أوصت دراسة حديثة نفذها خبراء بالتعاون مع جهات حكومية عدة، بإعداد خطة عمل قومية لمكافحة التسول، بواسطة الجهات الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة بالموضوع، بحيث تكون شاملة للوقاية والحماية والملاحقة. واقترحت الدراسة التي أجريت في منطقة مكةالمكرمة، وأعدها فريق بحث مكون من الدكتور عبدالله باخشوين، والدكتور محمد بن سعيد الغامدي، والدكتور زكريا الشربيني، بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية في مقدمها جوازات منطقة مكةالمكرمة، أن تكون الخطة معدة لخمسة أعوام مقبلة، وترتكز على مبادئ الرحمة والإنسانية في التأصيل الشرعي وعلى المبادئ السامية لحقوق الإنسان. وكشف الدكتور الغامدي، أن الدراسة التي أجريت على عينات من 42 متسولاً، جرى توزيع استمارات حالات تسول عليهم في مركز الإيواء بمحافظة جدة التابع لجمعية البر الخيرية، إضافة إلى 207 من الأطفال المتسولين اختيروا عشوائياً وطبقت عليهم استبانة حالات التسول، إلى جانب 60 شخصاً ممن يعملون في جهات ذات علاقة بالتسول ومكافحته وبعض المسؤولين. وأظهرت الدراسة أن معظم المتسولين المقيمين في مدينة جدة، هم من نيجيريا، واليمن، ومعظمهم يقيمون في أحياء الهنداوية والسبيل، كما أظهرت أن نسبة كبيرة من المتسولين هم من الذكور الذين يبلغ متوسط أعمارهم 11 عاماً، وأكثر من نصف المتسولين كانوا ملتحقين بالتعليم، وتسربوا من المرحلة الابتدائية. وأوضحت الدراسة أن ثلث المتسولين تم القبض عليهم مرة على الأقل، ومتوسط مدة إقامتهم بالسعودية قبل القبض عليهم وصلت إلى نحو عام، كما تم إيقاف ثلث المتسولين على كل حال مدة تقل عن ثلاثة أشهر، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن نصف آباء المتسولين لا يعملون. وأكدت الدراسة أن من أبرز أسباب لجوء تلك الفئات إلى التسول على الشكل الآتي: الفقر، والحضور من أماكن نائية، والإنفاق على نفسه، ومن ثم إهمال الأب لشؤون الأسرة. وتشير إحصاءات الدراسة إلى أن نسبة عالية من المتسولين المقبوض عليهم في السعودية هم من الأجانب، إذ تتراوح نسبة غير السعوديين بين 62 و 83 في المئة، كما تشير إلى أن وضعية التسول في السعودية أخذت أخيراً شكل أفواج منظمة، وعمليات تجارية منظمة وخصوصاً للأطفال، بحيث أصبح لهذه الظاهرة تأثيرات سلبية أمنياً وصحياً واقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً وحضارياً. وأسفرت نتائج الدراسة عن أن العائد الشهري للمتسول يتراوح بين 2400 و3600 ريال، وأن كل متسول ينفق على نفسه تسعة ريالات فقط يومياً، وأن معظم أفراد الفئة العمرية بين عامين و16 عاماً ينفقون هذا المبلغ الزهيد في الطعام.