد شراكة بين فرع الهلال الأحمر السعودي وبيت الثقافة بمنطقة نجران    أمانة نجران تطلق حملة موسم التشجير لعام 1447    تراجع أسعار الذهب 0.1 %    ورشة استراتيجية مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة 2026–2030    رئيس برشلونة ينفي تقارير عودة ميسي    كمبوديا وتايلاند تتبادلان الاتهامات بالتسبب بمواجهات حدودية جديدة    الرياض تحتفي بانطلاق البطولة العربية للجولف للرجال والرواد    ذاكرة الحرمين    الشلهوب: الرسائل المؤثرة.. لغة وزارة الداخلية التي تصل إلى وجدان العالم    كريستيانو رونالدو: المونديال القادم هو الأخير لي    ستة معايير سعودية تقود عملية تطوير مؤسسات التعليم العالي عربيًا    أمير الشرقية يشرف أفراح السليم والجبير    يجتاز اختبار القيادة النظري بعد 75 محاولة    شهدت تفاعلاً واسعاً منذ إطلاقها.. البلديات: 13 ألف مسجل في مبادرة «الراصد المعتمد»    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    وسط جدل سياسي واسع.. الرئيس الإسرائيلي يرفض العفو عن نتنياهو    وزير الخارجية يستعرض مع نظرائه الأمريكي والهندي والألماني المستجدات    تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    «مغن ذكي» يتصدر مبيعات موسيقى الكانتري    160 ألف زائر للمعرض.. الربيعة: تعاقدات لمليون حاج قبل ستة أشهر من الموسم    في دور ال 32 لكأس العالم للناشئين.. مواجهات صعبة للمنتخبات العربية    في الميركاتو الشتوي المقبل.. الأهلي يخطط لضم الألماني«ساني»    أوروبا وكندا تدعوان لتنفيذ اتفاق غزة    الوكالة الذرية تفقد القدرة على التحقق من مخزون اليورانيوم الحساس    تجربة الأسلحة النووية مرة أخرى    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    القيادة تعزي الرئيس التركي    فيصل بن فرحان ووزيرة خارجية كندا يستعرضان العلاقات وسبل تعزيزها    أمير جازان يشهد انطلاق أعمال ورشة الخطة التنفيذية لمنظومة الصحة 2026    جلسة حوارية حول "الاتصال الثقافي بين السعودية والصين" في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    بدء التسجيل لجائزة سلامة المرضى    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسليم صنعاء للحوثيين خطأ ارتكبه الجميع
نشر في الحياة يوم 10 - 10 - 2014

قد يصحّ القول إنّ السنوات الانتقالية الثلاث الماضية، التي عبرها اليمن بأقل الأضرار مقارنة بمعظم دول «الربيع العربي»، طويت بين ليلة وضحاها. ف «اليمن الجديد» الذي ولد ليلة تسليم صنعاء إلى الحوثيين في 20 أيلول (سبتمبر) الماضي لا ينسجم مع المتفق عليه في مؤتمر الحوار الوطني. ولم يكن نتاج المبادرة الخليجية التي أنقذت البلاد من حرب أهلية، ولا نتاج الآلية التنفيذية التي شكلت خريطة طريق «نموذجية» - لكن مرحلية - للتغيير السلمي. كان لا بد من أن تفضي «الهفوات» التي تراكمت خلال عملية العبور نحو الدولة المنشودة إلى انفجار ما. ويمكن تلخيص بعض أبرز المؤشرات في الآتي:
- قرار لجنة الأقاليم رسم خريطة اليمن الاتحادي على عجل، وبما لا يأخذ في الاعتبار العوامل المتعارف عليها ومراكز القوى المتغيرة.
- غياب الإستراتيجية اللازمة لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، رغم مرور أشهر على اختتام أعماله.
- عدم التهيئة لقرار رفع الدعم عن المشتقّات النفطية وتوقيته غير الموفق.
- شلل حكومة الوفاق الوطني لأسباب معروفة.
- تعبئة شارعيْن تحت شعارات تصادمية، وإن كان بعضها محقاً.
- ازدياد الاستقطاب المذهبي والسياسي نتيجة حروب الشمال الصغيرة.
- تقليل بعضهم من أهمية الطموح الحوثي بالتمدّد أبعد من صعدة، وعدم وضع هذا الطموح في إطاريْه الميداني المحلي والإقليمي الصحيح، وبالتالي عدم معالجته.
- فتح باب النقاش والتفاوض لمعالجة قضايا متوافق عليها في الحوار الوطني.
- تبخّر الثقة المختلة أًصلاً بين الأطراف السياسية، وعدم اتخاذ إجراءات كافية لإعادة بنائها.
- المتغيّرات الإقليمية الكثيرة، ومنها سقوط الإخوان المسلمين في مصر ونوري المالكي في العراق وإعلان «دولة الخلافة» في العراق وسوريا.
- انعكاسات «المشاغبة» الروسية الجديدة على الولايات المتحدة في المنطقة.
إذن كان من نصيب صنعاء أن تكون مسرح الانفجار الكبير، وربما من نصيب اليمن أن يشكل محطة جيواستراتيجية ملائمة لتقاطع المصالح. فالتساؤلات كثيرة حول دور المحيط الإقليمي في تسليم الدولة اليمنية إلى عبدالملك الحوثي، بما في ذلك توفير التمويل والتدريب والسلاح وحشد القبائل. والتساؤلات كثيرة كذلك حول دور أطراف أخرى في توفير مناخ الغلبة الحوثية.
وإذا كان هناك من «صرخ» لتحقيق «الشراكة الوطنية» بقوة السلاح، ومن جذبته «الصرخة» ذات الدوي المطلبي ظاهرياً، فإن هناك من استثمر في «الصارخين» والمنجذبين وفي الفرصة الذهبية التي قدمتها المفاوضات مع الرئيس عبدربه منصور هادي من أجل فرض واقع جديد وتحقيق مآرب لا تتفق بالضرورة مع مصلحة اليمنيين واليمن. لكن ما كان هزلياً ومحزناً بامتياز هو سلاسة استغلال تلك المطالب لاستباحة العاصمة في ظل سباق محموم لإعلان نجاحيْن متناقضيْن: انقضاض الحوثي على الدولة، واتفاق «السلم والشراكة الوطنية».
لا يمكن أحد أن ينأى بنفسه عن المسؤولية عن «الانهيار» الشامل في سلطة الدولة وهيبة أجهزتها أو عن إعادة العملية السياسية إلى المربع الأول. فشتّان ما بين نزهة الحوثي في صنعاء عام 2014 وبين غزوتيْ الإماميْن في العامين 1948 و1967. صدمة لم يستفق اليمنيون من هولها بعد. فقد أدخلت العملية السياسية في حالة موت سريري، وقدّمت مشروع «اليمن الحوثي» وربما اليمن الجنوبي على مشروع «اليمن الجديد»، وفتحت باب المجهول على مصراعيه. ما حصل لم يكن سقوطاً لعاصمة الوحدة فحسب، بل تسليماً للدولة ولكلّ ما تحمله من أعباء راكمتها العملية الانتقالية ومظالم السنوات السالفة... تسليماً، بل استسلاماً لقوة سلاح إقليمي عاث ممانعة في لبنان وسورية والعراق وها قد أحكم قبضته أخيراً على اليمن. هل يردع المجتمع الدولي ذلك؟ وهل يريد أو يستطيع أصلاً أن يردعه؟ هذا حديث آخر.
الأكيد أن اليمن في عهد الدولة الحوثية لن يعود إلى ما كان عليه، كما أنه لن يعود إلى عهد «الدولة الصالحية» في الحلة التي عرفها اليمنيون. والأكيد كذلك أن ثمة حاجة إلى مبادرة جديدة، وطنية أولاً ثم خليجية ودولية، تحاول إعادة بعض من التوازن المفقود. مبادرة لا تلغي أي طرف، ولا تصهر طرفاً في آخر. فمهما مزجت الرؤى اليمنية لبناء دولة على أنقاض أخرى، يبقى لكل منها خصوصيته المذهبية والقبلية والمناطقية وامتداداته الإقليمية والدولية.
وإن كانت ثمة إرادة سياسية لإطلاق مبادرة جديدة، ولتلقّفها أيضاً، ينبغي التسليم بألا ترحّل الأزمات وتؤجّل الانفجارات وتضمر غلبة طرف على آخر. ينبغي البدء باستعادة الدولة زمام الأمور وبمعالجات سريعة لهفوات ما قبل 21 أيلول، يوم التوقيع المبتور على اتفاق «السلم والشراكة الوطنية». لكن لا يمكن أية معالجة أن تستوي تحت سطوة سلاح غير سلاح الدولة. هنا مفتاح الحل والمعضلة، حيث لا مجال لنجاح المعالجات والخطط الرمادية. فإما أن تُمكّن الدولة من بسط سيطرتها وسيادتها ويُسلّم بشرعية الحكم إلى حين إجراء انتخابات عامة جديدة، وإما أن يظل اليمن مشرّعاً للفوضى والاقتتال ولمشاريع الدويلات الصغيرة. وما أكثرها في هذه المنطقة المكلومة.
* صحافية مقيمة في نيويورك، مستشارة إعلامية سابقة لمساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لليمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.