أمير الرياض يصل لشقراء في جولة تفقدية ويدشن عددًا من المشروعات التنموية    مبادرة «يوم لهيئة حقوق الإنسان» في فرع الاعلام بالشرقية    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34596    فيصل بن فهد بن مقرن يستقبل مدير فرع "الموارد البشرية"    تعليم عسير يحتفي باليوم العالمي للتوحد 2024    هاكاثون "هندس" يطرح حلولاً للمشي اثناء النوم وجهاز مساعد يفصل الإشارات القلبية    الشرطة الأمريكية تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض الاعتصامات المؤيدة لغزة    السعودية تدعو لتوحيد الجهود العربية لمواجهة التحديات البيئية التي تمر بها المنطقة والعالم    العدل تُعلن عن إقامة المؤتمر الدولي للتدريب القضائي بالرياض    سعود بن بندر يستقبل رئيس القطاع الشرقي لشركة المياه ويطلع على التقرير السنوي لغرفة الشرقية    محافظ الحرجة يكرم المشاركين في حفل إِختتام اجاويد2    مساعد وزير الدفاع يناقش الموضوعات المشتركة مع فرنسا ويبحث نقل وتوطين التقنية    مجمع الفقه الإسلامي الدولي يشيد ببيان هيئة كبار العلماء بالسعودية حول الإلزام بتصريح الحج    إحلال مجلس إدارة إنفاذ محل لجنة تصفية المساهمات العقارية    المنتخب السعودي للرياضيات يحصد 6 جوائز عالمية في أولمبياد البلقان للرياضيات 2024    انعقاد أعمال المنتدى العالمي السادس للحوار بين الثقافات والمؤتمر البرلماني المصاحب في أذربيجان    سماء غائمة بالجوف والحدود الشمالية وأمطار غزيرة على معظم المناطق    مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية    الوسط الثقافي ينعي د.الصمعان    الذهب يستقر بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيس الإمارات في الشيخ طحنون آل نهيان    برئاسة وزير الدفاع.. "الجيومكانية" تستعرض خططها    تيليس: ينتظرنا نهائي صعب أمام الهلال    سعود عبدالحميد «تخصص جديد» في شباك العميد    يجيب عن التساؤلات والملاحظات.. وزير التعليم تحت قبة «الشورى»    متحدث التعليم ل«عكاظ»: علّقنا الدراسة.. «الحساب» ينفي !    أشعة الشمس في بريطانيا خضراء.. ما القصة ؟    الهلال يواجه النصر.. والاتحاد يلاقي أحد    حظر استخدام الحيوانات المهددة بالانقراض في التجارب    اَلسِّيَاسَاتُ اَلتَّعْلِيمِيَّةُ.. إِعَادَةُ اَلنَّظَرِ وَأَهَمِّيَّةُ اَلتَّطْوِيرِ    هذا هو شكل القرش قبل 93 مليون سنة !    جميل ولكن..    أمي السبعينية في ذكرى ميلادها    الدراما السعودية.. من التجريب إلى التألق    «إيكونوميكس»: اقتصاد السعودية يحقق أداء أقوى من التوقعات    هكذا تكون التربية    ما أصبر هؤلاء    «العيسى»: بيان «كبار العلماء» يعالج سلوكيات فردية مؤسفة    زيادة لياقة القلب.. تقلل خطر الوفاة    «المظهر.. التزامات العمل.. مستقبل الأسرة والوزن» أكثر مجالات القلق    «عندي أَرَق» يا دكتور !    33 مليار ريال مصروفات المنافع التأمينية    لؤي ناظر يعلن عودته لرئاسة الاتحاد    النصر يتغلب على الخليج بثلاثية ويطير لمقابلة الهلال في نهائي كأس الملك    مدرب تشيلسي يتوقع مواجهة عاطفية أمام فريقه السابق توتنهام    وزير الصحة يلتقي المرشحة لمنصب المديرة العامة للمنظمة العالمية للصحة الحيوانيّة    «سلمان للإغاثة» ينتزع 797 لغماً عبر مشروع «مسام» في اليمن خلال أسبوع    تحت رعاية الأمير عبدالعزيز بن سعود.. حرس الحدود يدشن بوابة" زاول"    إنستغرام تشعل المنافسة ب «الورقة الصغيرة»    العثور على قطة في طرد ل«أمازون»    أشاد بدعم القيادة للتكافل والسلام.. أمير نجران يلتقي وفد الهلال الأحمر و"عطايا الخير"    في الجولة ال 30 من دوري روشن.. الهلال والنصر يواجهان التعاون والوحدة    دورتموند يهزم سان جيرمان بهدف في ذهاب قبل نهائي «أبطال أوروبا»    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    أغلفة الكتب الخضراء الأثرية.. قاتلة    مختصون: التوازن بين الضغوط والرفاهية يجنب«الاحتراق الوظيفي»    مناقشة بدائل العقوبات السالبة للحرية    سمو محافظ الخرج يكرم المعلمة الدليمي بمناسبة فوزها بجائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع في دورتها الثانية 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعترافات أخطر جواسيس الموساد في منظمة التحرير
نشر في الحياة يوم 15 - 11 - 1993

كان الرئيس ياسر عرفات في مكتبه في شارع يوغرطه في احد احياء العاصمة التونسية حين اتصل به الرئيس زين العابدين بن علي صباح يوم الاثنين 25 تشرين الأول اكتوبر الماضي طالباً منه رفع الحصانة الديبلوماسية عن عدنان ياسين الذي يحمل صفة رئيس شعبة في سفارة دولة فلسطين في تونس، بسبب ضلوعه في قضية تجسس خطيرة. وعندما استفسر عرفات من بن علي عن الموضوع، وافق على الفور وأبدى كل استعداد للتعاون، فقال بن علي ان وحدات خاصة من الشرطة ستتوجه على الفور الى مقر سفارة فلسطين في شارع باستور.
وبعيد منتصف النهار تقدمت باتجاه مقر السفارة 4 سيارات مدنية ترجل منها رجال أمن بلباس مدني، طوّق بعضهم مبنى السفارة ودخل البعض الآخر اليها حيث كان عدنان يجلس في احد مكاتبها في الطابق الارضي.
لم يكن احد في المكتب يعرف اسباب اعتقال المسؤول الفلسطيني، ومع ان روايات كثيرة ترددت عن ان سبب اعتقاله هو تجارته بالعملة المزورة ومصادرة مخدرات من منزله الا ان عمليات تفتيش دقيقة للسفارة التي كان رئيسها السفير حكم بلعاوي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول الامن المركزي فيها يقوم بجولة خليجية، ولمنازل عدد من القياديين الفلسطينيين ومنزل عدنان ياسين نفسه، سرعان ما اخذت ابعاداً كبيرة.
ولعب نبأ اكتشاف جهازي ارسال الأول مثبت في كرسي والآخر في جهاز اضاءة قدمها عدنان ياسين للسيد محمود عباس ابو مازن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح دوراً في احداث الصدمة الكبيرة، لا سيما ان عدنان ياسين، حسب قول احد زملائه في العمل لپ"الوسط"، كان مسؤولاً عن اشياء كثيرة ومتشابكة بحكم وجوده في مكتب المنظمة في تونس على مدى 23 سنة، وقد تجمعت بين يديه اشياء ومهام متراكمة، من اصدار شهادات الميلاد وحتى شهادة الوفاة والاشراف على تكفين الموتى ودفنهم، اضافة الى علاقته بوزارة الداخلية والجمارك، وما ينتج عن ذلك من معرفته بدخول وخروج كل ضيف على القيادة الفلسطينية، سواء كان ذلك في السر ام في العلن.
حليم الصاوي
وفيما كانت عمليات تفتيش المكاتب والمقرات مستمرة كان عرفات يدقق في تقارير أولية وصلته عن نشاط عدنان ياسين من اجهزة الامن التونسية، وكان من بين الاشياء التي تسلمها تسجيلات لمكالمات هاتفية كان عدنان يجريها مع حليم الصاوي ضابط الاتصال المصري الاصل الذي كان حلقة اتصال بين عدنان والمقر الرئيسي لجهاز الاستخبارات الاسرائيلية "الموساد" في اسرائيل.
وكان حليم قدم نفسه لعدنان، حسب اعترافاته للجنة التحقيق التي شكلت من حكم بلعاوي وعبدالله الافرنجي وأمين الهندي ومجيد الآغا، بأنه رجل اعمال وعرض عليه المساعدة اثناء وجوده في باريس لمتابعة علاج زوجته المصابة بمرض السرطان. وسنحت ظروف تواجد الاثنين في فندق ميرديان الباريسي لتبادل الاحاديث في قضايا عامة عرف من خلالها حليم الصاوي ان عدنان يعمل في مكتب منظمة التحرير مساعداً لبلعاوي رئيس المكتب، وغالباً ما كانا يسهران سوية، وفي احدى السهرات طلب عدنان من حليم مساعدته لايجاد وظيفة لابنه الذي يتابع دروسه في المانيا.
عملية في قبرص
ومع تردد عدنان، حسب ما يقول في اعترافاته، نجح حليم في تجنيده للتجسس لمصلحة حلف شمال الاطلسي وليس الموساد، وكانت المعلومات التي طلبت منه في بداية الامر معلومات عامة وانطباعات اكثر من كونها تقارير. وقال عدنان، حسب مسؤول فلسطيني ان تجنيده تم في العام 1990، ولم يستبعد المسؤول ان يكون ياسين لعب دوراً بارزاً في اعطاء معلومات لجهاز الموساد لاغتيال ثلاثة قياديين بارزين في قبرص، هم ابو حسن محمد بحيص وحمدي سلطان ومروان كيال، بعد ان غادروا تونس متوجهين الى قبرص للاشراف على تنظيم عدد من الخلايا العاملة داخل الاراضي المحتلة، وقد اعتبر اغتيالهم في حينها بأنه من ابرز الضربات الموجعة التي تلقاها جهاز القطاع الغربي داخل حركة "فتح".
ولم يستبعد مسؤول في اللجنة المركزية لحركة "فتح" ان يكون نشاط ياسين لمصلحة الاستخبارات الاسرائيلية امتد سنوات طويلة. ويقول ان عدنان ياسين لم يكن ليصل الى هذا المستوى من التعامل مع الموساد على استعمال اجهزة متطورة وحبر سري ورسائل بالشيفرة لو لم يكن مرّ قبلها في مراحل عدة. ولهذا فان ربط اسمه بقضايا اخرى، مثل اغتيال عاطف بسيسو والكشف عن زيارة جورج حبش لفرنسا واغتيال "أبو جهاد" خليل الوزير ليس مستبعداً، لأنه كان من القلائل جداً الذين يطلعون على تحركات المسؤولين الفلسطينيين بحكم اشرافه ومعرفته بأسماء المسافرين ورحلاتهم.
ويتذكر مسؤول في اللجنة المركزية لحركة فتح احد الاجتماعات التي عقدتها اللجنة ويقول ان عرفات قال للمجتمعين ان دنيس روس الموفد الاميركي الخاص بمفاوضات السلام طلب منه عقد الاجتماع في مقر السفارة الاميركية اثناء زيارة الاخير لتونس بسبب وجود اجهزة تنصت، الا ان اعضاء اللجنة المركزية، خصوصاً ابو عمار، رفضوا عقد الاجتماع في السفارة نظراً الى ما يتضمنه ذلك من معانٍ، واستنتج المسؤولون الفلسطينيون يومها ان الاميركيين على علم بعمليات التجسس التي تقوم بها الاستخبارات الاسرائيلية منذ زمن، لكن منذ ان وقّعت المنظمة الاتفاق مع اسرائيل، رأى المسؤولون الاميركيون انه يجب وضع حد لهذا النشاط.
ويكشف عبدالله الافرنجي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو لجنة التحقيق بعض الاعترافات التي ادلى بها ياسين في الأيام الأولى من اعتقاله.
ومما قاله الافرنجي رئيس بعثة منظمة التحرير في بون لپ"الوسط" ان في اعترافات ياسين الأولية ثغرات كبيرة، فهو حاول ان يقلص الفترة الزمنية التي عمل فيها لمصلحة الموساد، اذ قال انها تعود الى ثلاث سنوات فقط، وهي تاريخ نقل زوجته للعلاج في باريس وتعرفه على حليم الصاوي.
وأوضح الافرنجي ان حجم المعلومات التي أدلى بها ياسين، حتى عن هذه الفترة، ليس قليلاً، ومع هذا "يجب ان تتعامل مع هذه القضية كأنها ليست نهاية الكون، فهناك جواسيس لا يزال يتم اكتشافهم في المانيا والولايات المتحدة وبريطانيا وحتى في دول عربية، على رغم اننا نعترف بأنهم نجحوا في تجنيد عنصر جيد".
معلومات سياسية
وأوضح الافرنجي ان تزويد ياسين بأجهزة ارسال وتسجيل لوضعها في مكتب السيد محمود عباس الذي يشرف على ملف المفاوضات مع اسرائيل مع غيره من القادة الفلسطينيين يعني ان ياسين بعيد بشكل او بآخر عن مصادر المعلومات، ولهذا لا نريد ان نقلّل من اهمية عملية الكشف او نبالغ في حجم الدور الذي قام به، لكن الأكيد ان حرص اسرائيل على الحصول على تفاصيل موقف المنظمة من المفاوضات من خلال استماعها الى ما يجري من حوارات في مكتب ابو مازن يعني ان اسرائيل لا تنوي تنفيذ عمليات اغتيال بقدر ما هي حريصة على معرفة تفاصيل الموقف والتوجهات الفلسطينية في عملية السلام.
وذكر الافرنجي ان ياسين سلم الكرسي وجهاز الاضاءة في مكتب ابو مازن في 13 ايلول سبتمبر الماضي وان اكتشاف عملية التجسس لم يستغرق اكثر من ستة اسابيع بفضل الحذر التونسي والفلسطيني وعمليات الكشف الدوري على مقرات ومكاتب منظمة التحرير وأجهزتها المختلفة. ونفى الافرنجي ان تكون المخابرات الالمانية او الفرنسية زودت الحكومة التونسية او جهاز الامن الفلسطيني بأية معلومات عن نشاط ياسين.
محطة الاستقبال
وعن حجم جهاز التنصت والارسال الذي عثر عليه في كرسي ابو مازن قال الافرنجي ان بطارية الجهاز من النوع المتطور وهي صالحة لمدة 5 سنوات وتبث باتجاه محطة استقبال مزروعة في الاراضي التونسية الامر الذي يثبت وجود اشخاص آخرين قد يكون ياسين على معرفة بهم، كما ان جهاز الاضاءة الذي كان موضوعاً على مكتب ابو مازن يحتوي على جهاز تسجيل تتم تعبئة بطاريته بشكل اتوماتيكي بحكم وصل السلك الكهربائي لجهاز الاضاءة بالتيار الكهربائي في المكتب. وقال عضو لجنة التحقيق الفلسطينية ان مهمة عدنان الرئيسية كانت وضع الاجهزة في المكان المناسب.
ولم يستبعد الافرنجي ان تكون لياسين صلة باغتيال عاطف بسيسو احد مسؤولي جهاز الامن الفلسطيني البارزين في باريس في فندق ميرديان نفسه الذي تعرف فيه ياسين على ضابط الاتصال حليم الصاوي. ومما قاله الافرنجي لپ"الوسط" ان "عدنان التقى الشهيد عاطف بسيسو في فندق ميرديان قبل عام من اغتياله، وانه خلال الفترة التي كان يتواجد فيها عاطف في باريس قبل اغتياله بأيام كان على اتصال بعدنان في تونس ليساعده على ادخال سيارة له اشتراها من فرنسا، وذلك بحكم اختصاص عدنان وصلاته بالجمارك والسلطات التونسية المعنية".
فبركة قصص
وأكد الافرنجي انه لا يوجد ادنى شك بأن عمليات الاغتيال التي تعرض لها القياديون الفلسطينيون كانت دائماً تتم بأيدي اسرائيليين.
ولا يبدي الافرنجي وزملاؤه في لجنة التحقيق استعجالاً لكشف الامور حتى لا يتم سلقها، بل انهم حريصون على معرفة تفاصيل حياة عدنان "منذ ان ولدته امه" حسب التعبير الذي استعمله الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
وقال الافرنجي ان بعض وسائل الاعلام العربية "فبركت قصصاً كثيرة غير صحيحة، وكنا حريصين كمنظمة على عدم الدخول في مواجهات اعلامية لأننا لا نركض وراء السبق الصحافي بقدر ما نحرص على اظهار حجم الضرر الذي لحق بالقضية الفلسطينية من جراء هذا المسألة". واستطرد قائلاً "ان عدنان ياسين لم يتعرض لأي نوع من انواع التعذيب لأننا حريصون على ان نأخذ منه اعترافاته بشكل طبيعي حتى وان استغرق ذلك وقتاً اكثر من اللازم".
وضع مالي جيد
وأشار المسؤول الفلسطيني الى ان ما قاله ياسين عن تجنيده منذ 3 سنوات والطريقة التي تم بها ذلك قد يكون قصة مفبركة جاهزة، درج اعضاء اجهزة الاستخبارات على قولها ليحدوا من حجم الضرر الذي سيلحق بهم او بشركائهم. وأضاف ان من بين الامور التي سيركز عليها التحقيق الاسباب التي دفعت عدنان للعمل لمصلحة الموساد، لا سيما ان احواله المادية جيدة.
واعترف الافرنجي بحجم الامكانات الهائلة التي يستخدمها جهاز الموساد، وقال ان اجهزة للتنصت والتجسس تم العثور عليها الا انها لم تكن بأهمية الجهاز الذي زرع في كرسي ابو مازن.
وكرر الافرنجي القول ان الحفاظ على سير التحقيق بالطرق المعروفة يستوجب عدم اطلاع الصحافة على ما يجري.
ويؤكد مستشار بارز لعرفات انه لم يعثر على أي جهاز تنصت في مكتب عرفات او في اي من المقرات التي يتردد عليها. وقال المستشار لپ"الوسط" ان ياسين اعترف في الساعات الأولى من التحقيق معه بأن الموساد طلب منه تقديم وثائق مختلفة، لكنه كان يعجز عن ذلك بعد ان تقلصت صلاحياته في العامين الماضيين لأسباب مسلكية تعود الى ادمانه الكحول، الامر الذي اكده بلعاوي.
وقال المستشار ان الكرسي المجهز وجهاز الاضاءة وأشياء اخرى وصلت الى تونس في اليوم الذي تم فيه توقيع الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي. وأضاف ان الاسرائيليين كانوا يلحون على عدنان عبر ضابط اتصالهم في المانيا، ارسال معلومات عامة عن القياديين الفلسطينيين وعن شخصيات من الداخل تتردد على تونس. وقال ان قدوم شخصيات فلسطينية من الداخل الى تونس منذ عامين لم يكن بنظر اسرائيل تهمة كبيرة، بل على العكس، حرص عدد من شخصيات الداخل على الادلاء بتصريحاتهم للصحافة تحدياً للحكومة الاسرائيلية. ووفقاً لاعترافات عدنان، فانه لم ينشط سوى في الاشهر الاخيرة، وأبرز انجازاته التجسسية وضع الكرسي وجهاز الاضاءة.
ونُقل عن ياسين قوله للمحققين انه لم يستعمل الحبر السري الذي اعطي له على الاطلاق. وتقول شخصية فلسطينية مطلعة ان جهاز ياسين الهاتفي وُضع تحت المراقبة من قبل جهاز الامن التونسي قبل اكثر من شهرين من اعتقاله، ولدى اعتقاله اسمعه رجال الأمن صوته وهو يتحدث على الهاتف مع ضابط الاتصال الامر الذي دفعه فوراً الى الاعتراف وطلب معاملته كضابط في الموساد وعدم تسليمه الى منظمة التحرير.
30 الف دولار فقط
ووصل حجم الاموال التي تلقاها ياسين في السنوات الثلاث الماضية الى حوالي 30 الف دولار وهو مبلغ زهيد قياساً الى نوعية الحياة التي يعيشها في تونس وحجم الاموال التي يتلقاها من المنظمة لدفع نفقات علاج زوجته.
ويعرض مسؤول "عتيق" في جهاز الامن الفلسطيني تصوراً لنشاط ياسين التجسسي فيقول انه لا بد ان يكون قطع مرحلة متقدمة في العمل لمصلحة الموساد واجتاز اختبارات من النوع الذي تلجأ اليه الاستخبارات الاسرائيلية لمعرفة ما اذا كان العميل يعمل لمصلحة جهة اخرى ولاختبار صدقه في تعامله معها، كما ان استعمال الحبر الكربوني السري وأجهزة التنصت والتدريب على استعمالها يستوجب المشاركة في دورات خاصة، حتى ولو كانت قصيرة ومتقطعة. وقال انه عُثر في منزل ياسين على اقلام للحبر السري وأربعة اقلام تنصت عادية.
وأعطى المسؤول الامني صورة عن عدد من عمليات التجسس التي شهدتها المقاومة الفلسطينية، ويقول ان طلال العبدالله وصل الى مرحلة متقدمة من العمل لمصلحة الموساد، وانه اعترف خلال التحقيق معه في اوائل السبعينات بأنه تدرب في تل ابيب وكانت لديه اجهزة متطورة للارسال حين تم اعتقاله، كما زار تل ابيب اربع مرات في فترات متفاوتة.
كما ان أميمة المفتي التي اعتقلت في لبنان لعبت دوراً بارزاً في عمليات التجسس وصودر من منزلها جهاز ارسال. وهناك اشخاص مثل "ابو السعيد" الذي عمل في السكرتارية في مكتب عرفات وتم اعتقاله بعد الاشتباه بتحركاته وصودر من منزله جهاز ارسال، وأعدم بقرار رسمي من القضاء الثوري في العام 1986، ومحمد يوسف الذي جنده الموساد اثناء اعتقاله في احد السجون الالمانية، واعترف لجهاز الأمن الموحد بأنه كلف باغتيال ابو أياد، وحين أبلغ ابو أياد بظروف تجنيد يوسف والضغوط التي تعرض لها من قبل الاسرائيليين، كالتهديد بقتل اهله في الأراضي المحتلة، طلب منه ابو أياد ان يطلق النار على سيارته ليوحي لوسائل الاعلام بأنه تعرض لمحاولة اغتيال، لكنه رفض، وعثر عليه بعد ذلك منتحراً والى جانبه شريط مسجل بصوته يقول فيه انه نادم على تعاونه مع الموساد ويشعر بالخزي، لذلك اراد وضع حد لحياته.
ويقول المسؤول الامني ان معظم الذين جندتهم الاستخبارات الاسرائيلية اعترفوا للاجهزة الامنية الفلسطينية التي طلبت منهم الاستمرار في عملهم لمعرفة ماذا تريد الاستخبارات الاسرائيلية.
ولم يستبعد ان يكون عدنان ياسين متورطاً في عملية اغتيال خليل الوزير ابو جهاد اذا ثبت ان تجنيده يعود لسنوات طويلة، وهو الذي انضم الى حركة فتح في نهاية العام 1968.
ويقول مسؤول سابق لأحد اجهزة الامن الفلسطينية ان أول عملية اعدام لجاسوس اسرائيلي تمت في منطقة العرقوب اللبنانية، عندما فر الجاسوس خضر حوسان الى اسرائيل بعد خلاف مع قائد وحدته، الا انه عاد واعترف بتعامله، فتم اعدامه حتى يكون عبرة لغيره.
منذ انكشاف "فضيحة ياسين" يكرر عرفات تحذيره لرجاله، لا سيما المشرفين على اجهزة الامن، طالباً منهم ان لا يغمضوا اعينهم، فنهاية مرحلة وبدء مرحلة جديدة لا تعني ان اسرائيل اصبحت طرفاً يعتمد عليه.
وقالت مصادر مقربة من الرئيس الفلسطيني انه بدا "متوتراً" في الأيام الأولى لانكشاف امر ياسين، وهو قال لمعاونيه ان "معركة السلام مع اسرائيل قد يكون ثمنها اغلى من معركة الحرب التي خاضتها منظمة التحرير في المرحلة الماضية".
عدنان ياسين
من مواليد بلدة السافرية - فلسطين عام 1949.
متزوج من ابنة عمه وله منها 3 أولاد، صبيان جهاد وهاني، وبنت، عايدة، كما يشرف على كفالة طفلين لشقيق زوجته الذي استشهد خلال سنوات الحرب اللبنانية.
يقيم في تونس منذ العام 1971.
انضم الى حركة فتح في العام 1968.
صورة للموساد!
كان عدنان ياسين يتردد دائماً على "بيت الصمود" في حي العمران التونسي حيث يعيش اولاد الشهداء، وكان يتجمع عدد منهم حوله، وقد نقل عنه قوله لمجموعة منهم: "اذا عرفتم حقيقة عمكم عدنان لبصقتم عليه".
كان يبكي كثيراً في المنزل، وكان اولاده، خصوصاً عايدة، يعتقدون انه يبكي لأن والدتهم مصابة بمرض السرطان.
كان يردد دائماً كلمة "داسوس" بالعامية وهي جاسوس بالفصحى.
حين كان يسأله احدهم عن سبب طلبه أربع صور لاجراء معاملات لأحد العاملين في مكاتب المنظمة كان يقول: "صورة للهوية وصورة للحفظ وصورة للجهاز وصورة... للموساد". ويبتسم.
الافرنجي والهندي
يعتبر عبدالله الافرنجي اكثر القياديين الفلسطينيين خبرة في جهاز الموساد الاسرائيلي، اذ اعد رسالة ماجستير عن الموضوع ما فرض عليه متابعة دقيقة لنشاط وعمليات هذا الجهاز، اضافة الى خبرته العملية في مواجهة نشاط الاستخبارات الاسرائيلية في المانيا وغيرها من دول اوروبا الغربية.
قطع امين الهندي مسؤول الأمن القومي في منظمة التحرير مشاركته في مفاوضات طابا ليشارك في لجنة التحقيق مع عدنان ياسين، والمعروف ان امين الهندي الذي يشغل منصب عضو المجلس الثوري لحركة فتح انه كان الساعد الأيمن لصلاح خلف "ابو أياد" على رأس جهاز الامن الفلسطيني الموحد، وكان تولى ملف التحقيق في اغتيال رفيقه عاطف بسيسو في باريس، كما كان على اطلاع واسع على ملف التحقيق في اغتيال كل من أبو أياد وأبو الهول، قبل اكثر من عامين ونصف عام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.