تعرضت "الوسط" قبل فترة لموضوع تصوير الأفلام الأجنبية في مصر اثر الضجة التي اثيرت حول فيلم "جوهرة القاهرة" الذي قيل انه يسيئ الى مصر والاسلام، واشارت اصابع الاتهام حينئذ الى بعض الجهات الانتاجية في مصر التي تقوم بتسهيل امور الأجانب الباحثين عن سلبيات المجتمع المصري. وهذه الايام تطفو على السطح من جديد تلك القضية الشائكة بعد ان فجّرها الخلاف الحاد الذي نشأ بين المخرجة ايناس الدغيدي والممثلة جالا فهمي اثناء تصوير فيلم "العري" الذي يشارك في بطولته ايضا كل من يسرا وأشرف عبدالباقي ومحمود قابيل. وقد يبدو للوهلة الاولى عدم وجود علاقة بين الموضوعين لكن واقع الامر يقول عكس ذلك. تفسر الممثلة جالا فهمي هذا التشابك بين الموضوعين، فتحكي ل "الوسط" تفاصيل الشرارة الاولى التي دفعت بالأحداث إلى التلاحق. تقول إنها فوجئت اثناء تصوير دورها في فيلم "العري" مع المخرجة ايناس الدغيدي بكاميرا اخرى غير كاميرا الفيلم الاصلية. فظنت انه احد البرامج التلفزيونية التي اعتادت التصوير داخل بلاتوهات السينما اثناء انجاز اي فيلم، وكانت تصور في ذلك اليوم مشهداً تؤدي فيه فاصلاً من الرقص الشرقي لكنها لاحظت ان الوجوه الموجودة في الاستوديو غير مصرية، والأهم من هذا انها لاحظت انهم يدفعون بطفل صغير مهلهل الثياب ليمر أمام الكاميرا ليظهر معها في الصورة على رغم عدم وجود أي شيء من هذا القبيل في السيناريو الأصلي للفيلم. فكان طبيعياً ان يدفع ذلك بالشكوك في نفس الممثلة، فراحت تسأل عن هؤلاء الغرباء الذين يتعاملون مع الفيلم وكأنه خاص بهم، فعرفت عن طريق المخرجة انه فريق عمل الماني يصور فيلماً تسجيلياً في حب مصر تحت قيادة مخرج الماني اسمه بيتر كيرن وصفته لها المخرجة المصرية بأنه من اعظم المخرجين الألمان. جن جنون جالا فهمي، على حد تعبيرها، اذ كيف تتحول من ممثلة محترفة في فيلم روائي مصري، ترتدي ملابس الدور الذي تؤديه، الى جزء من واقع الحياة في مصر في فيلم تسجيلي من صنع الالمان وغير معروفة جهة تمويله؟ ولماذا هذا الطفل المعدم الذي اقحم في الفيلم الاصلي؟ من المؤكد أنه فيلم مشبوه. هكذا خلصت الممثلة المعروفة التي شعرت ان صانعي هذا الفيلم التسجيلي الذي يقولون انه في حب مصر يسعون الى التأكيد على ان الحياة في مصر عبارة عن راقصات واطفال يمارسون التسول. ولم يعجب هذا التفسير المخرجة ايناس الدغيدي التي اتت بفريق التصوير الالماني، فتطور الامر بين الممثلة والمخرجة الى تراشق بالألفاظ بعد ان كانتا قبل ساعات من هذه الواقعة تقضيان أوقاتاً سعيدة بصحبة صديقتهما المشتركة يسرا التي هي ايضا بطلة فيلم "العري". وأمام ذلك كله، ومن منطلق غضبها من اساءة استغلال مشاهدها في فيلم روائي لتشويه صورة مصر، سارعت الممثلة الغاضبة بإبلاغ الهيئة المصرية العامة للاستعلامات عن هذا الفيلم الالماني باعتبارها الجهة المسؤولة عن تقنين أي تصوير اجنبي في مصر، ولم يشأ مسؤولو الهيئة المذكورة ان يخبروا الممثلة عما تم لاحقاً في شأن هذا الفيلم التسجيلي، مكتفين بإبلاغها بأن مهمتها انتهت عند هذا الحد. غير ان "الوسط" علمت انه تم تشكيل لجنة مختصة قارنت بين سيناريو الفيلم الالماني المصرح له رقابياً وبين المشاهد التي تم تصويرها بالفعل، فتأكد للجميع خلو السيناريو المجاز سلفا من مشهد الراقصة والطفل المتسول، فتقرر على الفوز حذف المشهد المذكور، وتشديد الرقابة على فريق التصوير الالماني لا سيما بعد ان أثار مشكلات أخرى في مدينة الاقصر اثناء استكمال مهمته، لكن الفيلم التسجيلي لم يصادر، على عكس ما اشيع في القاهرة. وعلى رغم ان المخرجة ايناس الدغيدي لم تشأ التعقيب على كل ما حدث مكتفية بالتأكيد أن للممثلة دوافعها الخاصة لإثارة هذه الضجة المفتعلة، فإنها عبرت عن موقفها بطريقة أخرى، إذ اختصرت المشاهد المتبقية لجالا فهمي في فيلم "العري" من 15 مشهداً، كما تقول الممثلة، الى اربعة فقط حسبما تصر المخرجة التي تقول إن هذا هو ما تبقى من دور جالا فهمي، وبناء على ذلك التصاعد تقدمت الممثلة بمذكرة الى الشركة الموزعة للفيلم، وثانية الى نقابة السينمائيين، وثالثة الى نقابة الممثلين لحفظ حقوقها الادبية في الفيلم باعتبار أنها وقعت عقداً لبطولة مشتركة مع يسرا في هذا الفيلم، واستندت في مذكرتها لنقابة الممثلين الى معرفة نقيبها الفنان يوسف شعبان حجم دورها في الفيلم قبل الحذف باعتباره أحد الاسماء المرشحة للمشاركة فيه، بدلا من محمود قابيل الذي حل محله، واطلع على السيناريو في وقت سابق. ومما يرجح صحة ما ذهبت اليه الممثلة المعروفة، انها حلت هي الاخرى بديلة للنجمة رغدة التي اعتذرت قبل فترة وجيزة من بدء التصوير، فهل كانت رغدة تقبل بأقل من البطولة المشتركة امام يسرا؟ وعلمت "الوسط" أنه لم يتم حتى هذه اللحظة بت أي مذكرة من المذكرات التي رفعتها الممثلة على يد محاميها كمال يونس، نظرا لبطء الاجراءات في مثل هذه الظروف. في حين استأنفت المخرجة تصوير فيلمها بعد انتهاء الاجازات، ولم تقم بعد باستدعاء الممثلة الغاضبة لإكمال دورها. والغريب أن الأمر نوقش داخل الاوساط الفنية والاعلامية في القاهرة باعتباره خصومة شخصية بين جالا فهمي ويسرا، استنادا الى ان الثانية على صلة بالمخرج الالماني بيتر كيرن وفريق عمل الفيلم التسجيلي. فيما تؤكد الاولى ان علاقتها بيسرا كانت وما زالت على افضل ما يكون، وان يسرا ليست طرفاً على الاطلاق في هذا الامر، فما كان يعنيها هو تعهد صناع الفيلم الالماني تشويه صورة مصر، واستغلالها رغماً عنها في تحقيق هذا الهدف المشبوه. وهكذا، وحسبما توقعت "الوسط" قبل عام تقريباً، فإن ملف تصوير الأفلام الأجنبية في مصر سيبقى قابلاً للفتح والتداول مع كل واقعة جديدة تثير الشبهات من قريب او بعيد حول هؤلاء الآتيين الى مصر لتصوير افلامهم هناك.