أكدت الخرطوم أمس اكتمال انسحاب جيشي السودان وجنوب السودان من الحدود بينهما تمهيداً لإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح، وهو أمر يُتوقع أن يعلنه الاتحاد الافريقي رسمياً اليوم، فيما نأى السودان بنفسه عن فتح السلطات الأميركية تحقيقاً في شأن الاشتباه في أن أحد كبار موظفي إدارة الرئيس السابق رونالد ريغان كان «عميلاً» لحساب حكومة السودان. وقال رئيس اللجنة الفنية التابعة للآلية السياسية الأمنية المشتركة بين الخرطوم وجوبا الفريق عماد الدين عدوي إن تقرير قائد البعثة الأممية المنتشرة في منطقة أبيي المتنازع عليها بين الدولتين «يونيسفا» أكد انسحاب الجيش الجنوبي من منطقتي سماحة والميل 14 قبل الموعد المحدد على رغم أن الجنوب كان قد طلب امهاله وقتاً إضافياً. وأشار عدوي إلى إنشاء آلية لتلقي شكاوى الطرفين في حال حدوث خروقات في حدودهما، موضحاً أن المنطقة المنزوعة السلاح قُسّمت إلى أربعة قطاعات لتسهيل عملية المراقبة. وقال إنه فور تلقي مسؤول أي من القطاعات شكوى بوجود خرق، سترسل طائرة للتأكد من حدوثه، مؤكداً أن عدد المراقبين المحليين في القطاع يتراوح بين 70 إلى 90 مراقباً مع وجود العدد ذاته من المراقبين الدوليين. إلى ذلك، كشف قيادي سوداني معارض يقيم في الخارج تفاصيل لقاء غير معلن جمعه مع رفيقه السابق في الحركة الإسلامية نائب الرئيس علي عثمان طه. وقال مساعد الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض علي الحاج إنه سلّم مسودة حوار مع طه في العاصمة الألمانية برلين، إلى قيادات المعارضة المسلحة والسياسية، مشيراً إلى أنها رحّبت بالمسودة ووصفتها بالايجابية، لكنها قالت إن «الكرة في ملعب حزب المؤتمر الوطني الحاكم» في ما يتعلق بجدية الحوار وصدقيته وإحداث اختراق في القضايا السودانية الملحّة. وذكر الحاج أن اللقاء تم بترتيب من السفارة السودانية في ألمانيا، وأنه ركّز على نقاش القضايا السودانية، وأبرزها مشكلة دارفور، والعلاقة مع جنوب السودان، والحريات، وأن الجانبين شددا على أهميتها في دفع عملية السلام في السودان. وكشف انه اتفق مع طه على نقل مسودة الحوار إلى المعارضة والحكومة، موضحاً أنه سلّم قيادات المعارضة السياسية في الخرطوم وقيادات الحركات المسلحة بمن فيهم رئيس متمردي «الحركة الشعبية - الشمال» مالك عقار والأمين العام للحركة ياسر عرمان، نتائج الحوار الذي أُجري مع نائب الرئيس السوداني. وأضاف أن المعارضين رحبوا بالمقترحات التي تضمنتها المسودة، لكنهم اعتبروا أن «التحدي» يكمن في «صدقية وجدية» الحزب الحاكم في شأن المضي قدماً في تطبيق ما تم الاتفاق عليه خلال لقاء طه والحاج الذي استمر أكثر من 3 ساعات. من جهة أخرى، هاجم الجيش السوداني حركات متمردة عند قرية أم عجاجة التي تبعد 30 كيلومتراً غرب مدينة مليط في شمال دارفور قرب الحدود الليبية. وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من المنطقة كما سُمع دوي انفجارات. وقال حاكم ولاية شمال دارفور عثمان كبر إن القوات الحكومية ظلت تلاحق وترصد قوات الحركات المتمردة حتى اشتبكت معها في المناطق الغربية من محافظة مليط. وأضاف كبر أن المتمردين احتموا بالمواطنين وجعلوهم دروعاً ضد أي هجمات قد تشنّها عليهم الحكومة السودانية. لكن نائب دائرة مليط في البرلمان ياسر أحمداي أعلن مقتل أربعة أشخاص بينهم طفل وامرأة واثنان من متطوعي قوات الدفاع الشعبي التي تساند الجيش عقب قصف طائرة عسكرية من طريق الخطأ قرية أم عجاجة شمال غربي مدينة مليط. وفي تطور آخر، نأت الخرطوم بنفسها عن فتح السلطات الأميركية تحقيقاً في شأن الاشتباه في أن أحد كبار موظفي إدارة الرئيس السابق رونالد ريغان كان «عميلاً» لحساب حكومة السودان وله صلة بالاستخبارات السودانية. وأكد وكيل الخارجية السودانية السفير رحمة الله عثمان أن مستشار الأمن القومي السابق روبرت ماكفرلين لم يزر السودان ولم يحدث أي اتصال رسمي بينه وبين وزارته، وقال إن كل ما ورد عن واشنطن في هذا الشأن لا دخل للخرطوم به. وكانت السلطات الأميركية أعلنت أنها فتحت تحقيقاً في شأن الاشتباه في أن أحد كبار موظفي إدارة ريغان كان «عميلاً» لحكومة السودان التي تفرض عليها حكومة الولاياتالمتحدة عقوبات اقتصادية وتجارية منذ أكثر من 20 عاماً بدعاوى «دعم الإرهاب» و «انتهاك» حقوق الإنسان. وكشفت تقارير أن عملاء من مكتب التحقيقات الفيديرالية (أف بي آي) قاموا أخيراً بحملة دهم لإحدى الشقق في منطقة «ووترغيت» في واشنطن والتي يقيم بها روبرت ماكفرلين بهدف البحث عن أدلة تثبت صلته بالنظام الحاكم في الخرطوم، بموجب أمر قضائي صدر عن إحدى المحاكم في العاصمة الأميركية. وأسفرت المداهمة عن العثور على مذكرات كتبها ماكفرلين بخط يده، من دون أن تتضح طبيعتها على الفور، إضافة إلى جهاز كومبيوتر بملحقاته، وعدد من الوثائق السرية الخاصة بالبيت الأبيض، جرى تصنيفها على أنها «سرية للغاية». ولم يتم توجيه أي اتهامات رسمية الى ماكفرلين الذي عمل مستشاراً للأمن القومي للرئيس ريغان، خلال الفترة بين عامي 1983 و1985. وقال مكتب المدعي العام في منطقة «ألكساندريا» في واشنطن إن ماكفرلين يتعاون مع السلطات في التحقيقات الخاصة بتلك القضية. وذكر المتحدث باسم مكتب الادعاء، بيتر كار، أن «ماكفرلين يتعاون مع التحقيقات الجارية، وأكد من خلال أحد مستشاريه، أنه بريء تماماً» من تلك الادعاءات. وقال جرايدين ريد - أحد عناصر مكتب التحقيقات - إنهم حصلوا على مجموعة كبيرة من رسائل البريد الالكتروني متبادلة بين ماكفرلين ومسؤولين حكوميين سودانيين، قبل شروعهم في تفتيش الشقة. وأضاف: «هذه الرسائل تؤكد أن ماكفرلين دخل في اتفاق مع الحكومة السودانية لكسب تأييد الحكومة الأميركية وتقديم المشورة للحكومة السودانية خلال مفاوضاتها مع الولاياتالمتحدة». وقال إن الرسائل دليل أيضاً على أن ماكفرلين ومسؤولاً حكومياً سودانياً حاولا «إخفاء العلاقة بين ماكفرلين والسودان بإظهار الاتفاق وكأنه علاقة تعاقدية مع قطر، على عكس الحقيقة». وأضاف عنصر مكتب التحقيقات ريد أن ماكفرلين كان يتبادل الرسائل مع شخص يبدو أنه قريب من السلطات السودانية. وقال المحامي الخاص بالمسؤول الأميركي السابق، باري ليفين، إن موكله «وطني... وإنه يعمل في المساعدات الإنسانية... وربما أبدى اهتماماً بما يجري في دارفور، وإنه على يقين من أنه لم يرتكب أي مخالفة قانونية».