وزير الخارجية: زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة تحمل أهمية خاصة وتُظهر حرص البلدين على تعزيز الشراكة لتحقيق الأهداف المشتركة    توقيع عقدين لتطوير المدارج ومواقف الطائرات وأبراج المراقبة بمطار الملك سلمان الدولي    قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون الخليجي يثمنون دور المملكة المحوري والريادي في دعم القضايا الإقليمية والدولية.    غوميز يريد الثأر من الهلال.. أرقام لافتة قبل اللقاء    كيف نُعبر عن حبنا للرياضة بوعي    جوازات ميناء جدة الإسلامي تستقبل أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من السودان لأداء فريضة الحج    السعودية ترسم خارطة سلام جديدة في آسيا    الكشف عن موعد ومكان سحب قرعة كأس آسيا للسيدات 2026 في أستراليا    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    أمير القصيم يطلع على برامج جمعية "كنوز" وأبرز منجزاتها لعام 2024    عماد التقدم    انطلاق بطولة منطقة الغربية 2025 للهوكي للرجال والبطولة النسائية الثالثة للهوكي    نائب أمير تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    الشورى يدعو معهد الإدارة للاستعانة بالكفاءات السعودية في التدريب والاستشارات    26 مليارا حجم الاستثمارات الحكومية في قطاع التصنيع الذكي    "أوراكل" تعلن عن استثمارات بقيمة 14 مليار دولار في المملكة العربية السعودية    احتفالات تعم سوريا بعد قرار رفع العقوبات وإشادة بدور الأمير محمد بن سلمان    بتكاتف جهود العاملين في مبادرة "طريق مكة".. إنهاء إجراءات سفر الحجاج خلال دقائق    أمانة القصيم تكثّف أعمالها لتحسين جودة الطرق ورفع كفاءة البنية التحتية في مدينة بريدة    مجمع الحباب بن المنذر يدشن شركات مع عدد من الجهات الصحية    جامعة أم القُرى تكرِّم 27 فائزًا بجائزة جامعة أمِّ القُرى للتَّميُّز لعام 1446ه    جمعية الدعوة بأجياد تطلق البرامج التوعوية والإرشادية لخدمة ضيوف الرحمن في حج 1446ه    ولي عهد أبوظبي يغادر الرياض    الشباب السعودي يقود تنمية قطاع السياحة الداخلية في المملكة    أمير قطر يغادر الرياض    "مستشفى المانع بالدمام" يُنقذ حياة طفل يُعاني من تسمم في الدم إثر خُرَّاج دماغي معقَّد    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    زلزال بقوة 6 درجات يضرب ولاية موغلا غربي تركيا    "البريك" تهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    بلدية صبيا والجمعيات الأهلية تثري فعاليات مهرجان المانجو بمشاركة مجتمعية مميزة    ترامب وعد وأوفى وستبقى السعودية الوجهة الأولى    السعودية للشحن الناقل اللوجستي الرسمي لمنتدى الأعمال السعودي الصيني 2025    أكد أنه رفع العقوبات عن سوريا بناء على طلبه.. ترمب: محمد بن سلمان رجل عظيم والأقوى من بين حلفائنا    بداية إعادة رسم الخريطة الأمنية.. طرابلس تحت النار.. تفكيك مراكز النفوذ    يواصل حملته العسكرية واسعة النطاق في القطاع.. الاحتلال يؤسس للتهجير وتفكيك غزة تحت غطاء الحرب    المعلّم والتربية الشعبية    "إهمال المظهر" يثير التنمر في مدارس بريطانيا    ضبط 3 وافدين لارتكابهم عمليات نصب لحملات الحج    فناربخشة يعرض مبادلة النصيري ب» ميتروفيتش»    رائد التحدي سيعود من جديد    سمو ولي العهد يصطحب الرئيس الأمريكي في جولة بحي الطريف التاريخي في الدرعية    "واحة الإعلام" تختتم يومها الأول بتفاعل واسع وحضور دولي لافت    حسين نجار.. صوت إذاعي من الزمن الجميل    رئيس الفيفا: السعودية قادرة على تنظيم نسخة تاريخية من مونديال2034    "السيبراني" يعزز جاهزية الجهات الوطنية في موسم الحج    وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى    أمير الشرقية يطلع على إنجازات وزارة الموارد في المنطقة    بمشاركة دولية واسعة من خبراء ومتخصصين في القطاع الصحي.. السعودية رائد عالمي في الطب الاتصالي والرعاية الافتراضية    "مؤتمر علمي" لترسيخ الابتكار في السعودية الاثنين المقبل    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم حج (1446ه)    «مبادرة طريق مكة».. تأصيل لخدمة ضيوف الرحمن    الأمير فهد بن سعد يرعى اليوم حفل جائزة «سعد العثمان» السنوية للتفوق العلمي في الدرعية    أمير نجران يستعرض تقرير نتائج دراسة الميز التنافسية    تخريج 3128 خريجاً من الجامعة الإسلامية برعاية أمير المدينة    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية تُدشّن أول نظام روبوتي مختبري من نوعه «AuxQ»    بندر بن مقرن يشكر القيادة بمناسبة تعيينه مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    100 مبادرة إثرائية توعوية بالمسجد النبوي.. 5 مسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" التقت أبو محمد المقدسي في سجنه الاردني . المنظر الفكري لمنفذي انفجار الرياض : العنف فريضة والديموقراطية شرك !

بعيد انفجار الرياض وقبل انفجار الخبر التقت "الوسط" المنظر الفكري لمنفذي انفجار الرياض أبو محمد المقدسي في سجنه في عمان، باعتبار أن اسمه ورد في اعترافات منفذي العملية الأولى التي بثها التلفزيون السعودي قبل بضعة أسابيع من اعدام الشبان الأربعة الذين أقروا بجرمهم، وأبرزهم عبدالعزيز المعثم الذي أشار في اعترافاته الى تأثره بفكر شاب آخر في الأردن، هو المقدسي نفسه، زاره وأمضى معه وقتاً وقرأ كتبه. من هنا يمكن وصف حديث المقدسي الذي انفردت به "الوسط" بأنه نافذة على الفكر الذي سيطر على بعض الشباب العربي في الخليج ومصر والجزائر والسودان والأردن. إلا أن هذا الفكر، على رغم انتشاره الجغرافي، لا يزال محدوداً ودخيلاً على معظم البلدان.
ويلاحظ ان المقدسي يصف نفسه بأنه سلفي العقيدة، يؤمن بالعنف الذي يسميه الجهاد من أجل التغيير، ويرفض الديموقراطية ويكفِّر من يشارك فيها حتى لو كانوا من "الاخوان المسلمين"، وكذلك الأنظمة الحديثة التي يصفها بأنها وضعية.
ويرفض المقدسي ان يسمي جماعته تنظيماً، وكذلك الشبان الأربعة كما ظهر في اعترافاتهم. وهنا تكمن الخطورة، فهذا الفكر يقوم على مبدأ غير توسطي، وإذا اقتنع به صاحبه فمتروك له ان يقدر الفائدة، ويتخذ القرار، ويشرع في التنفيذ من دون رجوع الى "مرجع" تنظيمي، بل من دون تدبُّر في العواقب. اذن فهو تيار يزرع خلايا وليس تنظيماً برأس واحد يتبادل المسؤوليات ويتحملها ويصدر الأوامر الى فروعه المتعددة.
وينسب هذا التيار نفسه الى السلفية على رغم رفض علماء السلفية اياه. ويصف الاسلاميون في الأردن، ومعظمهم من "الاخوان المسلمين" والجماعات الصوفية، تيار المقدسي بأنه وافد، ويقولون انهم لاحظوا نمواً غير طبيعي أخيراً للتيار المنتسب الى السلفية الذي يحرص اعضاؤه على ارتداء الزي الأفغاني. وكان من أطرف القضايا التي أثاروها وصدمت المجتمع الأردني دعوتهم المسلمين الى عدم الصيام يوم الوقوف بعرفات على رغم أن حكم صيام ذلك اليوم سُنَّة. ذلك لأنه برأيهم تصادف وقوعه يوم سبت، فدعوهم الى عدم صيامه تحاشياً للاحتفال بالعطلة الاسبوعية اليهودية!
ومن غير الواضح مدى انتشار الفكر التكفيري في التيار السلفي في الأردن، غير أن المؤكد ان الأردن قد يشهد مظاهر مزعجة وانتشار أفكار شاذة على المجتمع الأردني المتسامح.
ويلاحظ ان السلطات الأمنية الأردنية نجحت في اختراق معظم المجموعات "التكفيرية" بزرع عناصرها فيها نتيجة نشاطهم المعلن نسبياً فأجهضت معظم اعمالهم قبل ان يشرعوا بها.
أما في السعودية فقد صُدم المجتمع يوم بثت اعترافات الأربعة عندما تبين لهم ان منفذي العملية من أبناء البلد المتدين بطبعه ولم تتواجه فيه الدولة والمسجد مثلما حصل في دول أخرى، ولم يكن التدين يوماً مصدر قلق هناك للسلطات وانما مسألة عادية، بل هي من طبيعة الأشياء في دولة اسلامية كالمملكة العربية السعودية.
لذلك عمد الكتّاب السعوديون باصرار الى تأكيد ان فكر الشباب الأربعة وافد، رافضين ان يصدر فكر كهذا الى بلد يلزم ابناءه التعليم الديني. حتى ان وصف المتهمين بالسلفية أثار انزعاجاً عاماً. ذلك ان السلفية أرضية يشترك فيها الجميع وتقوم سياسة البلاد على احترام هذا المنهج الوسطي الملتزم السلف الصالح الذي يفخر السعوديون بالانتساب اليهم.
دخل ابو محمد المقدسي غرفة الامن الوقائي في سجن سواقة الصحراوي الذي يبعد 70 كيلومتراً جنوب عمان من دون ان يلقي تحية. وبعدما قدمت اليه نفسي وذكّرته بأننا التقينا قبل دخوله السجن، وكان مطارداً آنذاك، اعتذر والقى التحية، وقال انه لا يسلّم عادة على رجال الامن!
على رغم وجوده في السجن، في قضية "حركة بيعة الامام"، فان ما ينشر عنه يصله عن طريق انصاره. وعندما علم انني اريد محاورته لينشر حوارنا في "الوسط"، اخذ يرد على ما كتب عنه، خصوصاً علاقته بجمعية "احياء التراث الاسلامي" في الكويت. وعندما اقترحت عليه ان نكون وحدنا في الغرفة لاجراء الحوار، اصرّ على حضور رجال الامن "حتى يُبلَّغوا دعوة الله".
وأكد المقدسي انه يعرف عبدالعزيز المعثم الذي قال انه التقاه "مرتين او ثلاثاً"، وكان يطلب كتبه ويسأله اسئلة شرعية. وذكر ان المرة الاخيرة التي التقاه كانت قبل اعتقاله المقدسي بستة اشهر. وكان المعثم احد ابرز المتهمين في انفجار الرياض وقد أعدم بعد محاكمته وبثت السلطات السعودية اعترافاته على التلفزيون.
وكان المقدسي - واسمه الحقيقي عصام طاهر - قدم الى الاردن قبل سنتين من اعتقاله، اثر ازمة الخليج، بعدما امضى حياته في الكويت، وقاتل في صفوف المجاهدين في افغانستان. وهو يعتبر نفسه من المدرسة السلفية الحركية، ويؤكد تعاطفه مع التيار "الجهادي" في الجزائر ومصر. وينفي تهمة تكفير المجتمعات على الاطلاق، غير انه يكفر الحكومات ومن يواليها ويناصرها ومن يدعو الى الديموقراطية ويشارك في اعمال التشريع والحكم.
لا فكر خاصاً
في بداية الحوار، تحدث المقدسي عن افكاره ونظرته الى المجتمع وطريقة التغيير، فأكد ان "ليس عندنا فكر خاص بنا"، بل ان ما يعتقده "هو عقيدة اهل السنة والجماعة، وما ورثناه عن سلفنا الصالح من عقيدة الفرقة الناجية، وما نفهمه من كتاب الله عز وجل من دعوة الانبياء والمرسلين التي يدور اصلها وقطب رحاها حول قوله تعالى "ولقد بعثنا في كل امة رسولاً ان اعبدوا واجتنبوا الطاغوت".
ورأى "ان مفهوم العبادة عند الناس انحسر وضاق الى مجال الصلاة والسجود ونحو ذلك. ونحن نعتقد بأن المفهوم اوسع من ذلك وأشمل. والتشريع من اهم معاني العبادة التي صرفها الناس الى غير الله في هذا الزمان، والتشريع من اهم صفات الله وخصائصه". واعتبر ان "الحكومات التي تحكم المجتمعات الاسلامية تدعو الناس الى عبادتها من خلال جعل السلطة التشريعية تناط كما تنص دساتيرهم ببشر، ويجبرون الناس على مثل هذا ويدخلونهم في لعبتهم المسماة الديموقراطية، ليتخيَّروا ارباباً ومشرعين لهم، كل حسب اتجاهه، فمنهم من يختار الشيوعي ومنهم من يختار العلماني. ولم يستثنِ حكومة إسلامية من أحكامه. وقال: "لما رأينا الناس قد ادخلتهم الحكومات في عبادة العباد من حيث لا يشعرون، قمنا ندعو الى دعوة الانبياء ونحذر الناس من عبادة غير الله عز وجل، وندعوهم الى الخروج من عبادة العباد الى عبادة الله عز وجل وحده. ولا يعني هذا ان الناس كلهم بمجتمعاتهم قد خرجوا من دين الله افواجاً. الذين رضوا بدين هذه الحكومات وبقوانينها وبشرعها وتواطأوا معهم عليها دخلوا دينها. ولايهمنا الاَعداد. ولا يعني اننا نكفّر المجتمع كله كما يتهمنا بعضهم بل نعني عندما نقول "انها مجتمعات كافرة" ان الحكومات كافرة، ومن يناصرها ويؤيدها ويموت في سبيلها "ومن يتولهم منكم فانه منهم" واما الذي يتجنبهم فقد نجا. ولا نقول ان الاصل في الناس الكفر، وانهم خرجوا من دين الله افواجاً كمقولة جماعة التكفير ونحوهم، ومن الخوارج المعاصرين الذين يرون ان من لم يبايع اماماً معيناً او يدخل جماعة معينة كافر. هذا كله نبرأ الى الله منهم، ولم نتبناه في يوم من الايام، وهذه كتبنا بين ايدي الناس ولا نكتم شيئاً من علمنا".
الديموقراطية مبدأ كافر
واضاف: "ان عقيدتنا مستقاة من الكتاب والسنة، أما تكفير المجتمع فلا نقول به باطلاقة. نكفّر من حكَّم هذه القوانين ومن شَرّع معهم، ومن اختار دينهم الباطل الكفري ونصرهم، وسوَّغه من عملاء السوء الذين يسوّغون الدين الكفري ويرقعون له ويدعون الناس الى الدخول به، نكفّر هؤلاء لأنهم أحبار ورهبان للطواغيت". وخلص الى "ان من يقول ان الديموقراطية خيارنا ويؤاخي اليهود هو كافر بلا شك".
وعندما سألته "الوسط" عن موقفه من التيار الاسلامي الذي يرى في الديموقراطية وسيلة لتقريب المجتمعات من تحكيم الشريعة، قال: "ان فلسفة المسميات لا تخرجها عن حقائقها. النبي ص تحدث عن اقوام من امته يشربون الخمر، يسمّونها بغير اسمها. هم يعرّفون الديموقراطية بأي صفة شاؤوا، هذا شأنهم. لكن حقيقة الديموقراطية كما يعرّفها اربابها واهلها أنها تشريع الشعب للشعب".
واشار الى ان "حقيقة الدين هي التشريع، والتشريع يتم من خلال البشر عندهم، بينما هو حق لله وحده. فالنائب الذي يدخل البرلمان ارتكب مخالفات شرعية عدة، بعضها يصل الى الكفر، كالقسم على احترام الدستور الذي اراده الله ان يكفر به. وحقيقة عمله في البرلمان انه يشرع مع الله واتخاذ آيات الله هزءاً ولعباً".
وقالت "الوسط" للمقدسي ان الاسلاميين في الجزائر كادوا ان يشكلوا الحكومة، من خلال الديموقراطية، لولا تدخل الجيش، وان نجم الدين اربكان زعيم حزب الرفاه الاسلامي في تركيا يسعى الى تشكيل الحكومة بعدما خاض انتخابات ديموقراطية. فأجاب: "ان البرلمانات عندنا فاسدة شرعاً وعقلاً، فالديموقراطية تسمح لكل الاتجاهات بالحكم باستثناء الاسلام. ان غايتي تحكيم شرع الله ووسيلتي يجب ان تكون مشروعة والديموقراطية وسيلة شركية ومبدأ كافر نحذر منه".
اذن ما هي طريق التغيير، خصوصاً انكم تؤمنون بانتهاج العنف وسيلة لتغيير المجتمع؟
- هذه التهمة لا استحيي منها وهي فخر لي ولا ادفن رأسي في الرمال. الجهاد الذي يسمونه العنف او الارهاب هو فريضة كالزكاة التي يأتي وقتها عندما يحول الحول ويكتمل النصاب. ولكل مقام مقال. فمن يرى في بلده انه قادر على تغيير النظام بالعنف فله ذلك، وهم يقدرون احوالهم.
عملية عبر النهر
وعندما سئل عن الذين اعتقلوا معه وضبطت اسلحة ومتفجرات مع بعضهم، قال: "الجهاد يسري في دمائنا ومعظم الشباب تدرب في افغانستان وعاش عيشة الجهاد، واقتناء السلاح غير محرم شرعاً، والرسول ص يقول من لم يغزُ ولم يحدِّثْ نفسه بالغزو مات ميتة الجاهلية. بعض اخواننا الذين اعتقلوا كان يخطط لعملية عبر النهر انتقاماً من مذبحة الحرم الابراهيمي".
وأضاف "ان احدهم استفتاني، وقلت له بالحرف الواحد: "ان الدعوة الى التوحيد اعظم من القيام بعملية، ولكن لا ارى مانعاً من القيام بأعمال ضد العدو الصهيوني. وقد اعطيتهم بعض المتفجرات وأفتيت بجوازها".
وأدلى برأيه في ما يحدث في الجزائر: "لاخواننا في الجزائر نظرتهم الخاصة، وهم يقوّمون اوضاعهم، ونحن ندعو لهم بالخير، وندعو الله ان ينصرهم على اعدائهم. ونحن في السجن ولا تصلنا اخبارهم. ولكن نعرف انهم على خير عظيم، لانهم يقاتلون ضد المرتدين الذين هم اكثر شراً من اليهود والنصارى. ولكن لكل مقام مقال. نحن نعمل ضمن امكاناتنا وليس عندنا الآن غير الدعوة. لا اقول هذا خوفاً فالجهاد أسمى أمانينا، لكن واقع البلد يحتاج الى دعوة".
لكن الشباب الذين معك مستواهم التعليمي ضعيف، وأحدهم امي…
- لا بأس. الشباب الذين اعتقلوا معي بتهمة "حركة بيعة الامام" لا تجمعني بهم أي صفة تنظيمية، وكنت حريصاً على ألا اتقوقع في تنظيم. وان تبقى دعوتي وكتاباتي لجميع المسلمين من كل التوجهات. هؤلاء الشباب اعطيتهم بعض الدروس، منهم العامي ومنهم المثقف. ومن حرصوا على هذه الدروس وجهت اليهم تهمة "حركة بيعة الامام". وهذا الاسم ليس له وجود عندي، ولا ارتبط بشيء من هذا القبيل، ولا ارى نفسي اماماً، او ادعو الى مبايعة امام، موجود او مجهول. وهذا المسمى "بيعة الامام" مجرد تلفيق.
اذن عن اي تيار تعبّر؟
- استطيع ان اقول إني جزء من المدرسة السلفية، ولكن ليس لي تنظيم".
وعندما قلنا له ان علماء المدرسة السلفية كابن باز والالباني يرفضون تكفير الانظمة وجهادها، أجاب متهماً إياهم بالضلال، ورفض ذكر أسماء شيوخه. وأوضح انه تأثر ببعض المعاصرين ومنهم "شيخ مشهور وفاضل كان من الاخوان المسلمين في وقت من الاوقات، وأصبح له اتجاه تصحيحي في ظلال عقيدته السلفية، والرجل يجمع بين السلفية والحركة والدعوة".
وسألته هل يقصد الشيخ سرور زين العابدين المقيم حالياً في بريطانيا ويتردد أنه خلف تنظيم يجمع بين السلفية والتشكيل التنظيمي ل "الاخوان"، رفض التعليق وقال: "لا أحب أن أذكر أسماء".
وروى انه درس العلوم لثلاث سنوات في العراق، وقطع دراسته على اثر الحرب العراقية - الايرانية. "وكانت امنيتي ان ادرس في المدينة المنورة. وبالفعل ذهبت الى هناك ودرست على ايدي العلماء".
وتابع أنه عمل مديراً لمطبعة في الكويت، ثم عمل في التجارة لسنتين بعد مغادرته هذا البلد إثر أزمة الخليج ثم اعتقل في في الاردن. وسئل عن مدى تأثره بجمعية احياء التراث في الكويت، فأجاب: "نشر في "الوسط" اني تأثرت بجمعية احياء التراث وكنت اتردد عليها. وعندما قرأت ذلك عرفت ان الخبر مأخوذ من التحقيق الذي أجري معي، فالمعلومة غير صحيحة وقد اعطيتها اثناء التحقيق لرجال المخابرات، وكان همي ان اضللهم. واتوقع ان يستغرب المسؤولون في جمعية التراث الاسلامي عندما يقرأون الخبر، فهم من اشد خصومي، ومن الدّ اعدائي. وشيخهم عبدالرحمن عبدالخالق يتهمنا بأننا خوارج ويطعن في دعوتنا. ووصلني من اخوة ثقات انه قال عني انني ادّعي اني لوحدي على ملة ابراهيم ومعاذ الله ان اقول هذا.
"جمعية احياء التراث الاسلامي لم تكن لي بها اي علاقة ولم اتأثر بها البتة، بل كنت ارد على شبهاتهم في تسويغ الديموقراطية اذ انهم يشاركون في البرلمان".
وأكد انه تأثر بفكر سيد قطب، لكنه نفى ان يكون انتظم مع "الاخوان المسلمين"، كما انه لم يكفرهم و"ان كنت اخالفهم في منهجهم". وأوضح انه لم يلتق الشيخ عبدالله عزام الا قليلا في افغانستان "وجرى بيني وبينه بعض المناقشات في طريقة التعامل مع الافغان. لم تقع خصومة بيننا ولم اكن من اتباعه".
أنت لا تلحق ابناءك بمدارس الحكومة، لكنك درست في جامعة عراقية ودرست في مدارس افغانية تمولها السعودية، كيف تبرر هذا التناقض؟
- الانسان لا ينال الهداية والبصيرة مرة واحدة. لقد مررت بمراحل، درست في جامعات ورأيت ما بها من مفاسد ومنكرات ولا أريد هذا لأبنائي. ابني محمد عمره عشر سنوات ويحفظ كتاب الله عز وجل كاملاً وأغلب قراءاته "البداية والنهاية" لابن كثير، و"الكامل" لابن الاثير. وابني عمر اصغر منه بسنتين يحفظ 26 جزءاً ولم ادخلهما مدرسة، ولن افعل.
القضية ليست قضية تحريم. لا استطيع ان اقول ان جميع المدارس محرمة. لي كتاب ألفته في الكويت قديما سميته "اعداد القادة الفوارس لهجر فساد المدارس" وكان موجهاً الى الدعاة الذين يكفرون بالطاغوت ويعجزون عن اقامة شرع الله في بيوتهم وأولادهم. دعوتنا ليست دعوة الى الأمية. ابنائي يقرأون ويكتبون وأعمارهم في الرابعة بفضل الله. ما أقوم به دعوة الى ايجاد البديل في التعليم مثلما يقولون بإيجاد البديل في الاقتصاد".
ولماذا لا يصلي في مساجد الحكومة؟ اجاب: "حاول بعضهم التشنيع علينا في هذه المسألة. لا نقول ان المساجد مساجد ضرار. مسجد الضرار له شروط اربعة، ولا نقول ان كل مسجد بنته الحكومة مسجد ضرار، والدليل ان النبي ص كانت يصلي في بيت الله الحرام الذي اعادت قريش بناءه، وهم اهل شرك. وصلى في المسجد الاقصى وهو تحت ولاية هرقل الروم.
"المشكلة ليست في المسجد وإنما في الامام، فإذا كان من انصار الحكومات الكافرة ويتولاها لا نصلي وراءه، ومن يتولى الكفار ليس منا. فالذي يخطب خطبة انتخابية في المسجد ويدعو الناس الى انتخابه ثم يقدَّم ليؤم الناس لا يُصلّى وراءه لأنه دعا الى الديموقراطية. ولا أصلي كذلك خلف ضباط الأمن والمخابرات ولا خلف اعضاء مجلس النواب. اما المسلم المستور الحال فأصلي وراءه حتى يتبين خلاف ذلك".
وماذا عن القضاة والمحامين؟ قال: "القضاة نكفّرهم لأنهم يحكمون بالقوانين الوضعية. اما المحامون فقد رفضنا توكيلهم لأننا نكفر بالقوانين التي يدافعون عنا بها، لكننا لا نكفّر جميع المحامين الا الذي يتحاكم الى الطاغوت، فالذي يدافع بشرع الله او بوقائع معينة من دون التحاكم الى نص كُفْريّ ليس بكافر".
انفجار الرياض
قال احد الشباب السعوديين الذين نفذوا عملية التفجير في الرياض انه التقاك وحاورك في الأردن. هل تذكر هذا الشاب واسمه عبدالعزيز المعثم؟ وماذا دار بينك وبينه؟
- نعم اذكره. وقد سُئلت عنه. لم اكن اعرفه عندما كنت في الكويت، لكنني اعرف اخوة يعرفونه من الذين حضروا دروسنا او من الذين التقيتهم اثناء الدراسة في المدينة المنورة ومكة المكرمة.
وقد حصل هذا الاخ على كتبي من هؤلاء الاخوة وعزم على زيارتي وزارني مرتين او ثلاثاً. وقد حصل على كتبي الناقصة عنده. وسألني اسئلة شرعية. هذه كل علاقتي به، وقد فوجئت عندما قرأت اسمه مع الاخوة الأربعة وكنت اظن ان هذا العمل الضخم مبكر عليه.
ما رأيك في عملية التفجير التي حصلت في الرياض؟
- كل ما استطيع قوله انه لا ينكر هذا العمل مسلم يعرف دينه، وإن لم اكن الآن في مجال العمل المادي، لكنني لا آسف ولا أتحسّر على موت سبعة ممن يحاربون دين الله عز وجل وممن يدعمون اسرائيل ليل نهار، وان لم يكن لي دخل بهذا العمل".
ومتى زاره المعثم آخر مرة؟ اجاب: "لعل آخر زيارة كانت قبل اعتقالي بستة شهور وكان يطلب كتبي غير المتوافرة لديهم مثل كتاب "امتاع النظر في كشف شبهات مرجئة العصر" وكتاب "كشف النقاب عن شريعة الغاب" وكان يحاول ادخال هذه الكتب الى الجزيرة ونشرها بين الشباب".
وهل تعرف ابو مصعب السوري، وابو قتادة الفلسطيني المقيمين في لندن، وما رأيك في فكرهما؟
- هما من اخواننا الافاضل. ابو قتادة لم التق به في أي يوم، لكنني قرأت له بعض الكتابات وسمعت له اشرطة. وهو على الحق الذي كان عليه سلف هذه الأمة والله اعلم. والاخ ابو مصعب لعلّي التقيته في افغانستان، وقد قرأت كتابه عن الثورة الاسلامية في سورية وهو بحث طيّب.
يتهمك بعضهم بالتكفير وأنت تقول بكفر الحكومات ومن يقف معها او من لم يتميز عنها وبالتالي المحصلة واحدة وهي تكفير العامة. مثلاً في الأردن هناك 400 الف شخص يعملون مع الحكومة سواء كانوا متقاعدين او قائمين بأعمالهم. ما رأيك؟
- ليس كل موظف حكومة يُكَفَّر. وقد اجبت عن اسئلة كهذه في كتاب بعنوان "الاجوبة المنيرة على اسئلة اهل الجزيرة". نحب لاخواننا ان يظلوا بعيدين عن الحكومات. النبي ص اقر بعض الصحابة في مكة على العمل عند الكفار، ولا نستطيع ان نقول جميع وظائف الحكومات حرام او كفر ما لم يكن فيها كفر او اعانة على كفر او نصرة وتأييد لدين الكفر. عندما نقول ان الانظمة كافرة لا نأتي باستحسانات وانما بأدلة شرعية، ولا نكفِّر الا من دخل في هذه الموالاة لها".
حديث عن النفس
هلاّ حدثتنا بشيء عن نفسك؟
- لم امر بفترة فاقة او ضيق. وأحوالي متوسطة أو فوق المتوسطة والحمد لله. ولدت في قرية برقة في قضاء نابلس وخرجت منها وعمري سنة ونصف سنة. وعشت 30 سنة في الكويت وكان والدي يعمل فيها رئيسا للممرضين في وزارة الصحة وأحوالنا المادية كانت جيدة. اعتقلتني المخابرات العراقية اثناء الدراسة في العراق لمدة يومين بسبب وجود كتب اسلامية معي. وكنت قد تعرفت هناك الى سلفيين واخوان مسلمين كانوا يطلبون احضار تلك الكتب.
وفي 19 كانون الأول ديسمبر 1993 اقتُحم بيتي للمرة الأولى في عمان. وبعدها اقتحم 7 مرات بسبب الدروس والدعوة، وبقيت مطارداً أربعة شهور واكتشفت المخابرات المتفجرات بعد المطاردة بثلاثة شهور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.