نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    وزارة الرياضة تُعلن بدء مرحلة إبداء الرغبة وطلب التأهيل لمشروع مدينة الأمير"فيصل بن فهد" الرياضية    اليوم الدولي للشباب تحت شعار"شبابُنا أملٌ واعد" بمسرح مركز التنمية الاجتماعية بجازان    برنامج الراصد يحقق إنجازات استثنائية عبر منصات التواصل الاجتماعي    السعودية للشحن توسع قدرات أسطولها بطائرتين من طراز A330-300    العمري يشكر القيادة بالثقة الملكية لترقيته لرتبة لواء ركن في الحرس الوطني    الأردن تدين خطة الاستيطان بمنطقة "E1" في الأراضي الفلسطينية المحتلة    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    المملكة تتوج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025    بلدية صبيا تكثف استعداداتها لموسم الأمطار وتحدد أولويات المعالجة    سفراء الإعلام التطوعي يشاركون في معرض "لا للعنف" للتوعية بمخاطر العنف    القيادة تهنئ رئيس جمهورية باكستان الإسلامية بذكرى استقلال بلاده    الإنجليزي أوسيلفان يحسم تأهله إلى الدور ربع النهائي من بطولة الماسترز للسنوكر.. وحامل اللقب يغادر    الذهب يتراجع مع ارتفاع الدولار.. وبرغم آمال خفض أسعار الفائدة    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    استقرار معدل التضخم في المملكة عند 2.1%    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    حظر لعبة «روبلوكس» في قطر    امطار على الحنوب ورياح نشطة على مختلف مناطق المملكة    نائب وزير الخارجية وسفير الدومينيكان يبحثان تعزيز التعاون    بطولة لكرة المناورة ضمن فعاليات كأس العالم للرياضات الإلكترونية    19 % نمواً.. وإنجازات متعاظمة للاستدامة.. 3424 مليار ريال أصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات    موجز    الشيباني: نواجه تدخلات خارجية هدفها الفتنة.. أنقرة تتهم تل أبيل بإشعال الفوضى في سوريا    واشنطن تشرع في تصنيف الإخوان منظمة إرهابية    تمكين المدرسة من خلال تقليص المستويات الإدارية.. البنيان: 50 مليار ريال حجم الفرص الاستثمارية بقطاع التعليم    الشريف يحتفي بزفاف تركي    بحضور الأمير سعود بن مشعل .. العتيبي يحتفل بزواج إبنيه فايز وفواز    دعت إلى تحرك دولي عاجل.. الأمم المتحدة تحذر من مجاعة وشيكة في اليمن    أكد إطلاق برنامج «ابتعاث الإعلام» قريباً.. الدوسري: طموحات الرؤية تؤمن بإمكانات الإنسان والمكان    أسعار العقار ترتفع شمالا وتتراجع جنوبا    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    للمرة الثانية على التوالي.. خالد الغامدي رئيساً لمجلس إدارة الأهلي بالتزكية    تنظيم محدث للّوحات الدعائية والإعلانية    المملكة تدين ما يسمى «رؤية إسرائيل الكبرى»    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين تصريحات رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بشأن "رؤية إسرائيل الكبرى"    وطن يقوده الشغف    نائب أمير منطقة جازان يقدّم التعازي لأسرة معافا    سان جيرمان «يجحفل» توتنهام ويحقق كأس السوبر الأوروبي    البارالمبية الآسيوية تكرّم الأمير فهد بن جلوي بوسام آسيا 2025    متحدثون.. لا يتحدثون    الأمن يحث زوار المسجد الحرام على عدم الجلوس في الممرات    (ولا تتبدلوا الخبيثَ بالطَّيب)    ارتفاع مبيعات الإسمنت يعكس مواصلة نمو قطاع البناء والتشييد    نجاح زراعة 10 كلى تبادلية خلال 48 ساعة في التخصصي    سعود بن نايف يطلع على مستجدات أعمال "تطوير الشرقية"    فهد بن سلطان يكرم الفائزين بمسابقة إمارة تبوك للابتكار 2025    ناصر بن محمد: شباب الوطن المستقبل الواعد والحاضر المجيد    نجاح عملية دقيقة لأول مرة بجازان    إنجاز سعودي.. أول زراعة قوقعة ذكية بالشرق الأوسط وأفريقيا    استخراج هاتف من معدة مريض    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    الإدارة الروحية لمسلمي روسيا تحدد شروط تعدد الزوجات    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعاً عن الغالبية السورية
نشر في الحياة يوم 15 - 10 - 2011

مرت مجازر الثمانينات في سورية بصمت شعبي، كذلك مرّت كل محاولات معاقبة الأكراد، من تهجير، وإحلال سكان عرب في مناطقهم، وكفّ أيديهم عن أراضيهم الزراعية والسكنية، وحرمانهم التصرف بها. ولن ننسى على مرّ السنوات الماضية آلاف الحالات الفردية لناشطين تجرأوا وطالبوا بحقوق مشروعة لشعبهم، فكان نصيبهم الاعتقال التعسفي والحرمان من حقوقهم المدنية والمجازر الجماعية التي تمت في السجون، وكان آخرها مجزرة سجن صيدنايا 2008. كل ذلك مرّ من دون تحرك شعبي في بلاد الصمت. لقد سُحبت حيوية الروح من الشعب السوري، عندما مُنع عن أي حراك سياسي مدني طيلة عقود، فالشعب الذي كان صدى لأحداث المنطقة، يخرج بالتظاهرات احتجاجاً على اغتيال شخصية وطنية في بلد عربي او قمع حراك شعبي في آخر، صار منذ 1970 مجرد شعب يمارس دور المتفرج، وهذا ما حدث أمام مجزرة تل الزعتر في لبنان عام 1976، حين دُك المخيم دكّاً.
لجأ النظام خلال عقود الى تفكيك البلاد طوائف وأقليات وكتلا لتسهيل التحكم بها، فعزلت أكبر طائفة فيها، من خلال الربط بينها وبين حركة الإخوان المسلمين، التي دخلت في مواجهات معه في الفترة ما بين أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات. وتماماً مثلما يحصل الآن، تم التشويش على المجازر التي أبادت اكثر من عشرين ألف ضحية في مجازر مدينة حماة وحدها، إضافة إلى حلب وإدلب وحمص وريف دمشق من خلال شيطنة الطائفة المنكوبة بأكملها وتحميلها شعوراً بالذنب كونها الحاضنة الاجتماعية للإخوان المسلمين التي جُرّم التعامل معها بقانون رقم 49. أصبحت طائفة الأكثرية عبر السنوات الحلقةَ الأضعف في المجتمع السوري، المعرَّضة للسخرية والتهجم على افكارها وطقوسها، واتهام قناعاتها الدينية بالجمود وغياب الإبداع. تورط في ذلك معارضون وموالون، قوميون ويساريون، وأيضا مثقفون مستقلون، وكان السوري المثالي هو الذي يقف مع السلطة في مواجهتها حتى لو كان وقوفه من نوع الموقف الصامت. لم تكن تلك علمانية صحيحة ولا إلحادية صحيحة، بل ممارسة عنصرية جعلت من الأقليات مجموعات مخطوفة يحتمي خلفها النظام بمواجهة الاكثرية. حدث هذا في الوقت الذي لم تكن تجرؤ اي جهة او فرد على المساس بالمذاهب والاديان الاخرى علانية، لانها ستجرَّم بتهمة كراهية الأقليات!!
من كل ما سبق، يمكن تفسير الصمت الشعبي امام الهجوم على مدينة درعا بداية الانتفاضة، قبل ان تمتد شرارة التحرر من العبودية الى حمص وتلبيسة والرستن وحماة وإدلب ودير الزور وعامودا ومناطق اخرى. لجأت السلطات السورية الى أسلوبها التقليدي في التخويف والتجريم، وقدمت صورة إعلامية ربطت بصورة اخرى وتم شيطنتها في الذاكرة الجمعية، فلجأت الى التشويه الممنهج للانتفاضة، وصورت أفرادها على انهم ارهابيو سورية المقبلون، يخرجون من الجوامع، نساؤهم المتظاهرات محجبات، وهتافاتهم تتضمن شعارات تستعين بالله!!. ورافق هذا التزييف تجاهل مشاركة افراد الطوائف الاخرى في الانتفاضة، سواء بمشاركتهم في التظاهرات او بالتعبير عن تضامنهم عبر وسائل التواصل الاجتماعية، وذلك كي يبدو الحراك طائفياً بحتاً. واخيراً استكملت الكذبة بدفع مفتي النظام الى الظهور العلني قبل ايام، متوعداً الدول الغربية بالانتحاريين الذين سيثيرون الذعر والفوضى في بلادها، ليكتمل ربط الاكثرية السورية بالتطرف، وبعد ان كان التخويف موجهاً للداخل صار موجهاً للخارج، الذي لم يُشفَ بعدُ من رِهاب الإسلام.
لا ينطلق هذا المقال من منطلق طائفي، فكاتبته تقف على مسافة بعيدة من الاسلام السياسي، وان احترمت حقه في التعبير عن نفسه طالما انه يلتزم شروط الديموقراطية في هذا التعبير، لكن اسلوب التخويف من القادم هو خرافة عبَّر عنها بشكل طريف ميخائيل سعد، اليساري السوري ذو الاصول المسيحية المقيم في كندا، فقد كتب على صفحته في الفايسبوك: «نكاية ببعض اليسار السوري وبعض العلمانيين الشكليين وبعض القوميين، وقبل هذا نكاية بالسلطة السورية، أعلن انضمامي المؤقت للإخوان المسلمين رغم كل عيوبهم إذا قبلوا بي، وعليه أوقِّع». هل من موقف أكثر جرأة من هذا الموقف يفضح محاولة تخويف الاقليات من الاكثرية السورية؟
ينطلق هذا المقال من رؤية تتطلع الى تحقيق الدولة المدنية التعددية وترى ان استبعاد اي مكون للشعب السوري، أكثرية كان أم اقلية، من ممارسة حقوقه المشروعة في التعبير عن رأيه، هو نوع من العنصرية المباشرة. لم يحدث في التاريخ الحديث ان تمّ الطلب الى مجموعة تتعرض للعنف الممنهج، تقديم ضمانات للمتفرجين أنها لن تمسهم بسوء ان خرجت سالمة من الإبادة!! أليست هي المجموعة نفسها التي هُمّشت لعقود عن مراكز السلطة السياسية والعسكرية والأمنية، ولم تمارس رغم ذلك ايَّ انتقامات طائفية؟ أليست هي نفسها الأكثرية التي حضنت مهاجري العالم المضطهدين من مسيحيي أرمينيا والسريان والآشوريين، وحديثاً لاجئي الصومال وشيعة العراق. الشعب السوري عُرف عنه الاعتدال والبُعد عن التعصب في إسلامه، بشهادة الكثير من المتابعين، ولم يحضن طوال تاريخه افكاراً متطرفة تدفعه الى إنهاء الأقليات، التي ان استمرت في الوجود فبسبب تعايشه معها، لا بسبب حماية اي نظام سياسي مرّ على البلاد.
لا يمكن وصف تخويف الأقليات من الاكثرية السورية الا بالافتراء الذي تقوده أجهزة النظام لتفتيت ارادة المجتمع في مواجهته وهي تطالب بالحريات للجميع وليس لفئة. أما بالنسبة لأشباه المعارضة والمثقفين، فيعكس ترديدهم لهذا التخوف رسوباً في الجاهزية أمام استحقاق الديموقراطية، الذي ادعوا لعقود انهم يروجون له. وبدل ان يبدأوا الحوار مع مكونات الشعب المختلفة لإزالة الشكوك في ما بينها، كشف الحراك الأخير عن عجزهم في التعامل مع هذه الأزمات، لأنهم تساكنوا مع جلاد أَلِفُوا أنيابه واستمرأوا عبوديتهم لهم، بل وشاخوا على قمع يديه.
* كاتبة سورية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.