سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ناشد الدول الإسلامية توعية حجاجها وتوجيههم بالأمور الشرعية والأمنية والثقافية . الشريم : ما وقع من وفيات نتيجة تدافع الحجاج أجل محتوم "إذ لا يغني حذر من قدر"
قال إمام وخطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم إن ما وقع من وفَيَات نتيجة التدافع أمس أول من أمس إنما هو بسبب العجلة والمزاحمة والتفريط في الرفق والسكينة، التي أُمِر بها الحاج شرعاً وأخذ السعة في ما فيه سعة، وإلا فإن من قضوا نحْبَهم نحسبهم على خاتمة خير، والله حسيبهم ولا نزكيهم على الله، فاللهم ارحمهم إلا أنه الأجل المحتوم إذ لا يغني حذر من قدر. وأوضح الدكتور الشريم في خطبة الجمعة أمس أن بعض الشر أهون من بعض، فما نسبة الوفَيَات في مقابل من سلِم وأدى نسكه، ولو نظرنا بعين النسبة من خلال مليونين ونصف المليون حاج لوجدنا أن نسبة موت الجمرات من كل مئة ألف أربعة عشر ميتاً، وهذا لا يعد نسبة ضخمة في الأعراف العالمية، من خلال ما يسمى بحساب الاحتمالات، لا سيما في تلكم الأماكن المكتظة بالأنفس، ولعل مثل هذه الأحداث تستدعي شحذ الهِمم في نفوس من يقصدون نسك الحج بأن يتعلموا آدابه وأحكامه ويتعرفوا على أماكنه وكيفية التعامل معها، وهذا أمر ملقى على عاتق المؤسسات والبعثات ذات الاختصاص في بلد الحاج، إضافة إلى ما تقوم به جهات الاختصاص الأخرى في توعية الحجاج وقت الحج نفسه، كما يجب أن يراعى في ذلك كله أهمية استماع النواحي الشرعية والتنظيمية والتطبيقية والهندسية، فالتنظيم وحده لا يكفي، والفتوى وحدها لا تكفي، والتمام كل التمام في اجتماع تلك النواحي في بوتقة الالتزام بالنص في النسك مع مراعاة جوانب التيسير ورفع الحرج مع التفريق الواضح بين ما هو واجب وما ليس بواجب. وقال إن هذا اليوم هو آخر أيام التشريق في الحج الذي ترمى فيه الجمرات للمتأخرين ثم ينفرون بعد ذلك من منى، متممين ما بقي لهم من النسك بعد أن عاشوا أجواءً روحانية، واستنشقوا نسمات إيمانية جعلتهم إلى الله أقرب ومن معصيته أبعد. لقد أحسوا أنفاس الأخوّة ووجدوا ريح الوُحْدة والعدل والمساواة، ولقد وافق مئات الألوف بمئات اللغات على صعيد واحد يدعون رباً واحداً، ويتبعون نبياً واحداً، كل منهم قد ناجى ربه ومولاه بلغات مختلفة لا تشغله لغة عن لغة ولا لسان عن لسان ولا دعاء عن دعاء، يجيب دعوة هذا ويغفر زلة ذاك، ويرى دمعة هذا ويسمع أنين ذاك. وأكد أن من خاف مشاهد المحشر فلن يغلبه الأشَر ولا البطر، وسينطلق بالطاعة والتوبة، لينقذ نفسه من سقر، مشيراً إلى أن التوبة النصوح والاستقامة على طاعة الله عز وجل والعمل الصالح بعد الحج هو النبراس لما بقي من الأعمار. وقال:"إن من علامات قبول العمل أن يواصل المرء الطاعة بالطاعة، وأن علينا جميعاً أن ننقل ما شاهدناه في مناسك الحج من مشاعر الوُحْدة والتلاحم والتآخي والعدل والمساواة إلى واقعنا اليومي وميداننا العملي، فما الحج إلا نقطة انطلاقة لترجمان حكمه بين المسلمين في شتى الأقطار، وينبغي لكل حاج أن يرجع إلى قومه وهو يحمل في نفسه معنى الوُحدة وحاجة الأمة إليها، وأن هذه الوُحدة لا يمكن أن تتحقق في أرض الواقع على اختلاف في مصادر التلقي، ما لم يكن المصدر واحداً، وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم". وبين الشيخ سعود الشريم أن العمل مفتاح النجاح والصدق والإخلاص مع متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلينا أن ندرك جميعاً أن الظل لن يستقيم والعود أعوج. وقال إن الحج يذكرنا بخطبة الوداع الشهيرة التي ألقاها النبي صلى الله عليه وسلم على مسامع الحجيج وأشهدهم عليها، وأكد فيها صلوات الله وسلامه عليه حفظ الضرورات الخمس وهي الدين والعقل والنفس والمال والعرض، وقال صلوات الله وسلامه عليه عن حفظ العقل:"إلا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع"، وقال صلوات الله وسلامه عليه عن حفظ النفس والمال:"إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم"، وقال صلوات الله وسلامه عليه عن حفظ العرض في تلكم الخطبة:"فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن ألاّ يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه". 2.5 مليون مسلم يؤدون صلاة الجمعة في الحرمين الشريفين أدى أكثر من مليوني ونصف المليون مسلم صلاة الجمعة أمس في المسجد الحرام في مكةالمكرمة والمسجد النبوي الشريف في المدينةالمنورة. وامتلأ المسجد الحرام بجموع الحجاج الذين أدوا صلاة الجمعة في آخر أيام التشريق، لينفروا بعدها من منى لرمي الجمرات، متممين بذلك مناسك الحج. وذكّر إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ سعود الشريم المسلمين بفضائل الحج الجامع لمعاني الوُحدة والعدل والمساواة والذي تتجلى فيه قيم التسامح والتلاحم بين أبناء الأمة الإسلامية. ودعا الحجاجَ إلى العمل الصالح والتوبة النصوح بعد الحج وتجسيد معانيه السامية في التعامل والإحسان إلى واقع معاش بين المسلمين، وتحقيق كلمة التوحيد التي تعد مفتاح النجاح في الحياة. وناشد الدول الإسلامية توعية حجاجها وتوجيههم بالأمور الشرعية والأمنية والثقافية، لتلافي حوادث التدافع والازدحام، وتجنب كل ما يعكر صفو الحج وأمن وسلامة الحجيج. وقال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي، لقد تفضل الله عليكم وأكرمكم بهذا الدين الذي تتضاعف فيه الحسنات وتكفر فيه السيئات، وبين لكم الأيام الشريفة المباركة وشرع لكم فيها الطاعات الكثيرة، ولولا أن الله علّمنا وبيّن لنا الحسنات، وحذّرنا من السيئات، وهدانا إلى أفضل الأوقات، ما عرفنا الخيرات والشرور والمنكرات قال الله تعالى: كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون، فيا من أكرمه الله بحج البيت الحرام احفظ حجك فرضاً كان أو تطوعاً من تضييع الفرائض والواجبات وارتكاب المحرمات، فمن حفظ حجه من المبطلات فقد حفظ عمره، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ومن لم يقدر له الحج فقد فتح الله له أبواب الخيرات في عشر ذي الحجة بصيام عرفة الذي يكفّر السنة الماضية والآتية، وبغير ذلك من أنواع الطاعات، ومن قصرت به قدم السباق في ما مضى فقد مهّد الله له سبل الطاعات، وبين له طرق الفضائل والحسنات في ما يستقبل من الشهور والأعوام.