سمو أمير منطقة الباحة يرأس الإجتماع الأول للجنة الإشرافية العليا لصيف الباحة    خبير قانون دولي ل«عكاظ»: أدلة قوية لإدانة نتنياهو أمام «الجنايات الدولية»    واشنطن تحذّر من مجزرة في الفاشر    تعليق الدراسة يوم غدٍ الأربعاء في الرياض    مدرب بلجيكا يؤكد غياب تيبو كورتوا عن يورو 2024    فيصل بن فرحان ووزيرة خارجية المكسيك يناقشان آخر التطورات في قطاع غزة ومحيطها    نمر يثير الذعر بمطار هندي    تطوير العمل الإسعافي ب4 مناطق    مهتمون يشيدون ببرنامج الأمير سلطان لدعم اللغة العربية في اليونيسكو    41 مليون عملية إلكترونية لخدمة مستفيدي الجوازات    محافظ الريث يستقبل مفوض الإفتاء الشيخ محمد شامي شيبة    عسيري: مناهضو اللقاحات لن يتوقفوا.. و«أسترازينيكا» غير مخيف    أغلى 6 لاعبين في الكلاسيكو    «جامعة نايف العربية» تفتتح ورشة العمل الإقليمية لبناء القدرات حول مكافحة تمويل الإرهاب.. في الرياض    "موسم الرياض" يطرح تذاكر نزال الملاكمة العالمي "five-versus-five"    دوريات «المجاهدين» بجدة تقبض على شخص لترويجه مادة الحشيش المخدر    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل الرئيس التنفيذي لجودة الحياه    أمير منطقة الباحة يشهد اتفاقية تعاونية بين الباحة الصحي والجمعية السعودية الخيرية لمرضى ( كبدك )    ميتروفيتش ومالكوم يقودان تشكيلة الهلال ضد الاتحاد بنصف نهائي كأس الملك    مساعد وزير الدفاع يلتقي وزير الدولة للشؤون الخارجية والعالمية في إسبانيا    نائب أمير مكة يطلع على الاستعدادات المبكرة لحج 1445    اجتماع الرياض: إنهاء حرب غزة.. والتأكيد على حل الدولتين    مفوض الإفتاء بالمدينة: التعصب القبلي من أسباب اختلال الأمن    مجلس الوزراء يجدد حرص المملكة على نشر الأمن والسلم في الشرق الأوسط والعالم    خبراء دوليون: تقنيات الذكاء الاصطناعي توفر 45% من استهلاك الطاقة في إنتاج المياه    3000 ساعة تطوعية بجمعية الصم وضعاف السمع    الحقيل يجتمع برئيس رابطة المقاولين الدولية الصينية    مدير هيئة الأمر بالمعروف بمنطقة نجران يزور فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة    شؤون الأسرة ونبراس يوقعان مذكرة تفاهم    وزير الطاقة: لا للتضحية بأمن الطاقة لصالح المناخ    الصحة: تعافي معظم مصابي التسمم الغذائي    فيصل السابق يتخرج من جامعة الفيصل بدرجة البكالوريوس بمرتبة الشرف الثانية    مركز الملك سلمان للإغاثة يوقع على ميثاق صندوق العيش والمعيشة التابع للبنك الإسلامي للتنمية    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34.535 شهيدًا    الشِّعر والنقد يفقدان النموذج الإنساني «عبدالله المعطاني»    محافظ الخرج يكرم الجهات المشاركة في حفل الأهالي لزيارة أمير منطقة الرياض    إطلاق هاتف Infinix GT 20 Pro الرائد    الفرص مهيأة للأمطار    "هورايزن" يحصد جائزة "هيرميز" الدولية    تراجع طفيف بأسعار النفط عالمياً    الخريف: نطور رأس المال البشري ونستفيد من التكنولوجيا في تمكين الشباب    العميد والزعيم.. «انتفاضة أم سابعة؟»    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    العربي يتغلب على أحد بثلاثية في دوري يلو    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    لوحة فنية بصرية    وهَم التفرُّد    عصر الحداثة والتغيير    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    ولي العهد ووزير الخارجية البريطاني يبحثان المستجدات الإقليمية والتصعيد العسكري في غزة    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قليلون لكنهم فاعلون . أصدقاء الحيوان ...
نشر في الحياة يوم 31 - 01 - 1994

يؤكد أحد الأقوال الفارسية المأثورة انه "يمكننا معرفة كل شيء عن الانسان في مدى يومين، ولكن ينبغي وقت أطول لمعرفة الحيوان". وعلاقة الانسان بالحيوان قديمة، ولو أن الحيوانات كانت تستخدم في معظم الأحيان قوتاً أو مطية أو وسيلة للحرث وحمل الأثقال بعدما دجنها الانسان وسخرها لخدمته. وينقل عن المفكر اليوناني أبكتيتوس قوله في القرن الثاني قبل الميلاد ان "الحيوانات لا توجد لنفسها بل للخدمة"! ولكن تمدن الانسان حمل معه شيئاً من الرأفة بالحيوان ومعاملته بالحسنى.
والصداقة بين الانسان والحيوان تتخطى العمر والجنس والجنسيات. ويهب أصدقاء الحيوان وقتهم وطاقتهم للاهتمام بالحيوانات وإغاثتها من دون مقابل. وربما كانت صداقتهم للبهائم نابعة عن معرفتهم بأن الحيوانات لا تعرف الكذب والرياء، وهي كثيراً ما تكون ضحية بريئة لنزوات الانسان ومخلفاته الملوثة التي تهدد المخلوقات الأخرى بالفناء.
قصة يابانية
بعد أربعين عاماً أمضتها في مراقبة القردة ودراستها وإغاثتها، بلغت اليابانية ساتسو ميتو الثمانين من عمرها ولم تسأم! وتعيش ميتو في جزيرة كوشيما الواقعة في مقاطعة كيوشو في جنوب اليابان حيث عملت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في دراسة قرود ال "ماكاكا فوسكاتا"، وهي النوع الياباني الوحيد بين 19 نوعاً من قرود "ماكاك" الموجودة في العالم. وكانت ميتو أول من اكتشف عام 1953 ان قبيلة القرود في كوشيما تغسل حبات البطاطا في مياه المحيط لازالة الأوساخ والتراب العالق بها قبل أكلها، وهذا تقليد أنثروبولوجي فريد من نوعه بين القردة. ومنذ ذلك الحين، صارت قرود كوشيما مثار اهتمام العلماء المتخصصين بدراسة اللبائن العليا الانسان والقردة والشمبانزي وغيرها، وأضحت ساتسو ميتو حارسة وحامية لنحو مئة قرد تعيش في الجزيرة.
كانت ساتسو تعمل مدرسة في كوشيما حيث استقرت مع أولادها الثلاثة بعد وفاة زوجها خلال الحرب العالمية الثانية. وفور انتهائها من تصحيح دفاتر تلامذتها، كانت تترك أولادها بصحبة والديها وتخرج يومياً لمراقبة حيواناتها المفضلة وبحوزتها دفتر وقلم وآلة تصوير. في هدوء عزلتها كانت تجلس ساعات بين الصخور وعلى الرمال تدون ملاحظات وترسم القردة في أوضاع مختلفة، أو تتسلق أشجار الصنوبر عالياً لمراقبة حركات ال "ماكاك" المسلية. ومع مرور الزمن، صارت ساتسو تميز بسرعة بين القردة، وأطلقت على كل منها اسماً، ووضعت لها "شجرة عائلة". وتحول دفترها الصغير الى قصة تروي سيرة قردة كوشيما بالكلمة والصورة.
وفي العام 1968، افتتح عالم اللبائن العليا الياباني كيبخي إيمانيشي أول مختبر أبحاث في كوشيمو لدراسة قرود الجزيرة بتمويل من جامعة كيوتو. وبعدما صارت جدة، قررت ساتسو في العام 1970 ترك التدريس نهائياً والعمل من دون تفرغ في المختبر. واستفاد العلماء من ملاحظات ساتسو الدقيقة وخبرتها الطويلة ومعرفتها الوثيقة بقرود الجزيرة على رغم كونها غير مدربة على أصول البحث العلمي. وعملت برفقتهم في البحث وكتابة المقالات العلمية حتى تقاعدها في العام 1982. وخلال هذه الفترة، نشرت ساتسو ميتو ستة كتب معظمها للأطفال عن قرود "ماكاك"، ونالت عام 1972 جائزة أدبية عن كتابها "قرود كوشيما". ثم حازت العام الماضي على ثناء وتقدير خاص من وزارة البيئة اليابانية مكافأة لدأبها واخلاصها في الدفاع عن البيئة.
وعن عملها في حماية القرود تقول ميتو: "تقاعدت في العام 1982، ومنذ ذلك الحين وأنا ناشطة في العمل لحماية هذه المخلوقات. ومع تقدمي في السن، صرت أكثر وعياً حيال تأثير الانسان المخرب على البيئة. وأشعر بالضيق عندما أرى القردة تلعب بقطعة من البلاستيك أو بنفايات أخرى ملوثة حملتها التيارات الى شاطئ الجزيرة. حتى السلاحف لم تعد تضع بيضها على شواطئنا". وحالياً، تسعى ميتو الى جعل شواطئ المنطقة محمية طبيعية، وتوزع منشورات في شتى أنحاء الجزيرة لوقف مشروع بناء محطة طاقة نووية على بعد عشرين كيلومتراً من كوشيما واستبداله بمحطة للطاقة الشمسية. وعلى رغم أنها في الثمانين من عمرها، فهي لم تمل بعد من زيارة حيواناتها المفضلة كل يوم.
على بعد ست ساعات في السيارة عن العاصمة الكينية نيروبي، تقع أول "دار ايتام" للفيلة في أفريقيا في شرق تسافو، أكبر الحدائق الوطنية الكينية. ومع إنبلاج أنوار الفجر الأولى، تستيقظ مؤسِّسة الدار، البريطانية دافني شيلدريك 64 عاماً، وتقود مع معاونيها قطيعاً صغيراً من الفيلة الى آبار المياه القريبة حيث تنهل الحيوانات اليتيمة المياه بخراطيمها الضخمة قبل أن تتناول طعام الفطور المقوى بالفيتامينات!
ويعمل في هذا المركز دزينة من الرجال الذين دربتهم دافني على الاهتمام بالفيلة الصغيرة بحزم يشبه ذلك الذي تطبقه المربية الانكليزية على الأطفال التي يوكل اليها أمر الاعتناء بهم. وتقول دافني انها ناضلت منذ عشرين عاماً للاهتمام بالفيلة اليتامى التي تفقد أمهاتها بسبب جشع الصيادين اللاهثين وراء العاج الثمين. ولكن محاولات هذه السيدة باءت بالفشل في البداية لأن الفيلة الصغيرة لا تشرب سوى حليب أمها. وجربت دافني كل الوسائل من دون جدوى، وكانت الفيلة تموت بعد وصولها الى المركز لأنها تصاب بالحساسية من جراء تناول الدهن الحيواني في الحليب. وفي العام 1974، أدى اكتشاف الحليب المجفف من نوع "أس فانت سيس" S26 الخاص بالأطفال الى انقاذ حياة فيل صغير يدعى "عائشة" كانت دافني أنقذته من الادغال. ومنذ ذلك الحين، لم تعد "أم الفيلة" تواجه مشاكل في العناية باللقطاء الذين تتبناهم!.
وتقول دافني عن أيتامها أنهم "شديدو الحساسية، ولا ينبغي على المرء أن ينخدع بضخامة حجمهم. وفي يوم واحد يمكن أن يصابوا بعسر الهضم وسوء التغذية ونوبات فقدان الحنان"! ولذلك كان اختيار فريق المعاونين العاملين في المركز أمراً مهماً لأنهم سيحلون مكان أمهات الفيلة. وبعد فترة من العناية، تعاد الحيوانات عند اقترابها من سن البلوغ الى الادغال حيث يجري توحيدها مع قطعان الفيلة التي تعيش في الغابات.
لم تفكر دافني المولودة في كينيا قط في مغادرة افريقيا والعودة الى بريطانيا. وبعدما عين زوجها دايفيد مديراً للحديقة الوطنية في تسافو عام 1948، بدأت تفكر جدياً في الاستقرار هناك نهائياً واقامة مركز لحماية الحيوانات اليتيمة. وفي الستينات، أصيبت المنطقة بموجة جفاف شديدة ما دفع دافني الى جلب عشرات الحيوانات المنهكة من الجوع والعطش الى منزلها والاهتمام بها. وفي السبعينات، كان لديها جواميس وأرانب برية وعدد من حيوانات وحيد القرن وفيلان وزرافات وقردة. لكنها تهتم الآن بحماية الفيلة لأنها مستهدفة بسبب جشع تجار العاج. وبعد وفاة زوجها عام 1977، قررت دافني الاستمرار في حماية الحيوانات وعملت مع "مؤسسة الحياة البرية الافريقية" ثم أسست "صندوق دايفيد شيلدريك للحياة البرية" عام 1988. ويشرف هذا الصندوق الخيري على "دار الايتام" التي تديرها دافني لاغاثة الفيلة، ويشرف على ثلاث محميات لوحيد القرن المهدد بالفناء ويمول بعض المشاريع المناهضة للصيادين غير الشرعيين.
وتؤكد دافني انها سعيدة جداً ومقتنعة تماماً بما تفعله. "العزلة لا تخيفني، ويكفيني ان أشاهد الفيلة "اليانور" التي انقذتها منذ 37 عاماً تعود بين فترة وأخرى الى المركز وتصيح بأعلى صوتها لدى رؤيتها لي. اليانور حامل الآن، وهذا لم يكن ممكناً لولا نشاطات مركزنا". ودافني متأكدة ان المركز سيواصل نشاطه حتى لو تقاعدت لأن ابنتها جيل اشترت قطعة من الأرض مجاورة لدار الايتام في تسافو كي تكون قريبة دائماً من الحيوانات التي شاركتها طفولتها.
"السيدة فليبر"
يطلقون على الأميركية بيجين باريت 51 عاماً لقب "السيدة فليبر" تذكيراً بالدلفين "فليبر"، بطل المسلسل التلفزيوني الأميركي الشهير الذي يحمل الاسم نفسه وشاهده الملايين في مختلف أنحاء العالم. ولا عجب في ذلك، لأن بيجين كرست حياتها لحماية الفقمة والدلافين وثعالب الماء وغيرها من الثدييات البحرية.
وبدأت باريت عملها متطوعة في "مركز الثدييات البحرية" عام 1977 بعد عامين على انشائه قرب خليج سان فرانسيسكو. وما لبثت أن صارت لولب النشاط في المركز ثم عينت مديرة له. وتشرف باريت الآن على أكثر من 550 متطوعاً و30 عاملاً متفرغاً تشكل النساء نسبة 70 في المئة منهم، وتبلغ موازنة المركز مليوني دولار أميركي سنوياً يأتي معظمها من التبرعات والنشاطات الخيرية. وخلال العام المنصرم، أنقذ أعضاء المركز نحو 800 حوت ضلّت طريقها وجنحت الى الشاطئ. وهم يوزعون وقتهم بين انقاذ الكائنات البحرية، ومعالجتها من آثار التلوث، واحتضانها عند فقدانها أمهاتها، ودراسة سلوكها وبيئتها.
وتؤكد بيجين أن التلوث وارتفاع حرارة سطح المياه قرب الشاطئ أديا خلال السنوات العشر الأخيرة الى تخريب دورة الحياة الطبيعية للعوالق البحرية التي تشكل القاعدة الأساسية في الهرم الغذائي للحيوانات البحرية. وبسبب عدم توفر العوالق، تضطر أسراب السمك الى الابتعاد عن الشاطئ والغطس عميقاً بحثاً عن طعامها، ما يجعلها طريدة صعبة للمنال للفقمة وغيرها من الثدييات البحرية. ويؤدي ذلك الى اصابة هذه الكائنات بالجوع الحاد وسوء التغذية خصوصاً خلال فصل الشتاء، ويموت عدد كبير منها من جراء ذلك.
وقبل عملها مديرة للمركز، كانت بيجين كاتبة ومنتجة ومخرجة لأفلام الأطفال، وهي حاصلة على الدكتوراه في الفلسفة والفن التشكيلي. لكنها قررت التفرغ كلياً لانقاذ الثدييات البحرية "لأنني أشعر أن هذا هو قدري، وحياتي صارت أفضل منذ بدأت العمل في هذا المجال".
للمرة الأولى في حياتها، وقفت الرسامة البريطانية بات مانسارد 43 عاماً وجهاً لوجه أمام قطة وحشية ضخمة من نوع "أوسلوت" الأميركي في حديقة الحيوان في مقاطعة "كنت" الانكليزية عام 1985. ومنذ ذلك الحين، قررت التخلي عن ريشتها وألوانها نهائياً ونذرت نفسها لانقاذ القطط الوحشية من خطر الانقراض بعدما افتتنت برشاقة حركتها وجمال تكوينها.
وأنشأت بات حديقة حيوان مصغرة متخصصة بإيواء القطط الوحشية ومساعدتها على التكاثر في حديقة المنزل الريفي الذي يملكه والداها في وسط منطقة "ساسكس" جنوب بريطانيا. وتخصصت هذه السيدة في عملها جيداً وحازت على ثقة المسؤولين في حدائق الحيوان البريطانية، ونجحت في العام 1987 في توليد القطة "اكسبالانك" بعدما عثرت على زوجين من نوع "اوسلوت" وساعدتهما على التزاوج. وفي الشتاء الماضي، أعادت بات "اكسبالانك" الى بيئتها الطبيعية في جمهورية بيليز في أميركا اللاتينية، وصارت حدائق الحيوان تقتبس أسلوبها الخاص في تزويج القطط الوحشية واعادة توطينها لأنها نجحت في إعادة توطين المواليد مباشرة في الغابات الاستوائية. وتعتبر "مؤسسة ريدجواي لحماية القطط الوحشية" التي انشأتها بات المنظمة الوحيدة في العالم التي تكرس نشاطها فقط لحماية القطط الوحشية والعمل على تكاثرها. وتقول بات انه "يوجد 28 نوعاً من القطط الوحشية في العالم فقط، و12 منها يواجه خطر الفناء والانقراض. وتضم هذه المجموعة من الحيوانات النمور والأسود والفهود والجاغوار والأسلوت والبوما وغيرها، ولسوء الحظ لا تتوفر أرقام واحصاءات وافية عن أماكن تواجدها وعددها".
وتضيف: "عندما رأيت ذلك الأسلوت يقفز من غصن الى آخر في حديقة الحيوان وقرأت عن الخطر الذي يواجه هذه الحيوانات الجميلة، شعرت فوراً أنه ينبغي علي اتباع مسار جديد في حياتي واختيارقضية لنفسي. وهناك طريقتان لحماية الأنواع التي تواجه خطر الانقراض، وهما مساعدتها على التكاثر وحماية بيئتها من التدمير". ولا تبالغ هذه البريطانية المتحمسة في تصوير الخطر الذي يهدد وجود القطط الوحشية. إذ تشير الأرقام الرسمية ان 150 ألف نمر يتم اصطيادها سنوياً في الصين وحدها طلباً للفراء. كما يؤدي تدمير الغابات الاستوائية المتواصل لانشاء مراع وأراض زراعية، أو بسبب أعمال المناجم وشركات الأخشاب، الى حرمان القطط الوحشية من بيئتها الطبيعية.
وعلى رغم الوقت الطويل والجهد الكبير الذي تصرفه بات مانسارد في العناية بقططها، لكنها غير نادمة على خيارها هذا. وهي تحلم بتوسيع مركزها، وبدأت بتجميع المال لشراء مركز متطور جديد كي تعطي والديها قسطاً أكبر من الحرية في منزلهما. وفي حال نجحت في ذلك، تعد بات نفسها بتمضية إجازة في بيليز "واللقاء بالقطة اكسبالانك"!
زرافة وبجع وكركي
شارلوت موريسون هي ثاني أغنى إمرأة في بريطانيا بعد الملكة اليزابيث الثانية، وهي الوحيدة التي تملك مجموعة بجع خاصة بها. وعلى رغم ان الملكة اليزابيث تملك "أسطولاً" من البجع الملكي الذي يسبح بحرية في مياه لندن، فإن شارلوت وحدها تملك "قطيعاً" يعيش في مزرعتها الخاصة بالبجع في منطقة "أبوتسبري" قرب مدينة دورست البريطانية.
وكانت بجعات "أبوتسبري" بدأت حياتها في دير محلي بعدما رباها الرهبان طلباً للحمها الطازج منذ القرن الحادي عشر ميلادي. وحصلت شارلوت موريسون على سلالة البجع المتحدرة من البجعات الأوائل عن طريق أحد أسلاف والدتها سير غايلز ستراينجوايز الذي اشترى قصر "أبوتسبري" والأراضي المحيطة به عام 1543. ويهتم حالياً فريق مكون من تسعة أشخاص بقطيع البجع الذي تملكه شارلوت ويضم 883 بجعة. وعلى رغم ان القانون البريطاني يحظر على أي شخص تربية البجع الا بإذن خاص من الملكة، لكن عائلة ستراينجويز حصلت على إذن من الملك هنري الثامن بالقيام بذلك على الدوام.
وتحظى بجعات شارلوت بشهرة خاصة. اذ زارت محمية "أبوتسبري" راقصة الباليه الروسية الشهيرة آنا بافلوفا في العشرينات لمراقبة حركات هذه الطيور المعروفة برشقاتها وتكوينها البديع تمهيداً لأدائها الرائع في أوبرا "بحيرة البجع" لتشايكوفسكي. وتستعمل شركة "لويدز" للتأمين ريش البجع من قطيع شارلوت منذ القرن الثامن عشر لتسجيل أسماء السفن الغرقى في دفاترها. كما تستخدم ريشات البجع في لباس الرأس الخاص بحرس الملكة أثناء المناسبات الاحتفالية. وتحافظ شارلوت على تقليد عائلتها الذي يقضي بأن يجلس وريثها في طفولته على عش بجعة، ولذلك وضعت ابنها سيمون بعد ولادته على فراش من... ريش البجع.
ومن هاوية البجع الانكليزية الى هاوي طير الكركي الياباني. اذ يعشق الياباني ريوجي تاكاهاشي 60 عاماً طيور الكركي الضخمة ويتفنن في محاورتها والرقص بصحبتها على الثلج. والمعروف ان طير الكركي صار منذ العام 1925 رمزاً وطنياً لليابان الى جانب الشمس وزهرة الاقحوان الذهبية. وفي ذلك الحين، كان عدد طيور الكركي الموجودة في البلاد 12 طيراً فقط جميعها يتركز في جنوب الارخبيل الياباني قرب جزيرة هوكايدو.
ويزور ريوجي، الذي يعمل مديراً لمحمية الكركي الياباني في كوشيرو، اصدقاءه المجنحين يومياً ويطعمهم سمكاً اصطاده بنفسه في مياه النهر الباردة قبل هنيهات. ويبدو أنه تمكن من فهم لغة هذه الطيور لأنه يتكلم معها ويرقص بصحبتها منذ 35 عاماً. وجمع خلال هذه الفترة ملاحظات قيّمة عن سلوك هذه الطيور وطريقة عيشها مما ساعده على انقاذها من الانقراض. ومن بين الطيور السبعة التي بدأت حياتها في محمية كوشيرو في الخمسينات، لا يزال الكركي "تارو" 36 عاماً الطير الوحيد على قيد الحياة. وربما لم ينس هذا الطير المشهور بالنباهة كيف حضنه ريوجي قرب صدره لمدة ثلاثة أيام لابقاء جسده دافئاً عندما أصيب بالمرض، ولكنه من دون شك لا يسمح لحارسه بالمزاح مع شريكته "جان". إذ تتزوج طيور الكركي مرة واحدة طوال الحياة، ويشارك الوالدان بعضهما في تربية صغارهما وتنظيف الأعشاش. وربما كان اخلاصهما الزوجي الذي يضرب فيه المثل السبب الذي يجعل اليابانيين يعتبرون الكركي رمزاً للسعادة الزوجية!
وعلى رغم تعلق ريوجي الشديد بهذه الطيور، لكن سعادته الحقيقية تكمن في اقناعها بالعودة الى الطبيعة بعد شفائها من مرضها. وبينما سيبقى "تارو" رفيقاً دائماً لهذا الكهل الياباني، يحاول ريوجي عدم الاحتكاك بصغار الطيور كي لا تتعلق به ما يعطيها فرصة أكبر للعودة الى المستنقعات الشاسعة التي تشكل بيئتها الطبيعية. وربما كان هذا السبب الذي جعل أهل المنطقة يطلقون عليه لقب "الرجل الذي صار كركياً".
والصداقة الحقيقية لا تهتم بالشكليات مثل تناسق الطول والقياسات بين الطرفين. إذ تفضل راشيل، الطفلة التي تعيش في مزرعة الزرافات التي يملكها والداها في كينيا، صحبة المخلوقات الطويلة الرقبة الضخمة الحجم على الألعاب التي يتعلق بها أترابها. ومن بين الزرافات في المزرعة، تعتبر الزرافة "الطفلة" "دايزي" رفيقتها المفضلة. وكانت "دايزي" فقدت أمها بعدما أصيبت برصاص الصيادين، واستطاعت راشيل وحدها اقناعها بتناول شيء من الطعام. والآن، اشتدت أواصر الصداقة بين "الطفلتين"، وصارت دايزي تزور راشيل يومياً قرب نافذتها للحصول على "عصرونية" لذيذة!
وكان والدا راشيل أنشأا "مزرعة روتشيلد للزرافات" لحماية هذه الحيوانات الجميلة الخجولة من الزوال. وكانت أعداد الزرافات تناقصت بشكل كبير في افريقيا بعدما لجأ الصيادون الى قتلها وبيع أذنابها لصانعي المجوهرات. ولكن طالما بقيت راشيل تهتم بدايزي، فالزرافة لن تشعر بالقلق على مستقبلها. ولحسن الحظ، ان الصداقة بين الانسان والحيوان لا تعرف القيود التي تتحكم بعلاقات البشر الخاصة، وتتخطى فوارق العمر والجنس والطبقات الاجتماعية لتكون فعلاً عطاء واهباً من دون مقابل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.