ربما تعد مدارس الثغر التي أسسها الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود سابقة لعصرها، في تنفيذها لمفهوم «التربية الشاملة»، من خلال تحملها كل المسؤوليات التربوية والتعليمية المتعلقة بطالب العلم المنتسب إليها، ليأتي قرار وزارة التربية والتعليم أخيراً موافقاً على ذلك المفهوم التربوي الذي عملت عليه مدارس الثغر قديماً. ويروي القاص والكاتب الصحافي يحيى باجنيد ل«الحياة» بداية إنشاء مدرسة الثغر في مدينة الطائف في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز، التي انتقلت بعد ذلك إلى مدينة جدة، لتمضي السنون ويصبح للمدرسة فروع عدة. وقال باجنيد إنه كان يوجد في مدرسة الثغر النموذجية سكن داخلي للطلبة يعمل على إعداد جيل النشء وطلبة العلم بشكل جيد وتهيئتهم من الناحية التعليمية والتربوية بشكل كامل، مضيفاً أنها «فكرة سبقت بها المدرسة عصرها». ولفت إلى أن طلاب المدرسة كانوا يرتدون لباساً مميزاً وخاصاً بهم، إذ كان ذلك الزي دلالة على طلبة مدارس الثغر. وأضاف أنها كانت تلقى اهتماماً بالغاً من المسؤولين، معتبراً أنها «من أفضل المدارس النظامية في ذلك الوقت»، مشبهاً مكانتها ب«أكبر المدارس العالمية حالياً، مميزة بفخامة ورقي تصميم مبانيها». وتابع: «كانت المدرسة من أفضل المدارس مروراً على تعليم السعودية، إذ كان هناك مشرفون على التموين وطعام الطلبة، كما أن المدرسة تتمتع بسكن داخلي إلا أنه كان محدوداً». ولفت إلى أن السكن الداخلي يتناسب مع ظروف الكثير من الطلاب. وزاد: «من أوائل من شغلوا منصب مدير مدرسة الثغر الأستاذ محمد فدا، فكان الكثير من الطلبة يتمنون أن يتعلموا منه من خلال الانضمام إلى المدرسة، وما زال اسمه راسخاً في أذهان التربويين والعاملين في القطاع التعليمي في ذلك الوقت». وطالب المسؤولين في قطاع التعليم بأن يستفيدوا من تجربة مدرسة الثغر قديماً «كان لها أثر بالغ على حال المدرسة حتى الآن». حتى الآن تعتبر مدارس الثغر من أفضل المدارس الحكومية، وبإمكانك أن تلحظ ذلك خلال زيارتها، إذ تشاهد الاهتمام بمرافقها العامة، وفصولها الداخلية التي تتناسب مع إعداد الطلبة الدارسين فيها، وهو ما يتيح لهم استيعاب وتلقي المعلومة بشكل جيد، كما يقول أحد طلابها القدامى. وتعد مدارس الثغر من أقدم المدارس في السعودية، إذ بدأت مشوارها التربوي في مدينة الطائف في عام 1947، لتعليم المرحلة الابتدائية حاملةً اسم «المدرسة النموذجية»، ثم انضمت إليها المرحلة المتوسطة عام 1369ه، وفي عام 1373ه أصبحت مدرسة مكتملة لتدريس جميع مراحل التعليم العام. وحظيت مدارس الثغر باهتمام بالغ من الملك فيصل بن عبدالعزيز، إذ عمل على دعمها لتصبح أحد صروح العلم، ولا يكاد ينفك القطاع التعليمي في السعودية من تذكر زيارة الملك فيصل لمدارس الثغر، إذ قال أثناء زيارته لها: «من الأمور التي أحب أن أسجلها هنا أن هذه المؤسسة وإن كانت تسمى مدرسة إلا أنها يجب أن تكون من الركائز التي يبنى عليها مستقبل الجيل للاندفاع به في سبيل النهوض بالوطن العزيز»، كما كان فخوراً بانضمامه إلى أسرة تأسيس مدارس الثغر «وإنني بانتسابي إلى أسرة المؤسسة لفخور بما أراه من تقدم مستمر ونجاح أرجو أن يكون مقدمة لما هو أهم وأعظم». وانضمت مدارس الثغر إلى وزارة التربية والتعليم بقرار الملك الراحل فهد مع الحفاظ على وضعها مدرسةً نموذجية.