يشعر الكثير من المقيمين في السعودية بمختلف جنسياتهم بنوع من الغيرة من أبناء الجالية السوادنية، الذين يعتبرون أكثر الجاليات تماسكاً وتواصلاً في السعودية، وفي المقابل، يشعر السودانيون المقيمون في السعودية بنوع من الفخر، بعد تصنيف أحد الباحثين في وزارة العمل خلال أحد استطلاعاته بأنهم الجالية الأفضل في السعودية. ويتمسك السودانيون بعاداتهم وتقاليدهم أينما حلوا، بدءاً من الزي السوداني التقليدي، وصولاً إلى عاداتهم وتقاليدهم الأخرى، كالتواصل الاجتماعي، وأكلاتهم الشعبية، وهو ما يجعل شهر رمضان بالنسبة إليهم كغيره من الشهور، لا يتنازلون عن أي من عاداتهم وتقاليدهم التي يحملها هذا الشهر في بلادهم. ويقول المقيم أحمد النور أحمد:"يبدأ الاحتفال بشهر رمضان في السودان قبل حلوله ببضعة أيام بالنسبة إلى البعض، بينما يعتبر آخرون دخول شهر شعبان موعداً للبدء في الاستعدادات والاحتفالات، وعلى رغم اختلاف الأمر بالنسبة إلى المقيمين في السعودية وذويهم في الوطن، إلا أن السودانيين في بلدان إقامتهم يعملون جاهدين من أجل الاحتفاظ بعاداتهم وتقاليدهم المرتبطة بشهر رمضان، فيحضرون الوجبات التي اعتاد أهل السودان على تجهزيها قبل بداية الشهر كالمديدة، وبدل الزفة التي تأخذ طابعاً رسمياً وآخر شعبياً في السودان، إذ يصاحب الإعلان عن حلول شهر رمضان مسيرة ابتهاج يجوب خلالها المواطنون بعض الأحياء والشوارع، يقوم بعض المقيمين بجولات مماثلة في أحياء معينة في الرياض، تعرف بكثافة سكانها من أبناء الجالية السودانية يصطحبهم خلالها أطفالهم". وأضاف:"لا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل تصر بعض ربات البيوت المقيمات في السعودية على الالتزام أيضاً بعادة تجديد أواني المطبخ كل عام بمناسبة شهر رمضان، وهي عادة قد لا تروق للأزواج الذين يتحملون نفقات هذا التغيير". وبدوره، أكد المقيم محمد السيد عدم تفريط أبناء جاليته في عاداتهم وتقاليدهم في شهر رمضان، وقال:"لا يخلو أي منزل سوداني من شراب الآبريه، وهو شراب يتمسك به المقيمون في السعودية أيضاً، وتحرص الجالية السودانية على جعل مائدتها الرمضانية قريبة إلى المائدة التي اعتادوا عليها في بلادهم، والتي تضم أشهر الأكلات السودانية ك?"الويكة، والعصيدة، والثقيلة، والقراصة"، وأضاف:"يقلد السودانيون المقيمون في السعودية أيضاً طريقة تناول إفطارهم، إذ يصطف الصائمون على سفرة الطعام في صفين متقابلين خلال تناولهم وجبة الإفطار، التي يحرصون على أن تضم أكبر عدد ممكن من المدعوين، إذ نفتقد نوعاً ما الإفطار الجماعي، الذي تحضر خلاله كل أسرة ما أعدته من طعام الإفطار، ويلتف الجميع حول السفر التي تفرش في الشوارع، مرحبين بأي عابر سبيل، وهي من شيم الكرم في السودان، ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل يقوم بعض المواطنين بإعداد إفطار يفوق حاجته، ويقف أمام منزله في انتظار أي من المارة لمشاركته طعام الفطور، بينما يكتفي البعض بإرسال وجبات الفطور إلى المساجد". وفي السعودية، لا يقتصر الكرم السوداني على أبناء جلدتهم فقط، إذ يحرص السودانيون على دعوة بعض السعوديين أو أصدقائهم من الجنسيات الأخرى لمشاركتهم فرحة إفطارهم، والتعرف على عاداتهم وتقاليدهم التي يفخرون بها، وبينما يتعامل بعض المقيمين العرب بنوع من التعالي مع بعض الجنسيات كالبنغاليين، لا يتردد السودانيون في دعوة هنود وبنغاليين إلى منازلهم لمشاركتهم الإفطار، بل يخصص بعض السودانيين الخميس الأخير من الشهر طعاماً خاصاً اعتادوا على أن يتصدقوا به على الفقراء في ديارهم، وهو الذي يعرف بطعام الرحمات. وعلى رغم أن السهر بشكل عام يعتبر أمراً مقلقاً للزوجات، إذ يعني في الكثير من الأحيان قضاء ساعات طوال في المقاهي أو المتنزهات، إلا أن السهر في شهر رمضان أمر لايثير قلق المرأة السودانية، بحسب المقيم محمد الهادي، الذي قال:"على العكس تماماً، فالرجل السوداني يحب السهر في الأجواء العائلية، وفي شهر رمضان يسمح للأطفال بالسهر لوقت متأخر، وتقوم غالبية الأسر بالسهر في المنزل خلف شاشات التلفزيون، وتبادل الأحاديث مع أصدقائهم المدعوين، إذ يتناوب السودانيون المقيمون في السعودية على إقامة السهرات العائلية في منازلهم". وأضاف:"ينعكس هذا الترابط أيضاً في ما يتعلق بإعداد ربات البيوت الحلويات استعداداً لاستقبال العيد، إذ يجتمعن في منزل إحداهن ويعملن بشكل جماعي على تحضير الكعك والحلويات".