جمعية الإعاقة السمعية تزور مجمّع بيش الثانوي احتفاءً باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    السودة للتطوير والشركة الوطنية لنقل الكهرباء توقعان اتفاقية بقيمة 1.3 مليار ريال لإنشاء البنية التحتية الكهربائية لمشروع قمم السودة    وزير الخارجية يستقبل رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر ويرأسان اجتماع اللجنة التنفيذية للمجلس التنسيقي بين البلدين    صالح الشهري: مستعدون لمواجهة جزر القمر    نوفمبر دوري يلو".. غزارة تهديفية في 4 جولات    السعودية تسجل رقما عالميا في موسوعة غينيس كأكبر عدد من المشاهدين لدروس مباشرة عن التطوع    مفتي عام المملكة يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون    رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة قطر يصل إلى الرياض    الهيئة العامة للمحكمة الإدارية العليا تقرر اختصاص المحاكم الإدارية بنظر الدعاوى المتعلقة بمزاولة المهن الصحية    النفط يرتفع وسط تفاقم التهديدات الجيوسياسية ومخاوف الامدادات وتعثر محادثات السلام    أمير تبوك يواسي في وفاة محافظ الوجه سابقاً عبدالعزيز الطرباق    قمة البحرين تؤكد تنفيذ رؤية خادم الحرمين لتعزيز العمل الخليجي وتثمن جهود ولي العهد للسلام في السودان    أمير منطقة تبوك يكرم المواطن فواز العنزي تقديرًا لموقفه الإنساني في تبرعه بكليته لابنة صديقه    ‏في يومهم العالمي.. أمير منطقة جازان يرعى لقاء "ذوي الإعاقة"    مفردات من قلب الجنوب ٣١    خبراء بمنتدى القطاع غير الربحي: الذكاء الاصطناعي يقود استثمارات خيرية تتجاوز 10 مليارات دولار عالميا    حقوق ذوي الإعاقة.. قضية إنسانية تعيد تشكيل أولويات التنمية العالمية    وزير العدل يلتقي نظيره التايلندي ويوقعان مذكرة تفاهم    تركيا تطلب من روسيا وأوكرانيا عدم استهداف البنية التحتية للطاقة في حربهما    شي: الصين ستقدم مساعدات إنسانية بقيمة 100 مليون دولار لغزة    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمحافظة    "يونا" تستضيف اجتماع الطاولة المستديرة حول التعاون الإعلامي بين روسيا ودول منظمة التعاون الإسلامي    ختام فعاليات مؤتمر حائل الدولي لطب نمط الحياة .    فيصل بن فهد بن مقرن يستعرض المبادرات الاستثمارية في أمانة حائل    وزير الدولة للشؤون الخارجية يلتقي رئيس وفد العلاقات مع دول شبه الجزيرة العربية في البرلمان الأوروبي    تحت رعاية خادم الحرمين ونيابة عنه.. أمير الرياض يكرّم الفائزين بجائزة الملك خالد لعام 2025    منتخب الجزائر يفلت من كمين السودان.. العراق يعبر البحرين بثنائية ويتصدر «الرابعة»    الأردن يتغلب على الإمارات ويتصدر «الثالثة»    القيادة تعزي رئيس سريلانكا في ضحايا إعصار ديتواه    جمعية لمصنعي الآلات والمعدات    الناتو يشعل الجدل ويهدد مسار السلام الأوكراني.. واشنطن وموسكو على حافة تسوية معقدة    مقتل آلاف الأطفال يشعل الغضب الدولي.. العفو الدولية تتهم الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب    أكد معالجة تداعيات محاولة فرض الأحكام العرفية.. رئيس كوريا الجنوبية يعتذر عن الأخطاء تجاه «الشمالية»    آل حمدان يحتفل بزواج أحمد    ضبط 760 كجم أسماكاً ودواجن فاسدة بعسير    نائب وزير العدل: 8.5 مليون مستفيد من خدمات «ناجز »    موجز    «السيادي» يعزز التطور الحضري    سعود بن نايف يستعرض مسيرة "الرحمة الطبية"    سمر متولي تشارك في «كلهم بيحبوا مودي»    معرض يكشف تاريخ «دادان» أمام العالم    الملحقية الثقافية السعودية في الأردن تحتفل باليوم العالمي للإعاقة    برعاية خادم الحرمين..التخصصات الصحية تحتفي ب 12,591 خريجا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    تعاون سعودي – كيني لمواجهة الأفكار المتطرفة    تسحب الجمعة في واشنطن بحضور كوكبة من المشاهير.. العالم يترقب قرعة مونديال 2026    صيني يعيش بولاعة في معدته 35 عاماً    ابتكار علاج صيني للقضاء على فيروس HIV    الكلية البريطانية تكرم الأغا    سبع قمم يشارك في مهرجان البحر الأحمر    هرمونات تعزز طاقة المرأة العاملة    افتتاح متحف زايد الوطني في أبوظبي    قمة خليجية- إيطالية في البحرين لترسيخ الشراكة    نقاط خدمة جديدة لحافلات المدينة    إقحام أنفسنا معهم انتقاص لذواتنا    لم يكن يعبأ بأن يلاحقه المصورون    الطلاق الصامت.. انفصال بلا أوراق يُربك الأسرة    أضخم منصة عالمية للاحتفاء بالحرف اليدوية.. «الثقافية» تمثل السعودية بمعرض أرتيجانو آن فييرا    رجل الدولة والعلم والخلق الدكتور محمد العقلاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«شارولاتا» لساتياجيت راي: بورتريه لامرأة هندية نابعة من الحياة
نشر في الحياة يوم 27 - 06 - 2012

في الوقت الذي يزدهر فيه الإنتاج السينمائي الهندي في العالم اجمع الى درجة ان عدداً من افلامه الأكثر شهرة، يغزو المهرجانات والصالات. وأيضاً الى درجة ان انتاجات سينمائية كثيرة في العالم تحاول ان تقلّد افلام ما صار يسمّى بالسينما البوليوودية – في مزج مضحك بين تعبيري بومباي وهوليوود -، يحسّ محبّو السينما الحقيقيون بشوق كبير الى تلك السينما الهندية «الأخرى» التي ظهرت على الساحة الفنية والثقافية العالمية بدءاً من بدايات خمسينات القرن العشرين. وكان ذلك الظهور في بعض المهرجانات الأكثر جدية اول الأمر (مثل «البندقية» و «كان») لينتشر بعد ذلك في صالات الفن والتجربة، ومن ثمّ بصورة خجولة في بعض الصالات التجارية. كانت افلام تلك المرحلة تحمل تواقيع مبدعين من امثال مرينال سن وساتياجيت راي، وعدد غيرهما من مبدعين آثروا ان يسيروا عكس التيار الجارف، فاختاروا مواضيع اجتماعية ولجأوا الى لغات منطوقة غير رائجة ورضوا بأن يكونوا اقليات الأقليات مراهنين على مستقبل زاهر لا بد من القول انه لم يجئ ابداً. فظلت افلامهم نيازك عابرة يعرفها العالم الخارجي اكثر بكثير مما يعرفها المتفرج الهندي.
كل هذا يبدو بعيداً اليوم. ومع هذا، فإن تاريخ السينما القيّمة في العالم يحمل دائماً علامات اساسية باقية من تلك الأزمان السينمائية السعيدة آياتها تلك الأفلام، ما يعني انه ليس صحيحاً ان ذلك المتن السينمائي المدهش صار طيّ النسيان. ولعل من الأمور التي ابقت بعض اجمل افلام تلك المرحلة في الذاكرة السينمائية الجماعية، ان مخرجين كباراً من أبنائها عرفوا كيف يستعملون، في بعض افلامهم، نجوماً كباراً كان الواحد منهم يحاول مرة او مرّات في مساره المهني، ان يلعب في افلام من هذا النوع لدعمها من ناحية، ومن ناحية أخرى لتسجيل موقف ابداعي يسجّل له، ويبرّر له في الوقت نفسه غرقاً في السينما التجارية السائدة. وقد كان هذا دأب فنانين من طينة شعبانة عزمي وشارميلا طاغور وحتى سوميترا شاترجي... فإذا اضفنا الى هذا ان بعض تلك الأفلام اتى مقتبساً من روايات او قصص قصيرة لبعض الكتاب الهنود الكبار ومن بينهم رابندرانات طاغور نفسه، يصبح في امكاننا ان نفهم «تلك اللعبة الحاذقة» التي مارسها مبدعون كبار لإيصال افلامهم وأفكارهم وإبداعاتهم التجديدية على صعيد اللغة السينمائية الى جمهور لم يكن مؤهلاً اصلاً لمشاهدة اعمالهم فاجتذبته اسماء شهيرة، من دون ان ندري ماذا كان رد فعله في نهاية الأمر.
لكننا نعرف في المقابل ان ذلك الخليط المبتكر اسفر عن افلام لا تزال حيّة حتى اليوم وتقول كلّ تلك الإمكانات المدهشة التي كان من شأنها ان ترفع الإنتاج الفني الهندي الى قمم يبقى عندها. ومن بين هذه الأفلام، بالطبع، بعض اقوى اعمال ساتياجيت راي الذي كان الأكثر غزارة من بين ابناء هذا «التيار»، وسيصبح الأكثر شهرة في العالم كله. وإذا كان راي قد اشتهر خصوصاً بفيلمه الكبير الأول «ثلاثية آبو» المؤلف اصلاً من ثلاثة افلام حققها بصورة متعاقبة تقريباً، كما برائعته «صالون الموسيقى» والتحفة المعنونة «لاعباً الشطرنج»، فإن له في مساره المهني الطويل اعمالاً لا تقل اهمية عن هذه الأفلام، وإن كانت تقل شهرة عنها. وقد يكون من المفيد في هذا السياق ان نتوقف عند فيلمه «شارولاتا» الذي حققه في العام 1964 حين كان بلغ اوج شهرته – في الغرب لا في الهند(!) -، وهو مقتبس من رواية معروفة لطاغور... أما البطولة فيها فمعقودة لنجمين كبيرين من نجوم تلك الآونة: مادابي ماخرجي وسوميترا شاترجي، ما يجعل هذا الفيلم نموذجياً عما عنيناه قبل سطور من لعبة الإنتاج الذكية التي تجرّ المتفرجين «العاديين» بفضل استخدام مهارات فنية وأدبية لنجوم كبار...
في هذا الفيلم، كما في الكثير من افلامه الأخرى في تلك المرحلة، بدا راي وكأنه يعود من جديد لرسم بورتريه امرأة. ذلك أن الفيلم، على رغم تشعّب موضوعه، وتاريخيّته النسبية، يبدو متمركزاً من حول بطلته... وبالتالي من حول البيت الذي هو في العرف الاجتماعي الهندي المديني، مملكة المرأة... وهو في سينما راي موطن احداث الكثير من افلامه ولا سيما منها تلك التي اقتبسها، قبل «شارولاتا» وبعده، من أدب استاذه الكبير وصديق عائلته صاحب نوبل للآداب، طاغور. اما المنزل في هذا البيت فهو منزل الصحافي والمناضل السياسي المقارع للسلطات الإنكليزية المحتلة، بوباتي... وكذلك منزل زوجته الحسناء شارولاتا – المعطية عنوان الفيلم اسمها -. وهنا نجدنا منذ بداية الفيلم في خضمّ لعبة تقوم على عجز الزوج عن ان يكون في تصرّف بيته وزوجته من ناحية وعمله الصحافي/السياسي/ النضالي، من ناحية ثانية. ويتجلى هذا العجز بخاصة بالنسبة اليه في عدم قدرته، على رغم محاولات عدة، على ان يوفّر لزوجته مناخاً للكتابة. فهي في الأصل تريد ان تكتب وكانت تعتمد على زوجها ليمكّنها من هذا، وذلك منذ كانت رغبته هذه حديقتهما السريّة معاً. لكنه هو مشغول دائماً بمشاكل الصحيفة السياسية والمالية. وكذلك هو يشغل معه في هذا، شقيق شارولاتا، الذي كان من شأنه ان يحلّ مكانه في التعاطي مع رغبة شارولاتا الكتابية هذه، إذ يعهد اليه بإدارة الصحيفة («الخفير») تاركاً، لابن عمّ له يدعى أمل، امر الاهتمام بشارولاتا من ناحية التشجيع على الكتابة، اي بالتالي، تمكين هذه الأخيرة من تحقيق رغبة لم يتمكن الزوج من تحقيقها لها.
من ناحية مبدئية ليس في هذا كله اي ترميز على الإطلاق. غير ان واقع الحال سرعان ما سيحوّل مهمة أمل، من مهمة تثقيفية طوعية، الى شيء يتجاوز هذا كثيراً. ذلك أن شارولاتا التي ترضى بأن يحل أمل في يومياتها بديلاً لزوجها في مجال تقاسم رغبتها السرية في الكتابة (وهو تقاسم كان في البداية جزءاً سريّاً من علاقتها بالزوج وداعماً اساسياً لتلك العلاقة) مع ابن عم زوجها، ستجد نفسها بالضرورة قابلة بأن يصبح أمل بالتالي جزءاً من العلاقة. وبخاصة لأن أمل الذي كان رضي أول الأمر ان يلعب دور «الوسيط»، في العلاقة الكتابية بين الزوجين، لن يعود بعد حين مكتفياً بأن يكون وسيطاً. فطالما ان شراكة الكتابة هي العنصر الأول «الباقي» في علاقة الزوجين، لماذا سيكون على أمل ان يبقى وسيطاً؟
ذلكم هو السؤال الأساسي في الفيلم. السؤال الذي يخبّئ وراءه ما ستتدرّج اليه الأحداث بعد ذلك. سواء أكانت احداثاً تخص العلاقة بين الزوجين، او العلاقة بين اطراف هذا الوضع الثلاثة، او علاقة البيت نفسه بالصحيفة، وصولاً الى علاقة الصحيفة بالسلطات. والحال ان هذا كله يجعل سياق الفيلم مقسّماً على طبقات تختلط فيها العلاقات والشخصيات، إنما من دون ان ترجّح كفة بعد على كفة آخر. ولعل اكثر ما يلفت هنا، هو ان ساتياجيت راي الذي كتب سيناريو الفيلم بنفسه ووضع له الموسيقى، تمكّن من ان يقيم توازناً دقيقاً داخل فيلم لم يشأ ان يجعل منه معادلاً لحكايات غربية مشابهة («مدام بوفاري» للفرنسي غوستاف فلوبير، او «آنا كارنينا» للروسي تولستوي، مثلاً) حتى وإن كانت المقاربة تفرض نفسها هنا.
مهما يكن من أمر، لا بد من ان نقول هنا انه إذا كان ثمة تشابه ما بين عمل طاغور/راي وأعمال تولستوي وفلوبير وربم اتش. دي. لورنس المماثلة ايضاً، فإنه في الأعمال جميعاً ينطلق من الرغبة في رسم بورتريه لامرأة وضعت امام امتحان رغباتها... غير ان المرأة هنا في هذا الفيلم، هندية اولاً وأخيراً. وظرفها ظرف تاريخي، ومن هنا كان استقبال الفيلم عند عرضه استقبالاً فنياً لم يأخذ في اعتباره اول الأمر ان الفيلم فيلم عن الرغبة قبل ان يكون عن اي شيء آخر... وفي هذه النقطة بالذات تكمن قوته بالطبع.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.