أخذ قليل البخت زوجته في رحلة حول العالم، وعندما عادا قالت له انه لم يعجبها شيء، وهي تريد منه ان يأخذها الى مكان مختلف في السنة المقبلة. طبعاً الانسان لا يحتاج الى السفر بعيداً للقيام بمغامرة مع زوجته، فقد عاد رجل من العمل ووجد سيارته في المطبخ، وسأل زوجته كيف وصلت السيارة الى المطبخ، فقالت: بسيطة. بعد الصالون انعطفت الى اليسار. وأكتب اليوم عن السفر والسياحة لأنني من نوع يعتبر رحلة بالقطار الى باريس أو جنيف مغامرة، ومع ذلك تلقيت عرضاً لرحلات من نوع يليق بالسنيور ماركو بولو. والواقع ان إحدى الرحلات المقترحة كانت على طريق الحرير، من كاشغار الى أبواب بكين، في قطار خاص تسميه الشركة المنظمة "قطار الشرق الصيني". ووجدت بين الرحلات الأخرى: - رحلة الى المدن الملكية في راجاستان، من أعمال الهند، تشمل زيارة اغرا وجايبور وغيرهما، وأخرى الى تاج محل مع وعد بزيارة آثار المغول والمهراجات. - زيارة سيلان، مع ان اسمها الحديث هو سري لانكا، وبُعدها يكفي مغامرة. - رحلة الى بحيرة كاريبا وشلالات فكتوريا الواقع ان ثمة رحلات معروضة تتراوح في الوقت بين خمسة أيام واسبوعين، مع وعد برؤية محميات الحيوانات في زيمبابوي وغيرها. - زيارة ثلوج كليمنجارو ومحمية سرنغتي المشهورة والبحيرات وفوهات البراكين في كينيا. - رحلات مختلفة عبر النيل، تشمل زيارة طيبه والأقصر وادفو وأسوان، وبعضها يتضمن أهم الآثار الفرعونية في المنطقة، كما ان هناك إغراء الإبحار في اليخت الملكي "كريم" الذي كان يستعمله الملك فؤاد الأول. - رحلة الى دير القديسة كاترين في سيناء وبترا في الأردن. - مغامرة عبر نهر ينيسي عبر سيبيريا حتى شواطئ القطب المتجمد الشمالي. - رحلة عبر نهر يانغتسي مع زيارة بكين، وأهم المعالم السياحية على الطريق. - رحلة في الممرات المائية القيصرية بين موسكو وسانت بطرسبرغ، تشمل زيارة الآثار العظيمة التي لم تستطع الشيوعية محوها. - من كييف الى شبه جزيرة القرم، أيضاً عبر الأنهار، مع وعد برؤية كل شيء، ربما باستثناء هجوم لواء المشاة الخفيف. وقرأت وقرأت حتى تعبت من القراءة، وتذكرت كيف ان الانسان يجلس مرتاحاً في بيته، فيتمنى لو انه يقوم بمغامرة سياحية في القطب أو الصين، فإذا قام بهذه المغامرة تمنى لو انه يجلس مرتاحاً في بيته. والانسان هذا يسافر بحثاً عن شيء مختلف، ثم يشكو اذا وجد الأشياء تختلف عنها في بلاده. ووجدت بالتجربة ان السياح مثل الصواريخ، منهم القصير المدى والمتوسط المدى والبعيد المدى. فالقصير المدى هو سائح مثلي يعتبر السفر من لندن الى باريس رحلة شاقة. أما المتوسط المدى فهو الذي يتنقل بين طرف البحر الأبيض المتوسط وطرفه الآخر. ثم هناك السائح البعيد المدى الذي لا تحلو له السياحة إلا في نهر يانغتسي، أو على طريق الحرير، مع انه يستطيع ان يشتري "فيديو" عن مكانه المفضل ويتفرج عليه مرتاحاً في غرفة التلفزيون في بيته. وكنت قديماً أقيم في لبنان وأسافر سائحاً الى الخارج. غير انني أصبحت أقيم في لندن وأعود سائحاً الى لبنان، وذكرتني زيارتي الأخيرة بما كنت نسيت من زحمة السير، فمدة الرحلة بالطائرة من لندن الى بيروت توازي مدة الرحلة من مطار بيروت الى البلد، وقد تغير في لبنان كل شيء ما عدا ازدحام السير، حتى انني رأيت سائق باص بوسطة يقود الباص واقفاً، واضطررت شخصياً الى الوقوف، مع انني كنت في تاكسي. وأعرف ان هذه صورة كاريكاتورية لم تحدث، ولكن لا حاجة بي للسفر للتأكد من ذلك. ففي كل بلد هناك أوتوسترادات من نوعين، اما قيد البناء أو قيد التصليح، وأنا أعرف هذا من دون حاجة الى ترك مقعدي الوثير في الصالون .