صعود مؤشرات الأسهم اليابانية    النفط يهبط وسط صعود الدولار واحتمالية زيادة إنتاج أوبك+    زلزال بقوة 3ر6 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    الموافقة على النسخة النهائية للقواعد الموحدة لملاك العقارات المشتركة بدول الخليج    النصر يحسم مصير عبد الإله العمري    تجمع القصيم الصحي يطلق خدمة العلاج الكيميائي بالمنزل لمرضى الأورام    %16 تراجعا في الصفقات العقارية    موعد كأس السوبر السعودي 2025-2026    مواعيد كأس الملك 2025-2026    تحديد رباعي السوبر السعودي 2025    مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ ورشة عمل بعنوان "إدارة المشاريع التنموية"    «الداخلية» تصدر قرارات إدارية بحق 12 شخصًا لنقلهم 33 مخالفًا لا يحملون تصاريح الحج    100 برنامج إثرائي لصيف 2025    المجتمع والشريك الأدبي    مصادقة المجلس السياسي الأمني في «الكابينيت» على تنفيذ خطة تسوية    اللواء المربع يتفقد جوازات جسر الملك فهد    المملكة تطلق منتدى TOURISE وتقود قطاع السياحة العالمي إلى آفاق واعدة ومستدامة    حرس الحدود يحبط تهريب 28,000 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي بجازان    محافظ الطائف يعقد اجتماعًا لتفعيل مبادرات التشجير    سمو أمير منطقة نجران يتفقد مدينة الحجاج ويطلع على خدمات هيئة الأمر بالمعروف بمنفذ الوديعة بشرورة    جدة تحتضن بطولة نخبة الطائرة بمشاركة 4 فرق    تركي بن محمد بن فهد يستقبل نائب رئيس مجلس الوزراء في تركمانستان    زامر الحي لا يطرب    تدشين صالة جديدة للغسيل الكلوي للحجاج بالمدينة    أمير منطقة جازان يستقبل المهنئين بتعيينه أميرًا للمنطقة    الجمعة.. قمتان من أجل نهائي "البلاي أوف"    "مستشفى المانع بالخُبَر" ينجح في استئصال ورم دماغي كبير لمريض عجزت مستشفيات عدة عن علاجه    الفطيم BYD تُطلق سيارة SEAL 7 الجديدة كلياً في المملكة العربية السعودية    السكري تحت المجهر: فهم الحالة والوقاية    مركز الملك سلمان للإغاثة يُسيّر الدفعة ال17 من الجسر البري الإغاثي السعودي لمساعدة الشعب السوري    علامة HONOR تكشف عن سلسلة HONOR 400 Series بكاميرا 200 ميجابكسل مدعومة بالذكاء الاصطناعي و AI Creative Editor الرائد    اتصال أم تواصل مؤسسي..؟    المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة يلتقي مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي    هيئة النقل تحذر: لا تشوهوا المشهد بالحواجز العشوائية    تحرك سعودي فاعل.. وضغط غربي على إسرائيل.. صرخات أطفال غزة توقظ العالم    تحقيق الاستقرار عبر سلطة شرعية موحدة.. توافق لبناني فلسطيني على إنهاء السلاح خارج الدولة    القيادة تعزي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان في وفاة حمد النعيمي    إقفال طرح الصكوك المحلية    إبداعات" إثراء" تسطع في" داون تاون ديزاين الرياض"    تزامنا مع العام الثقافي الصيني- السعودي الأول .. افتتاح الصالون الإعلامي «الزيارة الودية على خطى تشنغ خه»    تدشين إصدار أحمد فلمبان.. «الفن التشكيلي السعودي في ذكرى التسعين»    مكتسب جديد لمستهدفات الرؤية الطموحة.. السعودية «دولة العام» في الابتكار وريادة الأعمال    أمير الرياض يطلع على الأعمال الميدانية والرقابية ل" الأمانة"    دعوة للتحرك لإيجاد حل عاجل.. تحذيرات أممية ودولية من تفاقم الأزمة الإنسانية باليمن    أفراح عشقي وشاولي بعقد قران ماهر    إغلاق مستودع لتكرير "الزيوت المستعملة" في جدة    ملابس للاستخدام المتكرر بنكهة البرتقال    حفاظ وحافظات جمعية خيركم يشكرون نائب أمير منقطة مكة وسمو محافظ جدة    المكافأة على المعروف    نائب أمير مكة يتفقد صالة مبادرة " طريق مكة" بمطار جدة    "هيئة المتاحف" ومتحف طارق رجب يوقعان مذكرة المستقبل    أمير المدينة يشيد بدور مركز 911 في دعم الأمن وخدمة ضيوف الرحمن    المكانة لمن يستحقّها    الضب لا ينام ولا يرعى صغاره!    نجاح عملية روبوت في جراحة الصدر بطبية مكة    حطين يتوج بكأس دوري الدرجة الأولى لكرة القدم الشاطئية    بحضور محافظ الطائف ..العدواني يحتفل بتخرج نجله    أمام خادم الحرمين الشريفين.. أمراء يؤدون القسم عقب صدور الأوامر الملكية بتعيينهم في مناصبهم الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب محفوظ - محمود أمين العالم : رؤية ثنائية للواقع
نشر في الحياة يوم 12 - 10 - 1998

إنجاز نجيب محفوظ الأدبي يكاد يكون التعبير الفني العميق عن تاريخ مصر: من السياسة والمجتمع وصولاً إلى الذوق الفنّي، مروراً بالقيم بشكل عام. وتعبيره ليس احادي الاتجاه، بل يحرص على الكشف، ويسجل تناقضات الواقع أو ثنائياته. إنّه في تقديري صاحب رؤية ثنائية للواقع. وبهذا المعنى يعبر عن التضاريس الوجدانية والذوقية لمصر منذ بداية القرن، وحتى آخر قصة نشرها في مجلة "نصف الدنيا" بعنوان "العاصفة".
ذات مرة قلت عن توفيق الحكيم انه مفكر اكثر منه فناناً، وفنان اقدر منه مفكراً، أما محفوظ، فنكاد نجد عنده تجانساً بين الفكر والابداع. إنّه مفكر كبير، وهو منذ اول كتاب ترجمه عن تاريخ مصر القديمة ثم مجموعة قصصه الفرعونية، عبّر عن وعي مصر. وبقيت كتاباته حتّى المرحلة الأخيرة، متابعة فكرية نابعة من معايشة ويقظة، وصادرة عن عين كاشفة وناقدة ومتسائلة في تحليلها الواقع واستشرافها المستقبل. لن تجد لدى الحكيم العمق الذي عند محفوظ.
ومع أن أدبه يقوم على الفنية أساساً، فهو ادب اطروحة في كل ما كتب. انه لا يكتب للتسلية على رغم وجود هذا العنصر في كتاباته، ولا يقدم لوحة جميلة على رغم ما في اعماله من لوحات جميلة، ولا يكتفي بتشخيص الواقع وبناء أنماط وشخصيات... بل هو مسكون بهم الاحاطة المعرفية بمصر، ومنشغل بمستقبلها، لذا نجد في كتاباته كلها روح الكشف وروح النقد. لكن الرواية فن خبيث كما قال بنفسه في الثلاثية، فهو لا يفصح عن رسالته ابداً. أما أدبه فيقول من دون ان يقول، وينتقد من دون أن يشتمل على نقد صريح، ويبشر من دون أن يكون هناك تبشير واضح إلا في حالات عابرة.
دائماً في ادب محفوظ توجد رسالة، إنما غير مباشرة. أحياناً نشتمها على سطح النص، وهي دائماً رسالة من أجل تجاوز الواقع. والغريب انه يعشق الواقع، ويعشق مصر بسلبياتها، ولذلك تجد ان رواياته الاخيرة في مرحلة ما بعد الناصرية خصوصاً، أكثر تحديداً وحسماً. في "المرايا" تتكلم شخصيات حية وتصدر الاحكام، وفي "ما وراء العرش" يحكم على تاريخ مصر محاولاً البحث عن صيغة مشتركة، ويتنقّل بين مراحل مختلفة من تاريخ مصر كاشفاً ما تنطوي عليه من ثنائية، ويطلق أحكاماً قاطعة في عبد الناصر فيمتدحه ويهاجمه، وفعل الشيء نفسه مع السادات. انه يقول ولكنه يقول بالفن، وفنه لا يقل عمقاً عن فكره.
في أدب محفوظ عمق نظري، يجمع بين أكثر من مفارقة. إذ تحس عنده بنوع من القدرية التي تبرز عن طريق المصادفة رواياته مليئة بها. ولكن المصادفات عنده تبدو ضرورة كما في "الثلاثية" و"بداية ونهاية" وغيرهما. عالمه محكوم بالقدر والضرورة، ونقع على القدرية في كثير من اعماله، كأن التاريخ يكرر نفسه. أدب محفوظ كله يكشف تشخيصاً نقدياً استشرافياً للواقع، وهو أدب متطلع للمستقبل، ولكنه منشغل بالواقع. ووراء هذا الهم السياسي في اعماله، شخصيّة مفكر صاحب رؤية كونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.