أطلق الهلالي القديم عثمان العمير مقولته الشهيرة "نحن هلاليون واشربوا من ماء البحر" ثم عاد وأرسل مدوية أخرى"دعوا التعصب وشجعوا الهلال"... البعض نعت العمير آنذاك بالمتعصب، لكن الهلاليين استماتوا في الدفاع عن منظرهم الرياضي، ويبدو أنهم نجحوا في مرافعاتهم، فهذا فريقهم عبر كل السنوات الماضية يؤكد أنه صاحب القدح المعلى بين الفرق السعودية في الفوز بالألقاب، وأن استشراف العمير لم يكن ضرباً من الكهانة، بل تنبؤ باكر لأفعال فريق جعل علاقته مع منصات التتويج علاقة أبدية. عندما سجل مهاجم الهلال محمد العنبر هدف الفوز في مرمى القادسية، قام ذلك الشاب الثلاثيني المتوشح بحب الهلال وهتف صائحاً:"الهلال يمرض لكنه لا يموت". استوقفتني هذه العباراة وسألته: ماهذه العباراة التي قلتها وماذا تعني؟ لم يصدق ذلك الهلالي ان اسأله هذا السؤال الذي تمنى ان يطرح عليه من قبل، وافاض في الشرح والمسببات، وبعد ثلاثين دقيقة من التحليل واستعراض حال الهلال منذ البطولة الاولى له في المسابقات السعودية عام 1961، خلصنا معاً الى ان الهلال بالفعل يمرض، ويئن، وربما يشتد انينه، ويستعصي عليه العلاج في الكثير من امراضه، الا انه في النهاية يجد الدواء الشافي الناجع من كل الاسقام. وذكرني هذا الهلالي باول بطولة آسيوية حققها الهلال في العام 1992، في قطر، وقال لي :"ذهب الهلال الى قطر في وضع لا يحسد عليه، كانت تسيره لجنة ثلاثية، المدرب البرازيلي آنذاك سيدنهو لم نكن نعرفه، كان حديث عهد بالفريق، ولم يكن يتوقع احد ان يعود بالبطولة القارية، لكن الهلال فعلها". وتذكرنا سوياً الهلال الحديث وما صنعه المؤسس عبد الرحمن بن سعيد مروراً برؤساء الهلال الأمير هذلول بن عبد العزيز وفيصل الشهيل والأمير عبد الله بن ناصر والأمير بندر بن محمد والأمير سعود بن تركي والأمير عبد الله بن مساعد ومحمد مفتي، والامير الراحل عبدالله بن سعد الذي يعتبر صاحبنا وكثير من الهلاليين ان كل البطولات الهلالية التي تحققت بعد رحيله انما تنسب إليه. وينظر صاحبي الى الادارة الجديدة برئاسة الامير محمد بن فيصل على انها امتداد لادارة عبدالله بن سعد. وزاد صاحبي:"الحمدالله هلالنا لايخيب آمالنا، ولن ازيد شيئاً عندما اقول ان ما حققه فريقنا انما هو مكرمة يتفضل بها علينا هذا"الزعيم"في كل عام، فهو يخشى علينا ان نحزن، وبالتالي فهو صديق لنا قبل ان نكون انصاره، ويكون هو فريقنا". 43 بطولة... ظل الهلال صديقاً وفياً للمنصات... غاب عن البطولات موسماً واحداً فقط، فتذمر مشجعوه، وبدأ الشامتون بتجهيز النعش، وندبه النادبون، وجهز منافسوه قصائد الرثاء... لكن"المارد"الأزرق اراد اختيار الوقت والمكان المناسبين للرد على من تمنى له السقوط، وشمت فيه وفي لاعبيه، واعتبر ان ارجل لاعبيه شاخت وانها لم تعد تحملهم الى منصات التتويج". فاز الهلال ببطولة... لا جديد... أرأيتم كيف اختصر لاعبو الهلال احتفالهم وغادروا ارضية استاد الملك فهد بسرعة؟ على عكس ما تفعله اندية اخرى... هل شاهدتم ادارة الهلال واللاعبين والجماهير يملأون اعمدة الصحف مدحاً لانفسهم، او تقليلاً من الآخرين... انكفأوا الى فوزهم واعتبروه لؤلؤة في عقد عريض من الانجازات... وهم بانتظار بطولات وامجاد اخرى... الهلال قضية... عندما يفوز قضية... وعندما يتعادل قضية... وعندما يخسر فتلك ام القضايا... الهلال الثابت وغيره المتحول. هذه وغيرها عناوين صحافية واكبت انتصارات واخفاققات الهلال في زمن الهلال الجميل، عندما نصب نفسه زعيماً للاندية السعودية في الحقبة الممتدة من نهاية السبعينات الى السنوات الاخير، من القرن المنصرم. ظن البعض ان الهلال سيتخلى عن زعامته قياساً بالعروض التي كان يقدمها ابان تولي المدرب اديموس الاشراف على تدريبه، لكن الازرق بدا وكأنه شاب يافع يسعى الى تحقيق المزيد من الانتصارات ... وبعد البطولة الاخيرة، تساءل البعض: هل سيطبق الهلال بزعامته على الالفية الجديدة؟... البوادر تقول ان الاجابة نعم. في الهلال تغيب اسماء وتحضر اخرى، اعتزل مبارك العبدالكريم واعتقد بنو هلال ان فريقهم سينتهي برحيله، ثم جاء الجيل الثاني بقيادة محسن بخيت. الذي غادر لكن فريقه بقي متألقاً في القمة، ثم جيل صالح النعيمة وحسين البيشي والمصيبيح ومنصور بشير وعبادي الهذلول، فحافظ الهلال على زعامته، ثم حضر جيل سعد مبارك وعبدالرحمن اليوسف ويوسف الثنيان وهذال الدوسري، واستمر الازرق بالحضور الزاهي، واستلم الدفة من بعد هذه الاجيال سامي الجابر والتمياط اخوان والتيماوي ورحلوا عدا الجابر ونواف، وهما الى جانب الدوخي ومحمد الشلهوب والبرقان وتفاريس وكماتشو والدعيع وخالد عزيز يتسنمون حالياً مهمة ابقاء الازرق في القمة. ومع الفوز تعالت الاصوات المنصفة بان البطولة ذهبت لمن يستحقها، وصدق من قال:"ان اي بطولة من غير الهلال لن يكتب لها النجاح".