في ظل تنامي المخاوف حول العالم من الحركات الإرهابية والجماعات المنظمة لتلك العمليات، ومع ارتفاع معدل الجرائم خصوصاً في دول أوروبا في الفترة الأخيرة، كان لا بد من إيجاد حلول تؤمّن ولو بشكل نسبي مراقبة أكبر للمدن المزدحمة في أوروبا، وجاء ذلك الحل من خلال الكاميرات من نوع CCtv أو كاميرات المراقبة ذات الدائرة التلفزيونية المغلقة التي تنقل الصورة الحية على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع. فما يميز تلك الكاميرات قدرتها على العمل بشكل آلي من دون الحاجة إلى من يديرها، كما أنها تدعم التصوير الليلي، إضافة إلى قدرتها على استشعار الحركات القريبة منها، ما يمكّنها من تصوير كل ما يتحرك حولها، كل تلك المميزات جعلت من CCtv خياراً مهماً للدول التي ترغب في مستوى عالٍ من المراقبة. وتعتبر بريطانيا الدولة الأكثر استخداماً لتلك الكاميرات حول العالم، إذ تشير تقارير غير رسمية إلى أن المملكة المتحدة تستخدم ما يزيد على 14 مليون كاميرا في مدنها كافة، بينما تستخدم أكثر من نصف مليون كاميرا لمراقبة العاصمة لندن وحدها التي يسكنها قرابة السبعة ملايين نسمة، وهو ما يضع كل سبعة من سكان المدينة تحت مراقبة كاميرا واحدة. ذلك العدد الهائل من الكاميرات لا يعود بجملة ملكيته للحكومة البريطانية، إذ تمتلك الكثير من المحال التجارية والمصارف الكاميرات ذاتها، لتتمكن من حماية نفسها من عمليات السرقة، ويلاحظ ذلك من زار العاصمة البريطانية، إذ تجبر الأنظمة صاحب المحل على وضع ملصق يوضح أن المحل مراقب بتلك الكاميرات.العدد الكبير من كاميرات المراقبة في شوارع وأزقة العاصمة البريطانية لم يقابل بترحيب كبير من الجميع، إذ يرى الكثيرون أن تلك المراقبة تنتهك خصوصياتهم، خصوصاً مع انتشار صور تم التقاطها بتلك الكاميرات لمنازل بعض المواطنين ولقطات تظهر أزواجاً داخل بيوتهم، ما دفع الكثيرين للتشكيك في نزاهة بعض من يتولون المراقبة، لذلك بدأت الكثير من الصحف البريطانية في شن حملات ضد نظام الرقابة. وكانت مصادر أمنية في شرطة"سكوتلاند يارد"رفضت التصريح بأسمائها أكدت أن نظام الرقابة لم يساعد في كشف أكثر من 3 في المئة من جرائم الطرقات، الأمر الذي باتت معه فائدتها شبه معدومة، بينما تصرّ الجهات الرسمية على أن تلك الكاميرات كان لها دور في إيقاف أو كشف عدد كبير من الجرائم، إضافة إلى كشف النقاب عن مخططي الجرائم الإرهابية في المملكة المتحدة، وهي الصور التي تم عرضها في القنوات الفضائية. ولم تقتصر الفائدة من تلك الكاميرات في بريطانيا على الرقابة والأمن، إذ تولت بعض الشركات مهمة تسويق بعض ما تلتقطه تلك الكاميرات للقنوات الفضائية المتابعة لحركة السير والازدحام، وهو الأمر الذي يعود بالفائدة في توجيه المواطنين، خصوصاً في أوقات الذروة. وربما أن المثال العربي الأهم على فائدة مثل تلك الكاميرات في بعض الأحيان هو الصور التي أظهرتها بعض وكالات الأنباء العربية لعملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، التي أظهرت إحدى المركبات وهي تسير بمعدل سرعة بطيء جداً مقارنة بالسيارات حولها بالقرب من موكب الرئيس، قبل أن يحجب رؤية الكاميرا وميض انفجار أدى إلى مقتل رئيس الحكومة اللبنانية السابق. وعلى رغم أن مدة المقطع المصوّر الذي تم بثه لم تتجاوز ال90 ثانية إلا أنه كان مفيداً في إلقاء الضوء على بعض ما حدث، ويعود الفضل في ذلك إلى كاميرا بنك"إتش إس بي".