من المصادفات القدرية التي وقعت في الآونة الأخيرة في وقت واحد محاربة الخارجين الحوثيين في الجنوب وبداية موسم الحج، وفاجعة مدينة جدة، التي راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد، ولا شك أن هذه الأحداث عندما تحدث تباعاً تحتاج إلى حكومات عدة وليس حكومة واحدة، إذ من الضروري حماية الجبهتين الداخلية والخارجية وتأمين ضيوف الرحمن في آن واحد، وهذا عمل اعجازي يتطلب أولاً الحكمة وحسن التنظيم، وأيضاً توفير وسائل كثيرة منها القوة البشرية والمادية وغيرها من متطلبات مواجهة الأزمة، وهذا ما قامت به قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين، وانني عندما أقول"رجل القضاء الأول"فأنا محق، إذ إن صدور الأمر الملكي الكريم رقم أ/191 وتاريخ 13-12-1430ه هو في حد ذاته منظومة وحكم في الوقت نفسه. إذ إن الدعاوى الجنائية يوجد بها شقان، الأول عام، والثاني خاص، والأمر الملكي أمر بتعويض المتضررين من السيول مادياً ودفع ما أسميه"دية المتوفى"مليون ريال سعودي لكل شهيد غريق، ولم يفرق بين مواطن ومقيم، أو ذكر أو أنثى، وهذا ليس بغريب على رجل مثل خادم الحرمين الشريفين، كيف لا وهو الذي أطلق حوار الأديان ليثبت للعالم أنه قول وفعل قلّ ما تجده في هذا الزمان. أما ما يخص الشق العام وهو محاسبة المسؤولين كافة عن هذه الفاجعة، كل في ما يخصه حتى وإن كان بأثر رجعي مهما كان منصبه، وبهذا يكون المليك المفدى اقتص من المتسببين في هذه الفاجعة ومعاقبتهم وهذا يعتبر الحق العام. أليس هذا حكماً شرعياً متكاملاً من ولي أمرنا وملك الانسانية، فإنه من حسن طالع الشعب السعودي أن تكون قيادته قيادة حكيمة وانسانية وقوية في وقت واحد، وهذا أيضاً أقل ما يتوافر في زماننا هذا. ولا شك أن الله عز وجل دائماً مع قيادتنا لأنها تطبق كتاب الله وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام قولاً وعملاً، فشريعتنا السمحاء التي لم تترك لا شاردة ولا واردة إلا وعالجتها وعلى رأسها حقوق البشر في ما بينهم لقوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم سورة الإسراء 70، وقوله صلى الله عليه وسلم"كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"رواه أحمد، ومن هذا المنطلق جاء الأمر الملكي الكريم ليثبت لأعدائنا قبل أن يثبت لنا أن وطننا في يدٍ أمينة ترعى الله عز وجل في كل كبيرة وصغيرة، وترعى مصلحة الشعب، وتقتص له عند الضرورة، وهذا الأمر أيضاً نقطة تحول ورسالة لكل مسؤول أهمل في الأمانة الملقاة عليه، وأن المنصب أصبح تكليفاً لخدمة الوطن وأبنائه، وليس وسيلة للتباهي والتفاخر كما كان يعتقد البعض. سعد بن حمدان الوهيبي - الرياض الرئيس العام للمركز الاستشاري للتدريب القانوني