يهدد الخلاف بين الأحزاب الإسرائيلية حول إلزام الشبان المتدينين (الحرديم) مع بلوغهم الثامنة عشرة الخدمة العسكرية، أسوةً بسائر اليهود في الدولة العبرية، بأزمة ائتلافية حقيقية تهدد كيان حكومة بنيامين نتانياهو. وطبقاً لقرار المحكمة العليا، يتعين على الحكومة الإسرائيلية، حتى موعد أقصاه نهاية الشهر المقبل، صوغ تصور يفضي إلى تجنيد «الحرديم» للتخفيف من العبء الملقى على سائر الشبان اليهود. ومنذ أسابيع تسعى لجنة خاصة عينتها الحكومة للتوصل إلى صيغة ترضي جميع الأطراف، إلا أن الأمر يبدو عسيراً للغاية، حيال الهوة الشاسعة في المواقف بين المتدينين المتزمتين المتمثلين في الحكومة بحركتي «شاس» و «يهدوت هتوراة» الرافضين المشاركة في مداولات اللجنة المذكورة وتغيير الوضع القائم القاضي بإعفاء كل شاب يعلن أن «توراته هي إيمانه»، وبين المعسكر العلماني المتمثل بحزبي «إسرائيل بيتنا» و «كديما»، علماً بأن الأخير سوّغ انضمامه الشهر الماضي إلى الائتلاف الحكومي بوجوب تغيير قانون إعفاء «الحرديم» (قانون طال). ورفض حزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان التوصيات المتبلورة في اللجنة الفاحصة القاضية برفع سن الشبان «الحرديم» الذين يتم تجنيدهم إلى 22 سنة، بدلاً من 18 سنة كما ينص القانون مع سائر المجنَّدين. واعتبر الحزب هذا التوجه «ضحكاً على اللحى». من جهتهم هدد قادة «الحرديم» بأزمة ائتلافية في حال تم إقرار توصية للجنة تقضي بفرض عقوبات شخصية على الشبان «الحرديم» الذين يرفضون الخدمة العسكرية. وأفادت تقارير صحافية أن نتانياهو يرفض فرض عقوبات كهذه لإدراكه حجم الضجة التي سيثيرها «الحرديم». وأضافت أنه طلب أمس من قادة أحزاب «الحرديم» تليين مواقفهم من التوصيات المرتقبة أو تقديم مقترحات بديلة تتيح أن تكون التوصيات النهائية مقبولة لدى الجميع. فيما اتهمه العلمانيون بأنه يحاول الضغط على اللجنة لتكون توصياتها مخففة لا تتسبب في أزمة ائتلافية. وأعلن رئيس اللجنة الفاحصة النائب يوحنان بلاسنر من «كديما» أنه لن يساوم في شأن مسألة العقوبات الشخصية. واتهمت أوساط رفيعة المستوى في حزب «كديما» رئيس الحكومة بأنه يحاول الضغط على اللجنة لتكون توصياتها مخففة لا تتسبب في أزمة ائتلافية. وهدد نواب في الحزب المستائين أصلاً من انضمام الحزب إلى الائتلاف الحكومي بثمن بخس بالانسحاب منه «في حال خضعت الحكومة في شكل عام وزعيم الحزب شاؤول موفاز، في شكل خاص لمطالب الحرديم». وقال النائب يوئيل حسون إنه «في حال لم تسفر اللجنة الجديدة عن نتائج عملية تفضي إلى تجنيد الحرديم فإنه سينبغي على كديما الانسحاب من الحكومة إذا كان لا يرغب حقاً بالاختفاء من الساحة الحزبية، أو أن يحصل انشقاق في صفوفها». كذلك توقعت مصادر في «ليكود» الحاكم أن يؤدي خضوع نتانياهو لشروط «الحرديم» إلى إضعافه وإضعاف الحزب في الانتخابات المقبلة خصوصاً أنه تعهد عشية الانتخابات الأخيرة بفرض الخدمة العسكرية على جميع الشبان بضمنهم «الحرديم» والعرب.
