خادم الحرمين وولي العهد يتلقيان برقيات تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    تصعيد أكثر من 42 مليون سلعة تموينية للحجاج في عرفة ومزدلفة    نائب وزير الصناعة: المملكة ملتزمة بقيادة التحوّل نحو الطاقة الخضراء في قطاع الصناعة    وزير الخارجية يترأس وفد المملكة بقمة السلام في أوكرانيا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل وزير الحج والعمرة في مقر الإمارة بمشعر عرفات    أمير منطقة مكة المكرمة يجري اتصالاً للأطمئنان على سير أعمال موسم الحج    دله الصحية تقدم عبر مستشفى مركز مكة الطبي رعاية طبية عالية الجودة لخدمة ضيوف الرحمن    أكثر من 1.8 مليون حاج وحاجة يقفون على صعيد عرفات لتأدية ركن الحج الأكبر    40 نيابة قضائية لمباشرة القضايا الخاصة بموسم الحج    وزير الحج يعلن نجاح خطط التصعيد من مكة ومشعر منى إلى صعيد عرفات    40 نيابة قضائية لمباشرة القضايا الخاصة بموسم الحج    (621) مليون مستفيد ومستمع لترجمة خطبة عرفة عالميًا    نائب أمير الشرقية يهنىء القيادة بعيد الأضحى المبارك    «الداخلية»: السجن والغرامة والترحيل ل25 مخالفاً نقلوا 103 أشخاص ليس لديهم تصريح بالحج    تصعيد في جنوب لبنان.. واشنطن تخشى الانزلاق لحرب    لاعب النصر على أبواب القادسية    البيئة تفسح أكثر من (2,1) مليون رأس من الماشية منذ بداية "ذو القعدة" استعدادًا لحج 1445    ناتشو يختار بين الاتحاد والنصر    إغلاق شواطئ جزيرة سنتوسا في سنغافورة بسبب تسرب نفطي    بنتانكور لاعب توتنهام يعتذر لزميله سون بسبب تعليق عنصري    المعيقلي في خطبة عرفة: الحج ليس مكانا للشعارات السياسية ولا التحزبات.. مما يوجب الالتزام بالأنظمة والتعليمات    "الصحة" تُحذر الحجاج من أخطار التعرض لأشعة الشمس    وزير الإعلام يتفقد مقار منظومة الإعلام بالمشاعر المقدسة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يؤكد اعتزاز المملكة بخدمة ضيوف الرحمن    الحجاج يتوافدون إلى عرفات لأداء الركن الأعظم    الأجواء المناخية بطرق المشاعر المقدسة    سويسرا تحتضن قمة دولية حول أوكرانيا    رجل أمن يحتضن الكعبة.. خدمة وشوق    أبحاث تؤكد: أدمغة الرجال تتغير بعد الأبوّة    انضمام مسؤول استخباراتي سابق إلى مجلس إدارة شركة Open AI    الصحة الفلسطينية: توقف 32 مستشفى عن العمل من أصل 34 في غزة    الرئيس المصري يزور المتحف الدولي للسيرة النبوية    الرئيس الشيشاني يصل إلى المدينة المنورة    نائب أمير مكة يتابع أعمال الحج والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    طيران الأمن يُسخر إمكاناته لخدمة الحجيج    النيابة العامة تطور جهاز ترجمان لترجمة مجريات التحقيق خلال موسم حج 1445ه    تنظيف وغسل 120 مصلى وجامعا في بريدة استعدادا لصلاة العيد    السعودية تتسلم علم استضافة أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    2000 إعلامي من 150 دولة يتنافسون في الأداء    مصادر «عكاظ»: الشهري يدرس عروض أندية «روشن»    حجاج صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين يحطون رحالهم في منى    مركز العمليات الأمنية ل«عكاظ»: نرد على المكالمات في ثانيتين    أفضل أداء أسبوعي للنفط في شهرين    عرفة البيضاء.. تتهيأ لأضخم تجمّع بشري    «السيادي السعودي» يعتزم الاستثمار في الهيدروجين الأخضر و«المتجددة»    «SSF» قوات النخبة.. تدخل سريع للحماية والتأمين    4 أطعمة مناسبة أثناء تناول حقن التنحيف    40 عاماً لتخطي سوء معاملة طفل !    مركز البحوث السرطانية: لا تتجاهل البقع الزرقاء !    الأولوية لفيرتز    افتتاح قصير ل«يورو 2024» وتكريم بيكنباور    الأخضر تحت 21 عاماً يخسر من بنما بركلات الترجيح في بطولة تولون الدولية    فيلم "نورة" من مهرجان "كان" إلى صالات السينما السعودية في رابع العيد    120 مليون نازح في العالم    صحفيو مكة يشيدون بمضامين ملتقى إعلام الحج    هدايا بروح التراث السعودي لضيوف الرحمن    العيسى: تنوع الاجتهاد في القضايا الشرعية محل استيعاب الوعي الإسلامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"احتيال" بلا حدود
نشر في الحياة يوم 27 - 01 - 2009

من الطرف التي تُروى عن المحتالين أن أحدهم اشترى حماراً من فلاح بمئة دولار، وفي صباح اليوم التالي حضر الفلاح ليخبر المشتري أن لديه خبراً غير سار، فالحمار مات، فطلب منه أن يعيد إليه نقوده فرد عليه بأنه لا يستطيع ذلك لأنه انفق النقود. عندئذ طلب المشتري من الفلاح إحضار الحمار الميت، فتعجب الفلاح وسأله ماذا تريد من حمار ميت، فأصر المشتري على ذلك وأخبره أنه سيقوم بإجراء سحب تكون الجائزة هذا الحمار الميت. بعد مدة التقى الرجلان وسأل الفلاح صاحبه، ماذا حدث لحمارك الميت؟ فأجابه لقد بعت 500 تذكرة قيمة كل واحدة دولاران وربحت من العملية 998 دولاراً، فتعجب الفلاح وسأله ألم يتقدم بالشكوى أحد، فرد عليه لم يتذمر إلا الشخص الذي فاز بالجائزة، فأعدت إليه قيمة التذكرة"دولاران"وانتهى الموضوع.
الاحتيال والنصب لا يعرف الحدود، فهو في كل مكان وزمان، فلا القوانين والأنظمة تستطيع منعه، ولا التعليم أو حتى الذكاء بمقدوره أن يقف في طريقه.
في المجتمعات البدائية الحيل البسيطة تنفع، وفي المجتمعات المتقدمة يتطلب الأمر حيلاً أكثر تطوراً، هذا كل ما في الأمر، في اللغة الانكليزية يسمى المحتال Crook، وهي كلمة تعني حرفياً"غير مستقيم"، وتعني أيضاً"عصا معقوفة"أي"مشعاب"، وهو مشابه لمصطلح"خازوق"الذي نستخدمه أحياناً لوصف المحتال، سيكون العالم أكثر مللاً بدون المحتالين، فحكاياتهم في الغالب مسلية، خصوصاً لمن كان بعيداً عن متناولهم. فالمحتال في اعتقادي هو طماع كبير يقوم باستغلال عدد كبير من الطماعين الصغار.
بقليل من الذكاء وقدر أكبر من الجرأة يقوم المحتال بصناعة الفخ المناسب الذي يوقع به ضحاياه. من أشهر المحتالين في التاريخ الأميركي شاب يدعى تشارلز بونزي، تحول من إنسان مغمور إلى مليونير شهير خلال ستة أشهر، وحدث ذلك في عشرينيات القرن الماضي في مدينة بوسطن. والفخ الذي نصبه بونزي هو بالادعاء بأن بإمكانه تحقيق أرباح هائلة من المتاجرة بكوبونات البريد واستغلال فارق العملة، ووعد بأرباح 50 في المئة بعد 45 يوماً، أو بأرباح 100 في المئة خلال تسعين يوماً. انطلت الحيلة وأسهم لديه أكثر من أربعين ألف شخص بأكثر من 15 مليون دولار. وعندما حققت السلطات في نشاطاته وجدت أنه لم يستثمر في نشاطه المعلن وهو كوبونات البريد سوى 30 دولاراً فقط. كما هي العادة عند انكشاف الخدعة كانت الأموال قد رحلت.
الاحتيال يحدث في كل مكان، ونحن لسنا استثناءً، ويخطئ من يعتقد أن غياب الأنظمة أو التواطؤ هو سبب حدوث عمليات النصب والاحتيال. فعلى سبيل المثال في قضية مساهمات"سوا"كان الفخ بسيطاً ويعتمد على أن هناك أرباحاً طائلة ستحقق بطرق كثيرة من تسويق خدمات الهاتف الجوال. وكما يحدث الغالب هناك شركاء يعملون كرؤساء مجموعات ويقومون بالترويج لهذا المشروع مقابل نسبة معينة. وفي النهاية عندما يتوقف تدفق المساهمات تنكشف الحيلة ويستيقظ الجميع من الحلم الجميل بالثراء والكسب المريح. قبل أسابيع صدمت أسواق المال العالمية بفضيحة برنارد مادوف - يهودي - الذي اعترف للسلطات عند إلقاء القبض عليه بعد بلاغ ورد من ابنيه"وذلك في مفارقة تؤكد مقولة أن الأب الجشع يرزق بحرامية على هيئة أبناء"، بأنه ليس لديه تفسير بريء لما حدث، وقال لهم الأمر كله كذبة كبيرة. وهكذا تبخرت أكثر من 50 بليون دولار. المفارقة أنه في قضية مساهمة"سوا"كان كل شيء بسيطاً بما يناسب بساطة الضحايا، حتى رؤساء المجموعات لم يكن لديهم من مهارات التسويق ما يؤهلهم للعمل في شركة محترمة. أما في قضية مادوف الذي التهم أكثر من خمسين بليون دولار، فكان عليه أن يمتلك أدوات أكبر لنصب الفخ، فهو في النهاية ينوي سرقة الأغنى والأذكى في العالم. بذكاء حاد وقلب لا يعرف الرحمة، ادعى أنه اكتشف طريقة جديدة للمضاربة في الأسهم تضمن الربح وتعطي عائداً سنوياً ثابتاً لا يقل عن 8 في المئة. انطلت الحيلة على الجميع وأصبحت أكبر البنوك وأكثرها عراقة في التعاملات المالية والمصرفية مجرد رؤساء مجموعات تغذي إمبراطورية الاحتيال التي صنعها. تعالت الأصوات التي تحذر من أن هناك مشكلة في الطريقة التي يعمل بها هذا الرجل، لأن الطريقة التي يقول إنها تحقق عائداً ثابتاً فشلت عندما حاول البعض تطبيقها. كل هذه الأصوات لم تكن مهمة، لأن صوت العائد الثابت الذي ظل يدفعه كان أقوى من صرخات التحذير. توماس جفرسون قال ذات مرة"إن التجارب أثبتت أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يلتهم أبناء جنسه"، فليس هناك لفظة ألطف من التهام لوصف افتراس الأغنياء للفقراء. ولعل مادوف بافتراسه للأغنياء أعطى بُعداً جديداً لمقولة جفرسون، فمادوف التهم الأغنياء ولم يوفر أحداً، حتى الجمعيات الخيرية كانت من وجباته المفضلة. يقال إن الجشع وحش ضخم له فم صغير جداً مهما تطعمه فلن يكون كافياً. فالجشع مثل ماء البحر كلما شربت منه أكثر أصبحت أكثر ظمأً. المخرج الأميركي مايكل مور يقول"إن من غرائب الرأسمالية أن الرأسمالي على استعداد ليبيعك الحبل الذي تنوي أن تشنقه به. فهم في الواقع يمولون الأفلام التي تسيء إلى سمعتهم، إذا اعتقدوا أنها ستجلب لهم المزيد من الأموال". الحصانة الوحيدة من الوقوع في شراك المحتالين هي في عدم تصديق أن هناك طرقاً سهلة لكسب الأموال الطائلة. وهذا الأمر ليس بهذه السهولة، فكثير من الدراسات تشير الى أن الإنسان بطبعه ينجذب بطريقة غير مفهومة لتصديق حبكات الاحتيال، ويتخلى عن كل ما يعرفة من عقل ومنطق. وهذه تقريباً هي نقطة الضعف الأساسية التي يستثمرها المحتالون وبائعو الأحلام.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.