في مؤتمرها السنوي الذي اختتم أخيراً، استعرضت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في تقرير، الإجراءات التي اتّخِذَت حيال الكارثة التي حاقت بمفاعلات محطة «فوكوشيما داييتشي» (تديرها «شركة طوكيو للطاقة النووية»)، في ربيع العام الفائت. حينها، انهارت تلك المفاعلات بأثر من زلزال هائل تبعته موجات «تسونامي» أغرقت موقع فوكوشيما. وفي التقرير نفسه، أعلنت الوكالة أنها أوفدت أربع فرق متخصّصة في الرصد الإشعاعي إلى اليابان، للمساعدة في التحقّق من صحة النتائج التي تمخضت عنها المجموعة الأوسع نطاقاً من القياسات التي أجرتها السلطات اليابانية وخبرائها بصدد تلك المفاعلات. وبيّن التقرير أيضاً أن الوكالة اعتمدت على تقارير من مختبرات البيئة في موناكو، لتقويم الآثار البيئية للإشعاعات، ومدى تضرّر المأكولات البحرية بأثر من تدفق آلاف الأطنان من المياه الملوثة إشعاعياً المستخدمة في تبريد المفاعلات، الى المحيط الهادئ. وأشار التقرير عينه إلى حملة استهلتها مؤسسة «وودز هول» لجمع عينات من المياه والكائنات الحيّة، في المساحات المائية الواقعة بين اليابان وجزر هاواي. وأشارت إحصاءات التقرير إلى تباطؤ نمو القوى النوويه عالمياً بعد حادث فوكوشيما، فصار نموها المتوقّع حتى عام 2030، أقل بقرابة 7 في المئة مما كانه قبل الحادث. وحدث هذا الانخفاض على رغم عدم حدوث تغيّر في العوامل التي ساهمت في زيادة الاهتمام بالقوى النووية قبل الحادث، التي تشمل تزايد الطلب العالمي على الطاقة، والشواغل المرتبطة بالتغيّر في المناخ، وأسعار الوقود الأحفوري، وأمن الإمداد بالطاقة التقليدية وغيرها. ولذا، تتوقع الوكالة ارتفاع عدد المفاعلات النووية بقرابة 90 مفاعلاً بحلول العام 2030، مع الإشارة إلى أن عددها في 2011 بلغ 435 مفاعلاً. دروس الكارثة في إطار الدروس المستفادة من حادثة فوكوشيما، اقترح تقرير الوكالة تطوير تكنولوجيا المفاعلات النووية، بالتعاون مع مصممي المفاعلات، كي تصبح أكثر أماناً. وأصدرت الوكالة أداة علمية باسم «برنامج التجويد الديناميكي الحراري للتحلية»، لتحسين كفاءة مفاعلات المستقبل في مجال تحلية المياه. وكذلك طوّرت الوكالة قاعدة بيانات عن الخواص الحرارية والفيزيائية المستعملة في المفاعلات، سواء التي تستعمل الماء الثقيل أو نظيره الخفيف. ووضعت الوكالة هذه القاعدة بشكل مفتوح في موقعها الإلكتروني على الانترنت. وأكملت الوكالة مشروعاً بحثياً بشأن مفهوم «نمذجة سلوك الوقود (النووي)»، ساهمت فيه 20 دولة عضواً فيها. ويهدف المشروع لتحسين القدرة على توقّع سلوك الوقود النووي في ظروف معدلات الاحتراق العالية، خصوصاً التفاعلات الميكانيكية فيها. وفي محاولة لإيجاد حلّ مناسب لمشكلة الوقود النووي المستنفد (بلغ 350 ألف طن من المواد المُشعّة عام 2011)، بدأت الوكالة مشروعاً بحثياً لتطوير القدرة على تخزين هذا الوقود المستهلك ونقله والتخلص منه على المدى الطويل، أي ما يزيد على 100 عام. وذيّل التقرير بالحديث عن مساهمات الوكالة الدولية في دراسات التغيّر في المناخ، تمثلت في مشاركتها في مشروع «مالينا» لتقويم أثر هذا التغيّر على المناطق الساحلية من المحيط القطبي الشمالي، وإجراء تجارب بشأن تحديد مصادر الكربون أرضياً وبحرياً وجرثومياً، وتقويم حركة تبادلات كتل المياه بين السواحل والبحار. وتساعد هذه البيانات في رصد بيئة القطب الشمالي، المتّسِمَة بالتعقيد والسرعة في التبدّل، إضافة الى زيادة المعلومات عن تغيّر المناخ ووضعها بتصرّف الخبراء البيئيين.