أمير حائل يشهد توقيع حزمة من الاتفاقيات والمبادرات والمشاريع بقيمة (8.5) مليارات ريال    انطلاق المعسكر الإعدادي للكشافة والجوالة المشاركين في معسكرات الخدمة العامة لحج 1446ه في تقنية الرياض    سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج 100 صحفي وإعلامي    وزارة الشؤون الإسلامية تبدأ باستقبال أول وفود الحجاج عبر منفذ البطحاء    أنشيلوتي: برشلونة بطل الدوري الإسباني قدم كرة قدم جميلة    أرتيتا يعتقد أن عصر "الستة الكبار" في الدوري الإنجليزي انتهى    هلال جدة يتوج بلقب الغربية في دوري الحواري    وزير الصحة يكرم تجمع الرياض الصحي الأول نظير إنجازاته في الابتكار والجاهزية    توطين الصناعة خارطة طريق اقتصادي واعد    رقم سلبي لياسين بونو مع الهلال    استمرار ارتفاع درجات الحرارة ونشاط الرياح المثيرة للأتربة على عدة مناطق في المملكة    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة    أكثر من 6000 حاجاً يتلقون الخدمات الصحية بمدينة الحجاج بمركز الشقيق خلال يومين    جمعية نماء تنفذ برنامجًا شبابيًا توعويًا في بيت الثقافة بجازان    القاسم يقدم ورشة بعنوان "بين فصول الثقافة والصحافة"    إطلاق النسخة التجريبية لأكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في المسجد النبوي    اتفاقية تعاون بين قدرة للصناعات الدفاعية وفيلر الدفاعية لتعزيز الصناعات العسكرية بالمملكة    المملكة تحتل المركز الثاني عالميًا بعد الولايات المتحدة في جوائز "آيسف الكبرى"    تشلسي يفوز على مانشستر يونايتد في الجولة ال (37) من الدوري الإنجليزي    الفريدي يحصل على الماجستير في الإعلام الرقمي    محافظ الزلفي يدشن ملتقى الباب للتمكين التقني    النصر يتعادل إيجابياً مع التعاون في دوري روشن للمحترفين    النفط يتجه لثاني أسبوع من المكاسب    النصر يتعادل أمام التعاون ويفقد فرصة اللعب في دوري أبطال أسيا للنخبة    الRH هل يعيق الإنجاب؟    الرياض عاصمة القرار    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 23 جائزة في مسابقة آيسف 2025    سلام نجد وقمة تاريخيّة    سيرة الطموح وإقدام العزيمة    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 53,119 شهيدًا    سمو الأمير سلطان بن سلمان يدشن "برنامج الشراكات العلمية العالمية مع أعلى 100 جامعة " مع جامعة كاوست    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقرّبوا إلى الله بالفرائض والنوافل.. ولا وسائط بين العبد وربه    جمعية تعظيم لعمارة المساجد بمكة تشارك في معرض "نسك هدايا الحاج"    نائب رئيس جمعية الكشافة يشارك في احتفالية اليوبيل الذهبي للشراكة مع الكشافة الأمريكية في أورلاندو    أمانة القصيم تطرح فرصة استثمارية لإنشاء وتشغيل وصيانة لوحات إعلانية على المركبات بمدينة بريدة    أمانة القصيم تقيم حملة صحية لفحص النظر لمنسوبيها    زمزم الصحية تشارك في فرضية الطوارئ والكوارث    أمين الطائف" يطلق مبادرةً الطائف ترحب بضيوف الرحمن    46٪ لا يعلمون بإصابتهم.. ضغط الدم المرتفع يهدد حياة الملايين    مبادرة طريق مكة والتقدير الدولي        "الصحة" تُصدر الحقيبة الصحية التوعوية ب 8 لغات لموسم حج 1446ه    الرياض تعيد تشكيل مستقبل العالم    ضبط مصري نقل 4 مقيمين لا يحملون تصريح حج ومحاولة إيصالهم إلى مكة    لجنة التراخيص : 13 نادياً في روشن يحصلون على الرخصة المحلية والآسيوية    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    نائب أمير الرياض يطّلع على برامج وخطط جائزة حريملاء    تحذيرات فلسطينية من كارثة مائية وصحية.. «أونروا» تتهم الاحتلال باستخدام الغذاء كسلاح في غزة    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    أكد أن كثيرين يتابعون الفرص بالمنطقة… ترامب لقادة الخليج: دول التعاون مزدهرة.. ومحل إعجاب العالم    أسرتا إسماعيل وكتوعة تستقبلان المعزين في يوسف    رؤيةٌ واثقةُ الخطوةِ    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    عظيم الشرق الذي لا ينام    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مناضلو» الرواية السعودية... بلا سمات ثورية
نشر في الحياة يوم 21 - 10 - 2011

يبدو قارئ الكتاب الجديد للناقد السعودي محمد العباس «سقوط التابو: الرواية السياسية في السعودية» (دار جداول للنشر والتوزيع)، في غنى عن التساؤل عما إذا كانت الروايات الأثنتا عشرة، التي يقاربها سياسية فعلاً أم هو راح يفتش فيها عن ملامح ومعطيات تخدم أطروحته، ما دام ليس من السهل تعريف الرواية السياسية، وفقاً لعدد من النقاد العرب، حتى على صعيد تجارب أنضج وأعمق تخص بعض البلدان العربية، بيد أن ما ينتهى إليه العباس في كتابه الثالث، الذي يكرسه أيضاً للرواية في السعودية، يبدو مثيراً للشفقة، والأهم مثيراً لأسئلة جوهرية، في ما تعنيه صورة المناضل لدى الروائي السعودي، وكيف تعامل معها وتحت أي ضغط، نفسي أم رقابي...؟
تفاعل صاحب «مدينة الحياة» مع روايات تنخرط في مشاكسة السياسي، سعياً إلى إسقاطه، بعد أن كسرت تابوي الجنس والمؤسسة الدينية. يقر العباس، منذ البداية، بأن الرواية السياسية غير موجودة، ضمن حركة الرواية في السعودية، الآخذة في النمو والانتشار منذ سنوات، وأن الشعارات الرمزية التي تذهب باتجاه تسييس الصراع داخل الرواية، «لا تعفي المشهد من إنجاز رواية ذات ثيمة سياسية واضحة المعالم، تحطم سياجات ذلك التابو، لتستحق التجنيس بمعناه الأدبي».
الخطاب السياسي
ينتقد صاحب «الذاكرة المضادة» مفردات الحرية والسجن والوطن والحزب والتنظيم والثورة، التي تتردد في غالبية الروايات التي تعنى بالخطاب السياسي في السعودية، فهي روايات تكتفي بالعناوين البراقة، «ولا تجرؤ على تفكيك تلك المفردات داخل النص نفسه، فهي لا تستدعي حالات نضالية بمسميات ومعالم واضحة، إلا بقصد التبرؤ منها». يتسيد الماضي في هذه الروايات، ويرتهن كتابها إلى نزعة رثائية. روايات تستدرج نموذج المناضل المنهزم، «بطريقة توحي بانتفاء الفعل النضالي واستنفاد ممكناته المستقبلية».
مسألة أخرى يلاحظها المؤلف، وهي بهوت النماذج النضالية في هذه الروايات، وبساطة مضامينها، «الملفوفة في تلابيب سرد على درجة من السذاجة والتبعثر والتشوش».
ويعزو ذلك إلى الافتقار إلى المرجعيات. ويرى أن الصورة الهشة التي يبدو عليها مناضلو الرواية السياسية، انعكاساً طبيعياً «لهيمنة طقس الخوف على الروائيين، وضآلة المادة المتعلقة بالحركة النضالية».
يلتمس العباس العذر للروايات السياسية وكتابها في السعودية، فهي تحاول التغلب على الكثير من العوائق، سواء الموضوعية أو الفنية، لتتمكن من طرح رؤية أمينة لجوانب مهمة من الصراع، «ولكنها غير قادرة أن تقدم صورة مقنعة تليق بطبيعة المرحلة، أو كاشفة لتراكمات وعمق التجربة». الرواية السياسية السعودية «مذعورة»، وفقاً لوصف العباس، فهي تنبثق من بنية الخوف والحذر. ولذلك لا غرابة في أن يأتي المناضل في هذه الروايات، إما مراهقاً مغرراً به سرعان ما يتوب عن مراهقته الثورية عند أول اصطدام مع السلطة، أو طالباً يمارس نزوة النضال الصوري خلال فترة دراسته في بيروت أو القاهرة أو أميركا أو باريس، وبمجرد أن يعود إلى الوطن يتخلى عن أوهامه. يتعامل غالبية الروائيين مع السجن كعزلة تأديبية للمناضل، «أو فرصة لعودة ابن الوطن الضال إلى رشده الوطني».
كائن مهدم
يتجسد المناضل لدى الروائي السعودي في صورة كائن مهدم وغير مؤهل سياسياً، «يسكنه الخوف، أو يميت نفسه بنفسه بالإفراط في الكحول والتدخين والأوهام والثرثرة، كما يتم رسم معالمه على المستوى الاجتماعي كشخصية معتلة، مشوشة وغير مستوية نفسياً». مناضلون من دون سمات ثورية... إذ لا يجرؤ أحد منهم على التفكير بالهرب من السجن، ولو من منطلق التمني والتوق إلى الحرية، وهو تمنع يخصي الخيال الروائي». على أن هذه المواصفات تبدو مجحفة وغير دقيقة، من وجهة نظر العباس، فهي لا تعبر عن جوهر الشخصيات النضالية، وعمق درايتها بالشأن السياسي.
يتأمل صاحب «نهاية التاريخ الشفهي» روايات عدة، مثل «شقة الحرية» لغازي القصيبي، التي يرى أنها تتوافر على شروط الرواية السياسية بمعناها الاصطلاحي، «فهي معنية فعلياً بمجادلة البناء العلوي للسياسة، كالأحزاب والتنظيمات والنقابات وكل أشكال ومركبات السلطة. كما أن سياقاتها محمولة على وعي وممارسات شخصيات روائية فاعلة، وغارقة في الهم السياسي». يبقى غازي القصيبي، وفقاً للعباس، مهجوساً باستنطاق مكامن الاختلاف «واكتشاف مواطن التهافت يبن الطروحات السياسية والأفكار الحزبية السائدة داخل لحظة تاريخية معرفة». غير أنه ينهي روايته بتوبة بطله (فؤاد الطارق) عن الحياة الحزبية، والعودة إلى أحضان الوطن ووعوده. وغير بعيد من ذلك يسرد سعد الدوسري حياة عائد آخر، «تائب هو الآخر عن النضال من دون أن يستتاب أصلاً»، في روايته «الرياض - نوفمبر 1990». وعلى رغم ذلك يعتبر العباس رواية الدوسري سياسية بامتياز، «بالنظر إلى كون السياسة بكل بناها العلوية، ومعانيها اليومية، تسيطر على مناخاتها، حيث تتحرك الرواية أيضاً على حافة حرب الخليج، وتظاهرات النساء المطالبات بقيادة سياراتهن في الرياض».
في حين أراد إبراهيم الخضير، من خلال روايته «العودة إلى الأيام الأولى»، التأريخ لمرحلة أثيرة في نفوس المناضلين بسرد سيرة مجهولة، كما حاول المزج بين زمنين: «زمن آفل لم يستوطن الذاكرة الوطنية، وراهن عصي على الفهم، من خلال بطل خائب لم يحقق أي إنجاز ثوري، مناضل مستدعى من الماضي أيضاً، وقد أسلمته عزلة المنفى التأديبية، وخيباته النضالية إلى اليأس والمرض، فصار يستحضر ماضيه مع رفاقه وأفكارهم». الرواية أيضاً عدها العباس مرافعة رثائية للمرحلة ومناضليها العروبيين، «من دون أن يشتبك مع نسيجهم الداخلي أو يساءلهم إلا بصورة عابرة لا تكاد تذكر». ولا تبدو رواية «طوق الطهارة» سياسية، «عند الاحتكام إلى المعنى الاصطلاحي لمفهوم الرواية السياسة»، فمعجمها السياسي «يتميز بعبارات أدبية مسبوكة بعناية فائقة»، ويعاني من فقر واضح على مستوى المفردة المشتقة من حرقة التجربة، وعمق الدلالات.
تركي الحمد أقام محاكمة غير متكافئة ضد المتأدلجين، «ونكل بالمتحزبين بلا هوادة، الأمر الذي يعني أن إقراره بالتحول التاريخي الذي اتخذ من الرواية سبيلاً لتسجيل انزياحات وعيه، لم يترجمه في روايته التي من المفترض أن تكون محلاً للتغيير، وإعلان الرغبة لتحريك اللحظة المتخثرة». والصادم عند الحمد، كما يقول الكتاب، «يكمن في اتكائه على أحادية صوته، وذاكرته الانتقائية، وتحويل ثلاثيته (العدامة، الشميسي والكراديب) إلى خطاب أهدر بموجبه القيمة التاريخية للتجربة»، في الوقت الذي تعمد التركيز على الملامح الشكلية لرفاقه المناضلين والمثقفين، «في ما يبدو إمعاناً في تحقير المتحزبين».
وعلى عكس غالبية النماذج النضالية، صمم علي الدميني، في «الغيمة الرصاصية» بطله كمناضل سياسي عنيد، «يتمتع بشخصية حقيقية على أرض الواقع، لا يراود نفسه بالتوبة كالآخرين، ولا يردد مثلهم دعاوى الخيبة وعبثية النضال ولا جدوائيته». تطرح رواية الدميني السياسية رؤية أيديولوجية، «وتعالج أزمة الحرية، وبالتالي فهي تعكس بالضرورة صيرورة الحداثة الاجتماعية، كما يجوهرها في بؤرة الصراع السياسي». وعلى رغم أن الدميني رسم «بمنتهى الوعي» صورة حية من صور البطولة الجماعية، وصلابة الموقف السياسي الموحد، إلا أنه بالغ في التموضع «كسارد على حافة مربكة بين اللعبة الأدبية، وبين الشهادة الشخصية الحية». في الكتاب، يتناول محمد العباس أيضاً روايات «الحمام لا يطير في بريدة» ليوسف المحيميد و«شغف شمالي» لفارس الهمزاني و«عين الله» لخالد المجحد و«رقص» لمعجب الزهراني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.