ليس من المستغرب أن يواجه سعدي يوسف مشاكل في تجديد جواز سفره. فالشاعر العراقي الذي أمضى الجزء الأهمّ من مسيرته الأدبيّة موزّعاً بين المنافي، مشدوداً إلى نخلته الأولى ب "خيط أريان" الواهي، معتاد على معاناة الهجرة والتشرّد. ومع ذلك، فهو محتاج إلى "الحدّ من الحنين"، كي تستقيم علاقته بالعالم. من إقامته في عمّان حيث يحافظ على "مسافة التأمّل" الحيويّة بينه وبين الأشياء، تحدّث وريث السيّاب عن آفاق "تفادي الخلل الذي طرأ على القصيدة الحديثة"، كما تحدّث عن العزلة الشافية واللغة المحايدة وجماهيريّة الشعر وطقوس الكتابة... يقف سعدي يوسف على حدة فوق خريطة الشعر العربي الحديث. والشاعر الذي بقي وفيّاً لمثله وقناعاته الفكريّة، تتميّز مسيرته بتجربة التشرّد والنفي الطويلة المُرّة، ما يجعله خير ممثّل للحالة العراقيّة التي احتضنت التجارب الرائدة، بدءاً بالسيّاب الذي تربط سعدي به صلات سريّة وعلاقة روحيّة حميمة. أمّا قصيدته المتجذّرة في التراث الشعري العربي، فتمتاز برحلة البحث الدائم، سعياً إلى التجديد في الروح والقوالب، ورصد التفاصيل الحياتيّة التي تختصر معاناة ميتافيزيقيّة ووجوديّة وسياسية وانسانيّة عامة. في عمّان، حيث يعيش سعدي يوسف معظم الوقت ويرأس تحرير مجلّة "المدى" الثقافيّة، تناقلت الصحافة أخيراً نبأ رفض السفارة العراقيّة تجديد جواز سفره، فقصدناه وكان هذا الحوار. "من بلد ستدور إلى آخر/ ومن امرأة ستفرّ إلى امرأة/ من صحراء إلى أخرى/ لكنّ الخيطَ الممدودَ مع الطائرةِ الورقية/ سيظل الخيط المشدود إلى النخلة/ حيث ارتفعت طيارتك الأولى". هذا الولاء للمكان الأول، والحنين الجارف إليه، ألم يخفّف منه طول الاقامة في المنفى الذي صار وطنك الذي لا دفء فيه؟ - لاحتفاظي بولاء واضح للمكان الأول أسباب جوهرية لا تخفى على أحد. لكني مع مرور الزمن، وتطاول سنوات المنفى، شعرت بالحاجة إلى أن أحدّ من الحنين، أن أضع كوابح له. فالحنين يجعلك مقيداً بالموضوع الواحد، ما ينعكس خللاً على التوازن النفسي اللازم للمبدع. ثم انني أحترم المكان، وأحاول أن أتوطّن، ولو فنياً، حيثما حللت. لا بدّ لي من الاعتراف بتعدد الأمكنة كي أستطيع استخدامها، فالقصيدة عندي محتمية بالمكان. لست نادماً على شيء! حين تحاول الحدّ من الحنين، وتستعرض شريط حياتك الممتد من المنفى إلى المنفى، هل يخامرك شعور ما بالندم مثلاً؟ - لست نادماً على شيء. وأعتقد أن مسيرتي كانت نحو الحرية، في الحياة وفي الفن. وأنا أواصل هذه المسيرة باطمئنان إلى صوابها. والحق أن هذا الاطمئنان آتِ من الناس، من القرّاء الذين أتواصل معهم، من طلبة الجامعات الذين ألتقي بهم في مختلف أنحاء الوطن العربي. قصائدي تجد طريقها إلى الناس، ولهذا أشعر بتعويض ما عن المصاعب التي لقيتها والشظف الذي كابدته. ولعلّ ذلك يمدّني بزخم ويغذّي رغبتي المتواصلة في تجديد أدواتي وتعميق نصي. ما المقصود بالشظف الذي كابدته؟ - كنت أشير إلى السجن، الفصل من الوظيفة، المغادرة المستمرة للبلدان التي أقمت فيها... ناهيك عن صعوبة تأمين الخبز اليومي. هل للمنفى إيجابيّات؟ - معظم حياتي الابداعية، كان في المنفى. وإذا نظرتُ إلى ظروف العراق منذ عقود، أجد أن المنفى منحني الشيء الأساس، أي البقاء على قيد الحياة. ومنحني الحرية كذلك. خوّلني التفكير من دون قيود، والكتابة بطلاقة لسان. المنفى خلّصني تماماً من الرقيب الداخلي، وهو الرقيب الأخطر! منحني أيضاً معرفة أعمق بالناس، ومقدرة على النظر إلى الأمور من زاوية أشمل، انطلاقاً من التنوّع والتعدّد ونسبيّة الأشياء... بقيت على اتّصال بزمني وعصري، ونجوت من مخاطر الانغلاق على قناعات وتجارب محدّدة، والانقطاع عن حركة الزمن. المنفى فتح لي آفاق كثيرة، متعدّدة، ووضع بتصرّفي منابع ثقافيّة متنوّعة. رفض السفارة العراقيّة في عمّان تجديد جواز سفرك، أثار استنكاراً عارماً في الأوساط الثقافيّة والأدبيّة والاعلاميّة... لكنّ انتشار الخبر أثار أيضاً لدى بعضهم استغراباً وتساؤلاً: كيف يعقل أن سعدي يوسف لا يزال تحت رحمة السلطات التي يعارضها ولا يعترف بشرعيّتها؟ - حدث في أواسط الستينات أن سُحب مني جواز السفر العراقي، وكنت آنذاك في الجزائر. وظل مسحوباً حتى سنة 1971. وفي مطلع الثمانينات وجدت نفسي مجدّداً من دون جواز، فاستعملت جواز سفر من اليمن الجنوبي سابقاً. وبقي جواز السفر اليمني بحوزتي حتى سنة 1989 حيث أُعيد لي جواز السفر العراقي، وكنت آنذاك في بلغراد، وهذا الجواز هو الذي لم يُجدّد بعد. تأثّرت طبعاً حين بلغني قرار الرفض، لكنني لستُ مرتبكاً. فأنا شاعر عربي، أشعر أن بمقدوري الحصول على جواز سفر من هذا البلد العربي أو ذاك، إلا أنني أفضل - وهذا من حقي - الاحتفاظ بجوازي العراقي. أنا منفيّ محترف، واجهت صعوبات مماثلة، وبعضها أشد، لكنني استطعت التغلب على هذه الصعوبات. ولا أرى أي تناقض بين كوني معارضاً وبين طلب تجديد أوراقي الرسميّة. فالمسألة هنا لا تتعلّق بمواقفي السياسيّة من نظام، إنّه حقي في الحصول على وثيقة ضرورية وطبيعية لكل مواطن. حسب القوانين المرعية، كل مواطن لا يزال محتفظاً بجنسية بلده، له الحق في الحصول على جواز سفر. المعارضة وجهة نظر، ولا يمكن أن تكون الوثيقة الرسمية امتيازاً لفئة من المجتمع، هي الفئة الموالية لنظام الحكم، ومحرّمة على الآخرين. هناك بلدان عربية تحترم هذا المبدأ الدستوري، معتبرةً جواز السفر حقاً مشروعاً لكل مواطن مهما كانت وجهة نظره في هذه الحكومة أو تلك. ولكن هل تعتقد أن هناك أسباباً مباشرة لمثل هذا التصرف؟ - لا يوجد حسب تصوّري أي سبب مباشر، خصوصاً أنني لست في الواجهة السياسيّة، فجهدي الحقيقي في الثقافة الخالصة. "تقاليد المنفيّ" العزلة الاختيارية التي يعيشها سعدي يوسف، هل تعود إلى رغبة الشاعر في تأمل العالم والبحث عن مفرداته بعيداً عن الصخب والضوضاء؟ أم أن للأمر بُعداً آخر يتصل بيأس الشاعر وقنوطه، واحتجاجه على العالم؟ - كوّنت مع السنوات ما أسميه "تقاليد المنفي". فأي بلد أقيم فيه، أحاول ألا أكون داخل نسيجه الثقافي والسياسي. هذا الموقف يجنبني حساسيات معينة، كما يجنبني الوقوع في خطأ التصرف إزاء مشكلات أنا جديد عليها. كما يبقيني هذا السلوك حراً بلا التزامات سوى التزامي الفني. ثم ان العزلة تغدو، بالتدريج، شرطاً مهماً في العملية الابداعية. العزلة تخلق مسافة بينك وبين ما تلاحظ، وهذه المسافة الضرورية هي مسافة التأمل والاستقلالية، وبالتالي فهي مسافة القدرة على اصدار الحكم بمنأى عن التأثر المباشر بتفاصيل قد لا تكون ضرورية في العملية الابداعية. في الأردن مثلاً، أنا أراقب الحركة الشعرية، ولديّ آرائي فيها، لدي تأريخي الخاص لها. هذا شيء أحتفظ به لنفسي، وهو جزء من مسؤوليتي في متابعة الحركة الشعرية العربية، وفي تقصّي الجديد والمتغير فيها. لكنّ مسؤولية الجدل الوطني حول هذه الحركة الشعرية، ملقاة على الشعراء والكتاب والنقاد الأردنيين، وأنا لا أريد أن أتدخل في ذلك. دعنا ننتقل إلى شعرك، ولغتك التي تبدو وكأنها محايدة متحرّرة من إرثها الدلالي المتراكم وعلاقاتها السابقة. ما الذي يوفره لك هذا التحرّر اللغوي، وأي فضاء يشرّعه أمامك ذلك الحياد؟ - السعي إلى ما تسميه "اللغة المحايدة" بدأ لديّ منذ أكثر من عشر سنين، أو خمس عشرة سنة. وهذا المسعى محفوف بالمخاطر، ذلك لأن اللغة ليست فقط وسيلة اتصال، وإنما هي تاريخ وذاكرة، وكلمات تحتفظ بهالاتها. والتعبير الشعري العربي مثقل بقيم بلاغية وجمالية تجعل من اللغة مجازاً مطلقاً بصورة ما. هذه المسألة بدأت منذ العصر العباسي، ولا تزال مستمرّة. محاولتي في "اللغة المحايدة" - أفضّل ان أسميها "اللغة الملموسة" - هي رغبة في العودة إلى طبيعة علاقة الشاعر الأول، أعني الشاعر الجاهلي، باللغة والأشياء. عندما تقرأ قصيدة جاهلية، تجد أن الشاعر يتعامل مع لغة ملموسة، قريبة من الأشياء. بتعبير آخر: اللغة في الأساس هي رمز للشيء، والفنان له مطمح نهائي هو التعامل مع الشيء. اللغة الملموسة تحدّ مجازية التعبير، وتخفف من رمزية اللغة. تحاول أن تخلّص المفردة من ذاكرتها، وتضعها في الاستخدام الراهن الأولي. هكذا تحمل المفردة ملمسك في اللحظة ذاتها. طبعاً، هذه المحاولة كلفتني الكثير من الاستبعادات. فالاسم الجامد والاسم المشتق عنصران في اللغة، لكن فكرتي تدعو إلى استخدام الاسم الجامد أكثر: الباب، الكرسي، الغصن… لأن هذه هي المادة الخام. كما كلفتني هذه المحاولة الاستبعاد الكامل تقريباً للمصدر. والشاعر، والفنان عموماً يبدأ من البدايات، هو بدائي بشكل أو بآخر. لم آتِ بجديد، وإنما عُدتُ إلى الأصل، عُدتُ إلى امرئ القيس، وهذه العودة تجعلني أتفادى الخلل الذي طرأ على القصيدة العربية. هل تعتقد أن قصيدتك تشكّل اتجاهاً شعريّاً؟ - كلّ ما يمكنني أن أجزم به هو سعيي إلى اعادة القصيدة العربية إلى أصلها، مع أخذ المعطيات الثقافية لعصرنا في عين الاعتبار طبعاً. طبيعة الموضوعات التي أتناولها قد تحدّد ملامح اتجاه خاص، وهذا يجعلني استعيد ما قاله جابر عصفور من انني أنزلتُ القصيدة العربية "من السماء إلى الأرض"، فالانسان العادي، حركة الحياة اليومية، تفاصيل هذه الحركة… كلها في مركز اهتمامي الفني. ولكن ذلك يحرم القصيدة من ركائز كثيرة أبرزها الخيال، والصورة البلاغية، والوصف والمفارقة… - صحيح، وهذه مسألة أرهقتني كثيراً. ففي الستينات كنت استخدم قيماً جمالية أخرى، مثل الجناس والطباق، وجماليات النعت والمفارقة. ولكنني تخليت عنها كلها تدريجاً. ولم تكن المسألة سهلة في أول الأمر، لكنّني اعتدت الفرز مع السنوات. لكل عصر بلاغته على أيّة حال . "الإيروسيّة" وانتهاك الصمت في مجموعتك "ايروتيكا" يتلمس المرء ملامح تجربة جديدة تغرف من "الايروسيّة" وتذهب بعيداً في انتهاك الصمت المضروب عليه، ودفع الشعر إلى مغامرات لغوية وفنية مدهشة. هل شعرت أن هذه التجربة تنطوي على التباس أو تعرّضك لخطر جمالي ما؟ كيف استطعت أن تنجو بالشعر؟ - موضوع "الإيروسيّة" موضوع منسي، شأنه شأن مواضيع أخرى يضيق بها زمننا العربي. حاولت اعادة الاعتبار إلى هذا الغرض المنسي، ولكن ضمن معادلاتي في اللغة، وعبر التقاط زاوية الرؤية. كما أن هناك تواتراً ازاء موضوع "الإيروسيّة"، والتطرق إليه لا يأتي إلا بعد تجربة طويلة في الكتابة، لأنه موضوع صعب بذاته، وهو أيضاً موضوع خطر، لأن عليك أن تفصل خطين متقاربين، لكنهما متمايزان: "الإيروسيّة" و"البورنوغرافيّة". أما كيف استطعت أن أتخلص من هذه الاشكالية، وأنجو بالشعر فتمّ ذلك عن طريق الحياد. أرسم لوحة الجسد، لكنني لا أضيف إلى هذه اللوحة أيّة مشاعر مثيرة. المشهد الشعري العربي المعاصر يكتنفه الغموض، وتبدو امتدادات القصيدة العربية آخذة في الضمور ما يجعل الناس ينفضون من حولها. كيف يرى سعدي يوسف مستقبل القصيدة العربية؟ - خلال الدورة الأخيرة ل "معرض القاهرة الدولي للكتاب"، ذكرت أن القصيدة العربية الآن هي عند نقطة الصفر. وكنت أقصد الاشارة إلى الحركة والسكون. فأي حركة شعرية، أي مدرسة شعرية، تفقد من قوة دفعها الذاتي بعد مرور نصف قرن. "قصيدة التفعيلة" خلفها الآن نصف قرن من الوجود. والجيل الذي بدأ المدرسة الحديثة في الشعر العربي أخذ ينتهي نهاية طبيعية. يقول أودن: "لا ينتهي جيل شعري إلا بانتهاء ممثليه جسدياً". ونحن نشهد ذلك، وننتظر الآتين، وهذا أمر في غاية البساطة وطبيعي إذا اعترفنا بأن الفن، بالضرورة، حركة دائمة وصيرورة. ومن هم "الآتون" الذين تعوّل عليهم؟ - كل الشباب الشعراء، من مسقط إلى مراكش، تجد لديهم الملامح الأولية لتشكيل المشهد الشعري العربي الجديد. هؤلاء الشباب قليلاً ما تظهر أسماؤهم، لكنهم يكتبون بجدّ ومسؤولية، وأنا أراهن على هؤلاء. هناك من يعتبر، مثل إحسان عبّاس، أن النثر مستقبل القصيدة العربية؟ - لستُ ضد هذا القول، لكنني أضع قصيدة النثر ضمن اللوحة، ولا أعتبرها شكلاً وحيداً. قصيدتك ليست جماهيرية، بالمعنى الذي نراه عند محمود درويش مثلاً. فهل بمقدور الشاعر أن يحقق قصيدة جماهيرية لا تتنازل عن شروطها الجمالية، ولا تستجدي عواطف الجمهور ورغباته؟ - طبعاً هذا ممكن. ممكن جداً. والمسألة متصلة بمحاولات الشاعر نفسه، وبدرجة احترام القارئ. قصيدتي أكثر حميميّة من أن تعتلي المنبر بنبرة جماهيرية. لكنّ كلّ الأشكال والقوالب واردة. أنا أراهن على ذكاء القارئ، فهو يكمل النص، أي يمنحه تأويلاً خاصاً به. لا باعتباره متلقياً سلبياً، بل باعتباره مشاركاً في عملية النص نفسه. القصيدة تنمو ببطء كامل ما هي الطقوس التي ترافق ولادة القصيدة لديك؟ أين تكتب ومتى؟ على أي ورق، وبأي قلم، وفي أي وضعيّة؟ هل تكتب القصيدة على دفعات أم دفعة واحدة؟ ما هي حوافز الكتابة لديك؟ - يذكّرني السؤال بمقولة فيرجينيا وولف حول ضرورة ان يكون لكل فنان غرفته الخاصة، أي تعني بشكل ما عزلته النسبية. أكتب عادة في غرفة مغلقة، وفي المقهى أكتب حين لا أعرف أحداً أو لا يعرفني أحد. أكتب أحياناً في الطائرة حين يكون جليسي مجهولاً. القصيدة تنمو عندي ببطء كامل، وتبدأ بالتقاط تفصيل معيّن بسيط جداً، بعدها أروح أجمع حول هذه اللقطة عناصر تبدو لي ضرورية لتحويلها إلى وجود ملموس من لحم ودم. وفي الوقت نفسه أتأمل جوهرية اللقطة، أهي متصلة بالمصير الانساني، بالأسئلة الأولى. أثمة فيها ما يصيب في العمق. وهنا فقط، أبدأ الكتابة، أدخلها كحالة أقرب إلى المغامرة. أفضل ورق الصحافة، وأكتب بحبر أسود سائل ولا أستطيع أن أكتب شعراً بالقلم الناشف، أو على ورق صقيل. أكتب عادة في النهار. أكتب جالساً. أجلس للكتابة وأنا في كامل استعدادي، بعد الحلاقة وارتداء ملابس تصلح للخروج من البيت. فأنا عندما استقبل القصيدة استقبل العالم. أما في الليل فلا أكتب، بل أسمع موسيقى وأشرب. أكتب قرب نافذة تطلّ على المدى، على بحر أو حديقة. وأنا الآن، في عمّان أمارس الطقوس نفسها. أكتب يومياً وأقرأ يومياً. وحين لا تعجبني القصيدة أمزقها، فأنا لا أحتفظ بمسودات أبداً. وإذا أعجبتني أدفعها إلى النشر. أما الآن، فصرت أفضّل أن أجعلها في ديوان. أجلس هادئاً، أو مستغرقاً في هدوء ظاهري، وأحكّ رأسي باستمرار. أما إذا دخل أحد عليّ أثناء الكتابة، فإنه يُفسد جوي كله. حينئذ أترك الورقة، ولا أعود إلى القصيدة أبداً!