أحمد الله تعالى أن الزميل الكاتب جمال خاشقجي ليس قائداً عسكرياً ولا صاحب قرار، حمدت الله تعالى وشكرته بعدما قرأت مقاله في «الحياة» الاثنين الماضي بعنوان «لا بد من تدخل حاسم في سورية وبسرعة»، دعا فيه بحرارة - أحسست بسريانها في أصابعي وأنا ممسك بالصحيفة - لتدخل عسكري «سعودي تركي أردني»، نصرة للثورة السورية، وكلما تابعت قراءة المقال، تطفو أمامي صورة القذافي وهو من على منصة ميدان العزيزية يصرخ إلى الأمام.. إلى الأمام! وكأني بالأخ العزيز جمال لبس «البزة» العسكرية وفرش أمامه على الطاولة خريطة «استراتيجية»، جزم من خلال «معطياتها» المعلوماتية الاستخباراتية باستحالة تدخل روسيا، واستحالة تدخل إيران، ثم جزم أيضاً بأنها ليست سوى عملية خاطفة، كاد يقول نزهة عسكرية ستنتهي في «ضباب» الجبال السورية، واستمر في مسلسل الجزم، ليصل إلى وقوف الولاياتالمتحدة والغرب مع العملية الخاطفة، وهو أكثر من يعلم حسن وقوفهما «على وحدة ونص» عبر التاريخ البعيد والقريب، ثم جزم أيضاً بأن إيران ليست من الحماقة، بحيث تحتل البحرين أو الكويت، فكشف عن نسخة مخبأة لحكمة طهران عثر عليها، بعد توالي الجزم، جاء دور التنبؤ، فالشعب السوري الذي أدمته الآلة العسكرية للنظام سيستقبل الإخوة العرب المسعفين بالفرح والياسمين. من المفارقات أن زميلنا في «مناشدته» تلك، يتفق مع بعض التيارات السياسية الإسلاموية الناشطة على الشبكة العنكبوتية التي خاصمها ردحاً من الزمن، بعض أصواتها لا تنفك تتحدث عن «الخذلان» الذي تلقاه الثورة السورية من العرب والعجم، إما تعاطفاً مع محنة السوريين، أو لمزاً لحكومات دولهم، وهذا الاتفاق - مصادفة في ما يبدو - يستدعي إلى الأذهان إعادة التأهيل التي حظيت بها جماعات سياسية لها صبغة دينية في أكثر من بلد عربي ازدان بالربيع الموعود، قبول عجيب حتى قاد بعض أعضاء تنظيم القاعدة القدامى مجموعات ثورية في ليبيا وأسسوا أحزاباً. وفي منطقة تم تأجيج الطائفية فيها لحد الاحتقان بصبر وأناة تبدو أكثر النهايات إثارة بامتياز نهاية «هوليوودية» - أو «بوليوودية» إن شئت - مثل التدخل الثلاثي السريع والخاطف. تبسيط الأمور بهذه الصورة غير المحسوبة يحمل في طياته تقديراً عالياً لأمانة الكلمة مع تشبع بالحنكة السياسية المبنية على تحليل استراتيجي «متكتك»، الحسم الحسم، إلى الأمام إلى الأمام، قد تكون العاطفة لعبت دوراً في الاندفاع لكتابة مثل تلك. كلنا نتألم ونحن نرى مجازر مروعة يعيشها أهل سورية العزل في نفق مفرمة آلة النظام العسكرية، لكن العاطفة عمياء إذا ما تشبعت بالمغامرة والمقامرة، وليس من المستغرب أن تمتد هذه العاطفة لتطالب الجيوش عند عودتها المظفرة بالمرور على فلسطينالمحتلة وتحريرها...، على الطريق «نشيل حطبة» ونطيح بنتانياهو وزمرته الصهيونية العنصرية. www.asuwayed.com asuwayed@