الصدفة وحدها ستقودك إلى مشاهدة مجسم واحد من أبرز الإنجازات العلمية التي تشير إلى المملكة، والمتمثلة في مجسم"ديسكفري"، الذي حمل أول رائد فضاء عربي سعودي إلى الفضاء الخارجي، وهو الأمير سلطان بن سلمان، بعد ان انتهى به المطاف في حديقةٍ صغيرةٍ منزوية في أطراف مدينة الخبر. فيما نسخته الأصلية لا تزال تجوب الفضاء الخارجي. "ديسكفري الخبر"لم يكن مجرد مجسم جمالي يزين أحد مداخل المدينة، بل كان يذكر على الدوام بلحظات تعود إلى عام 1985، حين خاطب رائد الفضاء السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز"يرحمه الله"، ووالده الأمير سلمان بن عبد العزيز، من خلف الغلاف الجوي للكرة الأرضية، إضافة إلى كونه شاهداً يستدل به أهالي المنطقة الشرقية على مدينة الخبر. وخلّف العام 2002 وراءه عدداً من الأسئلة تدور على شفاه أهالي الخبر وقاصديها، بعد ان اختفى"الديسكفري"من موقعه، ف"أين ذهب؟"و"ما مصيره؟". أما الصغار فكانوا يسألون:"هل عاد إلى الفضاء؟". اللافت أن الأمانة ذاتها لم تكن على علم برحلة"ديسكفري"الأخيرة، وهو ما اتضح من خلال إجابات تلقتها"الحياة"من مسؤوليها، حين بقيت تستفسر لأشهر عن مصيره. وعرفت المنطقة الشرقيةوالخبر تحديداً ب"الديسكفري"، كدليل للمدخل الشمالي للخبر الممتد من طريق الدمام - الخبر السريع، قبل"اقتلاعه"من موقعه في تقاطع طريق الملك عبد العزيز، مع طريق الأمير فيصل بن فهد، البيبسي سابقاً قبل نحو سبعة أعوام، إثر قيام البلدية بعمليات تطوير للشوارع والطرقات، وإنشاء نفق في الموقع ذاته. وقادت الصدفة"الحياة"إلى اكتشاف موقع"الديسكفري"الجديد، في الوقت الذي أكدت أمانة الشرقية على لسان مسؤوليها عدم علمهم بمصيره بعد"اقتلاعه"و"إقلاعه"من موقعه، وهل نقل إلى أحد مخازن أمانة الشرقية، أم أنه تجاوز نطاق"رادار"البلدية إلى الفضاء، ولم يعرف مصيره! وغاب"الديسكفري"الذي عرفه أهالي وزوار الشرقية لنحو 17 عاماً، وتمت إعادته أخيراً إلى داخل حديقة صغيرة محاصرة في حدودها بمجمعين تجاريين يحيطان فيها من الشرق والشمال، ومجمع لمدارس أهلية من الغرب، ومن الجنوب أرض استثمارية، لتبقيه البلدية متوارياً عن الأنظار. وككثيرين من سكان الخبر، لا يعلم منصور الدوسري، بموقع"الديسكفري"الجديد الذي اعتبره"أحد المعالم التي عُرفت بها مدينتي أواخر الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي". وقال:"جميع أهالي الشرقية وزوارها ما زالوا يتداولون موقعه السابق كدليل لمستخدمي الطريق، على رغم وجود نفق بستة مسارات في الاتجاهين". وشبه الدوسري نقل المجسم، ب"الموظف الذي تتم إحالته إلى التقاعد، فإذا وجد له فرصة وظيفية فلن تكون بنفس أهمية سابقتها، وهذا هو حال"الديسكفري"، بعد ان كان ولا يزال يمثل إشارة إلى إنجاز بارز للمملكة وشعبها"، مبدياً أسفه لأنه"تم تجاهله ولم تبقَ إلا ذكراه في الموقع ذاته". واستغرب فرج الفرج، تعامل البلدية مع"الديسكفري"بهذه الطريقة، خصوصاً أنه"يرمز إلى إنجاز حققته البلاد على يد أحد أبنائها"، مستعرضاً تجربة"أرامكو السعودية"في البئر رقم"7"أو"بئر الخير"، كما أطلق عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، الذي نصبت الشركة مكانه مجسماً، ليشاهده زوار مقر"أرامكو السعودية"في الظهران، ولم تلغه أعمال التطوير والإنشاء التي تقوم بها الشركة، ليبقى شاهداً رمزياً على انطلاق الصناعة النفطية في بلادنا". وتساءل الفرج عن غياب مجسم الديسكفري عن واجهتي الدماموالخبر البحريتين، وتبلغ أطوالهما مجتمعة نحو سبعة كيلومترات". وقال:"ألم تتسع المساحة لاحتواء مجسماً بحجم"الديسكفري"في هاتين الواجهتين؟"، متوقعاً أن مشاهدته للمجسم"لن تتكرر إلا من خلال المصادفة". يتداول أهالي الشرقية عموماً، خصوصاً الخبر، نكاتاً حول مصير المجسم بعد نقله من موقعه إلى جهة غير معلومة، فمنهم من ذكر أن"البلدية سمحت بإقلاع الديسكفري لجهة غير معروفة، بانتظار عودته إلى الأرض"، فيما تداول البعض"انتهاء سنوات خدمته، ما دعا البلدية إلى إحالة المجسم إلى التقاعد المبكر".