نائب وزير الخارجية يشارك في حفل مراسم تنصيب رئيس السلفادور    تفعيل خدمة "فعيل" للاتصال المرئي للإفتاء بجامع الميقات    المملكة تستضيف بطولة العالم للراليات 2025    فيصل بن فرحان يؤكد لبلينكن دعم المملكة وقف إطلاق النار في غزة    المملكة تدين محاولة إسرائيل تصنيف «أونروا» إرهابية    حجاج الأردن وفلسطين يشيدون بالخدمات المقدمة بمنفذ حالة عمار    روبوتات تلعب كرة القدم!    فرنسا تستعد لاحتفالات إنزال النورماندي    التصميم وتجربة المستخدم    مقاطع ريلز التجريبية أحدث ميزات «إنستغرام»    لهو الحيتان يهدد السفن في المحيط الأطلسي أرجعت دراسة ل "اللجنة الدولية لصيد الحيتان"، سبب    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    سفاح النساء «المتسلسل» في التجمع !    «تراث معماري»    تكريم «السعودي الأول» بجائزة «الممارسات البيئية والحوكمة»    تعاون صناعي وتعديني مع هولندا    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة 15 في تاريخه    توجه ولي العهد بكأس الملك بعد ثنائية الدوري والسوبر.. الهلال ينهي الموسم باحتكار البطولات المحلية    آرسنال يقطع الطريق على أندية روشن    الإسباني" هييرو" مديراً رياضياً للنصر    الاتحاد يتوّج بكأس المملكة لكرة الطائرة الشاطئية    اعتباراً من اليوم.. بدء تطبيق عقوبة مخالفي الأنظمة والتعليمات لمن يتم ضبطهم دون تصريح حج    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    إحباط تهريب 6,5 ملايين حبة كبتاغون في إرسالية "إطارات كبيرة"    «المدينة المنورة» صديقة للتوحد    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    تعزيز العلاقات الاقتصادية مع ايطاليا    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    فرز وترميز أمتعة الحجاج في مطارات بلدانهم.. الإنسانية السعودية في الحج.. ضيوف الرحمن في طمأنينة ويسر    تركيا: تكاثر ضحايا هجمات الكلاب الشاردة    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    ورشة عن سلامة المختبرات الطبية في الحج    الليزر لحماية المجوهرات من التزييف    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    شرطة الرياض تقبض على مقيمَين لترويجهما «الشبو»    ثروتنا الحيوانية والنباتية    النفط يستقر قبيل الاجتماع ويسجل خسارةً أسبوعيةً    نجوم «MBC TALENT» ينجحون في مهرجان الخليج..    بلد آمن ورب كريم    ضبط (5) مقيمين بالرياض إثر مشاجرة جماعية في مكان عام لخلاف بينهم    مشروع الطاقة الشمسية في المركز الميداني التوعوي بالأبواء    شراكة بين المملكة و"علي بابا" لتسويق التمور    متنزه جدر بالباحة.. قبلة عشاق الطبيعة والسياحة    ترحيل 13 ألف مخالف و37 ألفاً تحت "الإجراءات"    "نزاهة": توقيف 112 متهماً بقضايا فساد في 6 وزارات    بَدْء المرحلة الثانية لتوثيق عقود التشغيل والصيانة إلكترونياً    جامعة الطائف ترتقي 300 مرتبة بتصنيف RUR    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    وزير الداخلية يدشن مشاريع أمنية بعسير    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" حاورت أبرز المفاوضين الروس ووزيرة التجارة الشيشانية . الروس يضربون دوداييف بحسبولاتوف والشيشان متمسكون باستقلالهم
نشر في الحياة يوم 07 - 08 - 1995

لا يزال الجدل يلف اتفاق السلام الذي وقعه الاسبوع الماضي وفد حكومي روسي مع ممثلين للرئيس الشيشاني جوهر دوداييف. اذ لا تزال الاشتباكات مستمرة، ويبدو ان موسكو مترددة للغاية في سحب آلياتها وقواتها من الشيشان حسبما تقضي نصوص الاتفاق. كما ان الرئيس الشيشاني - وهذا هو الجانب الأهم - رفض الاتفاق، وقال ان مندوبيه الى المفاوضات تعرضوا لضغوط شديدة وتخويف.
ومثل سجال المعارك في محيط العاصمة الشيشانية غروزني، بدأ الجانبان سجالاً اعلامياً عن ملابسات توقيع الاتفاق، وانعكاساته حال تنفيذه. ويبدو ان الجانبين بحاجة الى طمأنة: موسكو لا تريده انفصالاً واستقلالاً، ودوداييف وأنصاره لا يريدون دبابة روسية تجثم على صدورهم الى ما لا نهاية.
وتعتقد موسكو ان الانتخابات التي قررت اجراءها في الشيشان في تشرين الثاني نوفمبر المقبل ستعصف بدوداييف. وثمة دوائر متنفذة في عاصمة الاتحاد الروسي تتكهن بأن رجل الشيشان المقبل سيكون روسلان حسبولاتوف رئيس البرلمان الروسي السابق.
من أبرز أعضاء الوفد الروسي الى مفاوضات غروزني مع المقاتلين الشيشان أركادي فولسكي رئيس اتحاد الصناعيين وأرباب العمل الروس. وهو مساعد سابق لثلاثة من حكام روسيا السوفياتية: يوري اندروبوف، وقسطنطين تشيرنينكو، وميخائيل غورباتشوف. وكان تعيينه ضمن وفد المفاوضين الروس مفاجأة لكثيرين، بل عقدت الدهشة لسان كثيرين عندما انتدب فولسكي، وليس فياشيلاف ميخائيلوف رئيس الوفد الروسي، الى مقابلة الرئيس الشيشاني دوداييف.
وسرعان ما انتشرت الاشاعات في موسكو عن أسباب "نفض الغبار" عن احد رجال مرحلة ولّت من تاريخ روسيا. وكثر الحديث عن تخصيص شقق فخمة لفولسكي وميخائيلوف وغيرهما من أعضاء الوفد الحكومي الروسي في غروزني المدمّرة.
"الوسط" التقت فولسكي، وبدأت معه حديثها عن تلك الاشاعات، وأسباب ضمّه الى الوفد الروسي، فقال:
- أنا أفهم حرية الصحافة، لكن لا بد من الشرف أيضاً. ويجدر بالذين كتبوا هذا الكلام ان يأتوا ويشاهدوا الظروف التي نعيش فيها. فشقتنا، أنا وميخائيلوف وزير القوميات في روسيا الاتحادية ورئيس الوفد الروسي في مفاوضات السلام بجمهورية الشيشان غرفة تبلغ مساحتها مترين في مترين، ذات سقف من الصفيح. انها من دون نافذة، والجو فيها خانق جداً. ومن المستحيل النوم فيها، والشيء الوحيد الذي احمله معي من موسكو: السجاير، اذ لا يوجد لديّ في غروزني الوقت للبحث عنها.
التحقت بالوفد الروسي الى مفاوضات غروزني؟
- بكل بساطة، في الثانية من بعد ظهر 18 حزيران يونيو الماضي اتصل بي رئيس الوزراء فكتور تشيرنوميردين هاتفياً في البيت، وعرض عليّ السفر الى غروزني للمشاركة في مفاوضات السلام في جمهورية الشيشان. في الرابعة وصلت الى هناك. وفي غضون يومين انشغلنا، ونحن في غروزني، بدعم جهود موسكو في معالجة ازمة بوديونوفسك والافراج عن الرهائن. واتصل عثمان ايمايف النائب العام لجمهورية الشيشان المفوض من قبل دوداييف من هاتفي مع بساييف وأجرى المفاوضات مع تشيرنوميردين.
طبعاً، لم يكن مجيئي الى الشيشان وليد مصادفة، اذ ان رئيس روسيا كان أنشأ لجنة توفيقية خاصة بتنفيذ معاهدة الوفاق الاجتماعي، تضم ممثلي هيئات السلطة - الحكومة ومجلسي الجمعية الفيديرالية - والمنظمات الاجتماعية. وفي 30 كانون الأول ديسمبر الماضي شكلت اللجنة التوفيقية مجموعة عمل لتسوية الازمة الشيشانية، وانتُخبتُ رئيساً لهذه المجموعة. ومنذ 3 كانون الثاني يناير الماضي لم يمر يومان أو ثلاثة لم نبحث فيها انا وأعضاء المجموعة قضايا الشيشان. وكنا نلتقي الشخصيات الدينية والسياسية، ونجري محادثات مع المشايخ، وممثلي الشتات الشيشاني في موسكو يقيم في العاصمة الروسية 24 ألف شيشاني وفي شمال القوقاز وقزخستان. وفي هذه الفترة زرت جمهورية الشيشان مرات عدة.
علاوة على ذلك، تشكلت مطلع كانون الثاني يناير الماضي لجنة حكومية لتسوية الازمة الشيشانية، برئاسة تشيرنوميردين، وقد دعيت الى المشاركة في اعمالها. وفي هذه الفترة رأس تشيرنوميردين نحو 15 اجتماعاً ضمت معظم قادة البلاد وممثلي الجانب الشيشاني من الشيوخ والادارة الاسلامية الافتاء. كما حضر عثمان ايمايف اللقاءات الاستشارية في موسكو.
ماذا كان الهدف من اجراء المفاوضات؟
- اما السلم واما الحرب. لا يوجد طريق ثالث. وبودي ان يسود السلام في بلاد الشيشان. ثمة اشياء عاطفية تؤثر كثيراً في سلوك الانسان. وأثر هذا العامل فيّ كنبضة عاطفية إبان اللقاءات مع أمهات الجنود في موزدوك وغروزني وستافروبول وغيرها من المدن الروسية. وعندما اقترح فريق من نواب الحزب الليبيرالي الديموقراطي الذي يتزعمه فلاديمير جيرينوفسكي حل القضية الشيشانية بالقوة و"الاجهاز على الافعى"، كنت أقول لهم: التقوا امهات الجنود الذين قتلوا في هذه الحرب، وأمهات الذين يمكن ان يقتلوا هناك في كل يوم، ما دامت المعارك مستمرة في جمهورية الشيشان.
هل يمكن احلال السلام في الشيشان؟
- قبل شهرين لم يكن هناك مجال للكلام عن أي سلام، اذ كانت رحى الحرب تدور. وكان كل يوم من المعارك يحصد أرواح العشرات من مواطني روسيا، من جنود الجيش ورجال المقاومة الشيشانية. وكلما اسرعنا في اتخاذ قرار السلام، كان ذلك أفضل. وتساورني القناعة بأن من الواجب عمل كل شيء في سبيل ذلك، مهما كلف من ثمن.
والآن تشارك في المفاوضات أربعة أطراف: الوفد الروسي برئاسة ميخائيلوف، وبعثة الوساطة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي برئاسة شاندور، وممثلو الأطراف المتصارعة الشيشان، ومنهم: ليتشا محمودوف من لجنة الانقاذ الوطني الشيشانية، وعبدالله بوغايف، ويونادي عثمانوف عن حكومة الانبعاث الوطني من جانب، وايمايف وايديونوف وزكايف ومسخادوف وياريخانوف عن حكومة دوداييف من الجانب الآخر.
تكمن صعوبة الأمر في أن المسألة لا تقتصر على اتفاقنا مع الشيشان، بل على اتفاقهم في ما بينهم ايضاً. ولدى كل طرف منهم مصالحه في الطريق نحو السلام، ولديه أيضاً جماعاته المسلحة. وبالاضافة الى مسخادوف هناك مثلاً المجموعات الجيدة التسليح التابعة لبيسلان غانتيميروف، وهناك أيضاً العشرات من القادة الميدانيين الذين يخضعون الى السياسيين الشيشان الذين يتعاطفون معهم.
مع ذلك فإن ثمة امكاناً لتسوية الخلافات بين الشيشانيين تدريجاً. والطريف انه بعدما كان أنصار دوداييف والمعارضون لهم، يوقعون البيانات المشتركة حول سير المفاوضات بصورة منفردة، فهم يفعلون ذلك الآن معاً، ويوقعون بصيغة "عن جمهورية الشيشان" وتليها تواقيع محمدوف وبوغايف وايمايف.
قبل خمسة أعوام شاركتم في عملية تسوية أزمة ناغورنو قره باغ، فهل يوجد تشابه بين هذه الأزمة والنزاع المذكور؟
- اذا وجد تشابه فهو في خوض العمليات القتالية فحسب. فالجبال هي نفسها، والفصائل المسلحة الصغيرة والسريعة الحركة هي ذاتها. لكن التشابه ينتهي عند هذا الحد. ما حدث في قره باغ نزاع عرقي وديني تمتد جذوره الى الماضي البعيد. وأرمينيا واذربيجان على استعداد للدخول في جدال حول تبعية كل مركز سكني في قره باغ، ويرجع كل منهما بحقوقه في التركة الى القرن الثالث عشر.
اما الوضع في بلاد الششان فهو مختلف، فالنزاع هنا يمثل صراعاً بين السلطات انخرط فيه شعب واحد، يدين أبناؤه بدين واحد. والشعب هو الجهة الوحيدة المتضررة من تصادم مصالح السياسيين.
لهذا فإن المفاوضات تجرى بصعوبة بالغة. لكن مصيبتنا الرئيسية في هذه المفاوضات ان موسكو والسلطات الاتحادية لا تستطيع بلوغ الاتفاق مع ذاتها. وهو شيء يثير الدهشة. ففي اللحظة التي تجرى فيها مفاوضات السلام يقترح النائب جيرينوفسكي وجوب "الاجهاز على العدو في موطنه"، مع ان نحو 90 نائباً يؤيدون هذا الاقتراح، وهذا يولد، طبعاً، ردود الأفعال هنا حيث تجرى المفاوضات.
جمهورية الحكومات الأربع
وتزيد صعوبة المفاوضات عندما نعلم انه توجد في الشيشان أربع حكومات، لا تعتبر أية واحدة منها ذات صفة شرعية: فهناك ادارة الرئيس جوهر دوداييف، هناك "لجنة الانقاذ الوطني" برئاسة عمر افتورخانوف، وهناك "حكومة الانبعاث الوطني" برئاسة سلام بيك حجييف، وهناك ادارة نقولاي سيميونوف التي نصبتها موسكو.
وهذه القضية عسيرة على الحل. وإذا تطرق الحديث الى تغير الوضع الدستوري للشيشان فمع من سيتم ذلك: مع دوداييف؟ ام افتورخانوف؟ ام حجييف؟ ام سيميونوف؟ ولا يتمتع أي من هؤلاء بالحق القانوني في تمثيل جميع أبناء جمهورية الشيشان، ولكل واحد منهم نظرته الى العلاقات بين غروزني وموسكو.
ويثير العجب ان السلطات ورجال السياسة في موسكو صاروا الآن بالذات حين تجرى المفاوضات يطرحون أغرب الأفكار والاقتراحات حول سبل حل الأزمة الشيشانية، وفي غضون أربعة أعوام حين كانت جمهورية الشيشان عملياً خارج روسيا، وخلال الشهور السبعة التي دارت فيها رحى الحرب، كانوا صامتين، لكن حين ظهر الأمل في احلال السلام تعالت آلاف الأصوات لتستنكر نظام دوداييف وتطالب بالاجهاز على "الأفعى". وأنا اعتبر مثل هذه الأقوال تمهيداً لبدء الحملة الانتخابية التي يقوم بها كثير من الساسة الروس الذين يضعون طموحاتهم فوق مصالح الشعب.
ان الوفد الروسي يصمد أمام المحاولات الكثيرة لعرقلة عمله، من التحرشات الى الاتهامات بالتباطؤ وعدم الحزم وتقديم التنازلات. ويثير قلقي الآن ان كل واحد يعتبر نفسه خبيراً استراتيجياً يجيد ادارة المعركة من فوق التل على حد تعبير الشاعر الجورجي الشهير شوتا روستفيلي. على كل من لا يروقه سير المفاوضات ان يأتي الى هنا، الى غروزني، ليحاول القيام بذلك بنفسه…
لا يمكن ان تتم المناقشة الواقعية لطابع العلاقات بين موسكو وغروزني في المستقبل إلا بعد انتخاب السلطة الشرعية الجديدة في جمهورية الشيشان. عند ذلك فحسب يمكن الحديث عما هو أصلح للشيشان: المعاهدة الاتحادية ام وضع خاص كما هي الحال بالنسبة الى تتارستان.
وتكمن القضية في ان حلفاءنا المحتملين والحاليين في جمهورية الشيشان لا يستطيعون ايجاد لغة مشتركة في ما بينهم. لقد اجرينا استطلاعاً للرأي العام في الجمهورية واختبرنا وتفحصنا النتائج بمساعدة الصحافيين، وكذلك المواطنين الشيشان الذين استقصينا آراءهم. ودلت نتائج الاستطلاع على انه اذا اجريت الانتخابات الآن فسيتصدر روسلان حسبولاتوف المرشحين الآخرين، ويسبقهم بقدر كبير. ويليه بمسافة كبيرة متقدماً على منافسيه جوهر دوداييف، لكنه يتخلف كثيراً عن حسبولاتوف الرئيس السابق لمجلس السوفيات الأعلى في روسيا. ويأتي بعدهما كل من ليتشا محمدوف، وسلام بك حجييف، وعمر افتورخانوف، وبيسلان غانتيميروف، ودوكو زوغايف. لكن لا يجب ان يفكر أي سياسي في موسكو في اجراء اتصالات مع الزعماء المحتملين في جمهورية الشيشان لفترة ما بعد الحرب منذ الآن. والمقصود ليس شراء ذمة، او اغراء أي منهم لابداء الولاء لموسكو، بل مجرد اجراء اتصالات واقامة علاقات طبيعية الآن، وليس بعد ان يصل هذا السياسي او ذاك الى السلطة.
ان استطلاع الرأي العام شيء معقد. وليس من المصادفة ان يطالب بساييف اثناء احتلاله مستشفى يودينوفسك باجراء استفتاء عام في روسيا في شأن منح الاستقلال الى جمهورية الشيشان. ويظهر استطلاع الرأي العام نفسه ان 57 في المئة من السكان النشطين اجتماعياً، حتى في روسيا، يدعون الى منح الشيشان الاستقلال.
المسألة المثيرة ان ثمة وضعاً غريباً في جمهورية الشيشان: ففي أوساط الشعب يقولون: كنا نعيش في عهد الاتحاد السوفياتي حياة طيبة، فأعيدوا الاتحاد السوفياتي، عندئذ سنعود. وعندما نتحدث عن تبعية او استقلال الشيشان يجب ألا ننسى اننا في روسيا، خصوصاً بربوليس مساعد بوريس يلتسن في الانتخابات الرئاسة السابقة والشخصية المتنفذة المعروفة وغيره، أتينا بدوداييف الى رئاسة الشيشان العام 1991 وساعدنا على ترسيخ أقدامه في السلطة. وليس من الصواب القول ان هؤلاء رجال موسكو وأولئك ليسوا كذلك. أنا شخصياً لا استطيع ان أقول ذلك.
لكن كيف ينظر الشيشان الى مجمل التطورات التي تتعلق بحاضر بلادهم ومستقبلها؟ اثبتت المعارك العسكرية ان حرب الشيشان لن تعرف منتصراً أو مهزوماً. وفي مقابل كل قتيل في صفوف القوات الروسية يقع قتيلان أو ثلاثة من المقاتلين الشيشان.
وتسود قناعة عامة لدى الشيشان بأن تهديدهم بنقل معارك حربهم الى روسيا نفسها هو وحده الكفيل بتحريك ملف قضيتهم وايجاد مخرج لأزمتهم مع موسكو. وفي ضوء ذلك نفذت عملية احتجاز الرهائن في مستشفى بودينوفسك التي دبرها ونفذها المقاتل الشيشاني شامل باساييف.
وزيرة التجارة الشيشانية
"الوسط" استقصت وجهات النظر الشيشانية من خلال حوارات مع ثلاثة من كبار المسؤولين في غروزني، أبرزهم جبرائيلوفا روزا وزيرة التجارة في حكومة الرئيس دودابيف، التي قالت: "خلال عملية بودينوفسك لم يكن هناك أي اتصال بين مجموعة باساييف والجنرال دوداييف. لقد قتل الروس عائلة باساييف وأعمامه قبل 11 يوماً من العملية، ودوداييف رغم انه ابن المؤسسة العسكرية السوفياتية الضخمة، هو القائد الوحيد في العالم الذي لا يستخدم وسائل التقنية الحديثة في تسيير أمور قيادته العسكرية. وقد لا يكون هناك اتصال مع المجموعات الفاعلة لفترات متباعدة، لكننا في الشيشان نخوض حرب وجود وقضيتنا واضحة لكل مواطن منا. ولا نحتاج لقيادة مركزية كيما نخو ض حرب دفاع عن الوجود.
هناك حديث عن اختراق روسي سياسي في الشيشان يتمثل في تشكيل تكتلات معارضة وموازية لجماعة دوداييف فما مدى صحة ذلك؟
- داخل الشيشان لا توجد أي معارضة من أي نوع لدوداييف، لكن موسكو تسعى جاهدة الى استقطاب عناصر متعاونة، غالبيتها من رجال الاعمال الذين تربطهم مصالح اقتصادية مع موسكو. إنهم مجرد عملاء للروس غير فاعلين على الأرض.
ولكن المفاوضات تتحدث عن مرابطة قوات روسية دائمة في غروزني وإدانة للارهاب ووعد بتعقب باساييف وغيرها من النقاط التي تبدو مختلفة عن إصرار دوداييف على اعتراف روسيا باستقلال الشيشان؟
- دوداييف يريد اعترافاً صريحاً من روسيا باستقلال الشيشان للتعجيل بموعد الانتخابات التي ستحدد ملامح الجمهورية المقبلة. الروس يحاولون كسب الوقت في المفاوضات لاقفال طريق تدويل المشكلة. المفاوضون من حقهم استخدام الأوراق التي بأيديهم، وإعلان النائب العام الشيشاني انه سيتم تعقب باساييف ومحاكمته لقتله 100 شخص، واحتجاز آخرين مسألة عادية، وكذلك إدانته للارهاب. ولا تنسوا ان الزعيم الميداني شروان باساييف شقيق شامل كان ضمن المفاوضين.
ثمة تقارير عن مساعدات عسكرية ومالية تتلقاها الشيشان من دول مجاورة وتلمح الى تيار أصولي متصاعد داخل الجمهورية؟
- ... وتعليقاً على ذلك قال عبدالرزاكوف رسلان وكيل وزارة الخارجية الشيشانية: "دعونا نو ضح مسألة مهمة وهي ان التيار الأصولي في الشيشان لا يزال دون درجة الصفر، لكن هذا لا يعني اننا شيوعيون، فنحن مسلمون وأنا عضو في لجنة تلقي المساعدات التي نمول منها انفسنا من العتاد والذخيرة. واستطيع ان اؤكد أننا لم نتلق أي نوع من المساعدات من ايران. وعندما نقول بأننا نريد اعلان جمهورية اسلامية في الشيشان فلأننا نريد استقاء قوانيننا من شريعة الله فحسب".
وأضافت وزيرة التجارة الشيشانية: "لدينا في الشيشان نظام اقتصادي حر سنحافظ عليه في المستقبل. وعلى الرغم من تدمير البنية الاقتصادية الاساسية للجمهورية التي تنتج النفط من على عمق 4 آلاف متر فقط، والمختصون يفهمون ما أعنيه تماماً، فإن الجمهوريات المجاورة تحصل على حاجاتها الغذائية من الشيشان على رغم الحرب لتدني اسعارها، مثل اللحوم، والحبوب".
وسألت "الوسط" الوزيرة جبرائيلوفا: كيف سيبني الشيشان بلادهم بعد كل هذا الدمار؟
فأجابت: "من السهل علينا اعادة البناء، وتحقيق مستوى معيشي طيب. ففي الشيشان 17 مادة خاماً أبرزها الذهب، وبكميات ضخمة، واليورانيوم، وحصلنا على معطيات جيدة باستخدام التقنيات الفضائية. ويتدخل المهندس واخ ميداغوز ابن شقيقة دوداييف الذي يبدو مهتماً هذه الأيام بتأمين بعض المستلزمات العسكرية والفنية للمقاتلين فقال إن معظم المشرفين على تشغيل قطاع النفط في روسيا وقطاع التعدين في كثير من مناطق الاتحاد الروسي من العلماء الشيشان".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.