غسان تويني، ليس غريباً أن نرثيك في عمق التراجيديا - المقتلة السورية الحالية، فأنت من شُبهت بأبطال التراجيديا الإغريقية، وقد كنا جزءاً من مآسيك الكثيرة الخاصة والعامة، وكنا حاضرين بمرارة في تجلي المأساة الخاصة مع العامة، على نحو مركز إلى حد العلقم، في اغتيال جبران تويني. كما ليس غريباً أن نرثيك في عمق الفرحة – الثورة السورية الحالية، وأنت أحد خطاطي ذاكرتنا الديموقراطية، وعملاق صحافتنا العربية. كنت أستاذنا في حرية الصحافة والرأي، وجزءاً من ذاكرتنا الثقافية ورمزاً للانفتاح وتجدد الأفكار. تلك الذاكرة الديموقراطية التي يحاول أن يمحوها المستبد، تماماً كما يحاول أن يقتل المستقبل بقتل أطفالنا. فالذاكرة والمستقبل ألد أعداء الاستبداد، لأنهما يعملان باستمرار، بحكم طبيعتهما، على تحطيم عملية تأبيد اللحظة - السلطة الراهنة. لذلك، اعذرنا: لم يكن موتك مواتيا لنا، فموتك فقدان لذاكرة تهتف معنا في ساحات الحرية. من أول كتاب من مؤلفاتك كنا نصرخ معك «اتركوا شعبي يعيش» و «قبل أن يدهمنا اليأس» حاولنا معك «نزهة العقل» وقمنا معك ب «قراءة ثانية في القومية العربية» ولم نتورط في ال «حوار مع الاستبداد»، فعندنا ليست «الجمهورية في إجازة» بل في موت سريري منذ عار الوراثة. وفي النهاية أحزن معك لأننا حلمنا بأن تكون «البرج ساحة الحرية وبوابة المشرق»، فهذا احتمال تم اغتياله، ولم تكن تقوى عليه بيروت الرقيقة أمام سنابك الظلمة. نرثيك أيها المثقف الإنسان الحر وندعوك إلى الاحتفاء معنا ب «سورية ساحة الحرية وبوابة المشرق». نعم ندعوك، لأننا لن ندعك تموت. فموتك غير مواتٍ لنا. * كاتبة سورية