عسير تقتدي… وفاءٌ يتجدد وعطاءٌ يتجسّد    وزير الدولة للشؤون الخارجية يلتقي وزير خارجية تشيلي    الاتفاق يتغلب على ضمك بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخص بجازان لترويجه أقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    دولتي عظيمة    عقود الطمأنينة في رياض سلمان    فينومينولوجيا الدولة السورية    الاثنين المقبل .. إقفال باب التسجيل في كأس الاتحاد السعودي للهجن 2025    وزارة الرياضة تختتم مشاركتها في فعاليات معرض "إكسبو اليابان 2025"    الربيعة يلتقي المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع    أكثر من 53 مليون زائر للحرمين الشريفين خلال شهر ربيع الأول    المواطن أولا في مسيرة وطن العطاء    الصحة وغرفة جازان تبحثان تطوير الخدمات وتعزيز السياحة العلاجية والاستثمار الصحي    حوار بين المبادئ والمصالح    ترامب: «أعتقد أن لدينا اتفاقا» بشأن غزة    عقوبة من الاتحاد الآسيوي ضد مهند الشنقيطي    ليوناردو: الأوقات الصعبة انتهت    أسواق الأسهم العالمية تواصل ارتفاعها    بلان يستبعد لاعبه قبل لقاء النصر    جمعية طلال الخيرية تنفذ مبادرة عون    إمام المسجد الحرام: حب الوطن نعمة وواجب شرعي يستوجب الشكر والدفاع    إمام المسجد النبوي: الغفلة تصدّ عن ذكر الله وتضيّع الأعمار    مفردات من قلب الجنوب 21    الذهب يستقر وسط تراجع توقعات خفض الفائدة ودعم الرسوم الجمركية    القيادة تهنئ رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني بذكرى 26 سبتمبر    " فرع وزارة الصحة بجازان " يحتفي باليوم الوطني ال 95 تحت شعار "عزنا بطبعنا"    الإفتاء بعسير يحتفي باليوم الوطني ال95    نادي ذوي الإعاقة بعسير يحتفل باليوم الوطني ال95 بمشاركة واسعة من الجهات المجتمعية    الجمعية السعودية للتربية الخاصة ( جستر محايل ) تحتفي باليوم الوطني 95    جمعية العون الخيرية تحتفي باليوم الوطني ال95 وتفتتح قاعاتها الجديدة    مسك ونيوم تتعاونا لتعزيز قدرات القيادات الوطنية.    جمعية الكشافة تختتم فعالياتها الاحتفالية باليوم الوطني ال95 في الرياض    البركة الخيرية وجمعية سقياهم توقعان إتفاقية لإنشاء محطة تحلية في مركز الحيراء    غرفة الشرقية تحتفي باليوم الوطني ال 95 بعروض وفقرات فلكلورية وأهازيج وطنية    وزير الدولة للشؤون الخارجية يشارك في فعالية بشأن الجفاف    فتح الرياض    التحدي والاستجابة.. سرّ البقاء السعودي    في مفهوم التملق    الوطن قصيدة لا تنتهي    مظاهر البهجة ترتسم على وجوه الأطفال    اليد الحانية    توطين الصيدلة    في وداع العزيز أبي عبدالعزيز    دراسة حديثة : الأكل الليلي المتأخر قد يربك الهرمونات... ويهدد الصحة!    د. محمد الشهري: مشروبات الطاقة تقلل جودة النوم وتزيد نبضات القلب وتؤدي إلى القلق    السمنة تؤثر على 188 مليون طفل    19 فعالية في مدارس التعليم تعزز الولاء والانتماء وتحفز على الإبداع    شرطة الرياض تقبض على يمني لاستغلاله أطفال ونساء يمنيين في التسول بالميادين والطرقات العامة    وزير الخارجية: لا يكفي إصدار البيانات ما لم تتحول إلى عمل حقيقي يغير واقع الاحتلال وعدوانه    الرئيس الأمريكي وقادة دول عربية وإسلامية في بيان مشترك: إنهاء الحرب خطوة نحو السلام    بزشكيان: طهران لن تسعى أبداً لصنع قنبلة.. إيران تتعهد بإعادة بناء منشآتها النووية المدمرة    القبض على مروج حشيش في جدة    15 رئيس دولة و600 متحدث.. مؤتمر مستقبل الاستثمار.. مصالح مشتركة وأمن التجارة العالمية    في احتفاليتها باليوم الوطني..ديوانية الراجحي: المملكة بقيادتها الرشيدة تنعم بالأمن والرخاء والمكانة المرموقة    تصعيد متبادل بالمسيرات والهجمات.. والكرملين: لا بديل عن استمرار الحرب في أوكرانيا    كوب «ميلك شيك» يضعف تدفق الدم للدماغ    الرياض تستضيف مؤتمر العلاج ب«الجذعية»    رحيل المفتي العام السابق الشيخ عبدالعزيز آل الشي "إرث علمي وديني خالد "    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هناك مَن يقول: لكي تنتصر... لا تقاوم!
نشر في الحياة يوم 12 - 07 - 2014

أكتب في أجواء ساخنة جداً. أجواء مأسوية. قتلى وجرحى في غزة. بنية تحتية مدمرة. إسرائيل تجد إجماعاً داخلياً وتأييداً دولياً غير مسبوق. البعض سيقول ليس وقت كتابة مثل هذا. ولكنني أرى أنه لا بد من ذلك. ففي مثل هذه الأوقات يرتفع صوت واحد فقط: «نعم للمقاومة. المقاومة ضرورية. المقاومة ستنهي الاحتلال. ودعاة السلام خونة وصهاينة».
ولكن، لا بد من أن تظهر أصوات لتقول كفى. لتدعو إلى الحكمة. إلى التهدئة. إلى الحياة. لذلك أصر على قول هذا وفي هذا الوقت بالتحديد.
ما العمل اليوم بعد 66 سنة من ولادة الدولة اليهودية؟ دولة تتمتع بتأييد دولي. ولديها ترسانة عسكرية جبارة. ومن ورائها أميركا والدول الغربية. ما الحل؟
«إذا أردت أن تعمل في العالم فعليك أن تقبل واقعه، وإن لم يعجبك. وإسرائيل منذ 1948 جزء من هذا الواقع. لا أحب النظام الدولي لكنه موجود. وعلينا أن نؤمن بحق كل دولة بأن يكون لها ما للدول الأخرى. ويحق لكل دولة أن يكون لها ما يوفّر للقاطنين فيها العيش الملائم.
يمكنك أن تطرح الكثير من الشعارات. ولكن، إذا كنت تريد أن تحقق أهدافاً فعليك أن تبين كيف ستصل إليها.
أنا مؤيد لحق عودة اللاجئين. ولكن القرار 194 هو عن اللاجئين. إنه ليس عن ذرية للاجئين. ولكن لنقل إن القرار يشملهم، فهل يحق للاجئين وذرياتهم العودة؟ نعم! هل يحق للهنود الحمر العودة إلى مناطقهم في الولايات المتحدة؟ نعم! هل سيحصل؟ لا! لو علّقت أمام الهنود الحمر عبارة «إنني سأدعم حق العودة لكم وأطرد السكان هناك... ولذلك أبقوا في وضعكم السيئ»، فإن هذا الفعل غاية في اللاأخلاقية. اللاجئون لن يعودوا. هذه حقيقة. لا يوجد أي دعم دولي لهذا الأمر. صفر. ولو وجد، فإسرائيل ستلجأ الى السلاح النووي. لذلك لن يحصل الأمر.
إذا كان يهمك فعلاً شأن اللاجئين، فلا بد من الإقرار بحق العودة للفلسطينيين. كما لا بد من الإقرار بحق العودة للهنود الحمر وكثير غيرهم. ولكن الأهم أن تكون هناك جهود لتحسين الأوضاع السيئة للغاية للاجئين. كل ما أسمعه شعارات وهي تشبه في معقوليتها شعارات حق الهنود الحمر في العودة. أتمنى أن أسمع اقتراحاً حقيقياً. هذا ليس شعاراً مريحاً. «يريحني أن أقول إنه يجب أن يعودوا». أريد أن أسمع اقتراحاً يراعي حاجات اللاجئين ومعاناتهم.
هناك نفاق يصل إلى السماء لدى دعاة مقاطعة إسرائيل. كل ما يطالبون بالمقاطعة لأجله موجود مئة مرة في الولايات المتحدة أو بريطانيا. لماذا لا يقاطعون الولايات المتحدة؟ وإن دعوة المقاطعة ليست من الشعب الفلسطيني. هي من جماعات تسمي نفسها الشعب الفلسطيني. الفلسطينيون لم يتفقوا على مقاطعة منتجات المستوطنات، فضلاً عن اتفاقهم على مقاطعة إسرائيل. ولكن حتى لو كانت هذه مطالبة الشعب الفلسطيني... لو أنا مهتم حقاً بهم، فهل أستجيب بعماء لكل مطالبهم وإن كانت تضرّهم؟ عليّ أن أسأل: هل ذلك المطلب يساعدهم؟ أم يضرهم؟
ثم إن المطالبة بمقاطعة إسرائيل وعدم مقاطعة أميركا نفاق. كل جريمة إسرائيلية ترجع لأميركا. فضلاً عن كون جرائم أميركا أكثر بكثير من ذلك. ويمكن قول الأمر نفسه عن بريطانيا وفرنسا وغيرهما. إذا كنت تكره الفلسطينيين فعليك أن تطالب بالمقاطعة لأنها تعزز من موقف المتشددين ولن تساعد الفلسطينيين مطلقاً. والأفضل لك أن تنضم الى «أيباك» لكي تقوم بإضرارهم بصراحة. إن المطالبة بمقاطعة جامعة تل أبيب، أو المطالبة بمقاطعة إسرائيل إلى حين تنهي قمعها تُضحك أي عاقل. ألا يوجد قمع في أميركا؟ هل يقاطعون هارفارد مثلاً؟ إنه نفاق. يطالبون به لأنه سهل. إنهم يقارنون الأمر بجنوب إفريقيا ولكنهم لا يلتفتون إلى أن تلك المقاطعة نجحت لأن شروط نجاحها توافرت. من يريد تكرار ذلك النموذج اليوم فعليه العمل على توفير تلك الشروط. إن الكثير من العمل الفلسطيني كان تدميراً ذاتياً. لقد أضروا بأنفسهم. واليوم ليس أمام الفلسطينيين إلا دولتان أو الاستمرار في الوضع السيء».
الكلام السابق ليس لي، هو لنعوم تشومسكي. مقاوم منذ أكثر من 70 سنة. من أبرز المثقفين المتبنين القضية الفلسطينية: عايشها منذ البدء وحلّلها وعالجها ونصرها وعمل من أجلها وجادل لها والتقى برجالها.
تشومسكي يقول، إن هناك مقاومة لا أخلاقية، وغير معقولة، ومضرة بالفلسطينيين. تشومسكي يقول إنه من النفاق المطالبة بمقاطعة إسرائيل وعدم مقاطعة أميركا؟ تشومسكي يتحدث بمنطق الخيارات المحدودة والواقعية ويستخف بمن يتحدث بمنطق الشعارات التي لا مآل لها. فهل هو خائن ومتخاذل وساذج؟ هل هو جاهل بالتحليل السياسي؟ هل هو صهيوني؟
منذ قرار التقسيم في 1947 والوضع الفلسطيني في تدهور متواصل. في المقابل، فالوضع الإسرائيلي في تحسن متواصل. ولا يحتاج المرء الى كثير من المعرفة التاريخية ليجد كيف فاتت فرصة تلو الأخرى. لو قبِل العرب قرار التقسيم لكانت حدود إسرائيل أقل مما هي اليوم بكثير. لو قبل العرب نتائج حرب 1948 لكانت هناك دولة فلسطينية فاعلة منذ ذلك الوقت. لو قبل العرب السلام بعد هزيمة 1967 لكان الوضع أحسن... ومقابل كل فرصة فاتت على الفلسطينيين كانت هناك مكاسب عدة لإسرائيل.
إسرائيل ليست حريصة على سلام عادل. لا وألف لا! إسرائيل تريد أن تأخذ ولا تعطي. في المقابل، نحن أعطينا إسرائيل مجالات للتوسع والأخذ. وكثيراً ما نتداول خرائط فلسطين بين 1947 إلى ما بعد ال2000 ونقول: «انظروا إلى العدوان!»... ولكن لا نلتفت إلى أن تلك الخرائط تحكي أمراً آخر هو: «أنظروا إلى تعنّتنا ومغامرتنا وإتجارنا بالقضية».
الإسرائيليون أخذوا الأرض وهجّروا الشعب. ولكننا نحن الذين أخذنا مستقبل الفلسطينيين وعلقناه بآمال واهمة وخادعة. نحن الذين أسأنا الى المهجّرين. نحن الذين حرمناهم من الحياة. ليست إسرائيل. إسرائيل هجّرت 750 ألف شخص. ونحن ول66 سنة نهجّر حياة ملايين الأشخاص ومستقبلهم.
المقاومة الحقيقية هي التي تمنع إسرائيل من المزيد من التوسع. التي تفرض على إسرائيل رد بعض الحقوق إن لم يكن كلها. واليوم لن يتم منع إسرائيل بالقوة. علينا أن نعي: إسرائيل من اليوم وإلى المستقبل المنظور لن تتم هزيمتها بالقوة. ومن يرى خلاف هذا فعليه أن يقدم لنا خريطة طريق، وليس مجرد شعارات خاوية. الشعارات لن تقي الفلسطينيين من الرصاص ولن تمنع سقوط الصواريخ الإسرائيلية.
لن نمنع إسرائيل إلا بالسلام. وما لا يفهمه البعض هو أن السلام أيضاً يجب أن يُنتزع انتزاعاً. إسرائيل لا تريد السلام لأنها لا تحتاجه. ولكن الفلسطينيين بحاجة إليه، وبالتالي لا بد من السعي المتواصل لفرض السلام. لا خيار سوى هذا.
المقاومة الحقيقية هي مقاومة الوهم والأمل الكاذب. هي ترك التعلّق بالماضي لأجل بناء المستقبل. المقاومة الحقيقية هي أن تبلع مرارة مصافحة عدوك لكي يمكن شعبك أن يتعلم. ويعيش. ويملك الحياة.
* كاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.