المسبار الصيني «تشانغي-6» يهبط على سطح القمر بعد شهر على إطلاقه    عدا مدارس مكة والمدينة.. اختبارات نهاية الفصل الثالث اليوم    أمير تبوك يهنئ نادي الهلال بمناسبة تحقيق كأس خادم الحرمين الشريفين    جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    توجيه الدمام ينفذ ورشة تدريبية في الإسعافات الأولية    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تفعّل خدمة «فعيل» للاتصال المرئي للإفتاء بجامع الميقات    المملكة تستضيف بطولة العالم للراليات 2025    فيصل بن فرحان يؤكد لبلينكن دعم المملكة وقف إطلاق النار في غزة    الهلال.. ثلاثية تاريخية في موسم استثنائي    مقاطع ريلز التجريبية أحدث ميزات «إنستغرام»    لهو الحيتان يهدد السفن في المحيط الأطلسي أرجعت دراسة ل "اللجنة الدولية لصيد الحيتان"، سبب    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    سفاح النساء «المتسلسل» في التجمع !    «تراث معماري»    تكريم «السعودي الأول» بجائزة «الممارسات البيئية والحوكمة»    تعاون صناعي وتعديني مع هولندا    تعزيز العلاقات الاقتصادية مع ايطاليا    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة 15 في تاريخه    آرسنال يقطع الطريق على أندية روشن    الإسباني" هييرو" مديراً رياضياً للنصر    الاتحاد يتوّج بكأس المملكة لكرة الطائرة الشاطئية    حجاج الأردن وفلسطين يشيدون بالخدمات المقدمة بمنفذ حالة عمار    روبوتات تلعب كرة القدم!    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    إحباط تهريب 6,5 ملايين حبة كبتاغون في إرسالية "إطارات كبيرة"    «المدينة المنورة» صديقة للتوحد    فرنسا تستعد لاحتفالات إنزال النورماندي    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    التصميم وتجربة المستخدم    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    فرز وترميز أمتعة الحجاج في مطارات بلدانهم.. الإنسانية السعودية في الحج.. ضيوف الرحمن في طمأنينة ويسر    تركيا: تكاثر ضحايا هجمات الكلاب الشاردة    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    ورشة عن سلامة المختبرات الطبية في الحج    الليزر لحماية المجوهرات من التزييف    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    شرطة الرياض تقبض على مقيمَين لترويجهما «الشبو»    النفط يستقر قبيل الاجتماع ويسجل خسارةً أسبوعيةً    بلد آمن ورب كريم    ثروتنا الحيوانية والنباتية    ضبط (5) مقيمين بالرياض إثر مشاجرة جماعية في مكان عام لخلاف بينهم    ترحيل 13 ألف مخالف و37 ألفاً تحت "الإجراءات"    شراكة بين المملكة و"علي بابا" لتسويق التمور    متنزه جدر بالباحة.. قبلة عشاق الطبيعة والسياحة    بَدْء المرحلة الثانية لتوثيق عقود التشغيل والصيانة إلكترونياً    مشروع الطاقة الشمسية في المركز الميداني التوعوي بالأبواء    جامعة الطائف ترتقي 300 مرتبة بتصنيف RUR    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"صدام يطلب في رسالة سرية الى واشنطن فتح صفحة جديدة معها". المعارضة العراقية تكشف أوراقها لپ"الوسط": لهذه الأسباب لم يسقط صدام حسين وهذه خططنا الجديدة للاطاحة بنظامه
نشر في الحياة يوم 02 - 03 - 1992

هل وضعت المعارضة العراقية خططاً جديدة لقلب نظام صدام حسين، وما هي هذه الخطط؟ وهل تعتبر المعارضة ان الاجواء الاقليمية والدولية ملائمة الآن، اكثر من السابق، لاسقاط النظام العراقي؟ وما هي، في رأي المعارضة، العوامل الرئيسية التي مكنت صدام من البقاء في السلطة على رغم الكارثة الكبرى التي نتجت عن حرب الخليج؟
"الوسط" التقت أربعة زعماء بارزين في المعارضة العراقية، ومن اتجاهات مختلفة، وطرحت عليهم هذه التساؤلات. وقد تضمنت اجابات هؤلاء الزعماء معلومات جديدة منها، مثلاً، ان صدام حسين بعث اخيراً برسالة سرية الى الادارة الاميركية يبدي فيها استعداده لفتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة.
والزعماء الأربعة الذين تحاورت معهم "الوسط" هم:
1 - سعد صالح جبر رئيس المجلس العراقي الحر، احد ابرز المعارضين لنظام الرئيس صدام حسين منذ العام 1969، تنقل بين لبنان والولايات المتحدة ويقيم حالياً في لندن. اصدر في العام 1982 مجلة "التيار" الجديد وكان يومها مسؤولاً عن حزب الأمة الجديد.
2 - الدكتور سيد بحر العلوم، من ابرز العلماء الشيعة المستقلين في العراق ومن الشخصيات التي قاومت النظام العراقي الحالي. عمل قاضياً في الكويت، وبعد انتقاله الى لندن عمل الى جانب السيد مهدي الحكيم. خلال احداث جنوب العراق في العام الفائت تعرض الكثير من اقاربه وأفراد عائلته للقتل والاعتقال.
3 - الدكتور صاحب الحكيم رئيس منظمة حقوق الانسان في العراق. له علاقات دولية واسعة، واشتهر بفضح اساليب التعذيب والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب العراقي. وهو ابن اسرة عراقية اعدم النظام العراقي 23 من افرادها دفعة واحدة.
4 - محسن دزئي، احد ابرز الشخصيات الكردية العراقية التي تسلمت مناصب وزارية في العراق. كان من المقربين جداً من الملا مصطفى البرزاني، وهو حالياً المممثل الشخصي للسيد مسعود البرزاني ويتمتع بسمعة دولية جيدة.
وفي ما يأتي الحوار مع زعماء المعارضة:
سعد صالح جبر
ما سرّ تمكن صدام حسين من البقاء في السلطة على رغم كل ما تعرض له العراق خلال الحرب وبعدها؟
- هناك اسباب كثيرة، اهمها ان الرئيس العراقي منذ ان تسلم الحكم اعتمد على عنصر البطش والتخويف وبث الرعب. ففي الاسبوع الأول من تسلم عبدالرزاق النايف الحكم في 17 تموز يوليو 8196، شكل صدام فرقة اطلق عليها اسم فرقة "حنين" وهي بمثابة شعبة للحزب داخل جهاز المخابرات. وكان معظم عناصر هذه الفرقة يتميز ببطشه وأغلبهم كان من اصحاب سوابق تم تنظيمهم اثناء قضائهم لعقوباتهم داخل السجن المركزي، وأحكام هؤلاء كانت في معظمها اما اعدام او السجن لفترات طويلة، وبعد ان تمت عملية اختياره للعناصر هذه ارسلها للتدريب في معسكر قريب من ابو غريب، وكان شرط انضمامهم هو تطبيقهم لكل امر يصدر اليهم من دون تردد مقابل حصولهم على رواتب جيدة وتسهيلات وتأمين سكن.
وفي الاسبوع الأول من تشكيل هذه الفرقة، قام صدام باعدام ثلاثة اشخاص امام الآخرين ليجعلهم امثولة امام الآخرين. واصبحت الفرقة مشهورة الى درجة اصبح يخشاها الجميع، بمن فيهم البعثيون انفسهم.
وتدريجياً مع ازدياد قوته بدأ صدام حسين الاستعانة بخبراء في اجهزة الامن والمخابرات من دول اوروبا الشرقية بعد ان رصد لهم مبالغ كبيرة، ورفض صدام ان يتسلم اي منصب وزاري يومها، واستعان بالمئات من خبراء علم النفس العراقيين بعد ان اخضعهم لدورات في فن التحقيق، وكان العراق بذلك اول بلد عربي يرقى الى هذا النوع.
وقد أسس صدام مديرية خاصة في جهاز الامن لبث الاشاعات، وكانت كل الاشاعات مدروسة.
ونتيجة لهذه الاجراءات سيطر صدام سيطرة تامة على البلاد، لا سيما في صفوف افراد القوات المسلحة، الى درجة اصبح فيها الفرد يخاف ان يتحدث في اي امر له علاقة بالحكم حتى امام شقيقه.
كيف يمكن اسقاط النظام إذن؟
- ان وجود اتصال بين المعارضة في الخارج والناس في الداخل اضافة الى فتح قنوات اتصال مع ضباط الجيش العراقي من شأنه احداث تغيير في الموقف لصالح قلب نظام الحكم. وانا متأكد من ان غالبية ضباط الجيش غير سعيدين لما يتعرض له ابناء العراق من تجويع وحصار ومصير اسود. وكلما زاد عدم الخوف من صدام في الاوساط الشعبية، كلما اصبحت امكانية التغلب عليه ممكنة بشكل اكبر.
وهل هناك اشارات الى ان الخوف من النظام بدأ يخف في هذه المرحلة؟
- نعم هناك اشارات، فقد بدأ الناس بانتقاد الاوضاع المعيشية، حتى ان بعض الوزراء يتعرض لمثل هذه الانتقادات، في حين لم يكن يحصل مثل هذا في السابق.
لكن ما تتحدث عنه تعبر عنه برضى الدوائر الحكومية الرسمية؟
- لا تنسى ان منطقة كردستان انسلخت تماماً وهذا جزء كبير ومهم من العراق حيث لا يسيطر النظام. وفي كثير من المناطق خارج بغداد يعبر الناس عن تذمرهم ويتم هذا بشكل واضح في الموصل وغيرها، ولا يجرؤ احد على التعرض لهم. الكثير من العشائر الكبيرة اصطدمت بشكل مسلح مع النظام، وقد يكون ذلك لاسباب لا علاقة لها بتحرير العراق، وانما هذه ظاهرة جديدة. في مناطق الجنوب وحتى في البصرة، فان هيبة النظام هي اضعف مما كانت عليه في السابق، لدرجة اصبح فيه الليل لسيطرة الشعب والنهار للنظام والحزب.
كلامك عن فقدان النظام السيطرة على المناطق في الليل هل يعني ان هناك قوى اخرى تقوم بالمهمة؟
- لا يوجد قوى منظمة غير قوات السلطة، لكن التذمر الشعبي اصبح عاماً. كره الناس للبعثيين ورجال الأمن قلص كثيرا من اختلاطهم لدرجة ان الكثير من قادة الحزب يخافون على حياتهم وينامون في منازل غير منازلهم خوفاً من تعرضهم لأذى.
هل تعني ان هناك عمليات عسكرية داخل العراق؟
- لا أقصد ذلك، إن ما يتم حالياً، هو القيام بعمليات اغتيال، كما ان ظاهرة عمليات السطو المسلح هي في ازدياد.
في ما يتعلق بالاغتيالات، هل هناك ادلة تدعم ما تقول؟
- لا تحضرني اسماء حالياً، لكن هناك اسماء لمسؤولين في الحزب او جهاز المخابرات، قبل اسبوعين مثلاً وردت انباء الينا عن مقتل مسؤولين في مدينة الحلّة.
ان كسر حاجز الخوف جاء بعد هزيمة صدام في حربه امام القوى المتحالفة، اضافة الى ان جهاز الامن والمخابرات بعد الحرب هو اقل كفاءة مما كان عليه قبل الحرب، والسبب في ذلك هو عدم قناعة الكثيرين من رجال النظام بالدفاع عنه بالصيغة التي عرفت عنهم قبل الحرب.
من الامور الاخرى الاساسية التي يؤكد عليها النظام امام سكان بغداد ان الشيعة في الجنوب يقومون بأعمال الشغب وهذه تتم بهدف ترويع السنة في بغداد وبالتالي الضباط والجنود الذين يخافون على اسرهم، وهذه الاشاعات زرعت بذورها مع بدء الحرب العراقية - الايرانية واستمرت على مدى السنوات التي تلتها.
ما السر إذن في عدم قدرة المعارضة في الخارج على إظهار حد أدنى من الوحدة الوطنية تنعكس على الداخل العراقي؟
- ليس هناك شك في ان المعارضة العراقية غير متحدة، وعندما تنظر الى "قوس قزح" من المعارضة تراه يضم تيارات تمثل اقصى اليمين واقصى اليسار، من الاحزاب الاسلامية الاصولية الى الحزب الشيوعي العراقي والاحزاب الاخرى. بطبيعة الحال من اسباب عدم جمعهم هو هذا الاختلاف، ولم نر في بلد من بلدان العالم اتحاداً قوياً للمعارضة، على الرغم من ان هناك اتفاقاً على الحد الادنى.
لقد عاشت المعارضة العراقية اقسى الظروف التي مرت بها معارضة في العالم. وكل الاطراف في العالم كانت مؤيدة لصدام حسين خلال الحرب مع ايران عدا سورية، ولذلك عندما انتشر المعارضون العراقيون في ارجاء العالم لم يحظوا بالتأييد في كثير من هذه البلدان، وكان ممنوعاً على افراد المعارضة دخول الكثير من بلدانهم اضافة الى عمليات الاغتيال الي كانت تتم في وضح النهار، واحتار المعارضون العراقيون كيف يوفرون حياتهم المعيشية ويسدون الرمق ويحمون انفسهم من الاعتداءات الصدّامية، وكثيرا ما كان يتم نعت المعارضة العراقية بالخونة. ولقد نالني هذا اللقب، اما الآن فقد تغيرت هذه النظرة وبعد ان غزا صدام الكويت، كانت المعارضة اول من ادان هذا الغزو، وكان تنظيمنا اول جهة في العالم، تعلن استنكارها لهذا الغزو.
مشكلة المعارضة الآن، ان معظم قياداتها ارتبطت بالاماكن التي اختارتها منذ سنوات لتعيش مع عائلاتها، وبالتالي اصبحت قراراتها ترتبط بمصالح هذه الدول.
وبشكل مفاجئ تبدأ المطالبة الاميركية والبريطانية باسقاط النظام العراقي. طبيعي ان عملية اسقاط النظام تسير بخطى بطيئة، لكن المطلوب ان يكون القاسم المشترك بين اطراف المعارضة هو اسقاط هذا النظام. بعض الاطراف الدولية تحرص على الابقاء على النظام مع التخلص من صدام نفسه، لكن هذه كلها وجهات نظر تدرس. واعتقد الآن ان هناك تقارباً حقيقياً بين معظم قوى المعارضة، على رغم ان ذلك لم يترجم على الورق ولم يعلن عنه. هناك محاولات لعقد مؤتمر كبير للمعارضة، لم يحدد مكانه او زمانه. ويجب ان لا ننسى ان العراق من الداخل ممزق، فكيف سيكون في الخارج.
في اي مجال توصلتم كمعارضة الى شيء ايجابي؟
- هناك لجنة تحضيرية تمثل 25 حزباً او منظمة تعمل للاعداد لمؤتمر، وعلى اساسه سوف ينبثق مجلس وطني او قيادة موحدة للمعارضة العراقية.
انعقد خلال العامين الماضيين اكثر من مؤتمر، فبماذا يختلف المؤتمر المقبل عن المؤتمرات السابقة؟
- لقد كانت مؤتمراتنا السابقة خطابية ودعائية ضد صدام. اما الآن فان لجنة العمل المشترك مؤلفة من المجلس الاسلامي الاعلى والجبهة الكردستانية اضافة الى الحزب الشيوعي وحزب البعث العراقي المنشق وترعاه سورية اضافة الى حزب الدعوة والمجلس العراقي الحر وجماعة الوفاق الوطني.
ما صحة ما قيل عن رفض احزاب المعارضة دعوة الجبهة الكردية لعقد المؤتمر في كردستان؟
- ان ما طرح من قبل الجبهة الكردية يلتقي مع رغبة الجميع في ان يكون المؤتمر على ارض عراقية. ولكن الاخوة الاكراد مع ترحيبهم بعقد المؤتمر قالوا ان لنا طلبين لا اريد ان اطلق عليهما شرطين: الأول ان يكون للمعارضة موقف من الفيدرالية في كردستان، والالتفاف حول الطروحات الديموقراطية الليبرالية. اعتقد ان هذه الاقتراحات القوية لم تلق الاستحسان الكامل من جميع الاطراف، والآن يجري درس عقد المؤتمر في عاصمة بديلة.
هل العمل العسكري لاسقاط النظام موضوع من المواضيع المطروحة على جدول اعمال المؤتمر المقبل؟
- لم يتقرر حتى الآن اي شيء حول جدول الأعمال.
ماذا عن الاجماع الدولي على اسقاط النظام، هل وصلت رسائل اميركية الى اي من قادة المعارضة العراقية بهذا الخصوص؟
- نحن كمجلس لم نستلم اي رسالة من اي شخص، لكن من اللقاءات التي اجريناها مع الحلفاء والمسؤولين في الدول الاقليمية بهذا الخصوص فهمنا ان لديهم رغبة اكثر من السابق للاطاحة بهذا النظام.
هل تعتزمون تشكيل حكومة موقتة في المنفى؟
- هذا كلام يدور في كل زمان ومكان ولم يطرح حتى الآن بشكل جدّي.
ماذا حققت المعارضة خلال العامين الماضيين وفي ظل وجود الدعم الدولي لها؟
- ليس دفاعاً عن المعارضة اقول يجب ان لا ننسى ان نظام صدام تستطيع ايران اسقاطه، على الرغم من امكاناتها المادية وحربها الطويلة ضده. لا اريد ان اقارن المعارضة المسكينة القليلة وماذا عملت، اقول ان كل دول العالم اجتمعت ضده ولم تقدر على اسقاطه، فما حيلتنا نحن، لقد ثرنا في انتفاضة شعبية، وبقي صدام.
سيد بحر العلوم
كيف تنظر الى المطالبة الغربية باسقاط النظام العراقي الحالي، وما هو الدور الذي يمكن للمعارضة ان تلعبه في هذا المضمار؟
- في الواقع ان المعارضة العراقية، منذ وصول نظام البعث العراقي الى الحكم، اجهدت نفسها كثيراً في اسقاط النظام ومحاولتها المتكررة في ان تعمل جاهدة في الوقوف في وجهه وحتى ما قبل اجتياح الكويت كانت الدول الكبرى ومعظم الدول العربية تقف الى جانب هذا النظام. وعلى رغم ان المعارضة العراقية، اعلنت اكثر من مرة وبكل وسائل الاعلام الممكنة ان هذا النظام عار عن كل القيم الانسانية والاخلاقية، وانه يفكر بمصلحته فقط وبتكريس وجوده في سدة الحكم، كانت الآذان صماء باتجاه هذا النداء.
ولعل عدم الاستجابة لنداءاتنا يعود الى موقف واضح لهذه الدول التي كانت تعتقد ان المعارضة العراقية تميل الى طرح الجمهورية الاسلامية في ايران.
ان هذا تصور خاطئ، المعارضة العراقية عانت من صدام الشيء الكثير، ليس فقط القتل والقمع والتشريد وانما ايضاً الى عدم مصداقية قيام حكم يعطي للشعب وللوطن بعض حقه. اية حكومة عندما تصل الى الحكم لا بد ان تمنح البلد الذي تحكم فيه والشعب الذي تحكم بواسطته بعض الحقوق والواجبات، في حين ان نظام صدام اثبت باستمراريته بأنه لا يفكر الا في وجوده في الحكم، وليس للشعب وللوطن اي حساب.
هناك اتهام موجه للمعارضة العراقية، وهو ضعفها بالنسبة الى حجم المهمة المطلوب منها القيام بها، وهناك من يقول ان معظم فصائل المعارضة، هي معارضة صالونات، ما رأيك؟
- الواقع ان هذا القول ليس صحيحاً وهو غير واقعي، المعارضة العراقية منذ ان تسلم هذا الحكم السلطة، وقفت وقدمت تضحيات كبيرة في العراق، لم يعطها شعب في سبيل تحرير وطنه. ولعلنا لا نبالغ اذا قلنا ان آلاف الضحايا اعطتها المعارضة العراقية في سبيل تحررها من هذا النظام منذ العام 8196 وحتى هذا اليوم. الشيء الذي كان غير مفهوم لدى العالم، ان الاعلام العالمي كله ضدنا، على سبيل المثال، نحن في لندن، منذ اكثر من اربعة عشر عاماً، وقد تظاهرنا واعتصمنا ولم يهتم بنا الاعلام، فلماذا؟ نحن لسنا معارضة هزيلة، نحن اعطينا من الدماء الشيء الكثير، ولو كنا معارضة هزيلة لتعاونا مع النظام وبقينا في منازلنا مع اهلنا، لكن العالم كان ضدنا، وكان مقتنعاً بوجود صدام لسبب او آخر. الدول العربية كانت مقتنعة ببقاء صدام في الحكم. وهناك دولة او دولتان فتحتا لنا ابوابهما، فدخلناها. لم تكن القضية بسيطة. القضية العراقية، قضية تتشابك فيها مصالح اقليمية ودولية.
هل تعتقد ان هناك تلاقياً الآن بين المصالح الدولية والمصالح الاقليمية والمعارضة على قلب هذا النظام؟
- السؤال دقيق، الآن هناك مصالح اقليمية في اسقاط صدام وكذلك للغرب والمعارضة مصلحة في اسقاط صدام، ولكن المشكلة اننا لو اردنا ان ندمج مصالحنا مع مصالح الدول الاقليمية والكبرى نراها تصطدم.
في اي المجالات؟
- لأننا نرفض اية وصاية علينا من اية دولة مهما كانت، القرار العراقي يجب ان يكون قرار المعارضة العراقية. واذا تدخلت الدول الاقليمية في مصالحنا نكون بذلك خرجنا من صدام الى آخر. وفي ما يتعلق بالدول الكبرى، لديها مصالح ايضا، والسؤال، هل نستطيع ان نتعامل مع مصالح هذه الدول؟ صحيح اننا كمعارضة لا بد ان نتعاون مع الآخرين لاسقاط النظام، ولكن من موقع القوة كعراقي يجب ان ارفض ان يفرض عليّ شيء. لقد قلت للاخوان في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني بأنه يجب ان تكون لنا استراتيجية ولا غنى لنا عن التعاون الاقليمي والدولي، هذا شيء طبيعي، وقد خسرنا الموقف لزمن طويل لأننا لم نتعاون مع الدول الكبرى.
هل المعارضة الحالية قادرة على اسقاط صدام؟
- كنا على وشك اسقاط صدام لولا التدخل الاميركي.
متى؟
- في الانتفاضة في آذار مارس 1991 عندما عرفنا ان هناك امكانية للقيام بعمل ما، وتوجهنا كلنا لنعمل، وكانت انتفاضة لا مثيل لها واستطاعت من الشمال الى الجنوب ان تتحد. ولكن بعض الاطراف الدولية شعرت بأن هذه الانتفاضة لا تمثل ارادتها فتركت صدام حسين يستخدم الطائرات ضدنا ويقمع الانتفاضة.
وهل تغيرت الظروف الآن؟
- حتى الآن لست مطمئناً الى رغبة الموقف الاميركي في اسقاط النظام على رغم تصريحات الرئيس بوش.
وما السبب؟
- في تصوري ان وجود صدام في الحكم يسهل العديد من الامور والمصالح الحيوية للولايات المتحدة. ان هذه النداءات هي لارهاب صدام او اضعافه. ومن جهتي اذا ضمنا، كمعارضة، عدم استعمال صدام لسلاح الطائرات، فانني اضمن اسقاط نظامه.
باعتبارك احد وجوه المعارضة البارزين، هل جرت اتصالات اميركية معك بخصوص اسقاط النظام؟
- لنكن صريحين، لقد سمحنا لانفسنا الاتصال بأية جهة قد تسدي للقضية العراقية خدمة، لأننا نريد اقامة حكم دستوري ديموقراطي منفتح اصيل، يكون منسجماً مع كل الأطراف، ويتعايش مع كل الجيران. لقد سمعنا وعوداً كثيرة، وبعض الاخوان من الذين اتصلوا بنا سمعوا بالاهتمام الاميركي بهذا الموضوع بشكل اكثر مما كان عليه في السابق.
وماذا تنتظرون من الادارة الاميركية إذن؟
- نحن نطالب بأن يسندونا لاسقاط صدام. لم تعد الادارة الاميركية بشيء محدّد. ان بإمكان الولايات المتحدة منع العراق من الاستعانة بطائرات الهليكوبتر.
وماذا لو توفر ذلك؟
- سنقلب النظام، ولدينا الامكانيات.
صاحب الحكيم
ما الذي يؤخر بتقديرك سقوط نظام حسين؟
- صدام حسين كان من المفترض ان يسقط خلال حرب الخليج او بعد تحرير الكويت مباشرة.
لماذا؟
- لأن الانتفاضة الشعبية اندلعت مباشرة بعد تحرير الكويت وأدرك الشعب العراقي ان المآسي التي وقعت في العراق سببها صدام حسين ونظامه. ولكن مع الاسف لم يكتب النجاح لهذه الانتفاضة على رغم صمودها وارتفاعها وقوتها واشتراك مئات الآلاف فيها.
ما هي الأسباب؟
- الأسباب قد تكون معروفة، وأهمها استعمال نظام صدام حسين طائرات الهليكوبتر لسحق الثورة الشعبية، في حين كان من المفروض ان لا يستعملها تطبيقاً لقرارات مجلس الأمن. لقد وجد صدام حسين نفسه يمتلك اشارة معينة للقضاء على الانتفاضة، واستطاع إخماد جذوتها. الموقف الدولي من الثورة الشعبية هو نتيجة لتخوفه من المجهول، ولذلك فضّلوا صدام الضعيف على اساس انه خير من القادم المجهول. والآن يعود الحديث مرة اخرى عن ضرورة اسقاط نظام صدام حسين، وهذا الحديث ليس جديداً، وسقوط صدام امر غير مستبعد على الاطلاق لعدة اسباب، منها ان العامل الداخلي لا يزال قوياً، الشعب في تحرك مستمر سواء كان ذلك ظاهراً للعيان ام مخفياً. الحكومة لا تسيطر في الليل على مناطق كبيرة في العراق، سواء كان ذلك في الشمال، في المنطقة الكردية، او في الجنوب في المنطقة العربية والنار ليست تحت الرماد، بل هي مشتعلة.
كيف؟
- يومياً هناك اغتيالات تحدث والاسماء كثيرة. والضحايا هم من قادة حزب البعث، سواء في البصرة او العمارة او غيرها.
اشرت الى عدة ظواهر، وما ذكرت هو احداها، ماذا عن العوامل الاخرى؟
- صدام معزول عربياً واسلامياً ودولياً، ولقد صرّح اكثر من مسؤول دولي بأنه لا يمكن التعاون مع النظام العراقي قبل ان يستقيل صدام، صدام لا يمكن ان يراه احد، وهو بعث برسالة شفوية أخيراً عن طريق شقيقه برزان التكريتي ممثل العراق في لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة في جنيف الى الولايات المتحدة. في الرسالة الشفوية قال صدام للأميركيين "أنا في خدمتكم، ومستعد لتدمير الاسلحة الكيماوية واعطائكم معلومات عن الاسلحة الذرية إضافة الى اسماء جميع العلماء الأجانب والعرب الذين يتعاونون معنا"، وذلك في مقابل فتح صفحة جديدة بين البلدين.
متى تم تسليم هذه الرسالة؟
- في الاسبوع الاول من شهر شباط فبراير الماضي.
وماذا كان الجواب؟
- لقد رد الرئيس بوش بالقول علناً ان صدام يجب ان يرحل.
هناك شبه اجماع دولي وعربي على ان تغيير النظام يجب ان يتم من الداخل، ما هو تصوّر المعارضة لهذا الطرح، وهل انتم قادرون على تنفيذ ذلك؟
- انا اقول ان الرسالة التي تسلمها الثوار داخل العراق عندما ثاروا في الشهر الثالث من العام الماضي هي ان الغرب غير جدي بالاطاحة بصدام. بعض الثوار اتصل بالقوات المتحالفة طلباً للوقود والطعام والمساعدة الانسانية لكن طلبهم قوبل بالرفض، ومعناه ان الغرب لا يريد اسقاط هذا النظام. وأنا شخصياً اؤكد ان هناك امكانية حقيقية في الداخل للإطاحة بصدام ولكن هل الرسالة التي يبلغها الغرب الى الشعب العراقي بأن هذه هي مهمته رسالة صادقة وحقيقية. هذا ما نحتاج الى معرفته.
هل انتم على اتصال مع الحكومات الغربية في هذا الخصوص؟
- انا شخصياً لست متأكداً من هذا الجواب، بعض الاطراف يعتقدون ان الغرب جدي، ولكني لا استطيع ان اجزم.
من هي هذه الاطراف؟
- بين يدي رسالة من وزارة الخارجية الاميركية بعث بها وزير الخارجية الاميركي جيمس بيكر عن طريق احد مساعديه واقدم اليك نسخة منها. هذه الرسالة وجهها الى احد المراكز الدينية في الولايات المتحدة في النصف الثاني من الشهر الماضي. كما انني خلال لقاءاتي مع المسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية سمعت كلاماً من نوع انه ليس بمقدورهم التعامل مع النظام الحالي في العراق.
محسن دزئي
هل جرت مع الجبهة الوطنية الكردستانية اية اتصالات اميركية تناولت التنسيق بخصوص اسقاط النظام في بغداد؟
- لم تفاتحنا اية جهة بهذا الموضوع، وكل المعلومات التي لدينا نسمعها من الاذاعات ونقرأها في الصحف. قد تكون بعض الاطراف الاخرى من المعارضة على علم، لكن من جهتنا لا نعرف شيئاً عن هذا الموضوع.
وما هو موقفكم من هذا الطرح؟
- عندما نعرف طبيعة الطرح نعلن موقفنا. لأنه بتقديرنا قد يكون الأمر مجرد دعاية انتخابية اميركية، او اشياء من هذا القبيل.
وحقيقة الامر، ما رأيكم لو كان هناك مطالبة جدية باسقاط النظام؟
- نريد ان نعرف ما هو البديل، وما هي الضمانات التي ستعطى لتأمين حقوق الأكراد في العراق، بعد ذلك نعطي رأينا.
ما هو سبب فشل جهودكم لدعوة المعارضة لعقد مؤتمرها المقبل في كردستان؟
- المبادرة لم تأتِ من جانبنا، بل من بعض اطراف المعارضة التي اقترحت عقد المؤتمر في كردستان، وحتى الآن لم يبت بالأمر. بالنسبة لنا هناك بعض المحاذير، الوضع الاقتصادي والمعيشي والظروف الجوية غير الملائمة، كل ذلك يقود الى عدم وجود امكانية لاستيعاب هذا العدد من المشاركين في الوقت الحاضر.
ماذا عن اشتراطكم على فصائل المعارضة الاعتراف بحق الاكراد في الحكم الذاتي او تحقيق نوع من الكونفدرالية كشرط لموافقتكم على عقد المؤتمر؟
- للاشتراك في اي مؤتمر، لدينا شروط معينة.
اولاً، اننا لن ندخل المؤتمر كحزب واحد، بل كجبهة كردستانية ثم ان التواجد الكردي في المؤتمر يجب ان يراعي نسبة عدد السكان الاكراد في العراق، ثم الاقرار بمبدأ حق الشعب الكردي في ممارسة حقوقه القومية ضمن نظام ديموقراطي. هذا ما طرحناه.
ان المشاركة في عملية اسقاط النظام تعني من قبلنا قطع كل صلة معه، وبالنسبة لنا، نريد ان نطلب ضمانات، سواء من اطراف المعارضة او من الدول الاقليمية المعنية، وهذه الضمانات يجب ان تكون سياسية وتدافع عن الشعب الكردي. عندنا تجربة العام الماضي وما حل بنا من مآسىٍ. ان تشرد اكثر من مليوني كردي لم يدفع اي دول اقليمية او حتى من اطراف المعارضة من اجل العمل على تخفيف الاعباء عن كاهلنا.
هل موقف بقية فصائل المعارضة مما تعرضتم له هو السبب في محاورتكم للنظام العراقي خلال المرحلة الماضية؟
- السبب في محاورتنا، هو ان هدف سياستنا منذ العام 1961 التوصل الى حل سلمي مع الانظمة الموجودة في بغداد، وشعارنا الحكم الذاتي في كردستان ضمن ارض الجمهورية العراقية وتحت ظل نظام ديموقراطي. لأننا نعتقد ان الديموقراطية خير ضمان لكل حق يحصل عليه الشعب الكردي. هذه سياستنا الرئيسية، وبعد حرب الخليج والانتفاضة، طالبنا اطراف المعارضة بالحضور الى كردستان والعمل من اجل ايجاد صيغة عراقية موحدة، وعرضنا وضع جميع قواتنا "البشمركة" تحت تصرف المعارضة العراقية، لكن لم يصلنا اي رد منهم.
وما سبب عدم تواجدهم؟
- اثناء مؤتمر بيروت، لم يكن عمل المعارضة بمستوى الاحداث التي كنا نمر بها، لدرجة ان احداً لم يكترث ويتابع القرارات التي صدرت عن المؤتمر. والبعض من الفصائل كان لا يريد اسقاط النظام عن طريق الشعب الكردي، ثم جاءت الكارثة ولم يهب اي فصيل من هذه الفصائل لنجدتنا. وبعد التداول في الاوضاع اتخذنا قرار محاورة النظام لانقاذ شعبنا، لأننا لم نكن نريد لشعبنا ان يعيش كلاجئ في الدول المجاورة، مثلما حصل لاخواننا الفلسطينيين، وبالتالي نعيش في مخيمات في تركيا او ايران. هذا ما دفعنا الى الحوار.
هناك من يقول ان حوار النظام في بغداد مع الأكراد هو من الامور التي اطالت عمر النظام، فما ردك؟
- لا اعتقد ان الغرب اراد اسقاط النظام في الفترة السابقة، وهناك الكثير من الأدلة على ذلك وفصائل المعارضة تعرف هذه الحقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.