قطع الألماني رويدغر نيبيرغ الأدغال والمحيطات بمفرده وواجه الأفاعي بيديه العاريتين ونجا من 25 عملية سرقة. لكن رأس هذا المغامر والناشط الإنساني المخضرم ما زال يعج بالمشاريع في سن التاسعة والسبعين. ويقول نيبيرغ الذي جال العالم: «لدي مشروعان أو ثلاثة مشاريع كبيرة» لدعم قضيته الأخيرة في مكافحة ختان الفتيات الذي يعتبره «أسوأ حرب عرفها التاريخ يشنها المجتمع ضد النساء». ويؤكد الرياضي: «ستسمعون عنها ستكون ضخمة» وهو يرفض التخفيف من نشاطه على رغم الجهاز الموضوع في أذنه وركبته الاصطناعية، وهو جالس حول نار أشعلها بفركه حجرَي صوان في دارته في روسدورف قرب هامبورغ (شمال غرب). ويقول نيبيرغ إن بداية مغامراته تعود إلى سن الرابعة. فهو يومها كان يريد أن يتوجه إلى منزل جدته لكنه أمضى ليلته في نهاية المطاف في متنزّه. كان نيبيرغ خبازاً متدرباً في الخمسينات متعطشاً للمغامرة، فراح يجول في المغرب على دراجة هوائية وتعلم فن ترويض الأفاعي فكانت بداية سلسلة طويلة من الرحلات على الدراجات الهوائية على مسافات طويلة وشغف متجدد بالزواحف. وفي أول رحلة كبيرة له أراد عبور النيل الأزرق بمركب، وهو نهر مخيف فيه شلالات سريعة تغوص عبر أخاديد إثيوبيا العميقة وتعبر الصحارى التي تعج باللصوص. فشلت المحاولة الأولى عام 1970 عندما علق المركب في شجرة إلا أن المسعى الثاني نجح. ولما عاد مرة ثالثة لتصوير التماسيح العملاقة قضى صديقه مايكل تيخمان برصاصة لص. وبعد هذه المأساة اعتمد الشاب أحد مبادئ الكشفية وهو «الكشاف دائماً مستعد» وفرض على نفسه تدريبات رياضية مضنية وتمرن على الملاحة والطب وعلى فن الهروب. في الثمانينات، انطلق نيبيرغ بحثاً عن قبيلة يانومامي الهندية المعروف عنها أنها عنيفة وشرسة، فركب نهر الأمازون مرتدياً سروالاً قصيراً مع آلة هرمونيكا ليشير إلى أنه لا يأتي كعدو، ويتذكر قائلاً: «بلمح البصر ظهر ثلاثة منهم أمامي وخفضوا سهامهم وهو مؤشر جيد. وتلك هي اللحظة التي كنت أخشاها منذ أشهر. وكنت أتساءل إن كان اللقاء الأول سيكون سهماً في البطن». في العام 1987 عبر هذا الرجل، الذي يقول إنه يخشى المياه، المحيط الأطلسي مع مركب بدواسات صنعه بيديه. وأعاد الكرة على جذع شجرة، ثم على طوف مصنوع من الخيزران، قبل أن توافق البرازيل العام 2000 على «سلام مقبول» مع جماعة اليانومامي وهي نتيجة يقول إنه ساهم في الوصول إليها. ومنذ ذلك الحين عاد المغامر مع منظمته الإنسانية «تارغيت - روديغر نيبيرغ» إلى مناطق إنجازاته السابقة خصوصاً لبناء مستشفيات في الأمازون وإفريقيا. وهدف المنظمة المعلن الآن هو وضع حد للختان «الذي يوقع ستة آلاف ضحية في اليوم ويقتل الكثير من النساء منذ خمسة آلاف سنة».