يخرج من يحذّر من وجه آخر للثورة، قد يكون محبطاً. تستعيد الكاتبة والباحثة في علم الاجتماع، دلال البزري، «السندروم الجزائري»، في مقالة نشرت في العدد الرابع من مجلة «كلمن» الفصلية (بيروت). تكتب أنه «خلال الحرب الثورية التي خاضها الشعب الجزائري في نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي، اشتركت المرأة الجزائرية إلى جانب الرجل. لكن ما إن انتصرت الثورة حتى أعيدت النساء إلى البيوت، وكن ضحايا كل أشكال العنف والتمييز». الثورات العربية الراهنة ليست بقيادة حزب محدد، ذي هيكلية وعقيدة، لذلك «قد يكون التمييز ذا أشكال معروفة، أو أشكال جديدة لا تجد لها تسميات إلا بعد حين»، وفق البزري التي تستشهد بالهجوم على تظاهرات نسائية في تونس ومصر، من جانب أفراد أو مجموعات صغيرة عدوانية تصرخ في وجوه المتظاهرات بالعودة الى البيت أو المطبخ حيث مكانهن «الطبيعي». وبناء على استبيان أرسلته إلى ناشطين وناشطات ومراقبين للثورات العربية، تبيّن للبزري أن مشاركة التونسيات، جماهيرياً ونخبوياً، هي الأعلى مقارنة ببقية المشاركات. غير أن الحكومة الانتقالية لما بعد الثورة لم تضم سوى امرأتين، ولجان الأحياء التي تشكلت أثناءها لم تضم أي امرأة. في مصر، وفق البزري، أدّت الجمعيات النسائية المصرية دوراً ملحوظاً، «وبمجرد تسلّم الجيش السلطة، كان أول الغيث لجنة تعديل الدستور المصري، التي رأسها طارق البشري، وهو قاضٍ معروف بفكره الإسلامي وبالحملة التي خاضها عام 2005 ضد تعيين أول قاضية في مصر تهاني الجبالي». لم تضم لجنة التعديل أي امرأة. وامرأة واحدة شاركت في الحكومة الانتقالية، هي فايزة أبو النجا، التي سبق توزيرها في حكومة أحمد نظيف. وبُعيد تنحّي مبارك، تكاثرت الدعاوى القضائية المطالبة بإلغاء المجلس القومي للمرأة (في حين أُبقي على مجالس قومية أخرى مثل المجلس الأعلى للثقافة). وارتفعت أصوات أيضاً لإلغاء الكوتا النسائية السياسية وقانون الخلع و «قانون سوزان». وحدها الجمعيات النسائية المصرية رفعت مطالب النساء، لا سيما في تظاهرة اليوم العالمي للمرأة في 8 آذار (مارس) الماضي، حينما شُتمت المتظاهرات علناً. فيما تعرضت 19 امرأة، خلال إخلاء ميدان التحرير من المحتجين، إلى الضرب والاتهام بالبغاء.