يختلف السعوديون عن غيرهم من مواطني الدول العربية في قضاء إجازاتهم لظروف وطبيعة المجتمع والبيئة السعودية. فلأن غالبية السعوديين ينتمون للبيئة القبلية ومجتمع القرية اللذين باتا مصدر توريد للمدينة، فإن إجازة العيد هي الفرصة المناسبة للعودة إلى بيئتهم الأصلية وقضاء أيام العيد بين مرابع الأهل والعشيرة، والتمتع بتوطيد العلاقة معهم في احتفالات وتجمعات العيد، وهي الفرصة السانحة التي تبعدهم عن أجواء وروتين العمل اليومي الممل. آخرون يفضلون نوعاً آخر من الاحتفال والابتهاج بالعيد، فحرارة الأجواء، وضعف التواصل الاجتماعي عند بعض الشبان يجعلانهم يفكرون في السفر إلى الدول العربية المجاورة بعد قضاء أول الأيام مع أهليهم، أو النوم ملء الجفون، كنوع من الهرب من بروتوكولات العيد والوفود الداخلة والخارجة من وإلى منازلهم. يقول أحمد الشهري 33 عاماً:"إن أيام العيد فرصتي السانحة للهرب بأسرتي الصغيرة إلى قريتي في منطقة عسير، وهناك نعود أهلنا وأقاربنا، ونتبادل التهاني بالعيد السعيد، ونقيم احتفالات ومآدب خاصة، نسترجع فيها ذكريات الماضي، ونصل أبناءنا بمواطننا الأصلية كي يتعرفوا عليها أكثر، ويرتبطوا بها مهما تقدمت بهم السنين ودهمتهم مشاغل الحياة وظروفها". ويضيف:"لن أنسى ما حييت ذكريات أيام الطفولة، حين توقظنا أمهاتنا قبل صلاة الفجر، فنلبس ملابسنا الجديدة، ونستعد لصلاة العيد، وبعدها نذهب إلى بيت جدي بيت عائلتنا الكبيرة فنلتقي بكل أقربائنا هناك، وعلى هذا المنوال، نطوف على كل بيوت الأقارب وأهالي القرية، وفي المساء تضيء الفوانيس جنبات قريتنا في احتفال بهيج نؤدي فيه رقصة العرضة الجنوبية، ونتناول طعام العشاء، وهكذا تمضي أيام وليالي العيد بهذه الطريقة، لا تختزلها كلمات لكنها تبقى عالقة في الذاكرة مع مرور الأيام". خالد سليمان 26 عاماً شاب مقبل على متع الحياة وبهجتها كطبيعة كل الشبان، سألته"الحياة"عن برنامجه للعيد فاستغرب السؤال، فأيام العيد لديه كما يقول ليست سوى استراحة من الأعمال ينام فيها بإسراف، تاركاً بذلك ارتباطاته الاجتماعية مع أسرته التي يلتقي بها مساء العيد، فيلقي عليها التحية، ويمتطي سيارته نحو الكورنيش ليقضي سويعات الليل مع أصدقائه تجوالاً بالسيارة أو عند رصيف مجاور للكورنيش ليس إلا. يقول خالد:"في الأعوام الماضية كنت أعد العدة باكراً مع أصدقائي للسفر إلى الدول المجاورة بموازنة مالية محددة بالاتفاق، وحجز للتذاكر في وقت باكر، فالعيد موسم مناسب للسفر عند الشبان، نقضي أيامنا القليلة في متعة الأجواء والنزهة، ونعود فور انتهاء الإجازة إلى دوامة الدراسة والعمل وروتين الأيام العادية".