المهزلة التي نقبلها ونُقبلها، ولا نقبل النقاش فيها، كنظرية الجاذبية، مهزلتنا الأزلية في أننا نميل إلى التعقيد في أعمالنا وقضايانا وعلاقاتنا ومشاعرنا حد الإصابة بالعقد النفسية، التي نزيدها تعقيداً بالنكران وعدم الاعتراف بها كحال حقوق نسائنا. الكل يشجعك على التعقيد، فماذا جنيت؟ وماذا ربحت؟ أو ليست الحياة أسعد ببساطتها، ولا أقصد البساطة السذاجة، بل عدم التعقيد تحديداً. البساطة بكل بساطة هي عنوان الفهم العميق للحياة، وهي بالتالي مفتاح النجاح وقفله وبابه، وصراحة الساحق الشامخ. حتى من الناحية اللغوية نجد أن البساطة والبسط مترابطان بإصرار، ناهيك عن ترابط البساطة بالبساط، وبساط البحث وبسط المواضيع والقضايا عامة، عظم شأنها أم صغر. فلماذا إذاً نلجأ إلى التعقيد وإلى اللف والدوران، مع أنه بالإمكان الوصول بطريقة مباشرة وواضحة وصريحة، إلى الأهداف المرتجاة، هذا لو كان لدينا أهداف؟ وبالرجوع إلى الماضي وباكتناه المستقبل ومعايشة الراهن، نجد أن مجانبة التعقيد تيسر الأمور وتسهلها وتجعلها واضحة وصريحة لا لبس فيها ولا غموض. ففي البساطة إيجابيات لا تعد ولا تحصى، واختصار للوقت وحرق للمراحل، والأهم أنها شحذ للذكاء غير المتوافر في السوق العربية حالياً، بسبب التعقيد الذي رضعناه وبه أفطمونا، وأفطموا تفكيرنا وألسنتنا وأفئدتنا وتركونا فريسة للخوف، وفي الخوف تعقيد، وفي البساطة شعور بالأمان والارتياح، وطرد للخوف والوجل والدجل والحذر والكوابيس. هنا لا بد من التصريح بأن الحلم الهانئ بسيط، والكابوس معقد متشابك متداخل لا يقدر على حله وكشفه امرؤ من جلدتنا. في البساطة محبة وتعاون وصدقية، أقصر خط بين نقطتين هو الخط المستقيم. وفي التعقيد حقد وكراهية وتنكر للآخر وللذات. فلنتلقف الأمور ولنتلقاها ببساطة وهدوء لأن الهدوء مرتبط بالبساطة وليحدث بعدها ما يحدث، فليس أكثر مما حدث في تاريخنا، وما زلنا أحياء وأمتنا في تكاثر حد تحديد النسل وتحديد حسبها ونسبها ولهبها وتفكيرها. نحتاج إلى بعض الثقة بالنفس والثقة بالثقافة والثقة بالعلم، نحتاج لأن نتعلم أين نضع أقدامنا وأين نضع أحلامنا، نحتاج أن نبصر بوضوح وننصت بانتباه حتى نصل إلى البساطة فنقول ما نقول بكل بساطة ونعمل ما نعمل بكل بساطة. خلف الزاوية رحلت فهل ستكتب أم ستمحو؟ وهل مني شفيت وأنت جرح؟ تقول هُدمت لكن يا حبيبي... بقاياك التي لم تفن صرحُ. [email protected]