ترامب يوقع مشروع الميزانية الضخم ليصبح قانوناً    إنزاجي: الهلال فاق كل التوقعات بكأس العالم للأندية    مدرب فلومينينسي: الهلال فريق منظم وقوي    الهلال يودع «مونديال الأندية» بعد إنجاز تاريخي وأداء مشرف    15 دقيقة أولى لحمدالله بقميص الهلال    اجمالي أرباح الهلال المالية في مونديال الأندية    إنزاغي: الهلال تأثر ببعض المتغيرات    الهلال يودع مونديال الأندية من ربع النهائي    «سلمان للإغاثة» يدشّن المرحلة الثالثة لمشروع دعم الأمن الغذائي في باكستان لعام 2025    القبض على مواطن في تبوك لترويجه «الإمفيتامين»    أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة الراجحي    وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة    جمعية الدعوة بصبيا تُطلق الدورة العلمية الأولى لعام 1447ه بمحاضرة عن فضل العلم    محافظ صبيا يُدشّن حملة "لقمتنا ما تنرمي" للتوعية بأهمية حفظ النعمة في المناسبات    مجمع الملك سلمان وتنمية الحياة الفطرية يطلقان معجم "مصطلحات الحياة الفطرية"    نادي الصقور يعلن عن فعالياته في المملكة    انخفاض أسعار النفط مع تأكيد إيران التزامها بالمعاهدة النووية    السديس في خطبة الجمعة: الهجرة وعاشوراء دروس في اليقين والشكر والتوكل على الله    سمو ولي العهد يستقبل سمو نائب حاكم أبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي    إحباط محاولة تهريب 646 ألف حبة من مادة "الإمفيتامين" المخدر مُخبأة في إرسالية    فراس آل الشيخ، المدير الإقليمي لشركة ريد هات في المملكة: بناء المستقبل الرقمي للمملكة.. دور "ريد هات" في تمكين الابتكار والأمن السيبراني    قتيلة في جنوب روسيا    استمرار الرياح النشطة على معظم مناطق المملكة    الدولار يتماسك أمام اليورو والين    بلدية عنيزة تُطلق مهرجانيّ «كرنفال السعادة» و«صيف عنيزة» بالتعاون مع القطاع الخاص بمتوسط حضور يومي يتجاوز 8000 زائر    جمعية الكشافة تختتم مُشاركتها في ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب    أمين منطقة القصيم يتفقد مشروعي امتداد طريق الأمير محمد بن سلمان وطريق الملك سعود بمدينة بريدة    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق فعاليات برنامج أولمبياد أبطالنا 2025    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر يونيو 2025    بلدية محافظة الأسياح تنفذ 4793 جولة رقابية في النصف الأول لعام2025م.    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    قطاع أحد رفيدة الصحي يُفعّل "اليوم العالمي للبهاق" و "اليوم العالمي لإضطراب مابعد الصدمة"    محمد بن عبدالرحمن يُشرّف حفل سفارة الفلبين لدى المملكة    إنقاذ طفل ابتلع حبة بقوليات استقرت في مجرى التنفس 9 أيام    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية ينظم ندوة للتوعية بخطر المخدرات    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    رئيس جمهورية إندونيسيا يغادر جدة    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    دعم النمو وجودة الحياة.. الرياض تستضيف"سيتي سكيب"    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    عقب تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بأهمية ضم «الضفة».. تحذيرات أممية من مشروع «استيطاني استعماري»    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    استعرض التعاون البرلماني مع كمبوديا.. رئيس الشورى: توجيهات القيادة أسهمت في إنجاز مستهدفات رؤية 2030    49.4 مليار ريال إنفاق الزوار في الربع الأول    الإنجاز والمشككون فيه    «تسكيائي» اليابانية.. وحوار الأجيال    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تحاور قطبين جزائريين . هدام : قادرون على إلزام "الجماعة المسلحة" الحل السياسي جاب الله : لا دور للترابي ولن تحل الازمة هذا العام
نشر في الحياة يوم 24 - 04 - 1995

انتقلت أجواء الأزمة الجزائرية خلال الفترة من 30 آذار مارس الى 2 نيسان ابريل الى الخرطوم. وشكّلت محوراً بارزاً من المحاور التي ناقشها "المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي" في دورة انعقاده الثالثة.
وشارك أنور هدام رئيس هيئة البرلمانيين الجزائريين في المنفى وأحد أبرز قيادات الجبهة الاسلامية للانقاذ في المؤتمر الذي حضره ايضاً الشيخ عبدالله جاب الله زعيم حركة النهضة الاسلامية الجزائرية المعارضة. واتفق الرجلان على صيغة التوصية الختامية في شأن الازمة الجزائرية استناداً الى "وثيقة روما".
واثناء انعقاد المؤتمر التقت "الوسط" هدام وجاب الله، فأكد الاول ضرورة محاكمة وزير الداخلية الفرنسي شارل باسكوا بسبب تدخله السلبي في الازمة الجزائرية. وأعرب عن التزام حزبه "وثيقة روما" باعتبارها اساساً لحل الازمة. واتهم السلطة الجزائرية بقصف قرى بأكملها، وبأنها تنوي قتل مئة الف اسلامي. وطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية للبحث في الجرائم التي ارتُكبت خلال السنوات الماضية. وقال ان السلطة حالت دون اجتماع قيادة الجبهة الاسلامية للانقاذ مع "المجاهدين". ورأى ان ذلك كان كفيلاً بوقف العنف. واعتبر هدام الجماعة الاسلامية اقوى تنظيم مسلح في الجزائر.
اما الشيخ جاب الله فاعتبر في حديثه إلى "الوسط" ان لا دور للدكتور الترابي في حلّ الازمة الجزائرية، "لأن الحل داخل الجزائر وليس خارجها". وأعرب عن امله بأن تتخذ فرنسا موقفاً محايداً من الازمة في بلاده التي توقع ألا تنتهي خلال العام الحالي.
وفي ما يأتي نص الحوارين:
تردد في الشهور الاخيرة ان الأزمة الجزائرية يمكن ان تجد حلاً على الطريقة السودانية، بمعنى ان يتولى الجيش الامن والدفاع، وتتولى الجبهة الاسلامية للانقاذ ضبط الشارع. فهل نوقش ذلك؟ وما هو موقفكم منه؟
- نحن ملتزمون، في حقيقة الامر، لائحة الوفاق الوطني التي وُقّعت في روما، ولا نرى حلاً سياسياً للأزمة الجزائرية خارج هذه اللائحة.
يبدو ان الوضع الجزائري يعيش تجاذباً قد يقود البلاد إلى حرب اهلية، فالجيش متمسك بسياسة الامن المطلق، بينما يصرّ الاسلاميون المسلحون على اسقاط الجيش. هل تعتقد بأن هذا التجاذب الثنائي يُسهّل الحل؟
- لا بد من تصحيح بعض المفاهيم التي جاءت في السؤال. النقطة الاولى: ان الجبهة الاسلامية للانقاذ حزب سياسي، والنقطة الثانية: ان اخواننا المجاهدين لهم تنظيمهم المستقل عن الجبهة.
أي استقلال؟
- هم تنظيم جهادي يعمل من اجل الجهاد في الجزائر، لكن حربنا واحدة، وسلمنا واحد. كلنا يعمل من اجل التخلص من المجموعة العسكرية التي استولت على الحكم بالقوة. والكل ملتزم القرار، فإذا تم التخلص من هؤلاء سلماً كان به، وإذا رفضوا الطريقة السلمية فهناك العمل الجهادي لاطاحة النظام، والرجوع الى الاختيار الشعبي. أما الحديث عن حرب اهلية فليس وارداً، لأن الأزمة الجزائرية تدور بين شعبٍ صودر حقه في الاختيار واتهم بالقصور، وعدم حسن الاختيار، واقلية ايديولوجية تريد فرض مفاهيمها على المجتمع مستخدمة القوة العسكرية التابعة للمؤسسة العسكرية الجزائرية.
يُقتل شعراء وكتّاب وصحافيون ومعلمون، ويُغتال مواطنون يومياً، وتمارس حملة على أقرباء الاسلاميين... ألا تسمي ذلك حرباً اهلية؟
- ... مقاطعاً تحدّينا في لائحة روما النظام بأن يسمح بإنشاء لجنة حرة ومستقلة للتحقيق في هذه الجرائم. عندها سيعرف الكل من يقف وراء الجرائم، ولماذا. نحن ضد كل من يتصدى للابرياء. باختصار نحن ضد اي عمل ارهابي، ومع الجهاد القائم الذي انطلق بعدما استنفدنا كل وسائل العمل السياسي السلمي.
عندما تفصلون بين القوتين السياسية والعسكرية هل يجردكم ذلك من مسؤولية النتائج المترتبة عن العمل العسكري؟
- لا.لا.لا. نحن نؤيد الجهاد القائم في الجزائر، ونتحمل مسؤولية هذا التأييد.
وهل يشمل ذلك "الجماعة الاسلامية المسلحة"؟
- كلهم اخواننا في الجهاد. ونحن لا نفرّق بين المجاهدين انفسهم، وانما نفرّق بينهم وبين المندّسين على الجهاد من طرف النظام. اما "الجماعة الاسلامية المسلحة" فهي اقوى تنظيم مسلح في الجزائر، وما الاشاعات المنتشرة عنها الا لكونها التنظيم المسلح الاقوى في البلاد. وتذكرنا هذه الاشاعات بتلك التي انتشرت في الماضي ضد جبهة التحرير الوطني اثناء الثورة الجزائرية. نحن ننطلق من واقع ان اخواننا المجاهدين لا يقومون بعمليات ارهابية، وان ما يجري في الجزائر ليس ارهاباً، لأن الارهاب لا تؤيده الشعوب، ولا تحتضنه، بل تنفضّ عنه.
ان ما يجري في بلدنا هو جهاد شرعي يخضع لضوابط الشرع واهدافه وغاياته ووسائله، لذا نؤيده ونتحمل مسؤولية هذا التأييد. ونؤكد للمرة الاخيرة مطالبتنا بلجنة تحقيق مستقلة، ولتكن دولية، حتى يتبين للجميع من يقف فعلاً وراء هذه الجرائم.
هل انتم قادرون على إلزام الجماعة المسلحة حلاً سياسياً اذا كان هذا الحل مبنياً على "وثيقة روما
- إن كان العكس هو الصحيح، فإننا نعطي فرصة للنظام القائم لأن يبرهن على ان هناك فارقاً بيننا وبين المجاهدين، فلماذا لا يغتنم الفرصة؟ اعتقد بأن النظام متيقن من ان الجميع سيقبلون بالحل. والمشكلة ليست هنا، فقد طالبنا بحقنا في الاجتماع مع اخواننا المجاهدين. نحن لا نزال اقوى حزب وأقوى تنظيم، لكننا نريد ان يعقد الاجتماع علناً. واذا عقد فإنه دليل الى ان النظام يقبل وانه مستعد للقبول بالتعددية والاعتراف بالجبهة الاسلامية للانقاذ من جديد. نطالب بحقنا الشرعي في الاجتماع مع اخواننا المجاهدين، لأن ذلك يبرهن على ان النظام يعترف بخطأه في وقف المسار الانتخابي، وان المجاهدين ليسوا ارهابيين، وانما يجاهدون دفاعاً عن الخيار الشعبي.
وقد تعهدنا، بلسان الدكتور عباسي مدني رئيس "الجبهة الاسلامية للانقاذ"، ان هذا الاجتماع، إذا عقد، سيُعلن وقف القتال بعد مباشرة المفاوضات. لكن المشكلة تكمن في مدى تماسك النظام، ومدى استطاعته إلزام كل عناصره القبول بالحل السياسي والتحكم بالقوات الخاصة التي تقوم بأعمال لم نشهدها حتى ايام حرب التحرير ... فهل هذا النظام قادر على ضبط القوات الخاصة؟
لنفترض انكم تسلمتم السلطة وفق "وثيقة روما". هذه الوثيقة تنص على التداول السلمي للسلطة. فلنتخيل ان تياراً معارضاً لسلطتكم نشأ بقيادة سعيد سعدي والهاشمي شريف ونور الدين بوكروح وغيرهم، وتمكن من الفوز في الانتخابات، هل تسلّمونه السلطة؟
- نحن تعهدنا ان نحترم تداول السلطة، كما تعهد ذلك جميع الذين وقّعوا وثيقة روما التي تنص على اقامة جمهورية جزائرية استناداً الى المبادئ الاسلامية وفقاً لما جاء في بيان اول تشرين الثاني نوفمبر 1954. هذه نقطة اساسية، بعدها نلتزم تداول السلطة ومبدأ التعددية الحزبية. اي في نطاق مبادئ اول نوفمبر. وعليه، لا توجد مشكلة. نحن مع التداول السلمي للسلطة في هذا الاطار الذي تنص عليه وثيقة روما.
معنى ذلك انك تقبل برئاسة سعدي او بوكروح او شريف في حال فوزهم في الانتخابات.
- اذا الشعب اختار، فلا مانع. ولكن هل الشعب أبله؟ وهل يقبل اختيار مثل سعيد سعدي والحزب الشيوعي؟ هؤلاء هم الذين طالبوا بالانقلاب. ما هو مستقبل هؤلاء؟ وكيف سيكون مصيرهم امام الشعب؟ هذا هو السؤال الذي يُطرح. وسيحاكمون محاكمة عادلة حتى يعرف الناس، على الاقل لماذا وقع الانقلاب. بعد ذلك فليكن لهم ما يريدون، فنحن دين عفو وتسامح. ولكن قبل ذلك لا بد من كشف حقيقة الانقلاب الذي وقع وتحديد مسؤولية هؤلاء الاشخاص عن الانقلاب.
ترددت انباء أن السلطات الجزائرية طلبت من بعض الدول الاوروبية السماح لها بتصفية المسلحين ونُسب ذلك الى اللواء محمد لعماري. وقيل انه بعد ذلك يُصار الى اجراء انتخابات…
- والله علمنا انهم مستعدون لقتل اكثر من 100 ألف مسلم كما يزعمون. ولكن ما معنى هذا الكلام؟ لقد اختار الشعب الجزائري هؤلاء الذين يسمونهم "اسلاميين"، وتريد السلطة اغتيال وقتل المختارين، بعد ذلك تطلب من الشعب اختيار شيء آخر. كيف سيستجيب الشعب مطلبهم؟ ان ما يجري الآن في الجزائر انتقام من الشعب، فالسلطة تضرب الشعب وتعاقبه، لأنه اختار المشروع الاسلامي الذي تعبّر عنه "الجبهة الاسلامية للانقاذ"، والداعي الى إقامة دولة اسلامية في الجزائر.
ينبغي على العالم ألاّ ينسى ان الذين يوصفون بأنهم "اسلاميون" ويتهمون بالسعي الى تسلم السلطة بالقوة، هؤلاء انتخبهم الشعب مرتين، الاولى في الانتخابات المحلية والثانية في الانتخابات البرلمانية. اما الذين تُلتمسُ لهم الاعذار للبقاء في السلطة، واستعمال القوة ... والتعذيب للحفاظ على هذه السلطة، هؤلاء خسروا تلك الانتخابات. لذا أتساءل ما الذي يعطيهم الحق في تنظيم انتخابات؟ ومن أين يستمدون شرعيتهم بعدما رفضهم الشعب وهو مصدر الشرعية؟ لن تُجرى انتخابات في الجزائر في هذه الاجواء، والشعب الجزائري لن يشارك في مثل هذه الانتخابات التي يدبّرها نظام غير شرعي.
يقول قائد سابق ل "لجماعة الاسلامية المسلحة" ان هدف الاسلاميين فتح روما بعد القسطنطينية. ويؤكد القائد السابق عبدالحق العيايدة ان مهمة من هذا النوع ستكون واجبة على المسلمين بعد تسلمهم السلطة. هل توافقون على ذلك؟
- والله يا أخي، ان مهمة المجاهدين هي الجهاد في سبيل الله. والشعب الجزائري يحتضنهم للرجوع الى الاختيار الشعبي المتمثل في انتخابات كانون الاول ديسمبر 1992. واي خروج عن هذا الاختيار الذي فازت به "الجبهة الاسلامية للانقاذ" لا شأن لنا به. لقد انتخب الشعب "الجبهة الاسلامية للانقاذ" من اجل برنامجها. ويتضمن هذا البرنامج قيام دولة اسلامية على ارض الجزائر، دولة الحق والعدل والمبادئ الاسلامية. ومن هذه المبادئ حسن الجوار ورفض العداوة. لا أقول ان أخانا قال هذا الكلام الذي ذكرت، لكن هذا رأينا، وهو الفاصل، والحق أحق بأن يتبّع.
هناك تباين في المواقف الفرنسية الرسمية تجاه الجزائر. هل تعتقدون بأن الامر ناجم عن ضغوط الانتخابات الرئاسية؟
- نحن لا نرغب في التدخل في الشؤون الداخلية الفرنسية. ونعتبر انه توجد في فرنسا حكومة واحدة وليست حكومات، وبالتالي فهي مسؤولة عن تصريحات اعضائها. وتبدو الحكومة الفرنسية بدعمها العسكري للمجموعة العسكرية الجزائرية كأنها تريد اقحام الشعب الفرنسي في حرب ضد الشعب الجزائري. لذا نرجو من الشعب الفرنسي ان يأخذ ذلك في الاعتبار في الانتخابات الرئاسية، وان ينتخب من يرغب فعلاً في اقامة علاقات ودية مع الشعب الجزائري، وبالتالي مع الذين اختارهم هذا الشعب. ونرجو من الشعب الفرنسي ان يرفض اختيار الذين يعملون على ابقاء الطغمة العسكرية في الجزائر. نحن مستعدون للتعايش مع كل شعوب المنطقة، لكننا لن نقبل من يريد ان يساوم على اسلاميّة شعبنا.
في هذه الحال تميزون بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية بالقياس الى مواقفهم من الازمة الجزائرية؟
- في المستقبل نعم. لكننا نعتبر دائماً انه توجد حكومة فرنسية واحدة مسؤولة عن سياسة فرنسا، ونتعامل مع الحكومة التي يختارها الشعب الفرنسي بحسب موقفها من قضيتنا.
قال وزير الداخلية الفرنسي شارل باسكوا في مقابلة تلفزيونية مطلع العام الحالي رداً على سؤال عن عدم تلبية كل الطلبات الجزائرية لتأشيرات دخول الى فرنسا، انه باسكوا قاوم الألمان عندما احتلوا فرنسا ولم يهرب من بلاده، وانه يرى أن على الجزائريين الذين يرفضون الدولة الاسلامية ان يحذوا حذوه. هل تعتقد بأن المقارنة سليمة؟
- من حق الشعب الجزائري أن يطالب بمحاكمة هذا الرجل، لأنه ساهم فعلياً في كثير من آلام شعبنا.
جاب الله: نطالب بموقف فرنسي محايد في الجزائر
كيف تنظرون الى الموقف الفرنسي الأخير من الأزمة الجزائرية؟
- الموقف الفرنسي ليس موحداً. هناك موقف رئيس الحكومة ادوار بالادور ووزير الداخلية شارل باسكوا وهناك موقف آلان جوبيه وزير الخارجية وجاك شيراك زعيم الديغوليين. ونحن نرى ايجابيات في موقف جوبيه نتمنى ان يتطور ليصبح موقف فرنسا الرسمي بعد الانتخابات الرئاسية. واعتقد بأن فرنسا لو فكرت بمنطق المصلحة الحقيقية لشعبها وأجيالها المقبلة لاتخذت على الأقل موقف الحياد مما يجري في الجزائر.
هل تفضلون مرشحاً معيناً في الانتخابات الرئاسية الفرنسية؟
- هذا شأن داخلي فرنسي. لكننا نرغب، عموماً، في ان ينتصر التيار الذي يؤمن بالسلم والسلام وعدم التدخل في شؤون الغير. ويؤمن حقيقة بما يمكن ان يسمى ضمانات الممارسة السياسية في الجزائر، كمبدأ الفصل بين السلطات وحرية الانتخابات والتداول السلمي للسلطة عن طريق الاقتراع الحر والعادل والديموقراطي والتعددي. ونحن نميل الى ان ينجح هذا التيار في فرنسا، وان كنت اعتقد ان المواقف النهائية لفرنسا تحكمها، بصفة عامة، ثوابت المصلحة. لذا أقول مجدداً ان أقصى ما نتمناه من فرنسا هو الحياد.
تنوي السلطة الجزائرية تنظيم انتخابات رئاسية خلال العام الجاري، ويتردد حديث عن احتمال ترشيح الرئيس اليمين زروال. هل سترشح نفسك؟
- نحن نرى ان موضوع الانتخابات يجب ان تدرسه السلطة والمعارضة دراسة وافية لتوفير الشروط الموضوعية التي تسمح بتنظيم انتخابات حرة وعادلة وتعددية. وإذا توافر ذلك فستكون تلك بداية صحيحة لحل الأزمة الجزائرية، وعودة الأمن والاستقرار الى البلاد. ونتحفظ عن كل ما يذهب في غير هذا الاتجاه، ومن ذلك انتخابات رئاسة الجمهورية، لأننا نخشى ان تكون هذه الانتخابات وسيلة من وسائل تعقيد الأزمة. وألفت الانتباه الى اننا لم نتخذ بعد موقفاً نهائياً من الانتخابات الرئاسية، فهي متروكة لأوانها. وسيقرر مجلس الشورى في "النهضة" ما يراه مناسباً في شأنها.
من الذي يُعقّد حل الأزمة الجزائرية، السلطة ام الاسلاميون؟
- هناك أطراف كثيرة تقف وراء الأزمة الجزائرية، ولا تريد ايجاد حلٍّ لها، لأنها مستفيدة من استمرارها.
لماذا لا تسمِّي هذه الأطراف؟
- لأننا نسعى الى حل. وما دمنا نأمل بأمكان الوصول الى حل، فإننا نفضل تجنب اثارة الجهات المعنية بالأزمة.
ذكر الدكتور حسن الترابي انه سيساهم في حل الأزمة الجزائرية فهل توافقون على تدخله؟
- لا أعتقد بأن الترابي يمكن ان يلعب دوراً في حل الأزمة الجزائرية، لأن الأزمة تُحلّ في الجزائر، ووفق آليّات نصت عليها بوضوح وثيقة روما. ونعمل في هذا الاطار من أجل لقاء وطني في الجزائر، بغية تحسين الوثيقة المذكورة، على ان يضم هذا اللقاء ممثلين عن الأطراف المعنيين، بما في ذلك السلطة والجبهة الاسلامية للانقاذ".
لكن السلطة ترفض وثيقة روما فكيف يعقد لقاء وطني حول وثيقة يرفضها أحد أطراف اللقاء؟
- معلوماتي المستقاة من مصادر السلطة، ومن خلال اللقاءات الأخيرة تؤكد انها ستشارك في اللقاء. ولعلكم تعرفون ان السلطة رفضت الوثيقة لأنها وقعت في الخارج، ولم ترفضها بسبب مضمونها. ونحن مقتنعون بأن الحل يأتي عن طريق اللقاء الوطني والحوار الجدي المسؤول، ولا يمكن ان يتم عن طريق القوة.
هل التقيت انور هدام في الخرطوم؟ وهل تحدثت معه في الأزمة الجزائرية؟
- كنا في مؤتمر واحد وفي قاعة واحدة وفي مكان واحد لأن تنظيم المؤتمر قضى بأن يجلس ممثلو كل بلد في صف واحد. فمن الطبيعي اذن ان نلتقي ونتحدث. وكان الخط الذي رسمناه لأنفسنا في "حركة النهضة"، عدم الخروج في كل ما نقول وما نقترح عن اطار العقد الوطني في روما.
هل تعتقد بأن الأزمة الجزائرية ستُحل خلال العام؟
- هذا ما نأمله، ولكن يبدو لنا ان الأمر بعيد المنال هذا العام.
يبدو الشيخ جاب الله الوحيد الذي يمكن ان يتوسط لدى الاسلاميين في الخارج والسلطة في الداخل والمعارضة الشرعية. هل هناك اتفاق على دوركم؟ ألا يلزمكم ذلك تقديم تنازلات؟
- هذا شأن الله يؤتيه لمن يشاء. وإذا كنا نتحدث مع جميع الأطراف، فهذا أمر نعتبره تزكية لحركة النهضة، ولم يأت بسبب تنازلات، وانما بسب توخي منطق العدل والحل والصراحة والوضوح في المواقف والعلاقات. ونحن مقتنعون بأن الأزمة لا تُحل إلا بمشاركة الجميع على اختلاف توجهاتهم. وحديثنا معهم مستمر ليس منذ الآن وانما منذ بداية الأزمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.