عندما أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعمل برنامج الابتعاث للخارج، كان يهدف إلى ارتقاء الدولة كي تكون من الدول المتطورة والقادرة على الاعتماد على نفسها، والتخلص من مساعدة الآخرين، وزوال عقدة الأجنبي، تم تخصيص موازنة جبارة يشكره أبناؤه الطلاب عليها. بعد ذلك يأتي دور وزارة التعليم العالي في عمل خطة وإحصاء لمعرفة التخصصات المطلوبة التي تحتاجها الدولة، والآلية التي تتم بها عملية اختيار التخصصات، والتعاون مع وزارة التخطيط، وديوان الخدمة المدنية، طبعاً لن يتحقق هذا إلا إذا كان هناك إخلاص في هذه العملية، وإذا كان هناك رغبة حقيقية في تحقيق حلم خادم الحرمين الشريفين. من هنا نبدأ بالقول إن وزارة التعليم العالي المسؤولة عن هذا البرنامج، هي أول من عاقب الخريجين، خصوصاً خريجي الدراسات العليا، بعدم قبولهم والتعذر بالأسباب التي تختلف من جامعة إلى أخرى، حتى اتضحت أخيراً أنها نوع من «التصريف والتهرب»، والمحزن في الأمر أنه لا يوجد من يراقب ويعاقب، والأمر من ذلك عندما تُقدم شكوى؟ تُرسل الشكوى، وهنا يحدث شيء عجيب لا يحدث إلا في بلدنا، وهو «الظالم هو نفسه القاضي». الأمر الذي لا يقبله عاقل هو ما تقوله وزارة التعليم العالي إن القطاع الخاص سوف يستوعب الطلاب المقبلين من الخارج، هنا السؤال: لماذا لا تستوعبهم القطاعات الحكومية، مثل الجامعات، التي عدد الأجانب فيها يوازي 15 ألفاً، أو وزارة الصحة، وقطاعات ومصانع البترول المملوكة للدولة، التي يبلغ عدد الأجانب تعداد دولة أخرى؟ هل كان الابتعاث للقطاع الخاص، الذي هو أكبر عدو للمواطن السعودي، الذي لا يقدم فرصة إلا للأجنبي، والدليل أنه لا يفضل السعودي «هناك شركة سعودية كبيرة للمركبات ابتعثت 2000 طالب من دولة عربية للدراسة في ألمانيا، وبعد التخرج يعمل الطالب العربي في فروعها في المملكة، وأخرى كذلك تبعث طلاباً من دولة عربية أخرى، والعمل بعد التخرج في السعودية، وقد بلغ عدد الطلاب من تأسيس الشركة 30 ألفاً»؟ نقول لوزير التعليم العالي ابدأ بوزارتك، لأن هناك أقساماً بالجامعات لا يوجد فيها سعوديون، والقائمون على هذه الجامعات يرفضون التخلي عن شيء اسمه الاستقطاب، ويتناسون ما شروط الاستقطاب. سؤالي إلى المسؤولين: لماذا السكوت على إجهاض حلم أن تكون المملكة العربية السعودية في مصاف الدول المتقدمة بأبنائها الذين يتمنون خدمتها؟ أخيراً: الحل سهل جداً تخلي المسؤولون عن الجشع والفساد، وتكون الوطنية عالية وحقيقية، وليست شعارات نطلقها، فهذا البلد أمانة. [email protected]