جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    أمير تبوك يهنئ نادي الهلال بمناسبة تحقيق كأس خادم الحرمين الشريفين    توجيه الدمام ينفذ ورشة تدريبية في الإسعافات الأولية    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تفعّل خدمة «فعيل» للاتصال المرئي للإفتاء بجامع الميقات    فيصل بن فرحان يؤكد لبلينكن دعم المملكة وقف إطلاق النار في غزة    المملكة تدين محاولة إسرائيل تصنيف «أونروا» إرهابية    الهلال.. ثلاثية تاريخية في موسم استثنائي    المملكة تستضيف بطولة العالم للراليات 2025    التصميم وتجربة المستخدم    مقاطع ريلز التجريبية أحدث ميزات «إنستغرام»    لهو الحيتان يهدد السفن في المحيط الأطلسي أرجعت دراسة ل "اللجنة الدولية لصيد الحيتان"، سبب    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    سفاح النساء «المتسلسل» في التجمع !    «تراث معماري»    تكريم «السعودي الأول» بجائزة «الممارسات البيئية والحوكمة»    تعاون صناعي وتعديني مع هولندا    تعزيز العلاقات الاقتصادية مع ايطاليا    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة 15 في تاريخه    آرسنال يقطع الطريق على أندية روشن    الإسباني" هييرو" مديراً رياضياً للنصر    الاتحاد يتوّج بكأس المملكة لكرة الطائرة الشاطئية    حجاج الأردن وفلسطين يشيدون بالخدمات المقدمة بمنفذ حالة عمار    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    إحباط تهريب 6,5 ملايين حبة كبتاغون في إرسالية "إطارات كبيرة"    «المدينة المنورة» صديقة للتوحد    روبوتات تلعب كرة القدم!    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    فرنسا تستعد لاحتفالات إنزال النورماندي    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    فرز وترميز أمتعة الحجاج في مطارات بلدانهم.. الإنسانية السعودية في الحج.. ضيوف الرحمن في طمأنينة ويسر    تركيا: تكاثر ضحايا هجمات الكلاب الشاردة    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    ورشة عن سلامة المختبرات الطبية في الحج    الليزر لحماية المجوهرات من التزييف    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    شرطة الرياض تقبض على مقيمَين لترويجهما «الشبو»    ثروتنا الحيوانية والنباتية    النفط يستقر قبيل الاجتماع ويسجل خسارةً أسبوعيةً    بلد آمن ورب كريم    ضبط (5) مقيمين بالرياض إثر مشاجرة جماعية في مكان عام لخلاف بينهم    مشروع الطاقة الشمسية في المركز الميداني التوعوي بالأبواء    شراكة بين المملكة و"علي بابا" لتسويق التمور    متنزه جدر بالباحة.. قبلة عشاق الطبيعة والسياحة    ترحيل 13 ألف مخالف و37 ألفاً تحت "الإجراءات"    "نزاهة": توقيف 112 متهماً بقضايا فساد في 6 وزارات    بَدْء المرحلة الثانية لتوثيق عقود التشغيل والصيانة إلكترونياً    جامعة الطائف ترتقي 300 مرتبة بتصنيف RUR    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" سألت خمسة من قيادات المعارضة العراقية
نشر في الحياة يوم 03 - 11 - 1997

لم تحظ المعارضة العراقية بدعم اكبر وأقوى من الدعم الذي حظيت به منذ غزو القوات العراقية للكويت. وتمثل هذا الدعم بأموال أغدقت على الكثير من تنظيمات المعارضة وكان "المؤتمر الوطني العراقي" الذي اعتبر مظلة لعدد من هذه التنظيمات، في وقت من الاوقات صاحب الحصة الكبرى.
ولم تمر فترة زمنية حتى بدأت بعض هذه الفصائل المعارضة تتعرض لانشقاقات، اعقبها كشف وسائل الاعلام الاميركية الرئيسية عن دعم مادي فاق المئة مليون دولار اميركي قدمته وكالة الاستخبارات الاميركية للعمل على قلب نظام حكم الرئيس صدام حسين، او جمع معلومات عن القدرة العسكرية العراقية.
وقد تمكنت تنظيمات عراقية معارضة من تنفيذ محاولات لقلب النظام في بغداد لم يكتب لها النجاح وأدت الى اعدام كل من كشف الحكم في بغداد عن ضلوعه فيها. والاقتناع الآن لدى كثيرين من قادة المعارضة في الخارج، وبعضهم لا يمثل اكثر من زوجة واطفال وعدد من الاصدقاء، ان اي تغيير للحكم في العراق لا بد ان يأتي من داخل العراق وربما من قلب المؤسسة الحاكمة.
بعض الذين اتصلت بهم "الوسط" من الذين تصدروا العمل العراقي المعارض كالدكتور احمد الجلبي رئيس المجلس التنفيذي للمؤتمر الوطني العراقي رفض الحديث عن اسباب فشل المعارضة في اطاحة نظام الرئيس صدام حسين وفي اقناع العالم بأنها بديل واقعي ومناسب من الحكم الحالي، اما السيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الاسلامي الاعلى، فقال انه لا يريد ان يكون المجلس الاعلى جزءاً من حالة المعارضة التي نحن بصدد الحديث عنها.
واستطلعت "الوسط" آراء السادة: محمد بحر العلوم، قيادي مستقل في المعارضة، واللواء حسن النقيب العضو السابق في المجلس الرئاسي للمؤتمر الوطني العراقي، والسيد سعد صالح جبر، رئيس المجلس العراقي الحر، واللواء الركن وفيق السامرائي الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية العراقية، والدكتور اياد علاوي الأمين العام لحركة الوفاق الوطني العراقي.
وقد أجمع هؤلاء القادة على وجود عناصر سلبية في مسيرة المعارضة، لكنها لم تكن السبب الأساسي في عدم اطاحة حكم الرئيس صدام حسين.
واعتبر الدكتور اياد علاوي الحديث عن فشل المعارضة بأنه حديث سابق لأوانه، في حين عزا السامرائي الفشل الى التناقضات الاقليمية الحادة والتعارض في مصالح الدول الكبرى.
وتساءل السيد بحر العلوم عن المطلوب من المعارضة داعياً الدول المؤثرة الى ترك المعارضة وشأنها، في حين قال النقيب ان على المعارضة الاستفادة من عبر الماضي المؤسف لتشكيل معارضة تنبثق من ارادة عراقية صحيحة ذات اطار عربي متين واسلامي يساعد على حمايتها.
محمد بحر العلوم: تناقضات دولية
بذلت المعارضة العراقية، خصوصاً فصائلها النابعة من طبيعة الشعب العراقي الحقيقية الجهود الجبارة في طريق صراعها مع نظام صدام، ولكن على رغم ذلك فان هناك عوامل خارجة عن ارادة هذه المعارضة ساهمت في اضاعة الفرص في اسقاط هذا النظام.
وأنا اذ اقول ذلك ارفض في الوقت نفسه المنهج الذي يتبعه بعضهم في إلقاء المسؤولية على العامل الخارجي دائماً وبصورة ساذجة، ففي نظري ان هناك عناصر سلبية في مسيرة المعارضة الا انها ليست هي السبب الاساسي في عدم الاطاحة بالنظام الصدامي.
4 أسباب
من اهم الاسباب الاساسية في عدم تمكّن المعارضة حتى الآن من اسقاط النظام هي:
1 - الصراع الاقليمي في المنطقة واختلاف المصالح فيما بينها، الذي يصل الى درجات حادة في بعض الاحيان، بل في معظم الاحيان، وحيث ان العراق اهمّ، او من اهمّ المفردات السياسية في منطقة الشرق الاوسط، فان اختلافات هذه الدول الاقليمية في تصوراتها المستقبلية عن النظام البديل في بغداد تضع المعارضة غالباً في منطقة انعدام الحركة.
2 - مشكلة القوى الدولية في قضية التغيير في العراق التي تقوم على فكرة الاصرار على بقاء النظام وتغيير شخص صدام بشخص آخر يمتلك كل المقومات الموجودة في شخصية صدام لحفظ مصالح هذه الدول، لكن بصورة جديدة غير متسخة كما هو الحال مع صدام الذي طغت عليه طبقات من الممارسات التي تجعل حكومات هذه الدول محرجة بعض الاحيان امام شعوبها.
3 - على الرغم ان العراق كشعب ووطن ودولة يمر في ادنى درجات التدهور في تاريخه المنظور، الا ان الماكينة المخابراتية الامنية ما زالت تمدّ بأطرافها الاخطبوطية الى مختلف النواحي. وفي تقديري ان هذه المشكلة لو كانت وحدها فإن الشعب العراقي قادر على مواجهتها على رغم صعوبتها، الا ان المشكلتين السابقتين تمكّنان هذه الماكينة من العمل المستمر، وذلك من خلال الثغرات الكبيرة التي تمرّ من خلالها شرايين حياتها الدموية.
4 - اما على صعيد المعارضة ذاتها فلا نستطيع ان نبرئها من التشرذم وتعدد المرجعيات وادخال عناصر في قياداتها، ممن لا يقنع الشعب العراقي بصلاحهم لحمل المهمة القيادية في معركة الاطاحة بصدام.
وعن الجانب الآخر من السؤال وهو هل ان القضية هي في حقيقتها فشل المعارضة في اقناع العالم بأنها البديل الواقعي والمناسب للحكم، ام انها عدم جدية دول القرار في مساعدة الشعب العراقي في اسقاط النظام، ومن ثم اختلاق مبررات غير واقعية من قبل دول العالم المشار اليها لإبراء ذمتها في التعاون مع المعارضة العراقية، او على الاقل عدم معارضتها وهي تناضل من اجل تغيير النظام، فإن من حق المعارضة ان تسأل دول العالم ماذا يقنعكم، بعدما قدّمت مختلف الاطروحات لاسقاط النظام ومارستها على صعيد الواقع وكانت قاب قوسين او ادنى من اطاحة نظام صدام في الانتفاضة الشعبانية عام 1991 لولا الدعم المباشر وغير المباشر لبعض القوى الاقليمية والدولية للنظام بذريعة الخشية من البديل القادم، وبعدما التقت كل قواها الاساسية في اطروحات يمكن اعتبارها قريبة جداً من التوجهات العالمية المشار اليها والتي لفظت انفاسها اخيراً وكانت رصاصة الرحمة قد اطلقت من قبل هذا "العالم" المشار اليه في سؤالكم.
ان المعارضة قدّمت اطروحة الخلاص بإقامة حكم انساني ديموقراطي يحترم روابط الجوار ويقرّ ويلتزم الشرعية الدولية ويؤمن بحقوق الانسان ويرغب في معالجة الوضع المأسوي الذي يعيشه الانسان العراقي.
وقد حولت هذه المعارضة المنطلقات الى صيغ عملية تنظيمية اجتمعت فيها فصائلها من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، اسلاميها وعلمانيها، عربيها وكرديها، سنيها وشيعيها، لكن التناقضات الاقليمية والدولية هي التي اجهزت على ذلك.
حسن النقيب: مصالح الخارج
إذا اردنا الخوض بعمق في تفاصيل موضوع المعارضة العراقية وأسباب فشلها في تحقيق أي من أهداف شعبنا العراقي الأسير والمضطهد وعدم اقتناع الرأي العام العالمي بأنها البديل للنظام في بغداد لاحتجنا الى مجلدات كبيرة، لكنني في هذا المجال سأختصر على النقاط الأساسية التي يمكن تقسيمها الى عوامل خارجية وداخلية. وهنا لا بد لي من الاشارة وبشكل رئيسي الى ان المعارضة الوطنية المؤهلة لخدمة شعبها لا بد لها ان تستند بالدرجة الأولى على الباري عز وجل وعلى قوة شعبها الذي هو الهدف المراد انقاذه.
ان العامل الخارجي معروف بالتزامه بمصالحه وليس معنياً بمصلحة الشعب العراقي، حيث ان مصلحة الشعب العراقي آخر ما يهمه. مرت المعارضة العراقية بمراحل صعبة كان اعتمادها فيها على العامل الخارجي وهذا ما كنا لا نريده مطلقاً.
ان العامل الداخلي الذي ساد توجهات المعارضة العراقية كان متبايناً وقد عملنا الكثير وبذلنا جهوداً مضنية في جمع شمل هذه الفصائل لكننا فشلنا سنوات عدة، الى ان انبثق ما يسمى بالمؤتمر الوطني العراقي حيث بقيت كافة الخلافات وعوامل الشد والجذب موجودة ضمن هذا المؤتمر. وقد بذلنا جهوداً مضنية لازالة هذه الخلافات والتوجهات حيث لم ننجح وهكذا تفجرت الخلافات الحادة، التي تسببت في شروخ عميقة ومؤسفة في جسد المعارضة العراقية.
والمطلوب الآن هو اعادة النظر جذرياً في تكوين جسد المعارضة العراقية والاستفادة من عبر الماضي المؤسف حيث لا يتحمل شعبنا بعد كل هذه المعاناة الفشل، فالمعارضة الحقيقية في نظري يجب ان تنبثق من ارادة عراقية صميمة ذات اطار عربي متين واسلامي يساعد على حمايتها من مؤامرة الطغاة ومن الصهيونية واسرائيل ومن يدور في فلكهم ولا مجال للفشل بعد الآن، وأنا على يقين بأن رجال المعارضة العراقيين على اختلاف مواقعهم يجب ان يتحلوا بخلق صحابة رسول الله صلعم وآل بيته.
وفيق السامرائي: العمل المسلح
من الواضح ان المعارضة العراقية فشلت في اطاحة نظام صدام على رغم التداعيات وحالات التشقق التي حدثت في هياكله الاساسية، والحقيقة الأخرى هي ان المعارضة فشلت في تكوين البديل من النظام.
هذه حقيقة لا يجوز بل لا يمكن انكارها أو اغفالها، الا ان هذه المعضلة أو المعضلات الكبيرة لم تتولد من الفراغ بل تعود الى اسباب جوهرية تتعلق بالمسائل الاتية:
- التناقضات الاقليمية الحادة والمصالح المتعاكسة بين الدول المجاورة للعراق خصوصاً والاقليمية عموماً.
- التعارض في مصالح الدول الكبرى الذي ينطلق من مرتكزات ومنطلقات اقتصادية صرفة.
- التعدد، العرقي والطائفي في العراق.
ولكن قبل ان نخوض جزئياً في العناصر الثلاثة لا بد من التركيز على حالة التمييز بين المعارضة الداخلية والمعارضة الخارجية، فأصل المعارضة في العراق يتعلق بالامور الداخلية والعلاقة السلبية القائمة بين النظام والشعب اما المعارضة الخارجية فقد ولدت من ثلاثة اتجاهات:
بعثيون واسلاميون
الاتجاه الأول: يضم معارضي الداخل الذين اضطروا الى مغادرة العراق للافلات من قبضة الموت التي كادت أن تحيط بهم من جراء مناوأتهم النظام وبين هؤلاء بعثيون واسلاميون من كلتا الطائفتين.
الاتجاه الثاني: يضم عراقيين عاشوا في الخارج مع الابقاء على بعض من تطلعاتهم صوب العراق، وهؤلاء ايضاً يقسمون الى قسمين: قسم لا صلة سياسية له داخل العراق، في ما يحرص الطرف الآخر أو القسم الآخر على تكوين هذه العلاقة أو استمراريتها.
الاتجاه الثالث: يضم العراقيين الذين استقطبتهم المصالح الاساسية للدول سواء عن طريق اجهزة المخابرات أو عن طريق المؤسسات السياسية، وعندما يكون اتجاههم وطنياً خالصاً فان التعامل مع الاجانب لا يشكل معضلة في حد ذاته.
وتبقى مسألة العلاقة بين الداخل والخارج مربوطة بالنتائج المتحققة وبفهم متطلبات الوضع داخل العراق، فالذين لا يملكون اتصالاً مستمراً مع الداخل يبقون في غاية البعد عما يجري هنالك.
ومن السذاجة ان يعتقد احد بأن ما في الخارج يحدد مراسم الداخل، فكل الشعب العراقي بل كل اجهزته ليس مع صدام الا ان الظروف المحيطة تجعل عملية التغيير لا تخلو من التعقيد.
بقي الموقف الاقليمي على رغم معاداة كل الدول المحيطة بالعراق لصدام شخصياً، مؤذياً لمشاريع اطاحة صدام ونظامه، وغالباً ما تكون المعارضة العراقية في البلدان العربية متأثرة بالموقف الرسمي للدولة التي لجأوا اليها وبدرجات متفاوتة، وهذا يزيد من التمزق.
لقد تدخلت بعض الدول الاقليمية بقوة لعرقلة عملية التغيير ولكنها على اي حال عرقلة مرحلية.
وأرى ان تخلص المعارضة من آثار التباين الاقليمي يعتبر مفيداً الى حد كبير على ان لا يفهم بانه ابتعاد وجفاء وعدم تنسيق مع تلك الدول فعندما نريد ان نقول سيئاً لا بد من أن نقوله...
المشاريع السابقة
لم تنجح المشاريع السابقة لانها لم ترتكز الى منهجية محددة في الاتصال بالداخل اي داخل العراق ووسطه وجنوبه اي خارج المنطقة الكردية، وصرفت الاموال على ما يبدو بطرق لا تخدم عملية التغيير الحقيقية ولا ادري من المسؤول؟ هل الذين اعطوا المبالغ حددوا اوجه الصرف ام ان الذين اخذوها تصرفوا بطريقة معينة؟
لا يجوز ان ندير ظهرنا لهذه الحقائق، هنالك احزاب شيعية صرفة واخرى سنية صرفة وكردية خالصة، وهذا ترك نوعاً من التعقيد على القضية الوطنية، والمطلوب الآن التنسيق بين كل الاطراف وليس الانصهار.
ان اسرع طريقة لاطاحة صدام العمل المسلح، على شاكلة عمليات آذار 1995 وبطريقة أوسع.
الا ان الغرب والعرب لا يريدون هذا الاسلوب لاعتقادهم بانه قد يتسبب بنوع من الغلبة للدور الايراني ويفضلون على ذلك انقلاباً عسكرياً.
سعد صالح جبر: توحيد الخطاب
أود التوضيح، في البدء، ان المعارضة العراقية، حسب مفهومنا، لا تقتصر على المعارضة في الخارج، بل هي جزء مكمل لمعارضة الداخل ومساند لها ومعبر عن تطلعاتها وأهدافها. والمقصود بمعارضة الداخل معارضة اكثرية الشعب والقوى الوطنية والحية داخل الجيش والقوات العسكرية والأمنية المسلحة الأخرى.
والمعارضة العراقية، بهذا المفهوم، لم تفشل انما لم تنجح في اطاحة صدام، والفرق واضح ومهم بين المصطلحين، فالمعارضة لم تخض عملية انتخابات حرة، غير مسموح بها اصلاً في ظل النظام، كي يحدد ذلك فشلها أو عدمه. لكن معارضة الشعب، ومعه الجيش، عبرت عن نفسها بأسطع تعبير في انتفاضة ربيع 1991، ثم عبرت عن نفسها ايضاً، بعدد غير قليل من المحاولات الانقلابية العسكرية ومحاولات اغتيال صدام. وكان لنا شرف المساهمة في الاعداد لواحدة من أهم المحاولات الانقلابية العام 1993 التي، للأسف الشديد، كشفت، وأعدم صدام اكثر المخططين لها في الداخل بقسوة لا يتصورها عقل. وعدم النجاح هذا، ولا أقول الفشل، يرجع الى عدد من الاسباب اهمها:
أولاً: قسوة النظام وأساليبه الدموية في قمع معارضيه، لأن أي نظام حكم آخر، مهما بلغ مستوى استبداده، كان سيهرب رأسه أو يستقيل أو يرحل، حين يرى غالبية الشعب تنتفض ضده، وبذلك يحقق الشعب والمعارضة الانتصار. لكن في حالة العراق لم يحدث هذا!
القوى الدولية
ثانياً: عدم رغبة القوى الدولية المعنية بالشأن العراقي، خصوصاً اميركا وبعض الجهات الاقليمية في اطاحة النظام. حيث ساعد بعضها، بهذا الحد أو ذاك، النظام على البقاء في السلطة وقمع الانتفاضة، وعرقلة أي عمل أو أي محاولة انقلابية، بعد ذلك لأنها تعتقد، خطأ أو صواباً، ان مصالحها الخاصة تتطلب ذلك.
ثالثاً: الاخطاء التي وقع فيها بعض القوى والتنظيمات الشعبية والعسكرية في الداخل والخارج، سواء من حيث القيام ببعض الممارسات الخاطئة، أو رفع الشعارات غير المناسبة، مما كان يربك عمل قوى التغيير.
الداخل لا يستطيع
رابعاً: عدم تمكن قوى المعارضة في الخارج من توحيد خطابها السياسي وأطرها التنظيمية ومواقفها، بما يساعد قوى التغيير في الداخل ويدعمها على العمل والتحرك بثقة واطمئنان لمستقبل عملية التغيير.
اما في ما يتعلق بالشق الثاني من السؤال فأقول، ان المعارضة في الخارج، لأن معارضة الداخل لا تستطيع ان تعبر عن رأيها علناً، ولا يمكن القول انها لم تنجح في اقناع الرأي العام، بل ان الرأي العام الدولي لا يريد الاقتناع بأن البديل من نظام صدام سيأتي من الداخل، وان قوى التغيير الوطنية تنسق الآن وفي المستقبل في ما بينها، من اجل ان يكون البديل معبراً عن ارادة الشعب العراقي.
اقناع الشعب
ان الجهات الدولية التي ساعدت في تشكيل بعض الاطر للمعارضة وقدمت لها مختلف المساعدة، اعتبرتها لفترة البديل من الحكم هكذا بقرار منها، لكنها اخيراً اخذت تقول بانها ليست اهلاً لذلك! وهذه لعبة سمجة ومملة كما يرى الجميع. ما يهمنا نحن اقناع الرأي العام داخل العراق أولاً، ثم في الخارج. واهم وسيلة لاقناع الشعب وقوى التغيير بأي اطار أو قوة معارضة هي ان يكون خطابها السياسي، خطاباً وطنياً عراقياً غير فئوي أو تقسيمي، خطاباً متصالحاً ومتسامحاً ومطمئناً للجميع، وان يكون الاطار لذلك مقبولاً يضم في قيادته شخصيات وقوى مؤهلة ونزيهة ومعروفة بالاستقامة والوطنية وتوحي بالثقة للجميع.
ونحن من جهتنا عملنا، ونعمل، من دون كلل أو تردد، مع قوى المعارضة الوطنية وشخصياتها لتحقيق ذلك. لم نفشل، لكننا لم ننجح بعد، وسنستمر حتى ننجز هذا الهدف الذي يشكل خطوة كبيرة جداً في طريق اطاحة صدام ونظامه.
اياد علاوي: التغيير في الداخل
المجابهة بين المعارضة العراقية ونظام صدام لا تزال مستمرة على أكثر من صعيد، لذا اعتقد بأن الحديث عن فشل المعارضة العراقية في معركتها ضد نظام صدام، هو حديث سابق لأوانه. صحيح ان المعارضة عانت من تراجع في جوانب معينة، إلا انها ايضاً استطاعت قطع أشواط واسعة في ميادين ومجالات مهمة أخرى. فهي تقدمت عندما استطاعت اقناع أطراف دولية عدة بضرورة احكام العزلة على نظام صدام وفرض مزيد من الضغوط عليه، وتراجعت عندما لم تسفر مساعيها لدى معظم دول المنطقة عن اقناع هذه الدول بضرورة تقديم دعم ومساندة فعالة للمعارضة العراقية من أجل النهوض بمهامها الوطنية بوتائر اكثر تأثيراً. وتقدمت المعارضة في نشاطاتها الميدانية في وسط وجنوب العراق، وتعرضت الى الاحباط في الشمال نتيجة الظروف غير الطبيعية التي تمخضت عن الاقتتال الكردي - الكردي.
هذه بعض العينات الحقيقية للأوضاع التي تمر بها المعارضة العراقية، كبوات يقابلها نهوض، ونهوض تقابله كبوات، وهذه سمة من سمات أي صراع سياسي، وهي بالتأكيد لا تعني نهاية المطاف بالنسبة الى المعارضة العراقية، لأن العبرة دائماً تأتي في النهاية…
نظام صدام يحاول الايحاء بأنه لا يزال قوياً، لكن الوقائع المعروفة تؤكد خلاف ذلك تماماً… عزلة داخلية وخارجية قاتلة، مؤسسات عاجزة عن اداء مهامها، وغليان مدني وعسكري والرفض لنظام اتخذ أوجهاً عدة من بينها المقاومة المسلحة المنتظمة.
هذه المؤشرات وغيرها الكثير، تجعلنا على ثقة تامة بأن نهاية نظام صدام باتت واضحة اكثر من أي وقت مضى، واستطيع ان أشبه هذا النظام كجسد فارق الحياة لكنه لم يدفن بعد، والفترة القريبة القادمة ستحمل في طياتها مفاجآت كثيرة ربما ستكون حاسمة بالنسبة الى الوضع العراقي، عندها سيكون بمقدورنا الحديث عن موضوعة النجاح او الفشل بصورة مطابقة للحقيقة.
انه وهم قاتل ان تعتقد أي جهة معارضة في الخارج بأنها ستكون البديل القادم لنظام صدام بعد سقوطه. لقد اخطأ بعض الجهات المعارضة عندما صور نفسه بأنه البديل القادم، وهذا لا يعني أبداً انني انكر وجود أي دور للمعارضة العراقية في الخارج في مستقبل النظام السياسي في العراق، فالبديل القادم نأمل ان يكون اطاراً متكاملاً للتعايش السياسي بين جميع القوى الوطنية في العراق من دون استثناء… لكن ان تزعم هذه الجهة او تلك في المعارضة العراقية خارج العراق انها البديل المنتظر، فإنها بالتأكيد تتعمد التنكر لمسألة مهمة وحقيقة ساطعة وهي ان الدور الرئيسي في عملية تغيير النظام ستضطلع به قوى الداخل، وستكون المعارضة العراقية في الخارج عاملاً مهماً لمساعدة هذه القوى وتوفير الأجواء المناسبة لانجاح مهمتها.
وأود التأكيد هنا اننا لسنا بطلاب حكم بمعناه الضيق، بل طلاب تغيير نستطيع من خلاله ان نساهم في انقاذ العراق من كارثة صدام والعمل مع بقية قوى شعبنا من أجل توفير حياة حرة كريمة للعراقيين جميعاً وقيادة العراق نحو شاطئ الأمان بعد هذه العاصفة الهوجاء التي ألمت به نتيجة سياسات وجرائم صدام حسين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.