اعتبر الباحث القانوني بدر الدين أبو الروس، القول بأن «ما تصدره لجنة تسوية المنازعات المصرفية من قرارات لا يوصف بالحكم القضائي»، غير دقيق، وذلك بعد ما خلص إلى أن اللجنة المشكلة بأمر من المقام السامي، قامت على فلسفة متينة، أوجزها في بحث ملخص، بعثه إلى «الحياة» رداً على ما أشير إليه من عدم رقي أحكام اللجنة إلى درجات الأحكام القضائية. وأوضح أنه يرمى من خلال (البحث الميسر) إلى «لفت انتباه الاختصاصي قبل غيره إلى ضرورة (البحث العلمي) وموقعه في (إعراب) الجملة القانونية من بناء (التكييف) الواقعي الدقيق والمنضبط تحت صحيح القانون والإجراءات والقواعد المرعية وبما يمكنه – إن شاء الله – من ترتيب (الدفوع) المنتجة، ذلك أن أخطر ما يمكن ان تتعرض له (القضية) (المسألة) (الموضوع) البدايات الخاطئة أو القاصرة أو المتعثرة إذ تظل آثار هذه (البدايات) تلقي بظلالها القاتمة على مجمل القضية وفي جميع مراحلها والأمثلة في عالم الممارسة القانونية كثيرة»! وقسم البحث الذي سماه ميسراً إلى نقاط سبع، تضمنت فلسفة إنشاء اللجنة، وملاحظاتها على من يترافعون أمامها، والأوامر السامية التي تستند إليها في بنيتها القانونية، وعدول اللجنة عن النظر في منازعة الأوراق التجارية، وكذلك اختصاصها المحلي والدولي، إلى جانب معلومات قال إنها ضرورية لمزيد من الفهم، مختتماً بتناول التظلم من قرارات اللجنة. في ما يأتي النقاط مفصلة. أولاً: فلسفة إنشاء اللجنة! باعتبار المنازعات المصرفية من (أعقد المنازعات) وأهمها وأكثرها صعوبة اذ يتلاحظ زيادة المنازعات المصرفية المتعلقة بالجوانب (الفنية) و(الموضوعية) للعلاقات المصرفية بدرجة ملاحظة وذلك نتيجة التوسع في أعمال البنوك وعدد وتنوع الأنشطة التي تقوم بها، واستجابة لتلك الطبيعة (المعقدة) للأعمال المصرفية فقد صدر التوجيه السامي بإنشاء لجنة تسوية المنازعات المصرفية. ثانياً: ملاحظات اللجنة عن الدربة والدراية لاحظت اللجنة وفي مدوناتها أن البعض من الخصوم ومن يمثلهم ليس على دراية كافية باللجنة وطبيعة عمليها، ولذلك فإن هؤلاء في حاجة للإلمام باختصاصات اللجنة وقواعد التقاضي أمامها. ثالثاً: إنشاء اللجنة - أنشأت هذه اللجنة بالأمر السامي رقم 8/729 في 10/7/1407ه. - الأمر السامي رقم 4/ب/110 في 2/1/1409ه (في المنازعات التي تنظرها اللجنة). - والأمر السامي رقم 4/ب/21134 في 5/6/1423ه. و4/ب/36405 في 26/7/1426ه و59832/ب في 2912/1425ه 0ممارسة الاختصاص القضائي). رابعاً: اختصاصات اللجنة: الاختصاص الولائي: أن يكون أحد طرفي الدعوى بنكاً وفق الأمر السامي 739/8/1407ه ونظام مراقبة البنوك الصادر برقم م/5 في 22/2/1368ه مع استثناء واحد وهو: اختصاص اللجنة بنظر دعاوى دائني الأشخاص المدينين للبنوك وذلك متى كان للمدين مستحقات لدى إحدى الجهات الحكومية وتم الحجز عليها من اللجنة وذلك حتى تكون البنوك أسوة بالغرماء م7 أمر سامي رقم 729/8. - أن تكون المنازعة مصرفية: أمر سامي رقم 4/110 في 2/1/1409ه عدول اللجنة عن منازعات الأوراق التجارية: فيما يخص منازعات الأوراق التجارية التي يكون أحد لبنوك طرفاً فيها فقد عدلت اللجنة عن القضاء في منازعات الأوراق التجارية اعتباراً من 4/7/1408ه وأصبحت تقضي بعدم اختصاصها لكون الموضوع يتعلق بورقة تجارية والدفع هنا بعدم الاختصاص تقضي به اللجنة من تلقاء نفسها ولو لم يدفع بعدم الاختصاص أمامها لتعلق ذلك الدفع (بالنظام العام) ولا يجوز مخالفته. الاختصاص المحلي: (/43 من نظام المرافعات الشرعية) المبدأ العام الذي تقتضيه م 43 المشار إليها أن الأصل في الاختصاص المحلي هو انعقاده للمحكمة التي يقع في دائرتها محل إقامة المدعى عليه وهو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة فعنصراه الإقامة والسكن، والاعتياد أي الاستقرار، ولو كان الشخص يتغيب عنه بعض الوقت وكاستثناء موقت من قواعد الاختصاص المحلي اتخذت اللجنة مقراً لها بمدينة الرياض كاستثناء موقت من قواعد الاختصاص ولحين تشكل لجان في مناطق المملكة. الاختصاص الدولي: (المواد 24- 30) من نظام المرافعات الشرعية) وفق المبدأ العام أن الأصل في ولاية القضاء في الدولة هو لإقليمية، إضافة إلى الأخذ بضابط شخصي للاختصاص وهو جنسية المدعى عليه وكونه وطنياً بصرف النظر عن محل إقامته. ويبنى الاختصاص هنا وفي هذه الحالة على اعتبار أن ولاية القضاء وان كانت إقليمية في الأصل بالنسبة للوطنيين والأجانب إلا أنها شخصية بالنسبة للوطنيين فتشملهم ولو كانوا مقيمين خارج إقليم دولتهم وليه تختص اللجنة بالدعاوى المصرفية التي ترفع على السعودي ولو لم يكن له محل إقامة عام أو مختار في المملكة وكذلك تلك التي ترفع على غير السعودي الذي له محل إقامة عام أو مختار في المملكة إذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في المملكة أو بالتزام تعتبر المملكة محل نشونه وتنفيذه أو إذا كانت (الدعوى) على أكثر من واحد وكان لأحدهم محل إقامة بالمملكة. خامساً: معلومات عن اللجنة: - اللجنة قضائية تمارس اختصاصاً قضائياً. - لا تنظر اللجنة في القضايا إلا بعد موافقة المقام السامي بموجب إحالة خاصة بذلك. - قرارات اللجنة غير متوقفة على موافقة الخصوم. - إذا ما قررت اللجنة عدم توصلها إلى حكم – تسوية مرضية للطرفين يمكن ان يحال النزاع إلى المحكمة المختصة للبت فيه. - إذا قررت اللجنة تسوية النزاع فإن الأمر برمته يمتنع إحالته إلى المحكمة المختصة، اذ ان قرار اللجنة التوصل إلى تسوية مرضية ليس أمراً راجعاً للخصوم فاللجنة لديها وتملك الصلاحيات اللازمة كافة لإجبار المدين على تنفيذ قراراتها. - أي قضية ترفع أمام المحاكم العامة أو الإدارية في أمر فصلت فيه لجنة تسوية المنازعات، يتم بمباشرة صرف النظر عنه لسبق الحكم في القضية من قبل اللجنة. - تحديد الاختصاص بنظر النزاع قرار تختص به لجنة تسوية المنازعات المصرفية ومتى قررت هذه اللجنة اختصاصها بنظر النزاع فإنه يمتنع معارضتها أمام أي جهة قضائية. - التسمية الواردة بلجنة تسوية المنازعات لا تعني بأي حال أنها ليست لجنة فصل وإلزام لأن لا فرق مطلقاً بين تسوية المنازعات والفصل فيها. سادساً: التظلم من قرارات اللجنة: باعتبار أن الحق في الاعتراض أو التظلم من المبادئ العامة الساندة من دون حاجة إلى نص يقرره فقد كفلت اللجنة حقوق الدفع للطرفين وفقاً للمبادئ المرعية شرعاً ونظاماً لتحقيق العدالة (قرار اللجنة 254/1422ه). - يتعين أن يقدم النظام من القرار في وقت (ملائم) بعد إصدار القرار المتظلم منه ويجب أن يكون التظلم مشتملاً على أسبابه مع شرح موجز لتلك الأسباب والمستندات المؤيدة له. - ينظر في التظلم على مرحلتين: الأولى: في غير حضور الخصوم فإذا تبين للجنة عدم صحة الأسباب التي بني عليها التظلم قررت رده. والثانية: فإذا تبين للجنة أن الاسباب التي بني عليها التظلم قد تغير وجه الرأي في قرارها فيتعين هنا فتح باب المرافعة في الدعوى ويعلن ذلك للخصوم. علماً: بأن القرار الصادر في التظلم لا يجوز منه (التظلم) كما لا يجوز تقديم أكثر من تظلم في القرار من ذات الخصم.