اختار أحد مالكي صالونات الحلاقة جدران المساجد، وكلية الشريعة في الأحساء، والشوارع العامة ليضع لوحته الإعلانية الترويجية لصالونه الجديد، الذي اختار له اسماً يدل على الاستقامة، ولفتت عبارات الإعلان جميع من مرّ به، إذ كان الأول من نوعه في المنطقة، ويتحدث بعبارات صريحة موجهة، تُعلن أن الصالون"متميز بعدم حلق اللحى والقصات المحرمة، مع تخصيص عشرة في المئة من الأرباح لتذهب للفقراء والمساكين". ولافتتاح هذا الصالون قصة، رواها صاحبه فهد الملحم، إذ كان في أحد الأيام ينتظر دوره داخل صالون الحلاقة، الذي كان مزدحماً بالزبائن من فئة عمرية لا تتجاوز العقد الثاني"فوجئت بالقصات الغريبة المستوردة، حتى أن اللحى التي كرمها الشرع، صارت بأشكال وأنواع مختلفة وغريبة لم نعهدها في مجتمعنا المحافظ، وهو أمر أثارني كثيراً وأغضبني". جاءت فكرة هذا الصالون ك"حل بديل لهذه الممارسات"، مضيفاً"هدفي من هذا المشروع أن أساعد على منع هذه العادات التي تفشت بين أبنائنا، حتى أصبحت كالمرض الذي يغتال مجتمعنا، وهي دعوة للرجوع إلى الاستقامة، لذا اخترت هذا الاسم لصالوني". وخصص الملحم نسبة عشرة في المئة من الأرباح الشهرية"لتذهب إلى الجمعيات الخيرية، والفقراء والمساكين". ويقول:"أحسب على كل زبون الرسوم التي يدفعها، ومع نهاية اليوم تخرج نسبة من الأرباح، أجمعها، وفي نهاية الشهر أخرجها لوجه الله، وهو أمر دفع كثيرين للقدوم إلى الصالون لمعرفتهم بهدفه السامي". وتنحصر أعمار زبائن الصالون على فئة الرجال بداية من العقد الثالث فما فوق، مع عزوف من جانب الشبان، لكون الصالون يضع حدوداً ملزمة لزبائنه، التي تندرج تحت بند"الأخلاق الإسلامية، ووفق حلاقة خاصة لا تتعدى كونها تزيين وتنظيف فقط، بعيدة عن الأسماء المستوردة لقصات لا تليق بنا كمجتمع مسلم محافظ، ونحن لا نقترب من اللحية إلا للتهذيب والترتيب فقط، محافظةً على الالتزام التي تمثله اللحية". وعرفت صالونات الحلاقة قصات حديثة، إلى جانب القصات القديمة التي كانت تُعرف بأسماء عدة من أبرزها"الكابوريا"، و"الأسد"، و"الطاقية"، و"الدرجات"، إلا أن الأولى كانت الأبرز حتى وقت قريب، والتفنن الحالي في القصات ارتكز على اللحى، التي نالت نصيباً من التغيير، من أبرزه"القصة الروسية"، و"الفارسية"ولعل"الفرنسية"و"الإيطالية"من أكثر القصات طلباً في الوقت الراهن. ويتفنن الحلاقون في جذب الزبائن لصالوناتهم، من خلال الترويج لقصات مُبتكرة وجديدة، وبخاصة في اللحى. وشهدت الصالونات في الآونة الأخيرة عودة للحلاقة الكلاسيكية، من خلال قصات محدثة، من أبرزها"اللحية الروسية"، التي تتميز بوجود انحناءة باتجاه الشارب، وتطويل اللحية بطريقة رأس المثلث الضعيف. ويفضل الشبان الحلاقة بما يُعرف ب"الحلاوة"، التي تحدد الوجنات وتحت الذقن، حتى لا يخرج الشعر بسرعة في الوجه. ودخل التلوين عالم الحلاقة الحالية في الصالونات، فأصبح التشقير، وإضافة الصبغات الفاقعة مثل الأحمر الفسفوري أو الأصفر، علامة بارزة لمتعصبي الرياضة، فيحرص الهلالي على صبغ الأطراف العليا من شعره باللون الأزرق المختلط بخصلات بيضاء، والنصراوي باللون الأصفر وخصلات زرقاء، وهكذا بحسب النادي الذي يشجعه.